لجريدة عمان:
2024-12-03@18:16:06 GMT

طه حسين ونزار وزمن الترند!

تاريخ النشر: 25th, May 2024 GMT

يبدو أن هذا هو زمن «التريندات» المُهَرْوَلِ إليها على حساب كبار الأدباء العرب. إذْ لم تمضِ ثلاثة أسابيع على تريند السؤال العجيب الذي طرحه الروائي المصري يوسف زيدان على الباحث السوري فراس السواح: «هل أنت أهمّ أم طه حسين؟» وجواب الأخير: «أنا أهم، وأنت أهم»، حتى باغتنا الباحث السعودي في التاريخ (وليس الأدب) رضا الشملاني بتصريحشه في حوار تليفزيوني قبل عدة أيام أن نزار قباني ليس بشاعر!

بادئ ذي بدء، ينبغي أن أقول إنه لا أحد فوق النقد مهما بلغ شأوه في الثقافة والعلم والتنوير، فلا طه حسين منزّها عنه، ولا نزار قباني، ولكن عندما يكون النقد نقدًا بالفعل، وليس إلغاء للوجود أو محوًا للتاريخ، أو مجرّد ترّهات هدفها استغلال شهرة المنقود الكبيرة لركوب موجة الترند.

فزيدان طرح سؤاله الغريب ذاك في مؤتمر نُظِّم أصلًا احتفاء بعميد الأدب العربي عنوانه «خمسون عامًا على رحيل طه حسين» (أقيم في المتحف المصري الكبير يومي 4 و5 مايو الجاري)، ولذا؛ فإن ذلك السؤال وإجابته بَدَوَا خارج السياق تماما.

أما رضا الشملاني فقد سخر في مقابلته لبرنامج «سؤال مباشر» في قناة العربية من قباني قائلا إنه لا يعده شاعرا أصلا، وذكر عدة أسماء لشعراء شعبيين سعوديين قائلا: إن أضعف قصائدهم هي أفضل من شعر نزار! بل إنه استدعى من التاريخ أحد أشهر شعراء المعلقات العرب في سياق المقارنة قائلا: «يموت عمرو بن كلثوم مرة أخرى لو سمع «خمبقة» نزار»!

في الواقع، يمكن الزعم أن طه حسين تنبأ بهذا الجحود الذي يمكن أن يلقاه الأديب في حياته وبعد مماته، في كتابه «حافظ وشوقي» حين قال: «...أنا أشد الناس رثاء للكُتَّاب والشعراء والأدباء وأصحاب الفن الجميل عامة، فحظوظهم سيئة في حياتهم من غير شك، وقلما ينصفهم التاريخ بعد الموت، هم يثيرون في نفوس الأحياء ضروبا من الحقد وألوانًا من الضغينة»، إلى أن يقول: «ولكن التاريخ ليس أشد إنصافا، ولا أدنى إلى العدل من آراء الأحياء المعاصرين؛ لأن الناس دائما طوع شهواتهم وعبيد أهوائهم، وهم متأثرون بهذه المؤثرات المختلفة التي تضطرهم إلى ظلم الأحياء، ولا تعفيهم من ظلم الموتى».

أما نزار قباني فقد كان يعرف أن أي شاعر لا يمكن أن يحبّه الجمهور دون أن يدفع ضريبة لذلك. يقول في كتابه «قصتي مع الشعر»: «هذا الحب بيني وبين الجمهور صار صليبًا ثقيلًا على كتفي، فكلما اتسعت قاعدتي الشعرية زاد خصومي، كلما امتلأت القاعات، وسُدَّتْ الأبواب، وامتدّت الأوتوغرافات إليَّ، اشتدت المقاومة وكثر المقاومون، كلما ارتفعت نسبة توزيع كتبي وعدد قرائي، أشعر أنني اقترفتُ ذنبًا كبيرًا لم يقترفه شاعرٌ قبلي. إذن فأنا أسكن بين أسنان التنين. ويبدو أن هذا هو مكاني الطبيعي، إذْ لا يوجد شعرٌ حقيقي خارج التحدي والمغامرة. والغريب أنه كلما ضغطتْ أسنانُ التنين على لحمي شعرتُ أني أكثر قوة وعافية، وكلما زاد نقادي شراسةً زاد التفاف الجماهير حولي»، وهو ما لمسناه بالفعل خلال الأيام الماضية من حجم الدفاع الكبير عن شاعريته من جهة، والهجوم الكبير على منتقدِه من جهة أخرى.

يوسف زيدان لم يستطع تحمّل تسونامي الدفاع الكبير عن عميد الأدب العربي الذي جوبه به في وسائل التواصل الاجتماعي، لذا فقد خرج في اليوم التالي لـ «ترند طه حسين» معتذرا، وزاعما أنه كان والسواح يمزحان بذلك السؤال وتلك الإجابة، وأنهما في الحقيقة يقدّران العميد ويعرفان أهميته في الأدب العربي، مضيفا أن كلامهما اقتُطِع من سياقه، متناسيا أنه هو نفسه من اقتطع هذا الجزء الذي مدته دقيقة ونصف ووضعه على صفحته، ثم تناقله المغردون منها.

أما رضا الشملاني فلم يعتذر أو يوضّح ملابسات تصريحه بعد، لكن الهجوم الشديد الذي تعرض له، ومن قبله الهجوم الشديد على زيدان والسواح، يدلّان على أن طه حسين ونزار قباني (وهُما مَنْ هما في الأدب العربي) ليسا لقمتين سائغتين، وأنهما قادران وهما راقدان في قبريهما على الدفاع عن مكانتيهما في قلوب الناس.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الأدب العربی نزار قبانی طه حسین

إقرأ أيضاً:

محافظ اربد يفتتح “مهرجان القراة للجميع الدورة ١٨ ” في مركز اربد الثقافي.

#سواليف

محمد الأصغر محاسنه / اربد .
برعاية #محافظ_اربد #رضوان_العتوم وبحضور #مدير_ثقافة_اربد الدكتور سلطان الزغول افتتح صباح اليوم الأحدفي مركز اربد الثقافي فعاليات #مهرجان_القراءة_للجميع في دورته ١٨ والذي تنظمه وزارة الثقافة الأردنية . وتأتي فكرة المهرجان لتشجيع القراءة لكافة الأعمار، والتي تنوعت مابين الدراسات والتراث الأردني، التراث العربي والإسلامي، الفكر والحضارة، الأدب الأردني، الأدب العربي، الأدب العالمي، العلوم، الفنون، الثقافة العامة، وكتب للطفل. محافظ اربد أكد في الإفتتاح على الدور الذي تتبناه وزارة الثقافة في نشر الوعي لدى المجتمع بطباعة منشورات متنوعه وبأسعار مناسبة . من جانبه قال مدير ثقافة اربد الدكتور سلطان الزغول ” مهرجان القراءه للجميع مشروع سنوي ناجح ينتظره رواده كل عام ، ويعتبر من مشاريع وزارة الثقافة السنوي. وتزامن مع افتتاح معرض الكتاب معرض التاريخ السياسي للأردن اشتمل على صور توثيقية للدور الهاشمي منذ تأسيس الدولة الاردنية نظمه منتدى حوران للثقافة والفنون بالتعاون مع مديرية ثقافة إربد ومديرية الإعلام العسكري . وتتوزع مراكز بيع الكتب في محافظة اربد على ٤ مراكز ” مركز اربد الثقافي، مكتبة الحسين في جامعة اليرموك، جامعة جدارا ، بيت عرار الثقافي ” .

مقالات ذات صلة محمد الحبسي في عمل إبداعي جديد “قصر الزباء” 2024/11/29

مقالات مشابهة

  • في اليوم العالمي لذوي الإعاقة.. 5 عباقرة تحدوا المستحيل وألهموا العالم
  • نزار الفارس يستضيف أسرة عبدالحليم حافظ في حلقة مثيرة تكشف تفاصيل جديدة عن حياته
  • "ثقافة الإسماعيلية" تناقش دور الأدب في بناء الإنسان
  • «حديقة أبيقور وآله‍ة عطاش».. جديد قصور الثقافة ضمن سلسلة «آفاق عالمية»
  • هل المزاح مع الزميلات في العمل جائز شرعًا؟ الإفتاء توضح
  • شاهد بالفيديو.. فنان مصري يتحدى متابع سوداني ويغني الأغنية “الترند” (يا دروب لي وين تودي) بصوت طروب وبطريقة رائعة تبهر المتابعين
  • الأدب الفلسطيني في المهجر
  • محافظ اربد يفتتح “مهرجان القراة للجميع الدورة ١٨ ” في مركز اربد الثقافي.
  • المختصر المفيد في نوادر الأدب والفلسفة
  • الفنون والأديان.. علاقة متشابكة بين الإبداع الروحي والبحث عن المعنى