لجريدة عمان:
2024-11-08@00:55:10 GMT

إيران ما بعد «رئيسي»

تاريخ النشر: 25th, May 2024 GMT

ترجمة - أحمد بن عبدالله الكلباني

يعتبر الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، الذي أُعلن عن وفاته إثر سقوط الطائرة العمودية التي كانت تقله مع مسؤولين آخرين في 19 مايو 2024، واحدًا من أشد الموالين للتيار المحافظ، وقد شكّلت وفاته ضربة قاسية لهذا التيار في إيران. وفي أثناء محاولات فرق الإنقاذ والتحري البحث عن الطائرة العمودية المنكوبة، التي واجهت بعض الصعوبات في العثور على الحطام بسبب الأمطار والضباب والغابات والجبال، قال المرشد الأعلى الإيراني «آية الله» علي خامنئي لجميع الأمة أن «تدعو الله» من أجل الرئيس إبراهيم رئيسي.

وبصفتي خبيرًا في السياسات الإيرانية الداخلية والخارجية، أعتقد أن الحادثة قد تسبب الكثير من القلق لإيران على مدى طويل يتجاوز المأساة الإنسانية التي تعرض لها رئيسي نتيجة تحطم المروحية. يمتد القلق إلى مستقبل إيران التي تعتبر دولة منهكة، ونتيجة لأوضاع العلاقات الإقليمية والدولية المتزعزعة. ويعتبر رئيسي واحدًا من أشد الموالين للتيار المحافظ، فمنذ الثورة الإيرانية عام 1979 كان رئيسي واحدًا من أبرز المسؤولين المجتهدين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأحد أبرز تلاميذ خامنئي، المرشد الأعلى في إيران.

وشغل رئيسي -قبل حكمه للجمهورية الإسلامية الإيرانية عام 2021- عدة مناصب أبرزها في السلك القضائي تحت إشراف مباشر من المرشد الأعلى، وعمل كذلك مدعيًا عامًا، وفي نهاية الحرب الإيرانية - العراقية عام 1988 كان رئيسي عضوًا في لجنة قضائية أصدرت حكمًا على آلاف السجناء السياسيين بالإعدام، الأمر الذي جعله في قفص الاتهام من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التي فرضت عليه عقوبات وإدانات من الأمم المتحدة والعديد من منظمات حقوق الإنسان العالمية. ومن المناصب التي شغلها، عضوية مجلس الخبراء الإيراني منذ عام 2006، ويعد المجلس الهيئة التي تقوم بتعيين المرشد الأعلى وتشرف عليه. في تلك الأثناء كان يُنظر إلى رئيسي على أنه يفتقد الكاريزما والحضور والبلاغة في الحديث، ولكن رغم ذلك ساد اعتقاد بأن رئيسي، الذي يبلغ من العمر 63 عامًا، يتم إعداده ليكون خليفة المرشد الأعلى علي خامنئي الذي يبلغ من العمر 85 عامًا.

انعكست التوترات الداخلية التي عاشتها إيران في عهد رئيسي على دور إيران الإقليمي والدولي. خلال تلك الفترة كان للمرشد الأعلى علي خامنئي الكلمة الفصل في السياسات الخارجية التي اتبعها رئيسي، وهي سياسة اتسمت بالمواجهة مع الخصوم، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، لذلك ابتعدت إيران عن فكرة التقارب مع دول الغرب. زاد من ذلك تردد إيران في تنفيذ الاتفاق النووي، بل زادت من عمليات تخصيب اليورانيوم، ولم تسمح للمفتشين الدوليين بدخول إيران، حتى أصبحت إيران على أعتاب وصفها «مسلحة نوويًا».

في المقابل، سعت حكومة رئيسي إلى التقارب مع الشرق ومع الصين، وهو النهج نفسه الذي اتبعه سابقه «حسن روحاني»، وأصبحت الصين شريان حياة بالنسبة لإيران حيث كانت الدولة المشترية للنفط الإيراني. كذلك في الجانب الدبلوماسي، سعت الصين للتقارب بين إيران والمملكة العربية السعودية في مارس 2023.

عسكريًا، ساهمت إيران في ظل حكم رئيسي في تمويل الدول التي تقف ضد الولايات المتحدة الأمريكية، ومنها روسيا، حيث زودتها بطائرات بدون طيار لتستخدمها روسيا في حربها مع أوكرانيا، كما وفرت إيران أسلحة لوكلائها في الشرق الأوسط.

ومنذ بداية الحرب في غزة في السابع من أكتوبر 2023، كانت إيران، الموجهة من المرشد الأعلى ومن رئيسي، تقوم بتمويل وكلائها في الشرق الأوسط الذين يواجهون إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية. لكنها نأت بنفسها عن الدخول بشكل مباشر في تلك المواجهات مع الدولتين العدوتين لها تاريخيًا.

لكنها لم تستمر في النأي بنفسها طويلًا في تلك الحرب، إذ كسرت هذا التوازن بالعلاقات من خلال مواجهتها المباشرة مع إسرائيل باستخدام طائرات بدون طيار وصواريخ لأول مرة في تاريخ إيران، وذلك في أبريل الماضي، تعبيرًا عن رد إيران على الهجوم الذي تعرضت له قنصليتها في دمشق. وكان إبراهيم رئيسي طوال فترة حكمه يبعد نفسه عن النظام الدولي، ولكنه سعى إلى عقد تحالفات مع الدول المعادية للغرب، رغم أنه لم يكن المسؤول المباشر عن سياسات بلاده الخارجية.

لقد حدثت حادثة رئيسي والمسؤولين الإيرانيين الذين كانوا معه بعد عودتهم من مراسم احتفال في أذربيجان، بمناسبة تدشين سد مائي. كانت دعوة أذربيجان لإيران بمثابة دعوة للتقارب، خاصة بعد صراع حول «ناجورنو كاراباخ» الذي كان قائمًا بين أذربيجان وأرمينيا، وكان لإيران موقف غامض في هذا الصراع الذي انتهى بانتصار أذربيجاني نهاية عام 2023.

في فترة حكم رئيسي كان لدى المرشد الأعلى عدد من الموالين في الحكومة لفترة طويلة، وبحسب الدستور الإيراني، يتولى الحكم ما بعد وفاة الرئيس نائب الرئيس مؤقتًا، وفي هذه الحكومة فإن النائب هو محمد مخبر، الذي سيتولى الرئاسة مؤقتًا. وهو كذلك من الموالين للمرشد الأعلى ويتبع نهج رئيسي بشكل كبير، وكان عضوًا مهمًا في الفريق الإيراني الذي تفاوض في صفقة أسلحة مع موسكو.

الآن على إيران أن تستعد لإجراء انتخابات رئاسية خلال 50 يومًا. لم يبقَ سوى أن نرى من الذي سيمنحه المرشد الأعلى منصب رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية. في هذه الأثناء، من المؤكد أن التيار المحافظ في إيران سيواصل تحركه في ظل الضغوط الداخلية والخارجية التي تواجهها إيران. من الواضح أنه على المستوى الدولي أعتقد أنها فرصة لإقامة علاقات أقوى مع المرشحين المحتملين الذين يسيرون بطريقة مخالفة للتقليديين.

أريك لوب أستاذ مشارك في العلاقات الدولية بجامعة فلوريدا الدولية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المتحدة الأمریکیة المرشد الأعلى

إقرأ أيضاً:

إطلاق مبادرة سجل العمل الحر للعاملين في مهنة الإرشاد السياحي

أطلقت وزارة التراث والسياحة بالتعاون مع البرنامج الوطني للتشغيل ووزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار اليوم مبادرة «سجل العمل الحر» للعاملين في مهنة الإرشاد السياحي، وذلك بالمقر الرئيسي بالوزارة.

وتهدف المبادرة إلى دعم وتنظيم قطاع الإرشاد السياحي في سلطنة عُمان، وتسهيل الإجراءات للعاملين المستقلين في هذا المجال، وتوفير بيئة داعمة لهم، مع تعزيز جودة خدمات الإرشاد السياحي بما يتناسب مع التطلعات السياحية لسلطنة عُمان.

ويوفر سجل العمل الحر إطارًا قانونيًّا وتنظيميًّا للعاملين في الإرشاد السياحي، مما يسهم في تحسين مستوى الخدمة المقدمة للزوار، ويدعم ممارسي المهنة عبر إتاحة فرص تدريبية وتطويرية.

رعى إطلاق المبادرة سعادة عزان بن قاسم البوسعيدي وكيل وزارة التراث والسياحة للسياحة، الذي أوضح أن المرشد السياحي يضطلع بدور محوري يتمثل في إبراز الصورة المشرقة لمناطق الجذب السياحي، وإيجاد الانطباع الإيجابي لدى السياح أثناء ممارسة المهنة في المواقع السياحية، منوهًا بأن تكرار السائح للزيارة يتوقف بشكل أساسي على شخصية المرشد من خلال واقعية المعلومات التي يمتلكها، وأسلوبه في السرد المشوق المستخدم في إيصال المعلومة أثناء قيادة المجموعات السياحية.

وقال سعادته: إن الحصول على رخصة مزاولة مهنة الإرشاد السياحي بعد اجتياز مدة التدريب المقررة يعد من الخطوات التي وضعتها وزارة التراث والسياحة لتعزيز مفهوم الجودة السياحية في مزاولة هذه المهنة، إلى جانب نشر الوعي لدى العاملين في هذا المجال وتحفيزهم لرفع قدرتهم التنافسية على الصعيد المحلي وتشجيعهم على الالتزام بمعايير الجودة الموضوعة بغرض التحسين والتطوير المستمر، فضلًا عن العمل على استدامة التدريب والتطوير للموارد البشرية العاملة بمهنة المرشد السياحي.

وأشار سعادته إلى أن عدد المرشدين العُمانيين الحاصلين على رخصة مزاولة مهنة الإرشاد السياحي بلغ 906 مرشدين برخص سارية الصلاحية حتى نهاية شهر سبتمبر من العام الجاري، مؤكدًا على أن إشهار المبادرة يأتي لتسليط الضوء على أهمية مزاولة المهنة والدور المقدر الذي يقوم به المرشدون ومساهمتهم الفاعلة في صناعة السياحة بسلطنة عُمان، إضافة إلى تشجيع المهتمين والدارسين في القطاع السياحي للعمل في هذه المهنة مما يتيح فرص عمل للمواطنين في هذا المجال.

مقالات مشابهة

  • المرشد الإيراني: حزب الله أجبر إسرائيل على الانسحاب من بيروت وصيدا
  • خامئني: مستمرون بقوة في لبنان وغزة وفلسطين وسنحقق الانتصار
  • إيران: وفاة الإيراني الألماني جمشيد شارمهد قبل تنفيذ إعدامه
  • “الإصلاح اليمني”: التكتل الوطني مفتاح رئيسي للحل الذي طال البحث عنه
  • إيران: وفاة الإيراني-الألماني جمشيد شارمهد قبل تنفيذ إعدامه
  • مقتل اثنين من ضباط الحرس الثوري الإيراني جراء تحطم طائرة جنوب شرق إيران
  • العامري والمشهداني يتفقان على تمرير القوانين التي تعزز النفوذ الإيراني والفساد
  • مقتل اثنين من أفراد الحرس الثوري الإيراني جراء تحطم طائرة جنوب شرق إيران
  • إطلاق مبادرة سجل العمل الحر للعاملين في مهنة الإرشاد السياحي
  • "الجارديان": تهديد إيران باستهداف مواقع إسرائيلية ينذر بإشعال الصراع في المنطقة