من حكايات كليلة ودمنة قال الملك لفيلسوفه: ما بال الجاهل والسفيه يصيبان رفعة وشرفاً وخيراً، والحكيم يلحقه البلاء؟ فقال الفيلسوف: الرجل يُبصر بعينه ويسمع بأذنيه ومع ذلك نجد الضرير يفوز بالخير، إنه يا مولاى القضاء والقدر، وحكى له حكاية الأربعة.. ابن ملك وابن شريف وابن تاجر وابن عامل، وقد تاهوا عن قريتهم فأصابهم الضرر وهم لا يملكون شيئًا إلا ما عليهم من ثياب، وإذ يمشون قال لهم ابن الملك: إن أمر الدنيا كله يُيسره القضاء والقدر، فقال ابن التاجر: لا «العقل أفضل»، وقال ابن الشريف: لا «الجمَال أعظم»، وقال ابن العامل: لا «الاجتهاد والعمل»، ثم مضوا نحو مدينة قريبة منهم، وقالوا لابن العامل انطلق واكسب لنا باجتهادك طعامًا ليومنا هذا، فانطلق وحمل حطبًا من الغابة وباعه فى السوق بنصف درهم، واشترى به طعاماً لهم فأكلوه، فكان ثمن الاجتهاد نصف درهم، وفى اليوم الثانى انطلق ابن الشريف وإذا هو جالس بجوار شجرة فمر رجل شريف أعجبه جماله وأخذ يرسمه وأعطاه خمسة دنانير، فكان ذلك ثمن «الجمَال»، وفى اليوم التالى انطلق ابن التاجر إلى السوق فاشترى ما امتنع التجار عن شرائه وفى آخر النهار باعه ودفع ثمنه لأصحابه وربح ألف دينار، فكان ذلك ثمن «العقل»، وعندما انطلق ابن الملك وجد جنازة ملك المدينة فقال لهم إنه ابن ملك وأنه هرب من أخيه الذى كان يغار منه، فملكوه عليهم وقلدوه أمرهم، فأيقنوا جميعًا أن كل شىء يجرى فى الحياة «بالقضاء والقدر» والله يعطى لمن يشاء بغير حساب حتى لو كان كذابًا!!
لم نقصد أحدًا!!
.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حسين حلمى الفيلسوف مولاى
إقرأ أيضاً: