التيار الصدري.. الأبعاد الاستراتيجية لعودته السياسية
تاريخ النشر: 25th, May 2024 GMT
25 مايو، 2024
بغداد/المسلة الحدث:
محمد حسن الساعدي
منذ بدء العملية السياسية عام 2003 بعد سقوط النظام السابق،والعملية السياسية لم ترتكز وتستقر لأسباب عدة ربما يطول شرحها،ولكن ما يهم أن القوى السياسية التي ظهرت بعد عام 2003 لم تعي خطورة هذا الوضع وأن العراق الجديد ليس عراق نظام البعث،وأن الرؤية ينبغي أن تختلف عما كانت عليه سابقاً،وان ترتكز هذه النظرة والرؤية لا على أساس سلوك المعارضة بل على أساس بناء الدولة بعد 40 سنة من التهميش والاقصاء،وان المتوقع أن تكون هناك رؤية موحدة على رغم اختلاف الآراء بين القوى السياسية في النهج والفكر،الا أن الجميع أتفق على ان يكون شريكاً في الحكم،واختلفوا في طبيعة المشاركة والموقع والمصلحة منها.
القوى الشيعية التي تصدت للحكم وضعت استراتيجية واضحة وهي ضرورة أن يشارك الجميع بدون إستثناء،وهو امر رحبت به كل القوى الكبيرة والصغيرة،وأصبح هناك تمثيل للأقليات وحصة لهم في تشكيل الحكومة،وغيرها من الدرجات الخاصة للدولة،ولكن في العمق وعلى الرغم من كل الجهود التي بذلت آنذاك في من قبل قيادات مهمة كالسيد محمد باقر الحكيم والذي كان له دور رائد في توحيد المواقف والرؤى بين جميع القوى السياسية،ولما يمتلكه من علاقات متميزة مع القوى السياسية الكردية،إستطاع من أطلاق رسائل طمأنة للمكون السني في أنهم جزء من العراق كما هم جزء من العمل السياسي ومراحل تشكيل الحكومات المتعاقبة،إلا ان العراقيل والخلافات كانت تعصف بالعلاقة بين القوى السياسية،وتهدم الثقة بينهم.
مقتدى الصدر الجديد في عالم السياسية يرتكز على أرث والده السيد محمد صادق الصدر،وأستطاع من كسب ود الفقراء والكسبة وغيرهم في تشكيل كتلة أسمها”التيار الصدري” كانت البداية في انطلاق آماله في أن يكون الرجل الاول في العراق بعد عام 2003،وعمل على محاولة ان يحل محل المرجعية الدينية العليا في أغلب المواقف الشرعية وفتح بابه لاستلام الفتاوى الفقهية على الرغم من عدم اكمال تعليمه الحوزوي الا انه أستند على فتاوى والده ونشرها للعامة حتى بعد وفاته،كما هو الامر نفسه بالنسبة لتصديه السياسي وتقدمه في الفهم الاستراتيجي للسياسية وفلسفتها، الا ان المراقبون يعتقدون ان أغلب قراراته نابعة من رؤية عاطفية وآنية دون النظر على الموقف الاستراتيجي أو المصلحة العامة للعمل السياسي على الاقل من منظوره وليس من منظر القوى السياسية،وركز في سلم نجاحه على ضرورة إقصاء الجميع والمنافسين دون أي تمييز،بل راح أكثر من ذلك في رغبته ان يكون الممثل الوحيد للشيعة في العراق،اصطدمت هذه الخطوة بشيء يسمى الاغلبية المكوناتية،فالتيار الصدري لا يمثل سوى 18% من أصوات المشاركين في الانتخابات،أي انه لا يشكل نسبة لتمثيل الشيعة في العراق،وهذه ليست أرقام إعلامية بل هي مستندات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.
الفترة الماضية اتخذ الصدر خطوات في العودة الى العمل السياسي،من خلال تشكيل جديد حل محل التيار الصدري أسماه “التيار الوطني الشيعي” والذي سيشارك في الانتخابات القادمة بقوة في محاولة منه لإقصاء وكسر الاطار التنسيقي وإنهاءه وهو أمر ينظر إليه بعين الحذر،خصوصاً وأن أغلب القوى الشيعية ليست طارئة على العمل السياسي،ولها تاريخ طويل في مقارعة النظام البائد وبناء العملية السياسية، بل أن هناك قوى سياسية كبيرة ومهمة قدمت شهداء قارعوا النظام البائد وكانوا ضحية مؤامرات تسقيطية بعد عام 2003،لذلك اعتقد أن آمال الصدر في إنهاء خصومه تحتاج الى وقفة تأمل في القدرة والاسلوب في ضرب الخصوم،وأن التجارب كثيرة في هذا الواقع.
أعتقد ان الصدر رهن عودته بالكثير من المعطيات على الارض اهمها وجود إرادة سياسية،ويهدف الى تأمين نصر حاسم لا يعزز سلطته السياسية فقط بل يشكل مسار الحكم في العراق، والقدرة على تغيير الشكل الاستراتيجي للعملية السياسية برمتها،من خلال تغيير شكل النظام السياسي،والذهاب الى تغيير في الدستور وهو في ذلك يستند على التحالفات مع القوى الاخرى خارج الاطار التنسيقي وقدرتها على المضي معه في هذه المهمة والتي ليست بالسهلة وربما تؤدي ي النهاية الى أنهاءه وخروجه خاسراً.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: القوى السیاسیة التیار الصدری فی العراق عام 2003
إقرأ أيضاً:
العراق في قلب الثورة الإقليمية: بوصلة جديدة في الصراع
23 نوفمبر، 2024
بغداد/المسلة: في خضم التحولات الجذرية التي يشهدها الشرق الأوسط، يتصدر العراق موقعًا استراتيجيًا في إعادة تشكيل موازين القوى الإقليمية، فالعراق، الذي يمتلك تاريخًا حافلاً بالصراعات والتدخلات الخارجية، يتحول اليوم إلى ساحة توازن حساسة بين القوى الدولية والإقليمية. موقعه الجغرافي وثرواته الطبيعية، إلى جانب تأثيره السياسي والديني، جعلت منه نقطة ارتكاز رئيسية في معادلة الصراع الجديدة.
العراق لم يعد مجرد طرف مراقب في الأحداث، بل بات لاعبًا رئيسيًا في محور المقاومة الذي يسعى لتقويض الهيمنة الأمريكية في المنطقة.
والحركات العراقية المسلحة، التي تمتلك ولاءً فكريًا واستراتيجيًا لهذا المحور، تلعب دورًا بارزًا في استهداف المصالح الأمريكية والقواعد العسكرية المنتشرة على أراضيه.
وفي الوقت ذاته، يجد العراق نفسه في مواجهة ضغوط دولية ومحلية للحفاظ على استقراره الداخلي ومنع انزلاقه إلى صراع شامل قد يعصف ببنيته الأمنية والاقتصادية.
ومع تصاعد الأحداث الأخيرة، يتضح أن العراق يشكل معبرًا حيويًا لإعادة صياغة ديناميات القوة في الشرق الأوسط، حيث يمتلك القدرة على التأثير في مسار التوترات بين الولايات المتحدة ومحور المقاومة، مما يضعه أمام تحدٍ كبير بين الوفاء بالتزاماته الإقليمية وحماية سيادته الوطنية.
وفي عام حافل بالتحولات السياسية والأمنية، شكل الشرق الأوسط مركز الاهتمام العالمي، خاصة مع تصاعد التوترات في العراق والمنطقة.
وفي خضم هذا المشهد، عاد دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابق، ليثير الجدل مجددًا، مستحضرًا سياساته التي لطالما استهدفت استنزاف ثروات الخليج عبر صفقات مربحة للخزانة الأمريكية.
نهج ترامب التجاري المبني على المصالح المباشرة يواجه اليوم واقعًا جديدًا، حيث يعاد رسم الخريطة الإقليمية وسط تحديات تعصف بالهيمنة الأمريكية التقليدية.
الأحداث الأخيرة، وأبرزها عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها حركة حماس في السابع من أكتوبر، كانت نقطة تحول في الصراع.
هذه العملية غير المسبوقة أفرزت تداعيات امتدت إلى جنوب لبنان والعراق، حيث لعبت الفصائل دورًا بارزًا في إعادة تشكيل موازين القوى، مع تصاعد الهجمات على المستوطنات واستهداف القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة.
محور المقاومة الذي يضم إيران وحزب الله وحماس وحركات عراقية مثل النجباء، بات أكثر تنسيقًا وفاعلية، مما أثار قلق الولايات المتحدة وحلفائها.
المشهد في العراق يعكس صورة معقدة من التحديات والفرص. فبينما تسعى الحركات المقاومة إلى تقويض الوجود الأمريكي في البلاد، تتزايد مخاوف دول الخليج من تأثيرات الصراع على أسواق الطاقة واستقرار المنطقة.
التوتر المتزايد دفع البعض إلى البحث عن حلول دبلوماسية لتجنب تصعيد أكبر، خاصة أن أي مواجهة شاملة قد تلحق أضرارًا جسيمة بالمصالح الاقتصادية الإقليمية والعالمية.
سيناريوهات مرجحة تطفو على السطح. الأول، يقترح وساطة خليجية، ربما تقودها دول مثل قطر أو سلطنة عمان، لفرض تهدئة غير رسمية.
الثاني، استمرار محور المقاومة في تكتيكات الاستنزاف المنظم دون الدخول في حرب شاملة.
أما السيناريو الثالث، وهو الأكثر خطورة، فيتمثل بمواجهة مباشرة ، مما قد يؤدي إلى استهداف القواعد الأمريكية في الخليج وإشعال صراع إقليمي أوسع.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts