علي بن بخيت.. ابن البادية
تاريخ النشر: 25th, May 2024 GMT
يوسف عوض العازمي
@alzmi1969
"ولقد ظلت فكرة جمع أشعاره تراود نفسه دائمًا، فهو لا يقرأ ولا يكتب، لكنه يطمح في أن يُصبح له اسم في عالم الشعراء، وأن يصبح له ديوان يخلِّد اسمه بالقصائد النبطية البديعة، التي يقولها بفطرته البدوية النقية، وبدون تكلف، وبدون جهد" راشد بن أحمد المزروعي.
*******
قبل فترة قصيرة قرأتُ كتاباً عبارة عن ديوان شعر باللهجة العامية للشاعر الإماراتي علي بن سلطان بن بخيت، والملقب بـ"ابن البادية"؛ حيث حمل الديوان الشعري عنوان: "ابن البادية"، وهو من إصدار وزارة الإعلام والثقافة في دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، ويقع في 165 صفحة من القطع المتوسط، وقد تم جمع القصائد على يد: سلطان علي بن بخيت، وكتب مقدمته الأستاذ راشد بن أحمد المزروعي.
وتضمن الكتاب مقدمة وخمسة فصول؛ هي: المدائح، المناسبات، الاجتماعيات والنصائح، المشاكاة، والغزليات. وكان الغلاف الأخير للكتاب القيم فيه نبذة مختصرة عن الشاعر الكبير رحمه الله، والكتاب تمت طباعته وإصداره في عام 1993م، أي قبل 30 سنة تقريبًا.
دائمًا أسمع وأقرأ أن الشاعر ابن بيئته، يتأثر بها، وحتى ألفاظ ومفردات كلماته جلها نابعة من هذه البيئة، والشاعر علي بن سلطان بن محمد بن بخيت، من قبيلة آل بوعميم ومن أهل إمارة أم القيوين. ووقت صدور الكتاب كان- رحمه الله- يقيم في قرية فلج العلا بأم القيوين، وقد وُلِدَ في صحراء الإمارة في سنة 1938 م تقريبًا، وانتقل في بداية شبابه إلى دبي وقضى بها تقريبًا 18 سنة، وفي هذه الفترة برزت موهبته الشعرية، وبدأ بحفظ القصائد من شعراء تلك الفترة، ولا شك أن دبي أثرت به وعلى شاعريته، ودبي إمارة زاخرة بالعمل وبشتى أنواع الرزق؛ حيث يفد إليها الكثير طلبًا للرزق؛ حيث الميناء المُزدحم بالضائع الواردة والصادرة، وقبل النفط وقبل النهضة الحالية، وقديمًا قيل في مدح دبي:
دبي دار الحي
فيها الشيبه يرد إصبيّ
والمعنى واضح؛ حيث إنها إمارة أهلها أهل عمل وموانئها تعمل بجهود كبيرة، هذه دبي في الماضي بينما هي في الحاضر لا يسعها الكلام ولا الكتابة، جعلها الله من خير إلى خير.
تنقل بعدها الشاعر في جميع أنحاء الإمارات وأصبحت لديه معرفة تامة بجميع سكانها وجميع شعرائها وقبائلها، وفي سنة 1999م، عاد إلى أم القيوين مرة ثانية وتزوج في قريته فلج المعلا، وتوقف بعد الزواج عن الشعر، وبعد قيام الاتحاد المبارك عاد إلى الشعر مرة أخرى، وكأنَّ روح الشاعر لا تلبث أن تفارقه، وكان السبب رعاية الدولة للتراث والشعر والشعراء، وأصبح عضوًا بعدها في عدة برامج شعرية بتلفزيون دبي.
ومن قصائده في الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله :
زايد حمل جمع المهمات
وأصبح لنا كل شيء موجود
لول صحاريها خليات
واليوم من غابات وأورود
أسباخها بنيت مطارات
وألفت عليها ناس وفود
الخير يانا والفقر مات
يالله عسن الفقر ما يعود
ومما لفت نظري كذلك قصيدة مُعبِّرة عن وحدة المصير بين العرب أهل الخليج، ووحدة المشاعر، وصدق النوايا للخير؛ حيث عبر عن فرحته بتحرير الكويت بقصيدة صادقة منها هذه الأبيات :
وعم الفرح حضر وبدوان
حتى الذي في دار بعيد..
لي حرروا الكويت شجعان
رجال تثبت عالميا عيد..
كم واحد خالط الدخان
واللي توفى يحسب شهيد..
الشاعر قامة كبيرة، وحتى الديوان لا يكفي للحديث عنه، فما بالك بمقال قصير، ومما استفدته من هذا الديوان القيِّم أن البيئة في دول الخليج واحدة، ومن عُمان جنوبًا حتى الكويت شمالًا تستطيع القول نفس البيئة مع تغيير بسيط في اللهجات. وأعتقد الديوان يحتاج طبعة ثانية للحفاظ على ذاكرة التاريخ عن الشاعر علي بن بخيت، وحفظ إنتاجه الأدبي الثمين، وكذلك حفظ هذا الديوان وغيره من دواوين الشعراء الذين طبعت دواوينهم في فترات ليست قصيرة في ملفات إلكترونية (بصيغة PDF أو غيرها)؛ لأن حفظ التراث ومنه إنتاج الشعراء أمر مهم في تأريخ سنوات البلاد؛ فالشاعر قد يأتي بأمور لا يستطيعها حتى المؤرخ أو الموثق، ولا شك حتى مع تطور التقنيات والإعلام لا يزال للشعر أهمية ووجود ومكانة مميزة.
رحم الله الشاعر المبدع علي بن سلطان بن بخيت، وحفظ الله الإمارات وبقية دول مجلس التعاون من كل شر.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
تجليات الحنين في بيت الشعر بالشارقة
الشارقة (الاتحاد)
في إطار فعاليات منتدى الثلاثاء، أقام بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة أمسية مساء الثلاثاء 19 نوفمبر الجاري، شارك فيها كل من الشاعر السوري توفيق أحمد، والشاعرة اليمنية الدكتورة نجود القاضي، والشاعر المصري طارق الجنايني، وقدمها الإعلامي اللبناني وسام شيا، وحضرها الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير البيت، إضافة إلى جمع كبير من الجمهور.
بدأت القراءات مع الشاعر توفيق أحمد الذي غزل في نسيج نصه عواطف الفقد والحنين إلى الماضي، وذلك في قصيدته «كيف كنا» التي تستدعي الذكريات، ثم قرأ قصيدة أخرى، بعنوان «لعينيك»، عبرت عن مشاعر الحب وما يلاقيه الأحبة من لوعة وعتاب وما يتطلعون إليه من أحلام السعادة في خضم أحزانه.
وبعد ذلك، قرأت الشاعرة د. نجود القاضي نصاً بعنوان «غد خارج النص»، كان بمثابة أمنيات من الكلمات التي تبحث عن السلام والمحبة للإنسانية، ثم قرأت قصيدة بعنوان «المواسم»، استدعت فيها مواجع الاغتراب ورؤى الوطن الذي يحمله الشاعر معه في حله وترحاله.
واختتم القراءات الشاعر طارق الجنايني، الذي قرأ نصاً مشتعلاً بالأسئلة والبحث عن مكامن الروح الشاعرة، ثم قرأ نصاً تغنى فيه بمكارم الرسول صلى الله عليه وسلم، ورسم في طياته نهراً من الكلمات الصادقة التي حاول من خلالها شرح عاطفته القوية واحتمائه بهدي النبي الكريم.
وفي ختام الأمسية، كرّم الشاعر محمد البريكي الشعراء ومقدم الأمسية.