العلاقات العُمانية الأردنية... منظور استراتيجي
تاريخ النشر: 25th, May 2024 GMT
د. يوسف بن حمد البلوشي
yousufh@omaninvestgateway.com
تأتي العلاقات الاقتصادية الأردنية العُمانية في إطار الشراكة الاستراتيجية الممتدة بين البلدين الشقيقين، وتقوم على أسس راسخة من التعاون والتنسيق المشترك في شتى المجالات، وتستند هذه العلاقات إلى إرادة سياسية متبادلة لتحقيق المصالح المشتركة، كما تستمد قوتها من الأُطر القانونية والاتفاقيات الثنائية التي تُنظم التعاون الاقتصادي بينهما، لا سيما اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار، فضلًا عن انضمام البلدين لمنظمة التجارة العالمية ومنطقة التجارة العربية الحرة الكبرى.
وشهدت هذه العلاقات تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، في ظل العديد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات الثنائية التي وُقِّعَت بين الجانبين، والتي مهدت الطريق لتعزيز التبادل التجاري وتدفق الاستثمارات المتبادلة. غير أن المؤشرات الحالية لا تزال دون الطموحات المنشودة لكلا البلدين. فعلى صعيد التجارة الخارجية، احتلت الأردن المرتبة 54 بين الدول المستورِدة من السلطنة، فيما جاءت في المرتبة 38 من حيث الدول المُصدِّرة لسلطنة عُمان. وبلغت قيمة الصادرات العُمانية للأردن نحو 43.8 مليون ريال عُماني في عام 2023، وتتألف بشكل أساسي من الغاز الطبيعي المسال والمشتقات النفطية. بينما سجلت الواردات العُمانية من الأردن حوالي 27.5 مليون ريال، تركزت في المركبات الكيماوية (كلوريد البوتاسيوم)، والمواد الغذائية والأدوية. وتظهر بيانات التجارة الخارجية أن الميزان التجاري يميل لصالح سلطنة عُمان، إلّا أن هذا الحجم من التبادل التجاري لا يزال متواضعًا مقارنةً بالإمكانات الهائلة للتعاون الاقتصادي بين الجانبين.
أما على صعيد الاستثمارات المُتبادلة، فتشير أحدث البيانات إلى أن عدد الشركات المسجلة في سلطنة عُمان، والتي تضم مساهمات أردنية، قد وصل إلى 988 شركة في عام 2023، وبلغت القيمة الإجمالية لهذه المساهمات نحو 78.8 مليون ريال عُماني، بنسبة 37.8% من إجمالي رأس المال المستثمر. وفي المقابل، بلغ عدد الشركات العُمانية المسجلة في الأردن 131 شركة خلال نفس العام، بإجمالي استثمارات بلغت حوالي 35 مليون دينار أردني.
ويواجه الاقتصادان العُماني والأردني- كغيرهما من الاقتصادات الإقليمية والعالمية- تحدياتٍ متزايدةً في ظل التطورات العالمية المتسارعة، وهناك حاجة ملحة لتحليل الديناميكيات والاتجاهات المستقبلية في خضم التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم على مختلف الأصعدة والانتقال في العلاقة بينهما الى مستوى الشراكة الاستراتيجية، التي تعكس درجة متقدمة من التعاون والتكامل في مختلف الأبعاد الاقتصادية والسياسية والأمنية والعمل وفق إطار تعاون واضح المعالم ووفق خطة عمل متفق عليها في المدى المتوسط والطويل. ويسعى إلى إيجاد ترتيبات وتفاهمات متصلة بالاستثمار وتطوير القطاع الخاص وتعزيز مكانته في النشاط الاقتصادي، وتحقيق مكاسب اقتصادية والحصول على عناصر قد تكون مفقودة في معادلة التنمية المحلية كاقتصاديات الحجم والتكنولوجيا وغيرها.
ولتحقيق الإمكانات الكامنة لهذه الشراكة الاستراتيجية، يتعين على البلدين الشقيقين تكثيف الجهود لتعزيز التعاون الاقتصادي وتعظيم الاستفادة من الفرص الاستثمارية الواعدة، فضلًا عن العمل على تذليل العقبات وتسهيل انسياب رؤوس الأموال والسلع والخدمات بينهما. كما يجب الاستمرار في تعميق التنسيق والتعاون المشترك على جميع المستويات لتحقيق المصالح المشتركة ودفع عجلة التنمية الاقتصادية في البلدين.
وعلى الصعيد الاجرائي، هناك حاجة ملحة الى تعزيز العلاقة على مستوى الشركات ورجال الاعمال وإعادة تشكيل مجلس رجال الاعمال العُماني الأردني، وتمكينه بالأدوات الضرورية للاستفادة من الفرص المتاحة والجاهزة في الدولتين. وتوجد العديد من السبل لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين الأردن وعُمان، منها:
تعظيم الاستفادة من مذكرات التفاهم الثنائي؛ حيث يُمكن للبلدين تعزيز التبادل التجاري من خلال الاستغلال إزالة أي معوقات أمام حركة السلع والخدمات. زيادة الاستثمارات المتبادلة من خلال الترويج للفرص الاستثمارية وتشجيع الاستثمارات المتبادلة من خلال توفير حوافز وامتيازات متبادلة للمستثمرين تعزيز التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك وخاصة في قطاع الطاقة المتجددة والنظيفة، والأمن الغذائي، والتكنولوجيا، والصناعات التحويلية، والسياحة البينية والاستفادة من الموقع الجغرافي المتميز والارث التاريخي والثقافي الغني لكلا الدولتين. يعد قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات محل اهتمام واسع من البلدين، وأحد أكثر القطاعات التنافسية وأسرعها نموًا في الأردن؛ حيث تمكن هذا القطاع من جذب عدد كبير من أهم الشركات الكبرى على مستوى العالم. وذلك نتيجة لتوفر العديد من العوامل التي تدعم بيئة الاستثمار فيه مثل توفر القوى العاملة من ذوي المهارات العالية، إضافة إلى توفر البنية التحتية المؤهلة لتنمية وتطوير هذا القطاع ونقله إلى المستويات العالمية. قطاع اللوجستيات والميزة النسبية لسلطنة عُمان بموقعها الجغرافي المستقر والبعيد عن الممرات المائية الضيقة المؤهل ليكون مركز انطلاق لواردات الأردن من آسيا والهند وشرق افريقيا. في قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (الناشئة)، يمتلك الأردن تجربة ثرية في الاهتمام بها وحوكمتها والانتقال بها الى العالمية، وعُمان تمُر بمرحلة مُهمة لبناء الشركات الناشئة لتحقيق التحول المنشود لاقتصاد متنوع يقوده القطاع الخاص. أما في قطاع الطاقة المتجددة، يتعين إيجاد تشريعات وحوافز للشركات والافراد للانتقال الى التحول في استخدام الطاقة المتجددة، وكذلك بناء صناعات مرتبطة بها مثل: خلايا الالواح الشمسية والتي يمكن ان تتكامل مع بعض الصناعات العُمانية.ونختم بالقول.. إنَّ العلاقة الوطيدة والمتجذرة بين البلدين الشقيقين، تستوجب إيجاد أنماط ونماذج شراكات اقتصادية جديدة بين شركات القطاع الخاص في سلطنة عُمان والأردن، لتتماشى مع التطورات والتحولات الاقتصادية المعاصرة.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مسؤل صيني : مصر من أوائل الدول التي دعمت مبادرة الحزام والطريق
قال تشو شياو تشوانغ الوزير المستشار بسفارة الصين لدى مصر، إن هذا العام يتزامن مع الذكرى السنوية العاشرة لإقامة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر و"عام الشراكة الصينية المصرية". لافتا إلى أنه في ظل التوجيه الاستراتيجي للرئيس شي جين بينغ والرئيس السيسي، مرت العلاقات بين البلدين قدما نحو "العقد الذهبي" للعصر الجديد.
قنصل الصين: العلاقات بين القاهرة وبكين تاريخية وشاملةوزير الطيران يبحث مع وفد صيني إمكانية التعاون في تطوير البنية التحتية للمطاراتجاء ذلك خلال ندوة التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر .. فرص جديد مع بريكس، و الذكري السنوية الستون لإصدار الطبعة العربية لمجلة الصين اليوم.
وأوضح المسؤول الصيني أن مصر من أوائل الدول التي دعمت مبادرة الحزام والطريق، والصين ومصر شريكان طبيعيان في البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق. وتحت الرعاية الشخصية لرئيسي الدولتين، تم دمج مبادرة "الحزام والطريق" بشكل عميق مع "رؤية 2030" في مصر، وقد شاركت الشركات الصينية بنشاط في بناء الجمهورية المصرية الجديدة وأكملت العديد من مشاريع التعاون الكبرى .
وأوضح المسؤل الصيني أنه خلال زيارة الرئيس السيسي للصين في مايو من هذا العام، أصدر الرئيس شي جين بينغ بيانا مشتركا معه، اتفقا فيه على رفع مستوى العلاقات الثنائية نحو هدف بناء مجتمع مصير مشترك في العصر الجديد. لافتا إلى أنه خلال الحوار الاستراتيجي الذي اختتم مؤخرا بين وزيري خارجية الصين ومصر، أكد الجانبان مرة أخرى على ضرورة تنفيذ التوافق المهم الذي توصل إليه رئيسي البلدين وتعزيز العلاقات الثنائية نحو الهدف الأسمى المتمثل في بناء مجتمع صيني-مصري بمستقبل مشترك للعصر الجديد.
وأشار الوزير المستشار بسفارة الصين لدى مصر إن "الصين اليوم"، كرسول مهم لنشر الثقافة الصينية في الشرق الأوسط، ونافذة مهمة لمساعدة العالم العربي على فهم الصين.
وأكد المسؤل الصيني إن الانعقاد الناجح للجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني قد وضع ترتيبات منهجية لمواصلة تعميق الإصلاحات بشكل شامل وتعزيز التحديث على النمط الصيني، وهو ما بعث برسالة إلى المجتمع الدولي، بما في ذلك مصر، مفادها أن " الصين لن تتزعزع ارفعوا عاليا راية الإصلاح والانفتاح وسنواصل التقدم إلى مستوى أعلى، وهي الإشارة الأكثر وضوحا وموثوقية للانفتاح الأفقي على العالم الخارجي".
ولفت إلي أن الصين ومصر دولتان تتمتعان بحضارات قديمة، وقد أصبحت الصداقة التقليدية أقوى بمرور الوقت. كما لقيت الثقافة المصرية القديمة ترحيبًا ومحبة من قبل غالبية الناس في الصين. وأصبحت عمليات تبادل الأفراد بين البلدين متكررة بشكل متزايد، حيث يصل عدد الرحلات الجوية المباشرة حاليا إلى 32 رحلة أسبوعيا، ومن المتوقع أن يصل عدد السائحين الصينيين الذين يزورون مصر هذا العام إلى 300 ألف. ومن المتوقع أن تعمل "الصين اليوم" على تعزيز التبادلات الثقافية بين الصين ومصر بقوة، ونشر الدلالة الروحية للثقافة التقليدية الممتازة للصين ودلالة العصر الجديد، ومساعدة المزيد من المصريين على فهم الصين ومحبتها.
من جانبه قال دو تشان يوان رئيس المجموعة الصينية للإعلام الدولي، إن مرور ستين عاما على تأسيس الطبعة العربية لمجلة الصين اليوم وعشرين عاما على تأسيس فرع الشرق الأوسط يمثل تاريخا مشرقا وبداية جديدة.
وأشار يوان إلي ضرورة تعزيز ابتكار أساليب جديدة باستخدام الوسائط الرقمية والوسائط المتعددة لتعزيز التعاون مع مصر والدول العربية، واستكشاف المزيد من قصص النجاح في العلاقات الصينية- المصرية والصينية- العربية.
وأكد رئيس المجموعة الصينية للإعلام الدولي علي تعزيز التبادلات والتعاون في كافة المجالات بين الصين ومصر وبين الصين والدول العربية.
فيما قال الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء الأسبق إن مجلة الصين اليوم تعتبر منصة مهمة للتعارف والتقارب بين شعوب حضارتين من اهم الحضارات الإنسانية "الحضارة الصينية والحضارة العربية"، لافتا إلي أن هذا التقارب والتعارف يمثل المدخل الرئيسي والمتين لعلاقات قوية ومستدامة.
فيما قالت الدكتورة خديجة عرفة، الباحثة فى العلاقات الدولية إنه تقدم مجلة الصين اليوم فهما ثقافيا أكبر للحضارة والثقافة الصينية كما أنه تقوم بدور مهم في تذليل الحواجز الجغرافية والتغلب على التحديات المرتبطة باللغة، بشكل أسهم في مد جسور التواصل عبر الحدود الجغرافية.
وقال حسين إسماعيل نائب رئيس تحرير الطبعة العربية لمجلة الصين اليوم، إن الطبعة العربية للمجلة تقوم بنشر مقالات لقادة الصين والدول العربية، حيث أنه في عدد يناير 2016 تم نشر كلمة للرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمناسبة الاحتفال بمرور ستين عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين ومصر، فضلا عن كلمات ومقالات للعديد والعديد من الوزراء وكبار المسؤولين الصينيين والعرب.