سقوط الفاشر وتحدي الموقف من حكومة الدعم السريع الموازية
تاريخ النشر: 25th, May 2024 GMT
رشا عوض
تشير التطورات الميدانية على الارض الى اقتراب سقوط مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور في ايدي قوات الدعم السريع، ولو تم ذلك فمعناه ان اقليم دارفور بالكامل اصبح تحت سيطرة “الدعم السريع”، منذ بداية المعارك العنيفة هناك تواترت الانباء عن مجازر بشعة بحق المدنيين وكوارث انسانية محزنة فالمدينة تحتضن معسكرات نازحي حروب سابقة فضلا عن الحرب الحالية وهناك قنابل فتن عرقية تنذر بان الكلفة الانسانية لسقوط المدينة ستكون مروعة.
إن اوجب واجبات القوى الديمقراطية الان هي ضبط البوصلة الفكرية والسياسية والاخلاقية في الاتجاه الصحيح بمعيار المصالح الوطنية العليا.
باستقراء تجاربنا التاريخية وتجربة الحرب الدائرة حاليا يتضح بجلاء ان لا مصلحة للشعب السوداني في تقسيم الوطن بقوة السلاح، بل مصلحته في مشروع سلام يسكت قعقعة السلاح ويحرر السودانيين من ارهاب البندقية ليكونوا قادرين على الفصل في القضايا السياسية في فضاء مدني متحرر تماما من اكراهات السلاح واستبداد لوردات الحرب.
مثلما تصدت القوى الديمقراطية بقوة لنزع المشروعية السياسية من حكومة الامر الواقع في بورسودان باعتبارها سلطة انقلابية مفروضة بقوة السلاح ، يجب ان تتصدى بذات القوة والثبات لنزع المشروعية السياسية من أي حكومة يشكلها الدعم السريع في دارفور، لان الشعب السوداني بعد كل عذابات وويلات الحرب والخسائر الباهظة التي دفعها مكرها بسبب الصراع العسكري العسكري على السلطة يستحق ان ينتزع مصيره من العسكر الذين قتلوه وشردوه واذلوه وافقروه ودمروا وطنه وتعاملوا معه باقصى درجة من انعدام الحساسية والمسؤولية، لا يستحق هذا الشعب ان يكون مجرد غنيمة مقسومة بين الدعم السريع من جهة والجيش والكيزان من جهة! لا يستحق ان يُحكم عليه بالعيش تحت بوت احدهما وان يكون افق حياته محدودا بظل بنادقهما! وهو ظل من يحموم لا بارد ولا كريم!
نعم للاعتراف بالمظالم التاريخية التي عانى منها إقليم دارفور ممثلة في التهميش السياسي والاقتصادي والتنموي والثقافي والاستعلاء العنصري على اساس جهوي وعرقي، وجرائم الحرب والابادات الجماعية. ولكن طريق الخلاص من هذه المظالم هو طريق الخلاص الوطني من الاستبداد والفساد في كل السودان، هو طريق توطين نموذج ديمقراطي مستوفٍ لاركان الحكم الراشد من مشاركة عادلة وشفافية ومساءلة وسيادة حكم قانون، هو طريق مخاطبة مظالم الاقاليم المهمشة التي سحقتها الحروب الأهلية بمشروع جاد للعدالة الانتقالية ، وبمشروع سياسي قوامه الفيدرالية الحقيقية والتنمية المتوازنة والتمييز الايجابي للاقاليم المهمشة كعربون للوحدة الوطنية الطوعية، السودانيون سواء في الشمال والوسط او في دارفور او جنوب كردفان او جنوب النيل الازرق لن يعيدوا اكتشاف العجلة في ميادين النهوض وتغيير واقع التخلف الذي يكبلهم، ولا مجال للانعتاق من التخلف وما ارتبط به من مظالم مستوطنة الا ببناء علاقة عضوية بين أي مشروع للنهضة الوطنية بالديمقراطية وحقوق الانسان وقيم الحكم الراشد التي تمثل خلاصة التجربة الانسانية، اما المفاصلات العرقية والجهوية بالسلاح فلن تجلب الحرية والعدالة والتنمية لسكان الاقاليم المهمشة بل ستترك حياتهم على بؤسها وستتحكم فيهم بذات مناهج الحكم المعطوبة التي حكمهم بها المركز وكل التغيير الذي سيطرأ هو الانتماء العرقي والجهوي للمستبد الجديد! هذه هي خلاصة تجربتنا السودانية مع الاحتجاج المسلح جنوبا وشرقا وغربا!
وبالتالي لا مجال لتسويق فكرة اقامة الدعم السريع لحكومة في دارفور على اساس خطاب نصرة المهمشين والانتصار على دولة 56 لان هذه الحكومة ببساطة لن تكون سوى ظل باهت لدولة 56 في نسختها الاكثر بشاعة وقبحا وهي دولة 1989 التي فيها تشكلت الثقافة السياسية للدعم السريع!!
الدعم السريع يستحيل ان ينجح في توحيد دارفور بتنوعها العرقي والقبلي والسياسي طوعا واختيارا بل سينقسم مجتمعها حول سلطته، وانتهاكاته المستمرة ستفاقم العداء له، والاستخبارات العسكرية لن تدخر جهدا في تأجيج الفتن القبلية والدفع نحو اقتتال اهلي داخل الاقليم.
طريق الخلاص الوطني كما ينبغي ان ترسمه قوى السلام والتحول الديمقراطي هو طريق نزع المشروعية السياسية عن الحرب وعن طرفيها وعن أي حكومة امر واقع تحت بندقيتهما في بورسودان او الفاشر.
قضية الوحدة الوطنية من امهات القضايا الاستراتيجية التي لا تقبل المساومة والمواقف الرمادية ولا بد من التصدي لكل ما يهددها بصرامة ووضوح رؤية.
ان ما نحتاجه فعلا هو بناء تصور للوحدة الوطنية الطوعية على اساس مشروع ديمقراطي فيدرالي ورؤية وطنية مستنيرة لرد الاعتبار للاقاليم المهمشة وتطبيب الوجدان الوطني الجريح، فهذا الوجدان رغم جراحه الغائرة ما زالت تكمن فيه بذور الوصال والوشائج التي نمت ونضجت على امتداد تاريخنا القديم والمعاصر.
الوسومالدعم السريع الفاشر حرب السودان دارفور رشا عوض
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الدعم السريع الفاشر حرب السودان دارفور رشا عوض الدعم السریع هو طریق
إقرأ أيضاً:
المدنيون بالسودان فى رحلة البحث عن الأمان.. نزوح جماعى من الفاشر وتدهور الأوضاع في الجزيرة
يعانى المدنيون في السودان من تدهور الأوضاع الإنسانية والصحية، مع استمرار القتال في عدة جبهات بالسودان، ومع انتشار الأوبئة، التي تنهك أجساد السودانيين، تدهورت الأوضاع بشكل كبير خلال الأشهر القليلة الماضية، ويدفع المدنيون وهم الحلقة الأضعف في الصراع الثمن الأكبر في هذه الحرب الضروس التي اشتدت بين القوات المسلحة السودانية وميليشيا الدعم السريع.
التغيير ــ وكالات
واضطر ملايين من السودانيين للفرار من نيران الحرب، والنزوح بحثا عن الأمان، إذ خلقت الحرب أزمة نزوح هي الأكبر في العالم، وفقا لبيانات الأمم المتحدة، وعلى الرغم من مرور ما يقرب من عام و7 شهور على اندلاع الحرب، إلا أن المدنيين يواصلون النزوح طلبا للأمان.
فيما تواصل ميليشيا الدعم السريع تصعيد عنفها الممنهج بحق المدنيين العزل في ولاية الجزيرة، وتواصل الكيانات المدنية والحقوقية رصد انتهاكات الدعم السريع في الفاشر والجزيرة وغيرها من المناطق المنكوبة في السودان.
وفى هذا الصدد، أعلن متحدث باسم تنسيقية النازحين في إقليم دارفور، فرار أكثر من ثلاثة آلاف شخص من مدينة الفاشر نحو جبل مرة بعد اشتداد المعارك بين أطراف النزاع في المدينة، وجاءت موجة النزوح
الجديدة من عاصمة شمال دارفور بعد تصاعد كبير في العمليات العسكرية بين الجيش وحلفائه ضد قوات الدعم السريع.
وفى بيان أصدره آدم رجال، المتحدث باسم منسقية النازحين واللاجئين في إقليم دارفور، قال إن نحو 642 أسرة، ما يعادل 3210 أفراد، فروا من مدينة الفاشر ووصلوا إلى مناطق في جبل مرة.
وأوضح أن النازحين يعيشون ظروفًا إنسانية قاسية للغاية مع عدم توفر أبسط مقومات الحياة اليومية مثل الغذاء والدواء والشراب وغيره، وحث الجهات المانحة على ضرورة زيادة الدعم المالي لتلبية احتياجات النازحين المتزايدة، الذين يعانون من الجوع وسوء التغذية وأمراض أخرى، وفقا لصحيفة سودان تربيون.
وفر ما يزيد عن 500 ألف شخص من مدينة الفاشر العاصمة الترايخية لإقليم دارفور، منذ مايو الماضي، صوب مناطق في جبل مرة، فيما فر آخرون إلى الولايات الشمالية.
فيما تواصلت وارتفعت حدة المواجهات بين أطراف النزاع بوتيرة أشد عنفا، باستخدام كافة أنواع الأسلحة، وأفاد شهود عيان أن قوات الدعم السريع قصفت عن طريق المدفعية الثقيلة أحياء الفاشر الشمالية والغربية، قبل أن تخوض مواجهات مباشرة مع القوة المشتركة في المحور الشمالي الشرق، إذ يدافع الجيش بضراوة عن المدينة.
ورد الجيش على قصف الدعم السريع للمدينة، وقالت الفرقة السادسة مشاة، إن الطيران الحربي دمر دبابات تابعة لقوات الدعم السريع في منطقة “جقو جقو” أقصى شرق الفاشر، وأفادت بأن المقاتلات الحربية أغارت كذلك على مواقع تمركز الدعم السريع.
ولاية الجزيرةفيما شهدت ولاية الجزيرة، موجات نزوح موجات كبيرة من الفارين من ولاية الجزيرة جراء هجمات قوات الدعم السريع إلى محلية شندي في ولاية نهر النيل.
واستقبلت محلية شندى 45 ألف نازح من ولاية الجزيرة خلال الأيام الماضية، حيث يتكدس الآلاف في مخيمات إيواء مؤقتة أقامتها السلطات خارج مدينة شندي لاستيعاب الأعداد المتزايدة من النازحين، وفقا لصحيفة المشهد السوداني.
ومن جهتها أعلنت منصة نداء الوسط، وفاة 25 مدنيا في قرية “ود عشيب” شرقي ولاية الجزيرة، إثر انتشار الأوبئة وانعدام الرعاية الصحية، نتيجة لحصار الولاية من قبل الدعم السريع.
وكشفت منصة نداء الوسط، أن سكان القرية يعانون من انعدام الغذاء والدواء في ظل انتشار عدد من الأمراض، مناشدة المنظمات الحقوقية والإنسانية بضرورة التدخل العاجل، وفتح ممرات آمنة لإنقاذ حياة السكان.
وفى السياق ذاته، حذرت منظمة المؤتمر الجزيرة، من مخطط جديد من ميليشيا الدعم السريع، لارتكاب مجزرة جديدة في قرية “التكينة” بمحلية الكاملين بولاية الجزيرة، وأكدت المنظمة في بيان لها، سقوط 3 ضحايا، جراء حصار الدعم السريع للقرية منذ الخميس 14 نوفمبر الجاري.
وقال مؤتمر الجزيرة في بيان رسمي: “يترحّم مؤتمر الجزيرة على أرواح جميع الشهداء الذين سقطوا على أيدي مليشيا الدعم السريع الإرهابية منذ تدنيسها لأرض ولاية الجزيرة في ديسمبر من العام الماضي، ويتمنى الشفاء العاجل لكل الجرحى، والمصابين، والعودة الآمنة لكل المختطفين، والمغيّبين، والمحتجزين في معتقلات المليشيا سيئة السمعة”.
وتابع البيان: “لم تشبع أعداد الموتى الذين سقطوا بأيدي المليشيا من قبل في قرى ومدن الولاية كما في ود النورة، والسريحة، والهلالية، وتمبول، وغيرها نهم المليشيا وتعطشها لمزيد من الدماء، ولأنها آمِنت العقاب، بصمت اللسان، وموت الضمير الإنساني، وغضه للطرف عن جرائمها الإنسانية الشنيعة ضد مواطني ولاية الجزيرة، ها هي اليوم تحاصر قرية (التكينة) بمحلية الكاملين منذ الخميس الماضي 14 نوفمبر الجاري، وسقط جراء الحصار ثلاثة شهداء، يضافون إلى عشرين شهيدا آخرين قتلتهم المليشيا المجرمة في شهر مايو الماضي بدم بارد”.
وتابع البيان: “إننا في مؤتمر الجزيرة ومن متابعتنا الميدانية اليومية للأحداث على الارض، فقد تأكد لنا بما يصل حد اليقين أن المليشيا الإرهابية تخطط لارتكاب مجزرة أخرى بالتكينة، خاصة وأنها تأوي أعداد كبيرة من النازحين الفارين من بنادق موت المليشيا، حيث وفد إليها سكان من قرى شرق وشمال الولاية مثل “أزرق، والسريحة، وأم مغد، والبشاقرة” وغيرها.
واختتمت البيان: “إننا بهذا النداء، نلفت انتباه الجميع بالداخل والخارج، لمنع وقوع كارثة، ومجزرة وشيكة وسط سكان أبرياء، وعزّل بالتكينة، حتى لا نتباكى عليهم بعد ذلك، ونحذّر المليشيا الإرهابية أننا نرصد وبدقة أعمالها، وتخطيطها، بإفراغها للقرى من حول التكينة من السكان إيذانا لارتكاب مجزرتها”.
منظمة أطباء السودانومن جهة أخرى، وفى بيان رسمي، الأربعاء، كشفت منظمة أطباء السودان، أن قوة من ميليشيا الدعم السريع نفذت هجوم على قرية “شكيري” بولاية النيل الأبيض قتل على أثرها 6 أشخاص وأصيب 7 آخرين حالتهم مستقرة.
وحذرت شبكة أطباء السودان من توسع عمليات القتل والتهجير من قبل الدعم السريع في كل من الجزيرة والنيل الأبيض مما ينذر بكارثة إنسانية جراء عمليات القتل والتهجير.
ودعت الشبكة المنظمات الدولية والإقليمية لاتخاذ قرارات حاسمة لإيقاف عمليات القتل من قبل الدعم السريع ضد المدنيين العزل وتطالبها بفتح مسارات إنسانية عاجلة للمناطق التي تقع تحت الحصار في كل من الجزيرة والنيل الأبيض والفاشر.
الوسومشكيرة قتل منظمة أطباء السودان ولاية الجزيرة