الخرطوم- تجددت أحزان المجتمع الفني والسودانيين بعد 13 شهرا من اندلاع الحرب، برحيل الموسيقار أسامة بابكر التوم أحد أشهر عازفي آلة "البيكلو" في البلاد والمنطقة، بعد معاناة مع أمراض القلب.

وغيب الموت أسامة (66 عاما)، بعد 6 أشهر من رحيل الموسيقار الكبير محمد الأمين "ود الأمين" الذي يعتبر رائد تجديد الموسيقى السودانية وأحد أبرز المطربين الذين عرفتهم الساحة الفنية في البلاد خلال العقود الستة الأخيرة، والذي كان عازف "البيكلو" أبرز أعضاء فرقته الفنية.

ويقول رئيس اتحاد الفنانين السودانيين في مصر عادل الصول إن أسامة كان يعاني أمراضا في القلب، وخضع لعملية جراحية وتحسنت حالته ونزح من الخرطوم إلى ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة.

ويوضح الصول -في تصريح للجزيرة نت- أن صحة أسامة تدهورت خلال الأيام الماضية وحاولت أسرته نقله من ود مدني إلى ولاية أخرى للعلاج، لكن قوات الدعم السريع التي تسيطر على المدينة طالبتهم بمبلغ كبير مقابل السماح له بالمغادرة، وعاد إلى مقر إقامته حتى توفي بسبب حرمانه من العلاج.

ناشر المحبة

وحسب رئيس اتحاد الفنانين، فإن الراحل أسامة كان يسهم في نشر المحبة بين الناس، ويدعو لنبذ العنف والتعصب، ويعمل لترسيخ قيم الحب والجمال، وطاف حول العالم حاملا آلته وأحلامه، ذهب إلى أستراليا وأوروبا، وقوبل أداؤه بدهشة وإعجاب.

ويعد أسامة من النادرين في العالم الذين يعزفون آلة "البيكلو"، التي يصفها بالآلة الصعبة الصغيرة الحجم والصعبة التحكم، والتي تحتاج إلى دراسة لمدة 5 سنوات ثم ممارسة، وهي آلة نفخ خشبية.

وحاول الراحل وضع آلة "البيكلو" في مقام الصولو على أن تكون بقية الآلات الموسيقية في المقام الثانوي، لتؤدي الآلة دورا موسيقيا رئيسيا بحتا، وليس مصاحبا.

ورحل أسامة -الذي ارتبط اسمه بآلته المحببة- تاركا إرثا من روائع المؤلفات الموسيقية العديدة وألبوما من المقطوعات بعنوان "شيء في الخاطر"، وقد شارك بالعزف مع عدد من الفرق الفنية لكبار المطربين السودانيين، أبرزهما الراحلين محمد الأمين وصلاح بن البادية.

ألف الراحل معزوفات متعددة، أبرزها "ربيع الحب"، و"جولة في الحي القديم"، و"صباح العيد"، ويعد ألبوم "شيء في الخاطر" هو الأول في تاريخ الموسيقى السودانية الذي يرتكز على آلة "البيكلو".

وأسامة بابكر معلم تربية موسيقية وأكاديمي، أمضى في دولة الإمارات 13 عاما ليدرس هذه المادة، ويقول عن الآلة "إنها مظلومة وتوضع في الخلف في الأوركسترا بأصوات، ولكنها تضيف إلى الجملة الموسيقية بريقا ورونقا".

سلطان "البيكلو"

ويرى الدكتور محمد آدم سليمان ترنين، الأستاذ بكلية الموسيقى والدراما في جامعة السودان، أن أسامة فنان مطبوع بسودانيته في موسيقاه، وهو من رواد الجيل الثاني من الموسيقيين، منذ سبعينيات القرن الماضي، واستطاع المحافظة على وجود آلة البيكلو بين الآلات الموسيقية التي تشكل الفرقة والأوركسترا السودانية.

ويعتقد -في حديث للجزيرة نت- أن الراحل له إضافات واضحة في تراكيب الجمل الموسيقية في أغاني المطربين الراحلين محمد الأمين وصلاح بن البادية، بالإضافة لمؤلفاته الخاصة، ويضيف أنه كان رجلا جادا في تعامله مع زملائه في الوسط الفني، ولا يبخل عليهم ويساعد المطربين والموسيقيين.

أما بالنسبة لآلة "البيكلو" فهو سلطانها بلا منازع، يعرف متى وكيف يضع الزخارف اللحنية في المقدمات الموسيقية للأغاني، وكيف يُنمي الصولو ويرتجل فيها.

فكانت "البيكلو" حاضرة بين الآلات الموسيقية، حسب ترنين.

ويعتقد أسامة -خلال أحاديث إعلامية قبل وفاته- أن الموسيقى السودانية مقصرة في إيصال صوتها إلى العالم، وأن الفنان هو الذي يجب أن يبحث عن الإعلام، ونادى بإدخال التربية الموسيقية في المناهج الدراسية في السودان.

وبرحيل أسامة، انطوت صفحة أحد أبرز الموسيقيين السودانيين الذين أثروا الساحة بكثير من الإبداع، وقد نعاه زملاؤه من الموسيقيين والمطربين ورموز الثقافة والجمهور، معددين مآثره وخصاله الكريمة، متحسرين على رحيل أحد عمالقة عازفي آلة "البيكلو" في العالم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

مؤتمر القاهرة.. الفرصة الأخيرة للقوى السياسية السودانية

~ مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية المزمع انعقاده في القاهرة يومي السبت والأحد المقبلين ، هو آخر فرصة حقيقية لاتفاق السودانيين على الحد الأدنى من المشتركات الوطنية لإنقاذ بلادنا من مصير غياب الدولة السودانية الواحدة الموحدة الآمنة المستقرة.
~ مصر هي الأقدر والأحرص على رعاية الحوار السوداني – السوداني الشامل الذي ينهي الحرب ويؤسس لتوافق وطني دون إقصاء واستهداف وكراهية.

~ والقاهرة هي الأنسب لاتفاق جديد بين الجيش والتمرد لوقف إطلاق النار الدائم.
~ السودان يسع الجميع، والشعب هو صاحب القرار بالديمقراطية ، ومؤسسات العدالة فوق الجميع دون تسييس وتوجيه.

~ الجيش واحد والحكومة الانتقالية قومية بكفاءات مستقلة والتنمية متوازنة لكل الولايات.
~ على تحالف تقدم أن يفهم أنه ليس الممثل الوحيد للمدنيين في السودان ، وعلى القوى السياسية الأخرى المساندة للجيش أن تقبل الحوار بأفق مفتوح ودون شروط.
~ السودان للجميع.

الهندي عز الدين

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • حزب الأمة القومي يعلن المشاركة في مؤتمر القاهرة
  • مؤتمر القاهرة.. الفرصة الأخيرة للقوى السياسية السودانية
  • عبد الرحمن الأمين يفجر قنبلة عن اللاجئين السودانيين في مصر
  • التوافق السياسي السوداني: تأملات واقتراحات
  • «تقدم» ترحب بالمشاركة في مؤتمر القوى السودانية بالقاهرة
  • الانتحار السوداني ... متى يتوقف وكيف؟!
  • خيار الادارة السودانية المؤقتة في المهجر
  • لطلاب الثانوية العامة.. تعرف على كلية التربية الموسيقية جامعة حلوان والأقسام المتاحة بها
  • حلم بالغناء فأصبح «مهندس الألحان».. 19 عاما على رحيل محمد الموجي (فيديو)
  • تنسيق الجامعات لطلاب الثانوية العامة.. تعرف على برنامج فن الموسيقى بكلية التربية الموسيقية جامعة حلوان