الوطن:
2025-04-25@14:09:59 GMT

د. يوسف عامر يكتب.. اليتامى

تاريخ النشر: 25th, May 2024 GMT

د. يوسف عامر يكتب.. اليتامى

اليتيمُ مِن البشرِ هو مَن ماتَ أبوهُ وهو صغيرٌ لم يبلغِ الحُلمَ، وهو مِن الحيوانِ الذى فقَدَ أُمَّهُ، فكلاهما فقَدَ الكاسِبَ، فإذا بلغَ زالَ عنهُ وَصفُ اليُتم، وقد جاءَ الأمرُ بالإحسانِ إلى اليتيمِ فى غيرِ موضعٍ مِن كتابِ اللهِ تعالى، منها قولُه سبحانه وتعالى: {وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِى الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً} [النساء: 36].

ونلحظُ أنَّ الأمرَ بالإحسانِ لليتامَى جاءَ بعدَ الأمرِ بالإحسانِ إلى ذوِى القربَى، وهذا له دلالةٌ مُهمةٌ، وهى شدةُ اعتناءِ القرآنِ الكريمِ بأمرِ الأيتامِ، فالأمرُ بالإحسانِ إلى الأقاربِ عامٌّ يشملُهُم جميعاً ومَن فيهم مِن الأيتامِ، ثم يأتى بعده الأمرُ بالإحسانِ إلى اليتامَى حتى تتسعَ دائرةُ الإحسانِ إلى اليتامى فتشملُ اليتامَى مِن غير الأقرباءِ أيضاً.

وفى ذكر لفظِ (اليتامى) إشارةٌ إلى استحضارِ هذا الوصفِ الذى يَقتضِى العطفَ عليهم، والإحسانَ إليهم، والبرَّ بهم.

وقد بيَّن الله سبحانه وتعالى أنَّ الإحسانَ إلى اليتامَى هو من حقيقةِ البرِّ الذى يَنبغى أنْ تتحلَّى بهِ النفوسُ فقال سبحانه: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ باللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِى الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِى الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُون} [البقرة: 177].

بل وصلَ الأمرُ إلى أنْ ندَبَ الشرعُ الشريفُ لمن يقتسمونَ مِيراثاً أن يجعلوا منه شيئاً للأقاربِ واليتامَى والمساكينِ الذين ليس لهم نصيبٌ فى الميراثِ سداً لحاجتِهم، فقال سبحانه: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً} [النساء: 8]؛ بيَّنَ العلماءُ أنَّه ليسَ معنَى (حَضَرَ الْقِسْمَةَ) حُضورَهُم وقتَ تقسيمِ التركةِ، وإنما المرادُ عِلمُ الورثةِ بحالِ أولئكَ المحتاجِينَ مِن الأقاربِ واليتامَى والمساكين، فيُندبُ حيئنذٍ أنْ يُعطوهم شيئاً من الميراثِ إعانةً لهم، وأن يقولوا لهم قولاً جميلاً، كأن يقولوا لهم مَثَلاً: خُذوا هذا المالَ باركَ اللهُ لكُم فيهِ، أو بأنْ يَعتذروا لِمَن لم يُعطوه شيئاً.

وقد أمرَ القرآنُ الكريمُ بإحسانِ معاملةِ اليتيمِ وعدمِ قهره وإذلالِهِ، قال تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} [الضحى: 9]، وحثَّ سيدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على كَفالتِهِ فقال: «وأنا وكافلُ اليتيمِ فى الجنَّةِ هكذَا» وأشارَ بالسَّبابةِ والوُسطَى، وفَرَّجَ بينهما شيئاً. [البخارى]، أى: فرَّق صلى الله عليه وسلم بين أصبعَيْهِ لبيانِ التفاوتِ بينَ الأنبياءِ وغيرِهِم.

وإذا كانَ اليتيمُ قد فقدَ أباهُ بعدَ أنْ كانَ حياً، فثَمَّ أطفالٌ آخرونَ لا يُعرفُ لهم آباءٌ، وهم اللُّقطاءُ، وهؤلاء الأطفالُ لهم آباءٌ أحياءٌ طَرحُوهم خوفاً من العَيْلة [الفقرِ والحاجة] أو فراراً من التُّهمةِ أو غير ذلك، وإذا وجدَ اليتيمُ أُماً تُربِّيهِ أو قريباً يكفلُهُ، فهؤلاءِ لا يجدون مَن يُربِّى أو يكفلُ، وهؤلاءِ الأطفالُ يدخلون فى عمومِ الأمرِ بكفالةِ الأيتامِ والإحسانِ إليهم؛ فهم قد فقدوا آباءَهم حُكْماً كما فقدَهُمُ الأيتامُ حقيقةً.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: اليتامى المساكين الإحسان العطف ال ق ر ب ى و ال

إقرأ أيضاً:

إسحق أحمد فضل الله يكتب: خلق آخر

كل شىء فى السودان إنهدم تحت الحرب هذه وتبدل
الناس … المجتمع … رؤيتنا لكل شيء … الساسة …. المقاييس. ال … ال ….
ونقرأ أفكار السنوات الخمسين الأخيرة .. وأرباب السفير دون قصد … يؤجز ….
وفي فقرة عابرة يشير إلى نجوم سماء السودان الدبلوماسي في نصف القرن .. وحول حادثة يسرد الأسماء
…. ومرتضى أحمد إبراهيم والعجباني والريح والطيب عبد الرازق وبخيت مكي ومامون بحيري وعلي التوم ويحى عبد المجيد وعبد الله محمد إبراهيم و … عشرة عشرون اسماً
كان مايجمعهم يومها هو أنهم كانوا كلمات في كتاب السودان الدبلوماسي
وسبدرات يحشد مئات الاسماء… وزراء ورؤساء و…
وما يجمع الجميع هو أنهم كلهم الآن …. تحت التراب
والصورة تحت الثراب … والأمجاد تحت التراب
وزمانهم صورته الآن هي صورة بيوت النازحين التى أحتلها الجنجويد زماناً
(( بعد حين يبدل الحب دارا
والعصافير تهجر الاوكارا
وديارا كانت زمانا ديارا
سترانا..كما نراها قفارا))
………
سودان ما بين يناير 1956
وحتى 15 أبريل بداية الحرب الحالية …. ينهدم كله …. ويكنس الآن ….
……..
وسودان ما بعد الحرب سوف تكون بدايته هى
… رواية البوسطجي ليوسف إدريس تتحول إلى فيلم
وفيه مشهد .. هو
البوسطجى الذى كان يقوم بتوزيع الخطابات إلى البيوت …. يسام … ويرقد فى حجرته
والخطابات المكتوبة تتحول كلماتها كلها إلى أصوات … وتنطلق فى سماء الغرفة .. … عاصفة من كل الأصوات واللهجات والموضوعات و…
الأحداث القادمة فى السودان سوف يكون لها المشهد ذاته فى غرفة السودان المغلقة
…….
واحدهم … فى بلد هناك يقول
الولد لدغ بثعبان … نعرف أنه يقتل بعد ربع ساعة ان لم نصل به الى المستشفى
لكن المستشفى كان يبعد نصف ساعة
وهكذا جعلنا الثعبان يلدغه مرة أخرى…
أصوات كثيرة فى صناعة السودان القادم سوف تعالج السودان بالأسلوب هذا…

إسحق أحمد فضل الله
الوان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • خطيب المسجد الحرام: القوة الحقيقة في الربط بين الإيمان والأخذ بالأسباب
  • خطيب المسجد الحرام: عاملوا الناس بما ترون لا بما تسمعون واتقوا شر ظنون أنفسكم
  • حكم الذكر جماعة وجهرًا عقب صلاة العصر يوم الجمعة
  • محمد مفقود... هل من يعرف عنه شيئاً؟
  • رانيا يوسف وكندة علوش.. نجوم ينعون الإعلامى الراحل صبحي عطري
  • ما المقصود بقول الله تعالى كتب على نفسه الرحمة ؟.. علي جمعة بوضح
  • ربيع الغفير يحذر من بعض السلوكيات: فساد لا يحبه الله
  • حسين خوجلي يكتب: أيام الله السبعة
  • أوقاف جنوب سيناء: سانت كاترين أجمل بقعة مقدسة وهى نور الأنوار
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: خلق آخر