لجريدة عمان:
2025-02-03@03:25:13 GMT

إيران ما بعد «رئيسي»

تاريخ النشر: 25th, May 2024 GMT

ترجمة - أحمد بن عبدالله الكلباني

يعتبر الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، الذي أُعلن عن وفاته إثر سقوط الطائرة العمودية التي كانت تقله مع مسؤولين آخرين في 19 مايو 2024، واحدًا من أشد الموالين للتيار المحافظ، وقد شكّلت وفاته ضربة قاسية لهذا التيار في إيران. وفي أثناء محاولات فرق الإنقاذ والتحري البحث عن الطائرة العمودية المنكوبة، التي واجهت بعض الصعوبات في العثور على الحطام بسبب الأمطار والضباب والغابات والجبال، قال المرشد الأعلى الإيراني «آية الله» علي خامنئي لجميع الأمة أن «تدعو الله» من أجل الرئيس إبراهيم رئيسي.

وبصفتي خبيرًا في السياسات الإيرانية الداخلية والخارجية، أعتقد أن الحادثة قد تسبب الكثير من القلق لإيران على مدى طويل يتجاوز المأساة الإنسانية التي تعرض لها رئيسي نتيجة تحطم المروحية. يمتد القلق إلى مستقبل إيران التي تعتبر دولة منهكة، ونتيجة لأوضاع العلاقات الإقليمية والدولية المتزعزعة. ويعتبر رئيسي واحدًا من أشد الموالين للتيار المحافظ، فمنذ الثورة الإيرانية عام 1979 كان رئيسي واحدًا من أبرز المسؤولين المجتهدين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأحد أبرز تلاميذ خامنئي، المرشد الأعلى في إيران.

وشغل رئيسي -قبل حكمه للجمهورية الإسلامية الإيرانية عام 2021- عدة مناصب أبرزها في السلك القضائي تحت إشراف مباشر من المرشد الأعلى، وعمل كذلك مدعيًا عامًا، وفي نهاية الحرب الإيرانية - العراقية عام 1988 كان رئيسي عضوًا في لجنة قضائية أصدرت حكمًا على آلاف السجناء السياسيين بالإعدام، الأمر الذي جعله في قفص الاتهام من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التي فرضت عليه عقوبات وإدانات من الأمم المتحدة والعديد من منظمات حقوق الإنسان العالمية. ومن المناصب التي شغلها، عضوية مجلس الخبراء الإيراني منذ عام 2006، ويعد المجلس الهيئة التي تقوم بتعيين المرشد الأعلى وتشرف عليه. في تلك الأثناء كان يُنظر إلى رئيسي على أنه يفتقد الكاريزما والحضور والبلاغة في الحديث، ولكن رغم ذلك ساد اعتقاد بأن رئيسي، الذي يبلغ من العمر 63 عامًا، يتم إعداده ليكون خليفة المرشد الأعلى علي خامنئي الذي يبلغ من العمر 85 عامًا.

انعكست التوترات الداخلية التي عاشتها إيران في عهد رئيسي على دور إيران الإقليمي والدولي. خلال تلك الفترة كان للمرشد الأعلى علي خامنئي الكلمة الفصل في السياسات الخارجية التي اتبعها رئيسي، وهي سياسة اتسمت بالمواجهة مع الخصوم، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، لذلك ابتعدت إيران عن فكرة التقارب مع دول الغرب. زاد من ذلك تردد إيران في تنفيذ الاتفاق النووي، بل زادت من عمليات تخصيب اليورانيوم، ولم تسمح للمفتشين الدوليين بدخول إيران، حتى أصبحت إيران على أعتاب وصفها «مسلحة نوويًا».

في المقابل، سعت حكومة رئيسي إلى التقارب مع الشرق ومع الصين، وهو النهج نفسه الذي اتبعه سابقه «حسن روحاني»، وأصبحت الصين شريان حياة بالنسبة لإيران حيث كانت الدولة المشترية للنفط الإيراني. كذلك في الجانب الدبلوماسي، سعت الصين للتقارب بين إيران والمملكة العربية السعودية في مارس 2023.

عسكريًا، ساهمت إيران في ظل حكم رئيسي في تمويل الدول التي تقف ضد الولايات المتحدة الأمريكية، ومنها روسيا، حيث زودتها بطائرات بدون طيار لتستخدمها روسيا في حربها مع أوكرانيا، كما وفرت إيران أسلحة لوكلائها في الشرق الأوسط.

ومنذ بداية الحرب في غزة في السابع من أكتوبر 2023، كانت إيران، الموجهة من المرشد الأعلى ومن رئيسي، تقوم بتمويل وكلائها في الشرق الأوسط الذين يواجهون إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية. لكنها نأت بنفسها عن الدخول بشكل مباشر في تلك المواجهات مع الدولتين العدوتين لها تاريخيًا.

لكنها لم تستمر في النأي بنفسها طويلًا في تلك الحرب، إذ كسرت هذا التوازن بالعلاقات من خلال مواجهتها المباشرة مع إسرائيل باستخدام طائرات بدون طيار وصواريخ لأول مرة في تاريخ إيران، وذلك في أبريل الماضي، تعبيرًا عن رد إيران على الهجوم الذي تعرضت له قنصليتها في دمشق. وكان إبراهيم رئيسي طوال فترة حكمه يبعد نفسه عن النظام الدولي، ولكنه سعى إلى عقد تحالفات مع الدول المعادية للغرب، رغم أنه لم يكن المسؤول المباشر عن سياسات بلاده الخارجية.

لقد حدثت حادثة رئيسي والمسؤولين الإيرانيين الذين كانوا معه بعد عودتهم من مراسم احتفال في أذربيجان، بمناسبة تدشين سد مائي. كانت دعوة أذربيجان لإيران بمثابة دعوة للتقارب، خاصة بعد صراع حول «ناجورنو كاراباخ» الذي كان قائمًا بين أذربيجان وأرمينيا، وكان لإيران موقف غامض في هذا الصراع الذي انتهى بانتصار أذربيجاني نهاية عام 2023.

في فترة حكم رئيسي كان لدى المرشد الأعلى عدد من الموالين في الحكومة لفترة طويلة، وبحسب الدستور الإيراني، يتولى الحكم ما بعد وفاة الرئيس نائب الرئيس مؤقتًا، وفي هذه الحكومة فإن النائب هو محمد مخبر، الذي سيتولى الرئاسة مؤقتًا. وهو كذلك من الموالين للمرشد الأعلى ويتبع نهج رئيسي بشكل كبير، وكان عضوًا مهمًا في الفريق الإيراني الذي تفاوض في صفقة أسلحة مع موسكو.

الآن على إيران أن تستعد لإجراء انتخابات رئاسية خلال 50 يومًا. لم يبقَ سوى أن نرى من الذي سيمنحه المرشد الأعلى منصب رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية. في هذه الأثناء، من المؤكد أن التيار المحافظ في إيران سيواصل تحركه في ظل الضغوط الداخلية والخارجية التي تواجهها إيران. من الواضح أنه على المستوى الدولي أعتقد أنها فرصة لإقامة علاقات أقوى مع المرشحين المحتملين الذين يسيرون بطريقة مخالفة للتقليديين.

أريك لوب أستاذ مشارك في العلاقات الدولية بجامعة فلوريدا الدولية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المتحدة الأمریکیة المرشد الأعلى

إقرأ أيضاً:

مؤسسة "مترو مسقط" لـ"الرؤية": التجارة الإلكترونية محرك رئيسي لتوفير فرص العمل

 

 

 

 

تعزيز البيئة الرقمية يدعم مكانة عُمان كمركز واعد للتجارة في المنطقة

التجارة الإلكترونية تُمكِّن المؤسسات من التوسع والوصول إلى أسواق جديدة

قلة الوعي الرقمي من أبرز التحديات التي تُواجه الشركات التقليدية

المنافسة مع المنصات العالمية الرائجة من أكبر التحديات أمام المشاريع المحلية

ارتفاع تكلفة التشغيل المحلي عائقٌ أمام الشركات الصغيرة

التصنيع المحلي وتطوير منصة عُمانية قوية سبيلان لتحسين تجارب المستخدمين

الرؤية- سارة العبرية

تؤكد الدكتورة شنونة بنت محمد البروانية المؤسس والرئيس التنفيذي لمنصة ومخازن "مترو مسقط"، أن التجارة الإلكترونية أصبحت عنصرًا أساسيًا في مستقبل الاقتصاد العُماني؛ حيث توفر للشركات المحلية إمكانية التوسع والوصول إلى أسواق جديدة مع تقليل التكاليف التشغيلية، مضيفة أنَّ تعزيز البيئة الرقمية وتقديم الدعم المناسب لرواد الأعمال العُمانيين سيجعل من السلطنة مركزًا واعدًا للتجارة الإلكترونية في المنطقة.

وتقول البروانية -في تصريحات لـ"الرؤية"- إن التجارة الإلكترونية في سلطنة عُمان شهدت تطورًا كبيرًا بعد جائحة كورونا؛ إذ دفعت القيود المفروضة على الحركة والتباعد الاجتماعي الشركات والأفراد نحو الحلول الرقمية، مبينة أنَّ الإقبال ارتفع بشكل ملحوظ على منصات التجارة الإلكترونية لشراء السلع والخدمات مما ساهم في تسريع التحول الرقمي، كما أن هذا النمو لم يقتصر على الشركات الكبيرة فقط؛ بل شمل أيضًا المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي استغلت الفرصة للوصول إلى شريحة أوسع من العملاء.

وتشير الدكتورة شنونة إلى أنَّ التجارة الإلكترونية توفر العديد من الفرص للشركات التقليدية؛ حيث تمكنها من الوصول إلى أسواق جديدة دون الحاجة إلى تكاليف التوسع الجغرافي، كما أن الاعتماد على المتاجر الرقمية يساعد في تقليل التكاليف التشغيلية وهو ما يتيح للشركات تحسين هوامش الأرباح، موضحة أنَّ التحليلات الرقمية التي توفرها الأدوات الحديثة تساعد في فهم احتياجات العملاء وتقديم منتجات أكثر توافقًا مع رغباتهم.

وترى أنَّ هناك العديد من التحديات التي تواجه الشركات التقليدية عند التكيف مع التجارة الرقمية؛ فبعض رواد الأعمال يفتقرون إلى الوعي الرقمي الكافي مما يُعيق قدرتهم على الاستفادة الكاملة من هذه الفرص، كما أن البنية الأساسية في بعض المناطق لا تزال بحاجة إلى تحسين لضمان تجربة مستخدم أفضل في التجارة الإلكترونية، مبينة أنَّ السوق يشهد منافسة شديدة خاصة مع دخول منصات دولية تقدم خدمات متكاملة وأسعار تنافسية.

وتحدثت الدكتورة شنونة عن بعض قصص النجاح المحلية التي برزت في مجال التجارة الإلكترونية قائلة: "منصة مترو مسقط تعد من أبرز المنصات التي نجحت في دعم التجارة الرقمية في السلطنة، من خلال تقديم خدمات تخزين وشحن متطورة، ما أدى لجعلها شريكًا رئيسيًا للشركات المحلية التي ترغب في التوسع، وبعض المشاريع الصغيرة مثل منتجات الحديقة الخضراء استطاعت الاستفادة من التجارة الإلكترونية للوصول إلى أسواق أوسع داخل وخارج السلطنة، والكثير من الشباب العُماني تمكنوا من تحويل هواياتهم إلى مشاريع ناجحة عبر منصات التواصل الاجتماعي ما نتج عنه في زيادة الدخل وتعزيز الحضور الرقمي للمشاريع المحلية".

وحول تطور قطاع التجارة الإلكترونية في عُمان خلال السنوات الأخيرة، تبيّن البروانية أن هناك العديد من العوامل التي ساهمت في هذا النمو ومنها الدعم الحكومي للرقمنة وتحسين البنية التحتية التقنية مثل انتشار الإنترنت عالي السرعة بالإضافة إلى زيادة الوعي بفوائد التجارة الإلكترونية، موضحة أن مبادرات ريادة الأعمال مثل مترو مسقط قامت بدور هام في تسهيل العمليات التجارية وربط التجار المحليين بأسواق إقليمية ودولية.

وتذكر أن سلطنة عُمان لاتزال في مرحلة النمو مقارنة بدول مثل الإمارات والسعودية إلا أن السوق العُماني يشهد تطورًا ملحوظًا؛ حيث أصبحت التجارة الإلكترونية تمثل جزءًا مهمًا من الاقتصاد العُماني، ومع وجود منصات مثل مترو مسقط ترى أن هناك إمكانيات كبيرة لجعل عُمان مركزًا للتجارة الإلكترونية في المنطقة.

وتلفت البروانية إلى أن منصة مترو مسقط تعمل كنقطة اتصال بين التجار المحليين والمستهلكين سواء داخل السلطنة أو خارجها؛ حيث توفر بنية أساسية متكاملة تشمل التخزين والتوصيل وخدمات الدفع الرقمي مما يساعد الشركات الصغيرة والمتوسطة على توسيع نطاق أعمالها، مضيفة أن المنصة تشجع أيضًا على تصدير المنتجات العُمانية إلى الأسواق الخارجية مما يعزز فرص النمو للتجار المحليين.

وفيما يتعلق بالتحديات التي فرضتها التجارة الإلكترونية على ريادة الأعمال العُمانية، تلفت البروانية إلى أن المنافسة مع المنصات العالمية أصبحت أحد أكبر التحديات؛ إذ يميل المستهلك العُماني إلى الشراء من مواقع مثل "أمازون" و"علي بابا" و"شي إن"؛ نظرًا للأسعار التنافسية والخدمات المتطورة؛ الأمر الذي يجعل التجار المحليين يواجهون صعوبة في المنافسة، لافتة إلى أن ارتفاع تكلفة التشغيل المحلي يعد عائقًا آخر أمام الشركات الصغيرة حيث تؤدي تكاليف الإيجار المرتفعة ورواتب الموظفين إلى رفع أسعار المنتجات المحلية مقارنة بالمنتجات المستوردة.

وعن الحلول المُمكنة لمعالجة هذه التحديات أكدت الدكتورة شنونة أهمية تقديم حوافز للتجار العُمانيين مثل خفض تكاليف الإيجار والإعفاءات الضريبية للمشاريع الناشئة، مشددة على ضرورة تحسين تجربة التجارة الإلكترونية المحلية من خلال تطوير منصات عُمانية قوية تقدم تجربة مستخدم منافسة من حيث الأسعار وجودة الخدمة، بالإضافة إلى تشجيع التوجه نحو التصنيع المحلي الذي سيساهم في تقليل الاعتماد على المنتجات المستوردة مما يعزز قدرة التجار العُمانيين على المنافسة.

وحول تأثير التجارة الإلكترونية على خلق فرص عمل جديدة في عُمان تؤكد: "هذا القطاع ساعد في خلق وظائف جديدة في مجالات متعددة مثل التسويق الرقمي وتطوير البرمجيات وإدارة الخدمات اللوجستية، والمهارات المطلوبة للعُمانيين للنجاح في هذا المجال تشمل معرفة التسويق الإلكتروني وإدارة المتاجر الرقمية واستخدام أدوات تحليل البيانات بالإضافة إلى مهارات البرمجة والتصميم".

واختتمت الدكتورة شنونة حديثها بالتأكيد على أن التجارة الإلكترونية ليست مجرد وسيلة بيع وشراء؛ بل هي محرك رئيسي لتعزيز الاقتصاد الوطني وتوفير فرص عمل جديدة وبناء مستقبل رقمي أكثر ازدهارًا للبلاد، مشيرة إلى أهمية دعم ريادة الأعمال الرقمية من خلال توفير برامج تدريبية وتمويل المشاريع الناشئة وتسليط الضوء على قصص نجاح محلية تلهم الشباب العُماني لخوض تجربة التجارة الرقمية.

مقالات مشابهة

  • الرأي العام..لقاء رشيد بزوجة ( رئيسي) يؤكد على ضعف العراق أمام إيران
  • خامنئي: غزة انتصرت على إسرائيل وأمريكا بإذن الله
  • محمد اليماحي: المرأة العربية شريك رئيسي في مسيرة البناء والتنمية
  • الحرس الثوري الإيراني: أيدينا على الزناد
  • البحسني: بترومسيلة داعم رئيسي للاقتصاد الوطني
  • مؤسسة "مترو مسقط" لـ"الرؤية": التجارة الإلكترونية محرك رئيسي لتوفير فرص العمل
  • كنعان: الكرة في ملعب رئيسي الجمهورية والحكومة للخروج من الدويخة
  • بالتزامن مع مقتل موميكا.. السويد توقف ممثل المرشد الإيراني
  • أحمد نور الدين: المرشد السياحي المصري الأفضل في العالم
  • الإمارات لاعب رئيسي في المشهد الإعلامي العالمي