ترجمة - أحمد بن عبدالله الكلباني
يعتبر الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، الذي أُعلن عن وفاته إثر سقوط الطائرة العمودية التي كانت تقله مع مسؤولين آخرين في 19 مايو 2024، واحدًا من أشد الموالين للتيار المحافظ، وقد شكّلت وفاته ضربة قاسية لهذا التيار في إيران. وفي أثناء محاولات فرق الإنقاذ والتحري البحث عن الطائرة العمودية المنكوبة، التي واجهت بعض الصعوبات في العثور على الحطام بسبب الأمطار والضباب والغابات والجبال، قال المرشد الأعلى الإيراني «آية الله» علي خامنئي لجميع الأمة أن «تدعو الله» من أجل الرئيس إبراهيم رئيسي.
وبصفتي خبيرًا في السياسات الإيرانية الداخلية والخارجية، أعتقد أن الحادثة قد تسبب الكثير من القلق لإيران على مدى طويل يتجاوز المأساة الإنسانية التي تعرض لها رئيسي نتيجة تحطم المروحية. يمتد القلق إلى مستقبل إيران التي تعتبر دولة منهكة، ونتيجة لأوضاع العلاقات الإقليمية والدولية المتزعزعة. ويعتبر رئيسي واحدًا من أشد الموالين للتيار المحافظ، فمنذ الثورة الإيرانية عام 1979 كان رئيسي واحدًا من أبرز المسؤولين المجتهدين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأحد أبرز تلاميذ خامنئي، المرشد الأعلى في إيران.
وشغل رئيسي -قبل حكمه للجمهورية الإسلامية الإيرانية عام 2021- عدة مناصب أبرزها في السلك القضائي تحت إشراف مباشر من المرشد الأعلى، وعمل كذلك مدعيًا عامًا، وفي نهاية الحرب الإيرانية - العراقية عام 1988 كان رئيسي عضوًا في لجنة قضائية أصدرت حكمًا على آلاف السجناء السياسيين بالإعدام، الأمر الذي جعله في قفص الاتهام من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التي فرضت عليه عقوبات وإدانات من الأمم المتحدة والعديد من منظمات حقوق الإنسان العالمية. ومن المناصب التي شغلها، عضوية مجلس الخبراء الإيراني منذ عام 2006، ويعد المجلس الهيئة التي تقوم بتعيين المرشد الأعلى وتشرف عليه. في تلك الأثناء كان يُنظر إلى رئيسي على أنه يفتقد الكاريزما والحضور والبلاغة في الحديث، ولكن رغم ذلك ساد اعتقاد بأن رئيسي، الذي يبلغ من العمر 63 عامًا، يتم إعداده ليكون خليفة المرشد الأعلى علي خامنئي الذي يبلغ من العمر 85 عامًا.
انعكست التوترات الداخلية التي عاشتها إيران في عهد رئيسي على دور إيران الإقليمي والدولي. خلال تلك الفترة كان للمرشد الأعلى علي خامنئي الكلمة الفصل في السياسات الخارجية التي اتبعها رئيسي، وهي سياسة اتسمت بالمواجهة مع الخصوم، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، لذلك ابتعدت إيران عن فكرة التقارب مع دول الغرب. زاد من ذلك تردد إيران في تنفيذ الاتفاق النووي، بل زادت من عمليات تخصيب اليورانيوم، ولم تسمح للمفتشين الدوليين بدخول إيران، حتى أصبحت إيران على أعتاب وصفها «مسلحة نوويًا».
في المقابل، سعت حكومة رئيسي إلى التقارب مع الشرق ومع الصين، وهو النهج نفسه الذي اتبعه سابقه «حسن روحاني»، وأصبحت الصين شريان حياة بالنسبة لإيران حيث كانت الدولة المشترية للنفط الإيراني. كذلك في الجانب الدبلوماسي، سعت الصين للتقارب بين إيران والمملكة العربية السعودية في مارس 2023.
عسكريًا، ساهمت إيران في ظل حكم رئيسي في تمويل الدول التي تقف ضد الولايات المتحدة الأمريكية، ومنها روسيا، حيث زودتها بطائرات بدون طيار لتستخدمها روسيا في حربها مع أوكرانيا، كما وفرت إيران أسلحة لوكلائها في الشرق الأوسط.
ومنذ بداية الحرب في غزة في السابع من أكتوبر 2023، كانت إيران، الموجهة من المرشد الأعلى ومن رئيسي، تقوم بتمويل وكلائها في الشرق الأوسط الذين يواجهون إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية. لكنها نأت بنفسها عن الدخول بشكل مباشر في تلك المواجهات مع الدولتين العدوتين لها تاريخيًا.
لكنها لم تستمر في النأي بنفسها طويلًا في تلك الحرب، إذ كسرت هذا التوازن بالعلاقات من خلال مواجهتها المباشرة مع إسرائيل باستخدام طائرات بدون طيار وصواريخ لأول مرة في تاريخ إيران، وذلك في أبريل الماضي، تعبيرًا عن رد إيران على الهجوم الذي تعرضت له قنصليتها في دمشق. وكان إبراهيم رئيسي طوال فترة حكمه يبعد نفسه عن النظام الدولي، ولكنه سعى إلى عقد تحالفات مع الدول المعادية للغرب، رغم أنه لم يكن المسؤول المباشر عن سياسات بلاده الخارجية.
لقد حدثت حادثة رئيسي والمسؤولين الإيرانيين الذين كانوا معه بعد عودتهم من مراسم احتفال في أذربيجان، بمناسبة تدشين سد مائي. كانت دعوة أذربيجان لإيران بمثابة دعوة للتقارب، خاصة بعد صراع حول «ناجورنو كاراباخ» الذي كان قائمًا بين أذربيجان وأرمينيا، وكان لإيران موقف غامض في هذا الصراع الذي انتهى بانتصار أذربيجاني نهاية عام 2023.
في فترة حكم رئيسي كان لدى المرشد الأعلى عدد من الموالين في الحكومة لفترة طويلة، وبحسب الدستور الإيراني، يتولى الحكم ما بعد وفاة الرئيس نائب الرئيس مؤقتًا، وفي هذه الحكومة فإن النائب هو محمد مخبر، الذي سيتولى الرئاسة مؤقتًا. وهو كذلك من الموالين للمرشد الأعلى ويتبع نهج رئيسي بشكل كبير، وكان عضوًا مهمًا في الفريق الإيراني الذي تفاوض في صفقة أسلحة مع موسكو.
الآن على إيران أن تستعد لإجراء انتخابات رئاسية خلال 50 يومًا. لم يبقَ سوى أن نرى من الذي سيمنحه المرشد الأعلى منصب رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية. في هذه الأثناء، من المؤكد أن التيار المحافظ في إيران سيواصل تحركه في ظل الضغوط الداخلية والخارجية التي تواجهها إيران. من الواضح أنه على المستوى الدولي أعتقد أنها فرصة لإقامة علاقات أقوى مع المرشحين المحتملين الذين يسيرون بطريقة مخالفة للتقليديين.
أريك لوب أستاذ مشارك في العلاقات الدولية بجامعة فلوريدا الدولية
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المتحدة الأمریکیة المرشد الأعلى
إقرأ أيضاً:
فيديو | دبي.. افتتاح جسر رئيسي بطول 1000 متر يربط بين شارعي حصة والخيل
دبي - الخليج
افتتحت هيئة الطرق والمواصلات في دبي اليوم (الأحد)، جسراً رئيسياً بسعة مسارين، وبطول 1000 متر، يخدم الحركة المرورية القادمة من شارع حصة إلى شارع الخيل، ويحقق حركة مرورية حرة إلى وسط المدينة ومطار دبي الدولي، ويسهم في خفض زمن الرحلة من شارع حصة إلى شارع الخيل، من 15 دقيقة إلى 3 دقائق.
وأعلنت الهيئة إنجاز 54% من إجمالي مشروع تطوير شارع حصة، الذي يتضمن تطوير أربعة تقاطعات رئيسة، وستفتتح جميع التقاطعات في الربع الرابع من عام 2025.
8000 مركبة في الساعة
وقال مطر الطاير المدير العام ورئيس مجلس المديرين في هيئة الطرق والمواصلات: «يأتي مشروع تطوير شارع حصة من تقاطعه مع شارع الشيخ زايد إلى تقاطعه مع شارع الخيل بطول 4.5 كم، تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي «رعاه الله»، ومتابعة سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، رئيس المجلس التنفيذي في إمارة دبي، باستكمال تطوير البنية التحتية لشبكة الطرق، لمواكبة التنمية المستمرة، التي تشهدها إمارة دبي، واستيعاب احتياجات التطور العمراني والنمو السكاني.
وأضاف:»يتضمن المشروع تطوير أربعة تقاطعات رئيسة على شارع حصة، مع كل من شارع الشيخ زايد، وشارع الخيل الأول، وشارع الأصايل، وشارع الخيل، بطول 4.5 كيلومترات، إضافة إلى زيادة عدد مسارات شارع حصة من مسارين الى أربعة مسارات في كل اتجاه، بما يسهم في زيادة الطاقة الاستيعابية للشارع بنسبة 100%، لتصل إلى 8000 مركبة في الساعة، وتنفيذ مسار للدراجات الهوائية بطول 13.5 كيلومتراً، وتبلغ التكلفة الإجمالية للمشروع 689 مليون درهم«.
640 ألف نسمة
وأوضح مطر الطاير:»يعد مشروع تطوير شارع حصة، أحد أهم مشاريع تطوير البنية التحتية لشبكة الطرق، ويخدم المشروع عدداً من المناطق السكنية والتطويرية، مثل منطقة الصفوح الثانية، ومنطقة البرشاء السكنية، وقرية جميرا الدائرية، ويتوقع أن يصل عدد سكان المناطق التي يخدمها المشروع إلى أكثر من 640 ألف نسمة عام 2030، مشيراً إلى أن المشروع يسهم في زيادة الطاقة الاستيعابية لشارع حصة من 8000 مركبة في الساعة في الاتجاهين، إلى 16 ألف مركبة في الساعة في الاتجاهين، بنسبة زيادة تصل إلى 100%'.
أربعة تقاطعات
ويتضمن المشروع تطوير أربعة تقاطعات رئيسة، الأول: تقاطع شارع حصة مع شارع الشيخ زايد، بتنفيذ منحدر مجسر: (Directional Ramp)، بسعة مسارين، يمر فوق مسار الخط الأحمر لمترو دبي، ويخدم الحركة المرورية المتجهة يميناً من شارع الشيخ زايد إلى شارع حصة شرقاً باتجاه شارع الإمارات، والثاني: تطوير تقاطع شارع حصة مع شارع الخيل الأول، وذلك بزيادة عدد المسارات على الجسر القائم لشارع حصة، من ثلاثة مسارات إلى أربعة مسارات في كل اتجاه، وتنفيذ التحسينات المروية على التقاطع السطحي المحكوم بالإشارة الضوئية.
كما يتضمن المشروع تطوير تقاطع شارع حصة مع شارع الأصايل، وذلك بزيادة عدد المسارات على الجسر الحالي من مسارين في كل اتجاه إلى أربعة مسارات في كل اتجاه على امتداد شارع حصة، وتنفيذ التحسينات المرورية على التقاطع السطحي المحكوم بإشارة ضوئية، أما التقاطع الرابع الذي سيجري تطويره ضمن المشروع، فهو تقاطع شارع حصة مع شارع الخيل، ويشمل تنفيذ وصلة مجسرة مباشرة: (Directional Ramp)، ويخدم الحركة المرورية المتجهة من شارع حصة إلى شارع الخيل شمالاً، باتجاه الشارقة مكونة من مسارين.
مسار الدراجات الهوائية
تجدر الإشارة إلى أن مشروع تطوير شارع حصة، يشمل أيضاً تنفيذ مسارات للدراجات الهوائية والسكوتر الكهربائي، بطول 13.5 كيلومتراً، يربط منطقتي الصفوح ودبي هيلز من خلال شارع حصة، ويخدم عدداً من المناطق السكنية مثل منطقة البرشاء، والبرشاء هايتس، ويسهم في تعزيز رحلات الميل الأول والأخير، من خلال الربط مع محطة مترو مدينة دبي للإنترنت، ومناطق الجذب التجارية والخدمية في المنطقة، وينفرد مسار الدراجات الجديد، بتنفيذ جسرين للدراجات الهوائية والمشاة ينفردان بتصميمهما الهندسي الفريد، الأول يعبر شارع الشيخ زايد، والثاني يعبر شارع الخيل، بعرض خمسة أمتار، منها ثلاثة أمتار لمسار الدراجات والسكوتر الكهربائي، ومترين لمسار المشاة.
ويسهم المشروع في تعزيز رحلات الميل الأول والأخير، من خلال الربط مع محطة مترو مدينة دبي للإنترنت، ومناطق الجذب التجارية والخدمية في المنطقة، وتقدر الطاقة الاستيعابية للمسار بنحو 5200 مستخدم في الساعة.