صحيفة صينية: محادثات المناخ الأمريكية-الصينية المقبلة ستختبر إمكانية التعاون وسط التعريفات الجمركية الأخيرة
تاريخ النشر: 25th, May 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ذكرت صحيفة (ساوث شينا مورنينج بوست) الصينية، اليوم السبت، أن محادثات المناخ الأمريكية - الصينية المقررة يومي الأربعاء والخميس المقبلين في كاليفورنيا ستختبر ما إذا كان التعاون بين واشنطن وبكين يمكن أن يحدث في ظل وجود التعريفات الجمركية الأخيرة التي فرضتها الإدارة الأمريكية.
وقال المتحدث باسم السفارة الصينية لدى واشنطن ليو بينجيو ردًا على سؤال بشأن إمكانية التعاون والتعريفات الجمركية، إنه "يتعين على الولايات المتحدة التوقف عن إصلاح وحفر الطريق في نفس الوقت ".
ودعا ليو الولايات المتحدة لخلق الظروف المواتية للتعاون بين البلدين في مجال المناخ والتوصل لاتفاق بشأن التحول الأخضر العالمي".
ومن المقرر أن يجتمع القادة الإقليميون والمحليون من الصين والولايات المتحدة في الحدث الرفيع المستوى بين الولايات المتحدة والصين بشأن العمل المناخي في مدينة بيركلي بولاية كاليفورنيا الأمريكية؛ حيث سيستضيف معهد المناخ كاليفورنيا الصين التابع لجامعة كاليفورنيا يومي الأربعاء والخميس المقبلين المحادثات لتعزيز العمل المناخي من خلال البحث التعاوني والتدريب والحوار بينهما.
لكن وفقا لمديرة منتدى البيئة الصيني في مركز ويلسون جينيفر تورنر، فإنه "على الرغم من الأوقات العصيبة فإن المحادثات المقبلة لن تتأثر بشكل مباشر بالتوترات المتجددة بشأن المركبات الكهربائية والألواح الشمسية".
وقالت إن محادثات المناخ تشمل أكثر من مجرد السيارات الكهربائية وتقاسم التكنولوجيا الحساسة، مشيرة إلى أن "المدن والولايات تجتمع أيضًا لمناقشة السياسات والتنظيم والمراقبة"، في إشارة إلى مجالات مثل أسواق الكربون وخفض غاز الميثان والتقدم في الزراعة.
وأضافت أن المجال المتسع لقضايا المناخ لا يزال يوفر فرصًا كبيرة للصين والولايات المتحدة لاكتشاف أرضية مشتركة والانخراط في "التعلم المتبادل".
وستكون المحادثات المقبلة هي الأولى منذ أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن تعريفات كبيرة على السيارات الكهربائية الصينية والألواح الشمسية وبطاريات الليثيوم أيون.
وفرض الرئيس الأمريكي جو بايدن تعريفة بنسبة 100% على السيارات الكهربائية الصينية، قائلا إن "بكين تغمر الأسواق العالمية بصادرات أقل من قيمتها الحقيقية" وضاعف رسوم الاستيراد على الألواح الشمسية الصينية إلى 50% وضاعفها ثلاث مرات على الصلب والألومنيوم الصيني إلى 25% كما رفع الرسوم الجمركية على بطاريات الليثيوم أيون الكهربائية إلى أكثر من 25%.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: كاليفورنيا واشنطن بكين الصين
إقرأ أيضاً:
الصين تواجه التعريفات الجمركية وتعمق شراكاتها الإقليمية
تشو شيوان **
في وقت تشتد فيه الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، بدأت بفرص إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسومًا جمركية على الواردات الصينية، نجد أن الصين اختارت طريقًا مغايرًا يتمثل بالتجاهل الاستراتيجي والتوجه شرقًا؛ فبدلًا من الانكفاء تعزز الصين تحالفاتها مع جيرانها في جنوب شرق آسيا، وهذا ما هو واضح من الزيارة الحالية للرئيس شي جين بينغ إلى فيتنام وماليزيا وكمبوديا؛ إذ إن هذه الزيارات الثلاثة ليست مجرد رد دبلوماسي؛ بل إعلان صريح بأن الصين لن تسمح للضغوط الأمريكية بتعطيل مسيرتها نحو تعزيز النفوذ الاقتصادي والسياسي في المنطقة.
يقول المثل الصيني: "الجار القريب خير من القريب البعيد"، وهذا التوجه أجده يعكس فلسفة المثل الصيني في التعامل مع التحديات الدولية؛ حيث ترى أن التعاون والشراكة هما السبيل لتحقيق الاستقرار والازدهار، وبينما تفرض الولايات المتحدة تعريفات جمركية جديدة، تركز الصين على تعزيز علاقاتها الاقتصادية والدبلوماسية مع دول المنطقة، مما يعزز من مكانتها كقوة عالمية مسؤولة تسعى لتحقيق التنمية المشتركة.
وبالعودة لزيارات الرئيس الصيني الثلاث يمكننا القول إنها تبعث برسائل واضحة مفادها أن الصين ستمضي قُدمًا بثقة في مسارها، متجاهلة السياسات الحمائية وتأكيدًا على أهمية التعاون الإقليمي كركيزة لتحقيق التنمية المستدامة والاستقرار في المنطقة، وهذه الفلسفة المغايرة للصين هي من جعلتها تنافس بقوة في الأسواق العالمية، فلا نجاح واستقرار بدون تعاون وتشارك؛ رؤية تؤمن بها الصين وتريد مشاركتها مع العالم.
التعريفات الجمركية الأمريكية ضغوط لا تُثني العزيمة؛ بل تقويها، وما صنعته الصين من معجزات اقتصادية وتنموية أبهرت العالم لا يمكن أن تثنيها تعريفات جمركية، فمنذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، تصاعدت حدة المواجهة التجارية؛ حيث هددت الولايات المتحدة برفع الرسوم على الصين إلى 145%، بينما ردت بكين برسوم مضادة بلغت 125%، ومع ذلك تظهر الصين مرونة غير متوقعة من حيث تخفيض قيمة اليوان لتعزيز تنافسية الصادرات، ودعم الشركات المحلية عبر مشتريات حكومية للأسهم للحفاظ على استقرار السوق، وتحويل مسار الصادرات إلى أسواق بديلة، مثل دول آسيان، التي أصبحت الوجهة الأولى للصادرات الصينية بقيمة 586.5 مليار دولار في 2024.
ورغم أن الأرقام والحلول الاقتصادية لها أهمية بالغة والصين تسير في هذا الطريق، إلّا أنني أجد أن الأهم هو الرد غير المباشر: فبدلًا من الانخراط في حرب تجارية مكلفة، تعيد الصين هيكلة اقتصادها لتعزيز الاعتماد على الاستهلاك المحلي والتكنولوجيا المتقدمة، بينما تستخدم الدبلوماسية لتعويض الخسائر أو الصعوبات.
والشراكة الاقتصادية الصينية مع دول الجوار، شراكة استراتيجية حقيقة، ولها أبعادها على كافة المستويات، فمثلًا فيتنام أكبر شريك تجاري للصين في مجموعة "آسيان"، بحجم تبادل تجاري بلغ 260.65 مليار دولار في 2024. وخلال زيارة الرئيس شي، هذه الأيام، اتفق البلدان على تعزيز مشاريع البنية التحتية المشتركة، مثل خطوط السكك الحديدية العابرة للحدود، وزيادة الاستثمارات الصينية في فيتنام، التي تجاوزت 2.5 مليار دولار العام الماضي. وماليزيا تعد نموذج للتعاون المربح للطرفين، إذا ترتبط ماليزيا بالصين شراكة استراتيجية شاملة، شهدت ارتفاع التبادل التجاري إلى 212 مليار دولار، وهناك فرص لتعزيز فرص التعاون في الرقمنة والطاقة الخضراء، خاصة بعد نجاح مشروع "بلدين، حديقتان توأم"، والذي يشمل مجمع «كوانتان» الصناعي الماليزي- الصيني. وكمبوديا هي الحليف الأوثق والتي تعد أكبر مُتلقٍ للاستثمارات الصينية في "آسيان"؛ إذ شهدت نموًا تجاريًا بنسبة 23.8% في 2024، وزيارة الرئيس شي تأتي لدعم مشاريع مثل ممر التنمية الصناعية و"ممر الأسماك والأرز" وتعزيز اتفاقية التجارة الحرة الثنائية التي دخلت حيز التنفيذ في 2022.
الاستراتيجية الصينية قائمة منذ البداية على تعميق الشراكات والعمل مع دول العالم بمبدأ "رابح- رابح"، على عكس المعادلة الصِفرية للولايات المتحدة والتي انفجرت مع عودة ترامب للرئاسة ورفعه لشعار "أمريكا أولًا".
وكتب الرئيس الصيني شي في صحيفة "نان دان" الفيتنامية: "يجب على بلدينا أن يحافظا بحزم على النظام التجاري متعدد الأطراف... فالحمائية لا تؤدي إلى أي نتيجة"، وفعلًا الحمائية لا تؤدي إلى أي نتيجة.
لهذا يمكنني القول إنه في حين يرى ترامب أن الرسوم الجمركية "سلاحه الأقوى"، تُثبت الصين على العكس تمامًا أن القوة الحقيقية تكمُن في بناء التحالفات الاقتصادية الطويلة الأمد، وجولة شي جين بينغ ليست مجرد زيارة روتينية؛ بل هي إشارة إلى أن بكين لن تنتظر مفاوضات مع واشنطن، وإنما ستواصل التكيف مع المشهد الجديد عبر تعميق جذورها في آسيا.
** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية - العربية
رابط مختصر