صندوق النقد يحذر من مخاطر التحول الرقمي السريع: يهدد الاستقرار المالي العالمي
تاريخ النشر: 25th, May 2024 GMT
حذر تقرير حديث صادر عن صندوق النقد الدولي والهجمات السيبرانية، من مخاطر التحول الرقمي السريع والابتكار التكنولوجي مثل الذكاء الاصطناعي وتصاعد التوترات الجيوسياسية العالمية والتي تفاقم من الهجمات الإلكترونية على المؤسسات المالية العالمية.
كما حذر الصندوق من تهديد الاستقرار المالي العالمي بسبب تزايد وتيرة الهجمات السببرانية وتطوّرها، مشيرًا إلى ازدياد مخاطر الخسائر الفادحة الناجمة عن الهجمات، ما يجعل القطاع المالي عرضة بشكل خاص للتهديدات الإلكترونية حيث تتضمن العمليات كميات هائلة من البيانات والمعاملات الحساسة.
وأشار التقرير إلى أن الهجوم الإلكتروني على المؤسسات المالية، يمكن أن يؤدي إلى تحديات تمويلية والإضرار بالسمعة وقد يؤدي حتى إلى الإفلاس، كما يمكنه تقويض الثقة في النظام المالي، وتعطل الخدمات الأساسية، وتمتد إلى قطاعات أخرى.
وذكر أنه على مدى العقدين الماضيين، أثر ما يقرب من خُمس حوادث الأمن السيبراني المبلّغ عنها على القطاع المالي العالمي، إذ تسبب ذلك في خسائر مباشرة قدرها 12 مليار دولار للشركات المالية، ومنذ عام 2020 بلغت الخسائر المباشرة 2.5 مليار دولار.
من جهته، قال أكشاي جوشي، رئيس قسم الصناعة والشراكات في مركز التنمية التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي على الأمر، إنه رغم الاعتراف على نطاق واسع بأن المؤسسات المالية رائدة من وجهة نظر نضج الأمن الإلكتروني، إلا أنها عرضة للزيادة المطردة في وتيرة وذكاء الهجمات الإلكترونية شأنها في ذلك شأن أي قطاع آخر.
ويضيف تقرير صندوق النقد الدولي أن البنوك مستهدفة بشكل خاص وأن أرقام الخسائر من المرجح أن تكون أعلى بكثير عند احتساب الخسائر غير المباشرة والضرر الذي يلحق بالسمعة، كما أن الحوادث الإلكترونية هي مخاطر تشغيلية رئيسية يمكن أن تهدد القدرة التشغيلية للمؤسسات المالية وتؤثر سلبًا على الاستقرار المالي الكلي بشكل عام.
تعزيز القدرات الأمنية الإلكترونيةحث تقرير صندوق النقد الدولي الشركات المالية على تعزيز قدراتها الأمنية الإلكترونية من خلال بذل المزيد من الجهود مثل اختبارات الضغط وترتيبات تبادل المعلومات، من بين توصيات أخرى. علاوة على ذلك، يطالب صندوق النقد الدولي السلطات بوضع استراتيجيات وطنية مناسبة وكافية للأمن السيبراني مصحوبة بأُطر تنظيمية.
مع تعرض النظام المالي العالمي لمخاطر إلكترونية كبيرة ومتزايدة، يجب أن تواكب أُطر السياسات والحوكمة للتخفيف من حدة المخاطر.
وقد دعا صندوق النقد الدولي أيضًا إلى تعاون دولي أكبر بشأن جهود الأمن السيبراني مشيرًا إلى أن الهجمات الإلكترونية غالبًا ما تنشأ من خارج الدولة التي توجد بها الشركة المالية.
كما يرى الخبراء، فإن تأمين النظم البيئية الرقمية يعتبر أمرًا حيويًا بسبب الفجوة المتنامية للأمن السيبراني بالنسبة للمؤسسات المالية.
وفقًا لتقرير نظرة التوقعات العالمية للأمن السيبراني 2024 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي فإن هناك تفاوتات متزايدة بين المؤسسات التي تتمتع بالمرونة الإلكترونية وتلك التي لا تتمتع بها.
تحسن الأمن السيبراني للمنظمات الكبيرةفي حين أن المنظمات الكبيرة أظهرت تحسنًا في الأمن السيبراني، فقد تراجعت القدرة على الصمود الإلكتروني للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
في الواقع، كان هناك انخفاض بنسبة 30% في عدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تحافظ على الحد الأدنى من مستوى القدرة على الصمود الإلكتروني على الرغم من أنها تشكّل غالبية الشركات في العديد من البلدان.
وخلص تقرير المنتدى أيضًا إلى أن الفجوة بين تلك المؤسسات التي تتمتع بالأمن السيبراني وتلك التي تفتقدها تتفاقم بسبب التقنيات الناشئة، حيث تُترك العديد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة خلف الركب مع تطور التقنيات المتقدمة.
سد الفجوة في مهارات الأمن السيبرانيوفقًا لإطار عمل المواهب الأمنية السيبرانية الاستراتيجي، وهو ورقة بيضاء صادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي، فإن النقص المستمر في المهارات يشكّل عائقًا أمام جهود تحقيق أهداف الأمن السيبراني.
وكشف الإطار عن وجود نقص عالمي يُقدر بحوالي 4 ملايين متخصص في الأمن السيبراني، مع إدراج أكثر من نصف المؤسسات العامة لعدم وجود موارد ومهارات كأكبر تحدٍ لهم لتحسين القدرة على الصمود الأمني الإلكتروني، إلا أن هناك جهودًا تبذل لتخفيف النقص في مهارات الأمن السيبراني. على سبيل المثال، تعمل مبادرة المنتدى لسدّ الفجوة في مهارات الأمن السيبراني على رفع مستوى الوعي بين القادة وكذلك وضع إجراءات تساعد على بناء خطوط أنابيب مستدامة لمواهب الأمن السيبراني داخل المؤسسات وعبر القطاعات.
اقرأ أيضاًصندوق النقد الدولي يتوقع نمو الاقتصاد المصري بنسبة 5.6% بعد 4 سنوات
«موديز» تتوقع تراجع أسعار النفط إلى 75 دولارًا للبرميل في 2025
المدير التنفيذي لـ «آي صاغة»: شراء الأضاحي يُبطئ مبيعات الذهب في مصر
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: آليات التحول الرقمي الأمن السيراني الاستقرار المالي التحول الرقمي التوترات الجيوسياسية الذكاء الاصطناعي الهجمات الإلكترونية الهجمات السيبرانية صندوق النقد الدولي مهارات الأمن السيبراني صندوق النقد الدولی الأمن السیبرانی المالی العالمی
إقرأ أيضاً:
"صفر مراجعين".. التحول الرقمي يقود المستقبل
◄ يجب تعزيز التثقيف الرقمي وتدريب المواطنين على استخدام التكنولوجيا الحديثة فضلاً عن التركيز على الأمن السيبراني
خالد بن حمد الرواحي
تخيَّل نفسك قادرًا على إنجاز مُعاملاتك الحكومية في دقائق معدودة دون أن تُغادر منزلك، بينما كانت الطوابير الطويلة والانتظار المرهق جزءًا من الماضي. هذا الحلم، الذي بدا يومًا بعيد المنال، أصبح اليوم في متناول اليد مع تسارع جهود الحكومات لتحقيق هدف "صفر مراجعين".
وتحقيق هذا الهدف يُمثِّل تحولًا جذريًّا في كيفية تقديم الخدمات الحكومية؛ حيث تصبح التكنولوجيا العامل الأساسي الذي يحقق الكفاءة والراحة. ولكنه أيضًا يتطلب وضع رؤية استراتيجية لتحقيق هذا الطموح.
"صفر مراجعين" ليس مجرد شعار؛ بل رؤية تهدف إلى تحويل جميع الخدمات الحكومية إلى منصات رقمية متكاملة. ببساطة، هو نظام يتيح للمواطنين إنجاز معاملاتهم دون الحاجة إلى زيارة المكاتب الحكومية، مما يُقلل من الجهد والوقت، ويُزيل الأعباء الإدارية التقليدية.
وتضع رؤية "عُمان 2040" التحول الرقمي في صدارة أولوياتها لتحقيق التنمية المستدامة. هذه الرؤية تسعى إلى بناء نظام حكومي ذكي يضمن الشفافية، ويُسهل الوصول إلى الخدمات، ويُركز على احتياجات المُواطنين. التحول الرقمي ليس فقط هدفًا تقنيًا؛ بل أداة أساسية لتطوير الأداء الحكومي.
من بين الخطوات الملموسة التي اتخذتها سلطنة عُمان نحو المستقبل الرقمي تأتي بوابة "استثمر بسهولة" التي تعد إحدى أبرز المبادرات؛ إذ تتيح للمستثمرين تأسيس الشركات وإتمام معاملاتهم عبر الإنترنت دون الحاجة إلى زيارة المكاتب. إلى جانب ذلك، طوَّرت شرطة عُمان السلطانية خدمات إلكترونية متقدمة مثل تجديد جوازات السفر وإصدار التأشيرات وتجديد رخص القيادة، مما يختصر الوقت والجهد بشكل كبير. علاوة على ذلك، أطلقت السلطنة مشروع التحول الرقمي الحكومي الذي يهدف إلى ربط المؤسسات الحكومية ببعضها البعض لضمان تقديم خدمات مُتكاملة وسلسة تلبي احتياجات المواطنين.
التحول نحو "صفر مراجعين" له فوائد متعددة، منها توفير الوقت، حيث لم يعد المواطن مضطرًا لقضاء ساعات طويلة في التنقل أو الانتظار. كما يُعزز الكفاءة عبر أنظمة رقمية تتيح معالجة الطلبات بسرعة ودقة. بالإضافة إلى ذلك، يُسهم في زيادة الشفافية من خلال تقليل فرص الفساد الإداري وضمان تقديم الخدمات بعدالة وفعالية.
دول مثل إستونيا أصبحت نموذجًا عالميًا في الرقمنة؛ حيث تقدم معظم الخدمات الحكومية عبر الإنترنت، مما جعلها دولة رائدة في هذا المجال. الإمارات العربية المتحدة حققت أيضًا تقدمًا ملحوظًا من خلال منصاتها الذكية التي تُسهل حياة المواطنين وتوفر لهم الوقت والجهد.
رغم الفوائد الكبيرة، هناك تحديات يجب معالجتها. من بين هذه التحديات تطوير البنية الأساسية الرقمية، لا سيما في المناطق التي تحتاج إلى تحسين شبكات الإنترنت. وإضافة إلى ذلك، يجب تعزيز التثقيف الرقمي وتدريب المواطنين على استخدام التكنولوجيا الحديثة، فضلاً عن التركيز على الأمن السيبراني لحماية البيانات وضمان الخصوصية.
ومن شأن الانتقال إلى نظام "صفر مراجعين" أن يُحدث تغييرًا جذريًا في حياة المواطنين والمؤسسات. فهو يُحسن تجربة المواطن من خلال خدمات سهلة وسريعة تُعزز الثقة في المؤسسات، كما يرفع كفاءة المؤسسات عبر تقليل الإجراءات الروتينية والتركيز على الابتكار.
وتحقيق هدف "صفر مراجعين" ليس مجرد ضرورة؛ بل هو استثمار في مستقبل عُمان، ومع رؤية "عُمان 2040" والخطوات الطموحة التي اتخذتها الحكومة، يبدو أنَّ هذا الحلم يتحول إلى واقع. لكن يبقى السؤال: هل نحن كمجتمع جاهزون للتخلي عن الطرق التقليدية واحتضان هذا التحول الرقمي؟ الإجابة تكمن في وعينا واستعدادنا لقبول هذا التغيير الكبير، فهل نحن مستعدون لترك الطرق التقليدية وراءنا؟