جريدة الرؤية العمانية:
2024-09-19@19:14:35 GMT

الضرائب.. أين تُنفق؟

تاريخ النشر: 25th, May 2024 GMT

الضرائب.. أين تُنفق؟

 

 

سالم بن نجيم البادي

طرح ضحيٌّ هذا السؤال بعفوية وبراءة وحسن نية، وهو إنسان عادي لا يفهم في التحليل الاقتصادي، ولا يهتم بما يقوله خبراء الاقتصاد والمال والضرائب، ولا يُريد الخوض في الجدل الدائر حول إن كان الوقت الحالي ملائمًا لفرض مزيد من الضرائب أو غير ملائم، كما إنه لا يُبالي بمن يصفقون للضرائب ويدافعون عنها ويتحدثون عن فوائدها، ولا بمن يعارضون الضرائب ويحذرون من العواقب الخطيرة المترتبة عليها، وحتى مُسميات الضرائب لا يفقه معناها؛ سواء ضريبة القيمة المضافة، أو ضريبة الدخل!

كل ما يشغل بال ضحي أنَّه يأمل أن يستفيد الناس من هذه الأموال والتي يُفترض أنها تؤخذ من الأغنياء ليعم خيرها كل النَّاس، ولا تؤثر سلبًا على المواطن البسيط، حين يلجأ من أُخذت منهم الضريبة الى حِيَلٍ قد تكون مُلتوِية لتعويض ما أخذ منهم.

ومن هذه الحيل رفع أسعار السلع والخدمات، متخذين من الضريبة مطية لرفع الأسعار. وهنا يصيب الضرر الفقير، عوضًا من الاستفادة من أموال الضرائب، وقد تكون الضرائب سببًا في هروب روؤس الأموال إلى دول تقدم تسهيلات كثيرة لجذب الاستثمارات الضخمة، وعندنا الروتين يُطل برأسه عند إنجاز كل مُعاملة، والاستثمارات الأجنبية ما تزال دون المأمول رغم وجود بيئة جاذبة لم يتم استغلالها على الوجه الأكمل والأفضل.

لقد بلغ عدد الباحثين عن عمل من الشباب والشابات نحو 100 ألف أو يزيدون، وأعدادهم تكبر عامًا تلو الآخر، ونحن في هذه الأسابيع على مشارف تخريج أعداد كبيرة من طلبة الدبلوم العام، وبعضهم لا يحصلون على فرص للالتحاق بمؤسسات التعليم العالي الحكومية أو البعثات الداخلية والخارجية؛ فينضمون إلى قوافل من سبقوهم والذين لم يتمكنوا من الالتحاق بالجامعة، فيجلسون في بيوتهم، وجلوسهم هذا يمثل همًّا وغمًّا وحيرةً وقلقًا لذويهم، الذين يُوجعهُم بقاء أبنائهم دون تعليم، خاصة وأنهم لا يستطيعون دفع تكاليف الدراسة في الجامعات الخاصة، وهذا أمر مُستغرب في بلد عدد السكان فيه قليل!

لدينا عائلات من أصحاب الدخل المحدود يعيشون بيننا في المجتمع المتعاضد المتكافل، ولولا هذا التكافل لكانت أحوالهم أكثر صعوبة. وإن كنتم لا تعلمون أعداد هذه الأسر، فاسألوا الفرق الخيرية ولجان الزكاة في مختلف المحافظات والولايات، كما إن أسر الضمان الاجتماعي أوضاعهم المالية تحتاج إلى تصحيح.

وهناك في المجتمع، أولئك الذين سُرِّحُوا من أعمالهم، وهم كثر، وبعضهم تراكمت عليهم الديون، حتى دخلوا السجن، وبعضهم ضاقت بهم أرض الوطن مع اتساعها فلجأ إلى العمل خارج الوطن، وصار لقب "مُسرّح من العمل" يجلب الشفقة لصاحبه!

أيضًا الرواتب في الكثير من المؤسسات لم تتحرك منذ سنوات طويلة، وقد مسها النقص بدلًا من الزيادة في حالات نعلمها. كما إن غلاء الأسعار يحتاج إلى معالجة حقيقية وتدخل عاجل، خاصةً في المواد الغذائية التي لا غنى للناس عنها. ورغم أن خدماتنا الصحية جيدة جدًا، لكن تحتاج إلى التطوير حتى تصير ممتازة، ونقلل الازدحام في المستشفيات وتأخر المواعيد، كما نحتاج إلى بناء مستشفيات جديدة وتوسعة بعض المستشفيات القائمة وإلى زيادة الأطباء والممرضين لحل معضلة مواعيد مقابلة الأطباء الطويلة، وكذلك استثمارات كبرى في المجال الصحى حتى نقلل من أعداد الذين يسافرون إلى الخارج طلبًا للعلاج، وما يتبع ذلك من صرف أموال المواطنين في رحلات علاجية.

أيضًا بعض مرافق البنية التحتية وكما أظهرت الأنواء المناخية الأخيرة تحتاج الى إعادة بناء وتخطيط محكم حتى تكون متينة، ولديها القوة الكافية للصمود في وجه الأنواء المناخية. كما إن الشوارع التي يقع مسارها في بطون الاودية الكبيرة، تحتاج إلى جسور عالية حتى لا نضطر إلى ترميمها كلما سالت هذه الأودية. وبعض المباني والأسواق والبيوت ينبغي أن يتم بناؤها في أماكن بعيدة عن مسارات الأودية وتجمعات المياه.

فأهلًا وسهلًا ومرحبًا بضريبة الدخل وأخواتها السابقات واللاحقات، إن كانت سببًا في التخفيف ولا أقول القضاء على كل مشكلاتنا، وإن جلبت الرفاه والسعادة والاستقرار المادي والاجتماعي والنفسي لكل أفراد المجتمع. أما إن فُرِضَت ولم يشعر بها النَّاس ولم تتحسن أحوالهم وظل السؤال قائمًا "فلوس الضرائب وين تروح؟"، فلا مرحبًا بها ولا أهلًا ولا سهلًا!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الغيص: الضرائب تشكل أكبر نسبة من أسعار الوقود في هذه الدول

الاقتصاد نيوز - متابعة

قال هيثم الغيص أمين عام منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" إن العالم لا يمكنه أن يزدهر بدون النفط والمنتجات المرتبطة به، فبالنسبة للمستهلكين، فهو يوفر البنزين والديزل وغيرها من أنواع الوقود المستخدمة في النقل، كما أنه يستخدم في تطوير البلاستيك والأدوية والإمدادات الطبية والكثير من المنتجات الحيوية، وبالنسبة للمنتجين، فإن الإيرادات المستمدة من هذا المورد الطبيعي حيوية بالنسبة لاقتصاداتهم وسكانهم.

وفند الغيص الرواية التي عادة ما نسمعها وهي أن كل زيادة في الأسعار ترفع تكاليف الوقود، مما يجلب عائدات متزايدة لمنتجي النفط، على حساب الدول المستهلكة، مضيفا أن هذه الرواية يمكن أن تؤدي إلى توجيه أصابع الاتهام وإثارة المستهلكين ضد المنتجين، بدلاً من الاعتراف بأن الجميع هم أصحاب مصلحة في صناعة الطاقة، ولديهم احتياجات ومخاوف مشروعة. علاوة على ذلك، فإن هذه الرواية لا تتفق مع الحقائق.

وأكد قائلا: "من المهم أن ندرك أن تحديد الأسعار الذي يدفعها المستهلكون حول العالم في محطات الوقود تعتمد على عدة عوامل، وهي سعر النفط الخام، وتكاليف التكرير، والتسويق، والنقل، وهوامش الأرباح لشركات النفط، فضلاً عن الضرائب التي تفرضها حكومات الدول المستهلكة"، مشيرا إلى إن "دراسة هذه المسألة بشكلٍ أعمق توفر لنا معلومات وحقائق جديدة في هذا الشأن".

"في الواقع، بإمكان النفط أن يكون مصدر مجدٍ للعائدات، لكن عند تحليل هذا الأمر بتمعن نرى أن الدول الكبرى المستهلكة للنفط هي المستفيدة في المقام الأول من هذه العائدات عبر الضرائب التي تفرضها. على سبيل المثال، تجني اقتصادات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عائدات أكبر وبشكلٍ ملحوظ من مبيعات التجزئة للمنتجات البترولية مقارنة بعائدات الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) التي تجنيها من خلال بيعها للنفط"، بحسب أمين عام منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، هيثم الغيص.

وأضاف: "بين عامي 2019 و2023، حققت اقتصادات منظمة التعاون والتنمية في المحيط الهادئ، في المتوسط، حوالي 1.915 تريليون دولار سنويًا أكثر (بناءً على الأسعار المرجحة المتوسطة) من مبيعات التجزئة لمنتجات البترول مما حققته دول منظمة أوبك من عائدات النفط. ويعزى هذا الأمر إلى كون جزء كبير من أسعار التجزئة للمنتجات للبترولية هو عبارة عن ضرائب".

وقال الغيص: "في الواقع، خلال عام 2023، زادت حصة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية المتوسطة من إجمالي الضريبة على سعر التجزئة النهائي على أساس سنوي وبلغت حوالي 44 بالمئة، وبالنسبة لبعض البلدان كانت أكثر من ذلك. وعلى مدار العام، في العديد من الدول الأوروبية، مثلت الضرائب أكثر من 50 بالمئة من سعر التجزئة النهائي للوقود".

كما تم التأكيد على أهمية مصدر الإيرادات هذا من قبل مكتب مسؤولية الميزانية في المملكة المتحدة كمصدر للعائدات الحكومية، حيث قالت الهيئة "تفرض رسوم الوقود على مشتريات البنزين والديزل ومجموعة متنوعة من الوقود. وتشكل هذه الرسوم مصدراً مهماً للعائدات للحكومة. فمن المتوقع أن تجلب هذه الرسوم 24.7 مليار جنيه إسترليني في الفترة 2023 - 2024. وسيمثل هذا المبلغ 2.2 بالمئة من إجمالي الإيرادات ويعادل 850 جنيهاً إسترلينياً لكل أسرة و0.9 بالمئة من الدخل الوطني".

لذلك، بالنسبة للعديد من المستهلكين، يمكن أن تكون الضرائب عاملاً أكثر أهمية من السعر الأصلي للنفط الخام في الشعور بأي ضغط على جيوبهم عند التزود بالوقود.

بالنسبة لحكومات الدول المستهلكة، فهذه العائدات تعد عائدات مهمة تُجنى من خلال بيع المنتجات البترولية. وأما بالنسبة للدول المنتجة، فتقوم حكومات هذه الدول بإعادة استثمار جزء كبير من هذه العائدات في قطاعات الاستكشاف والإنتاج والنقل للصناعة النفطية حتى تتمكن من تأمين احتياجات العالم من النفط بشكلٍ مستمرٍ.

بعبارة أخرى، لا تتمتع الدول المنتجة، التي غالبًا ما تواجه تحديات اجتماعية واقتصادية وبنية تحتية وغيرها، بالحرية في إنفاق كل إيراداتها على هذه الاحتياجات وغيرها، حيث يتعين عليها إعادة استثمار جزء من إيراداتها في الصناعة، من أجل تأمين الإمدادات الحالية والمستقبلية للمستهلكين.

من الواضح أن من حق الدول والحكومات العمل على تطوير أنظمتها الضريبية الخاصة بها، ولكن عندما يتحدث الناس عن المخاوف بشأن تأثير ارتفاع أسعار الوقود على الدخل المتاح للسكان، من المهم أن نتذكر كم يتدفق من هذا إلى وزارات المالية والهيئات الضريبية في جميع أنحاء العالم.

وتؤكد هذه المستويات من الضرائب على الإدراك من قبل الدول المستهلكة على قدرة النفط ومنتجاته في توليد الإيرادات. فتستثمر حكومات هذه الدول هذه الإيرادات في الخدمات العامة لتقدمها لشعوبها. ففكرة توجيه أصابع الاتهام ضد المنتجين هي تشويه للواقع.

في ختام الأمر، تسعى بعض الحكومات في الوقت نفسه إلى الاستفادة من إمكانات توليد الإيرادات من النفط، مع السعي إلى التخلص التدريجي من النفط، إلى جانب دعم أشكال الطاقة الأخرى. وفي الدعوة إلى هذا النهج، ينبغي عليها أن تأخذ في الاعتبار مسألة كيفية استبدال الإيرادات المفقودة من الضرائب المفروضة على النفط. فهل قد تحتاج هذه الدول لفرض مستويات ضريبية مشابهة ومماثلة على أشكال ومصادر الطاقة الأخرى؟

مقالات مشابهة

  • وزير الصحة اللبناني: عدد الجرحى الذين وصلوا للمستشفيات في هجمات 17 سبتمبر هو 2323
  • موعد إجازة 6 أكتوبر 2024: كل ما تحتاج معرفته
  • أعراض السرطان التي قد تظهر أثناء الليل: ما تحتاج لمعرفته
  • برج الثور حظك اليوم الخميس 19 سبتمبر 2024: تحتاج لمعالج نفسي
  • خسوف القمر 2024..بين الظاهرة العلمية والتعاليم الدينية وكل ما تحتاج معرفته عن الصلاة والدعاء
  • وزير الخارجية الأمريكي: الاتفاق على 15 بندا من بين 18 بندا في اتفاق وقف إطلاق النار المقترح لكن القضايا المتبقية تحتاج إلى حل
  • الغيص: الضرائب تشكل أكبر نسبة من أسعار الوقود في هذه الدول
  • الاختناقات المرورية في بغداد: أزمة يومية تحتاج إلى حلول جذرية
  • إجازة 6 أكتوبر 2024: كل ما تحتاج معرفته عن العطلات الرسمية في أكتوبر
  • المجلس البلدي سبها يكشف: أكثر من517 عائلة تحتاج مساعدات عاجلة