أستعرض عبر هذا المقال حوارا مع نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي الأحدث «شات جي بي تي 4o»؛ إذ سبق أن أجرينا قبل فترة من الزمن حوارات مشابهة مع نماذج توليديّة منها «شات جي بي تي» بنسخه السابقة، ونموذج «بَارْد» -يُسمى الآن «جيميني»-، ويكمن هدف هذه الحوارات في محاولة اكتشاف القدرات الحوارية للنماذج التوليدية، وتمحيص ماهيتها التفكيرية والتحليلية، واعتمدت في هذا الحوار على موضوع يخص البناء المعرفي في العصر الرقمي وتحديد تحدياته وحلوله.

سأبقي جوابات «شات جي بي تي 4o» كما هي دون أيّ تعديل لغوي أو نصي؛ ليستبين للقارئ قدرة هذا النموذج، وسنراجع في مقال آخر -بإذن اللّه- تحليلا نقديا للحوار مع النموذج التوليدي.

المُحاوِر: أرغب في إجراء حوار معك بخصوص تحديات البناء المعرفي في العصر الرقمي وتبعاته المجتمعية والحضارية. من المهم أن يأخذ الحوار الصبغة الصحفية؛ بحيث أقوم بالسؤال، وتقوم بالرد بشكل مختصر ومحدد دون الحاجة إلى الإسهاب غير الضروري، وأكمل بعدها بالتعليق بطابع التفاعل مع طرح سؤال آخر.

«شات جي بي تي 4o»: بالطبع، يسعدني إجراء هذا الحوار الصحفي معك. تفضل بطرح سؤالك الأول.

المُحاوِر: كيف ترى مستوى البنية المعرفية عند العقل الإنساني في العصر الرقمي الحالي؟ وكيف تقارنه بالبنية المعرفية التي تشكّلت عند الإنسان قبل دخول العصر الرقمي؟

«شات جي بي تي 4o»: في العصر الرقمي الحالي، أصبحت البنية المعرفية للإنسان أكثر اتساعًا وتنوعًا، ولكنها تميل إلى أن تكون سطحية ومتجزئة. الوصول السريع إلى المعلومات عبر الإنترنت يعزز المعرفة الفورية، ولكنه يقلل من فرص التفكير العميق والتحليل النقدي. بالمقارنة مع البنية المعرفية قبل العصر الرقمي، كان الناس يعتمدون أكثر على مصادر محدودة ولكن موثوقة، مما جعل معرفتهم أعمق وأكثر تماسكًا.

المُحاوِر: أوافقك الرأي في كون البنية المعرفية في زمننا (العصر الرقمي) تبدو سطحية ومتجزئة وتميل إلى الترهّل وعدم الصلابة رغم تنوعها وسهولة صناعتها، وقاد هذا إلى تفكك المنظومة العقلانية المفكّرة التي تفاقم ضعفها مع تفوّق الأنظمة الرقمية التي أخذت دور العقل البشري في تقديم المنتجات المعرفية السريعة التي لا تتطلب جهدا عقلانيا مضنيا بقدر ما تتطلب ممارسة استهلاكية رقمية. برأيك أين تكمن مشكلات التأسيس المعرفي الصُلب؟ أيمكن أن تكون إحدى المشكلات منهجيتنا الخاطئة في الاكتساب المعرفي عبر الوسائل الرقمية؟

«شات جي بي تي 4o»: نعم، منهجية الاكتساب المعرفي عبر الوسائل الرقمية تعد إحدى المشكلات الرئيسية. الاعتماد الكبير على البحث السريع والمعلومات المتاحة بسهولة يعزز التلقي السلبي بدلاً من التفكير النقدي والتحليلي. هناك ميل للاعتماد على مصادر غير موثوقة أو معلومات غير دقيقة، ما يؤدي إلى بناء معرفة غير صلبة. لتأسيس بنية معرفية صلبة، يجب تعزيز منهجيات تعتمد على التعمق في المصادر الموثوقة، التفكير النقدي، والتحليل المتأني، بالإضافة إلى التفاعل الفعال مع المحتوى الرقمي بطرق تساهم في تطوير الفهم العميق بدلاً من الاكتفاء بالاستهلاك السطحي.

المُحاوِر: أنحن بحاجة إلى إعادة صناعة منهجية البناء المعرفي وفقا لمستجدات العصر الرقمي دون الحاجة إلى العودة إلى المنهجيات التقليدية؟ بمعنى آخر، أيمكن أن نحدد معايير الجودة المعرفية الشاملة التي تعتمد على الأدوات الرقمية الحديثة؟

«شات جي بي تي 4o»: نعم، نحن بحاجة إلى إعادة صياغة منهجية البناء المعرفي بما يتوافق مع مستجدات العصر الرقمي. من الممكن تحديد معايير للجودة المعرفية الشاملة تعتمد على الأدوات الرقمية الحديثة دون الحاجة إلى العودة بالكامل إلى المنهجيات التقليدية. لتحقيق ذلك، يجب التركيز على تطوير مهارات التفكير النقدي، التحليل، والتقييم في التعامل مع المعلومات الرقمية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تعزيز استخدام المصادر الموثوقة، التشجيع على البحث العميق، وتوظيف التكنولوجيا لخلق بيئات تعليمية تفاعلية تساهم في تعزيز الفهم العميق والقدرة على الاستنتاج والتفكير النقدي.

المُحاوِر: أرى أنك تركز على أسلوب التفكير النقدي والتحليل؛ فكيف يمكن تنمية هذا الأسلوب بواسطة وسائل صناعة المعرفة الحديثة التي تعمل عبر التقنيات المتقدمة. أعطِ توضيحا مع مثال على ذلك. «شات جي بي تي 4o»: لتنمية أسلوب التفكير النقدي والتحليل بواسطة وسائل صناعة المعرفة الحديثة، يمكننا استخدام تقنيات مثل التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي لتقديم محتوى تعليمي تفاعلي ومخصص. على سبيل المثال، يمكن إنشاء منصات تعليمية تستخدم الذكاء الاصطناعي لتقييم مستوى فهم الطلاب -الطلبة - وتقديم موارد تعليمية مخصصة تتناسب مع احتياجاتهم الفردية.

لنأخذ مثالاً على ذلك: منصة تعليمية رقمية تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتقديم دروس في مادة العلوم. تقوم المنصة بتحليل أداء الطالب في الاختبارات القصيرة وتحديد نقاط الضعف والقوة. بناءً على هذه التحليلات، تقدم المنصة موارد تعليمية إضافية مثل مقاطع فيديو، مقالات، وتمارين تفاعلية تهدف إلى تعزيز التفكير النقدي والتحليلي لدى الطالب.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمنصة استخدام منتديات نقاشية وتحديات جماعية تتيح للطلاب تبادل الأفكار وتحليل المعلومات بشكل مشترك، مما يعزز مهارات التفكير النقدي والتعلم التعاوني.

المُحاوِر: لنأخذ جانبا آخر -بعيدا عن الحيّز التعليمي- في أساليب صناعة البناء المعرفي الصُلب الذي يمكن تنميته بواسطة الأدوات الرقمية. كيف يمكن للباحث الفردي أن يبني قدراته المعرفية عبر الأدوات الرقمية بكيفية تتحقق فيها الاستفاضة المعرفية العميقة والاستعمال الأمثل للتفكير النقدي دون أيّ تعطيل؟

«شات جي بي تي 4o»: الباحث الفردي يمكنه الاستفادة من الأدوات الرقمية لبناء قدراته المعرفية بطرق تعزز الاستفاضة المعرفية والتفكير النقدي. يمكن القيام بذلك من خلال عدة استراتيجيات:

1. استخدام قواعد البيانات الأكاديمية: الوصول إلى مكتبات رقمية مثل Google Scholar، PubMed، و JSTOR يوفر للباحث مجموعة واسعة من المقالات والدراسات العلمية الموثوقة. الاطلاع على هذه المصادر يساعد في بناء معرفة عميقة ومتينة في مجال البحث.

2. أدوات تنظيم المعلومات: استخدام برامج مثل Zotero أو Mendeley لتنظيم وتخزين المقالات والمراجع بشكل منظم. هذه الأدوات تساعد في إدارة المعلومات بشكل فعال وتسهل الوصول إلى المصادر عند الحاجة. 3. الاشتراك في الدورات التدريبية الإلكترونية: منصات مثل Coursera و edX توفر دورات تدريبية متقدمة في مختلف المجالات. هذه الدورات تساعد الباحث في تطوير مهاراته واكتساب معرفة جديدة بشكل منظم ومعمق.

4. المشاركة في المنتديات العلمية: الانضمام إلى مجموعات نقاشية على مواقع مثل ResearchGate و Academia.edu يتيح للباحث التفاعل مع باحثين آخرين، تبادل الأفكار، ومناقشة النتائج والمفاهيم العلمية، مما يعزز التفكير النقدي والتحليل العميق.

5. استخدام أدوات التحليل المتقدمة: الاستفادة من برامج التحليل الإحصائي مثل SPSS أو R ، وأدوات التحليل النصي مثل NVivo. هذه الأدوات تساعد الباحث في تحليل البيانات بشكل دقيق ومنهجي.

على سبيل المثال، يمكن لباحث في مجال العلوم الاجتماعية استخدام قاعدة بيانات JSTOR للوصول إلى دراسات سابقة، ثم تنظيم هذه الدراسات باستخدام Zotero. بعد ذلك، يمكنه الاشتراك في دورة على Coursera لتعلم تقنيات جديدة في التحليل الإحصائي واستخدام SPSS لتحليل بياناته. أخيرًا، يمكنه المشاركة في منتديات ResearchGate لمناقشة نتائجه والحصول على ملاحظات من باحثين آخرين.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی العصر الرقمی

إقرأ أيضاً:

مجلس الدولة يعفي البدل النقدي لبدل وجبة عاملي إستاد القاهرة من الضريبة

 

انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى سريان الإعفاء المقرر من قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005 على المقابل النقدي الذي يُصرف للعاملين بهيئة استاد القاهرة بديلًا عن الوجبة الغذائية.

قالت الجمعية في فتواها، أن المشرع بموجب قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005 فرض ضريبة سنوية على مجموع صافي دخل الأشخاص الطبيعيين المُقيمين بالنسبة إلى دخولهم المحققة في مصر، وحدد مصادر هذا المجموع، ومنها المرتبات وما في حكمها، وهي تلك المستحقات التي تستحق للممول نتيجة العمل لدى الغير، بعقد أو دون عقد، بصفة دورية أو غير دورية، بما في ذلك الأجور، والمكافآت، إلا أنه أعفى من هذه الضريبة المزايا العينية الجماعية ومنها الوجبة الغذائية التي تُصرف للعاملين.

 

وأضافت الجمعية في فتواها، أن هيئة استاد القاهرة تصرف للعاملين بها مقابلًا ماديًا بديلًاعن الوجبات الغذائية المقررة لهم كمزية عينية، وكان المقرر وفقًا لحكم المادة (13/5/أ) من القانون رقم (91) لسنة 2005 المشار إليه أن الوجبات الغذائية باعتبارها من المزايا العينية الجماعية معفاة من الضريبة على الدخل، ومن ثم فإن ما يسرى على الوجبات الغذائية من إعفاء يسرى أيضًا على المقابل النقدي المقرر عنها.

مقالات مشابهة

  • ما حالات وقف الدعم النقدي مؤقتًا وفقا للقانون؟
  • روايتان عن اليمن في العصر العثماني
  • مجلس الدولة يعفي البدل النقدي لبدل وجبة عاملي إستاد القاهرة من الضريبة
  • مجلس الدولة يعفي البدل النقدي لوجبات عاملي استاد القاهرة من الضريبة
  • عبدالقيوم: على الحويج التفكير في شرعية وجوده بدلاً من التصريحات الانتهازية
  • عبدالقيوم: على الحويج التفكير في شرعية وجوده قبل الحديث عن توحيد المؤسسات
  • تضامن النواب تجدد الموافقة على مشروع قانون الدعم النقدي
  • "تضامن النواب" توافق نهائيًّا على مشروع قانون الضمان الاجتماعي والدعم النقدي
  • تضامن النواب توافق نهائيا على مشروع قانون الضمان الاجتماعي والدعم النقدي
  • وزارة الثقافة تعقد ورشة "إعادة التفكير في التراث" بقلعة صلاح الدين الأيوبى