مجلس الشورى.. والقيمة الحقيقية
تاريخ النشر: 25th, May 2024 GMT
د. محمد بن خلفان العاصمي
لا شك أنَّ للأوطان في كل أنحاء العالم منجزات تفخر بها وتعتز بتحقيقها، ونحن هنا في سلطنة عُمان بلا أدنى تردد لدينا الكثير مما نفخر به من صروح شامخة ومنابر تشهد على نهضتنا المباركة، والمسيرة المظفرة التي انطلقت في عام 1970 وما زالت مستمرة مُتجددة حيَّة تشهد العديد والعديد من الإنجازات التي ترسم ملامحها في كل فترة زمنية من أعوامها التي قاربت على بلوغ عقدها السادس.
لقد اقتضت الرؤية الثاقبة للسلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- أن تكون تجربة الشورى العُمانية مُتفردة، وأرادها جلالته رحمه الله نموذجًا خاصًا لسلطنة عُمان التي تأصل شعبها على هذا النهج منذ القدم في جلسات البرزة ومجالس الحكام وأعمال القضاء وفي السبلة وفي كل مكان يتجمع فيه النَّاس ليتشاوروا فيما بينهم ويتناقشوا (ويتفاكروا) لما فيه صالحهم العام.
ومنذ إنشاء مجلس الزراعة والصناعة في عام 1979، ثم المجلس الاستشاري للدولة الذي انتقلت له اختصاصات المجلس السابق، وصولًا إلى إنشاء مجلس الشورى المنتخب بشكل كامل، تدرّجت التجربة الشوروية العُمانية بصلاحياتها إلى أن توجت في العهد الميمون لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- بإصدار قانون مجلس عُمان، والذي حدد الاختصاصات بين السلطان وبين صلاحيات مجلس عُمان في التشريع والمتابعة.
إن الدور الذي يقوم به مجلس الشورى في مسيرة التنمية لهو دور مُهم وحيوي ولا ينبغي الاستهانة به، وعلى العكس من ذلك يجب المحافظة على وجود مثل هذه الممارسة الديموقراطية والسعي لتطويرها وتمكينها بحسب الحاجة والظروف؛ فالتاريخ يشهد أنَّ لهذا المجلس مواقف وطنية ودورًا محوريًا خلال سنوات النهضة المباركة، كما أن له مساهمة فاعلة في دعم مسيرة البناء والتنمية في البلاد، وعلينا أن ننظر بتفاؤل لما هو قادم من تمكين أكبر لهذا المجلس مع ضرورة النظر إلى ما هو موجود الآن ومناسبته للواقع الحالي.
إن وجود ممارسة نيابية أمر مُهم ومكسب لأي شعب؛ لأن هذه الممارسة تعني مشاركة الشعب في إدارة الدولة وامتلاك المواطن الحق في تقديم رأيه في كل القضايا التي تخص الوطن والمشاركة في صياغة حاضر ومستقبل وطنه، وهذا الحق لا يجب التنازل عنه، ولا ينبغي التقليل من أهميته؛ بل يجب أن يكون منطلقاً لممارسة صحيحة لهذا الدور الوطني بعيدًا عن التجاذبات والنزاعات السياسية والطائفية والمصالح الخاصة، وأن يكون وفق المنهجية التي وضعها القانون والإطار الذي حدده بما لا تتجاوز فيه السلطات جميعها صلاحياتها التي حددت وبما يتوافق مع الرؤية المتكاملة للدولة العصرية التي تقوم على احترام القانون.
لقد قام مجلس الشورى بدور مُهم خلال المراحل السابقة من تاريخ سلطنة عُمان الحديث ومازال مستمرًا في تقديم دوره الرائد فيما أنيط له من اختصاصات وما منح من صلاحيات، ولا شك أنَّ هذه الصلاحيات سوف تتوسع في المستقبل مثلما حدث لهذه التجربة منذ بدايتها، وحتى نسرع من وتيرة الصلاحيات الممنوحة لنصل إلى درجة التمكين الكامل علينا كمجتمع أن نقوم بعمل متكامل يتناغم مع فكر القائد، وأن نقوم بدورنا على أكمل وجه وأن نكون بمقدار الثقة التي وضعت فينا وتقديم الكفاءات الوطنية لعضوية المجلس وتغليب مصلحة الوطن على جميع المصالح، لأن ذلك هو طريقنا للحصول على مجلس ممكن.
إنَّ النماذج العالمية من المجالس والبرلمانات؛ سواء القريبة منَّا أو البعيدة، هي تجارب يمكن الاستفادة منها ودراستها بشكل دقيق لاستخلاص المفيد منها وتطبيقه ومعرفة سلبياتها وتجنبها. وقد شهد التاريخ الكثير من التجارب التي أسيء فيها استخدام هذه المجالس إلى درجة أوصلت البلاد إلى مستوى متدنٍ من التقدم والتطور؛ بل في كثير من الأحيان وصل الحال إلى أن كانت سببًا في فقدان حقوق المواطنين وفساد نظام الدولة وتدهور التنمية وتوقفها، وكل ذلك نتاج ممارسات خاطئة في ظل وجود تحزبات سياسية وطائفية وعرقية تسعى لمصالحها دون النظر للمصلحة العامة.
إن امتلاكنا هذه التجربة المتفردة هو بحد ذاته نجاح يجب البناء عليه ودعمه وتطويره، ولا يُمكن بأي حال من الأحوال أن نستمع لبعض الدعوات التي لا تُدرك معنى وجود حياة نيابية وتطالب بإلغاء المجلس وتقلل من أهمية وجوده، وعلينا أن نقف بوعي كامل ضد ذلك حفاظًا على حقوق الشعب في رسم حاضره ومستقبله ومشاركته في بناء وتنمية وطنه، وهذه المساهمة لن تكون إلا عندما نصل لوعي حقيقي بأهمية هذا المجلس الذي ولد ليستمر ويكبر.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مجلس الوزراء يقر الإستراتيجية التحولية لمعهد الإدارة العامة
البلاد : واس
رأس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله -، الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء، اليوم، في الرياض.
وفي بداية الجلسة؛ اطّلع مجلس الوزراء على فحوى لقاء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله – بدولة رئيس مجلس الوزراء بجمهورية العراق محمد شياع السوداني، وما جرى خلاله من استعراض العلاقات الثنائية وسبل تنميتها، إضافة إلى بحث التطورات في المنطقة والجهود المبذولة تجاهها.
وتناول المجلس، مستجدات التعاون القائم بين المملكة ودول العالم ومنظماته، وما تحقق على صعيد العمل المشترك من خطوات وإنجازات ستسهم – بعون الله – في توطيد الروابط الإقليمية والدولية، ودعم المساعي الهادفة إلى ترسيخ الأمن والاستقرار والتنمية، وخدمة القضايا العربية.
ورحّب المجلس في هذا السياق، بتبني الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل بتسهيل المساعدات للفلسطينيين من المنظمة الأممية وبلدان وهيئات دولية، مثمناً الموقف الإيجابي للدول التي صوتت للقرار الذي قدمته النرويج بالشراكة مع المملكة.
وأوضح معالي وزير الإعلام الأستاذ سلمان بن يوسف الدوسري، في بيانه لوكالة الأنباء السعودية عقب الجلسة، أن المجلس جدّد ما أكدته المملكة خلال الاجتماع التشاوري (الثالث) بين المنظمات متعددة الأطراف الراعية لمبادرات السلام في السودان؛ من ضرورة إنهاء الصراع وتعزيز الاستجابة الإنسانية في هذا البلد الشقيق، والعمل على تمهيد مستقبل سياسي يضمن أمنه واستقراره، وصيانة وحدته وسيادته واستقلاله.
وأثنى المجلس، على نتائج الدورة (الأولى) لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب الذي تم إنشاؤه بناءً على مقترح تقدمت به المملكة انطلاقاً من مبدئها الراسخ تجاه صون الأمن العربي، وتنسيق الجهود المشتركة في كل ما من شأنه الحفاظ على مصالح الدول العربية ورعاية مقدراتها.
وفي الشأن المحلي؛ نوّه مجلس الوزراء بما حققته الجهات الحكومية من تقدم كبير في قياس التحول الرقمي لعام 2024م، مجسدة بذلك التطلعات المنشودة نحو مواصلة تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين والزائرين، والرقي بجودة الحياة، وزيادة تيسير مزاولة الأعمال التجارية، وتمكين القدرة التنافسية، والصعود إلى درجات متقدمة في المؤشرات والتصنيفات الدولية.
وبين معاليه أن المجلس، أشاد بمضامين المؤتمرات والفعاليات الاقتصادية والثقافية والإعلامية المنعقدة خلال الأيام الماضية في الرياض، التي باتت وجهة دولية للعلم والمعرفة والاستثمار والابتكار في مختلف المجالات، مستندة إلى ما وصلت إليه المملكة من نهضة شاملة على جميع الصعد والمستويات.
واطّلع المجلس، على الموضوعات المدرجة على جدول أعماله، من بينها موضوعات اشترك مجلس الشورى في دراستها، كما اطّلع على ما انتهى إليه كل من مجلسي الشؤون السياسية والأمنية، والشؤون الاقتصادية والتنمية، واللجنة العامة لمجلس الوزراء، وهيئة الخبراء بمجلس الوزراء في شأنها، وقد انتهى المجلس إلى ما يلي:
أولاً:
تفويض صاحب السمو الملكي وزير الداخلية – أو من ينيبه – بالتباحث مع الجانبين الطاجيكي والباكستاني في شأن مشروعي مذكرتي تفاهم للتعاون في مجال الدفاع المدني والحماية المدنية بين حكومة المملكة العربية السعودية وكل من حكومة جمهورية طاجيكستان وحكومة جمهورية باكستان الإسلامية، والتوقيع عليهما.
ثانياً:
الموافقة على مشروع مذكرة تفاهم بشأن إنشاء مجلس التنسيق السعودي الإسباني، وتفويض صاحب السمو وزير الخارجية بالتوقيع عليه، والتباحث مع الجانب الإسباني في شأن توحيد آليات التعاون القائمة والمشتركة بين حكومة المملكة العربية السعودية وحكومة مملكة إسبانيا في شتى المجالات.
ثالثاً:
الموافقة على مذكرة تفاهم للتعاون في المجال الثقافي بين وزارة الثقافة في المملكة العربية السعودية والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في دولة الكويت.
رابعاً:
تفويض معالي وزير البيئة والمياه والزراعة – أو من ينيبه – بالتباحث مع الجانب العراقي في شأن مشروع مذكرة تفاهم بين وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمملكة العربية السعودية ووزارة الموارد المائية بجمهورية العراق في مجال الموارد المائية، والتوقيع عليه.
خامساً:
تفويض معالي وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية – أو من ينيبه – بالتباحث في شأن مشروع اتفاقية إطارية للتعاون بين حكومة المملكة العربية السعودية ومنظمة العمل الدولية في شأن برنامجي الموظفين الفنيين المبتدئين، والانتداب، والتوقيع عليه.
سادساً:
الموافقة على مذكرة تفاهم بين جامعة أم القرى والهيئة السعودية للملكية الفكرية والمنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو).
سابعاً:
تفويض معالي وزير البيئة والمياه والزراعة رئيس مجلس إدارة المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر – أو من ينيبه – بالتباحث مع الجانب الصيني في شأن مشروع مذكرة تفاهم بين المركز ومعهد قانسو لأبحاث مكافحة التصحر في جمهورية الصين الشعبية، في مجال التصحر، والتوقيع عليه.
ثامناً:
الموافقة على مذكرة تفاهم للتعاون في مجال خدمة اللغة العربية بين مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية في المملكة العربية السعودية وجامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية في جمهورية أوزبكستان.
تاسعاً:
الموافقة على تعديل تنظيم هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية، وذلك على النحو الوارد في القرار.
عاشراً:
الموافقة على الإستراتيجية التحولية لمعهد الإدارة العامة.
حادي عشر:
الموافقة على ترقيتين وتعيينين بالمرتبتين (الخامسة عشرة) و (الرابعة عشرة)، وذلك على النحو التالي:
ــ ترقية سعد بن ناصر بن محمد الربيع إلى وظيفة (مدير عام) بالمرتبة (الخامسة عشرة) بقوات الدفاع الجوي.
ــ تعيين سامي بن ناصر بن إبراهيم السعيد على وظيفة (مستشار أول أساليب تعليم) بالمرتبة (الخامسة عشرة) بوزارة التعليم.
ــ ترقية جبران بن مفرح بن محمد صمان إلى وظيفة (مستشار أعمال) بالمرتبة (الرابعة عشرة) بوزارة الحرس الوطني.
ــ تعيين عثمان بن إبراهيم بن عثمان العثمان على وظيفة (مستشار أساليب تعليم) بالمرتبة (الرابعة عشرة) بوزارة التعليم.
كما اطّلع مجلس الوزراء، على عدد من الموضوعات العامة المدرجة على جدول أعماله، من بينها تقارير سنوية لوزارات (الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، والبيئة والمياه والزراعة، والتعليم)، والهيئة الملكية للجبيل وينبع، والهيئة العامة للترفيه، والديوان العام للمحاسبة، والمركز الوطني للتخصيص، والمركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، ومركز دعم اتخاذ القرار، والبرنامج الوطني للتنمية المجتمعية في المناطق، وقد اتخذ المجلس ما يلزم حيال تلك الموضوعات.