طالبت القوى والفصائل الفلسطينية بتنفيذ القرار الذي أصدرته محكمة العدل الدولية أمس بشأن الهجوم الإسرائيلي على محافظة رفح، في حين ردت إسرائيل على القرار بقصف عنيف على المحافظة.

وحذرت القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية من أي صيغة للالتفاف على قرار المحكمة داعية للعمل على انسحاب الاحتلال من معبر رفح وإعادة تشغيله باعتباره معبرا فلسطينيا مصريا.

ورأت أنّ فتح المعابر حاجة ملحة في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية مؤكدة أنّ الحديث عن إدخال المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم من خلال الأمم المتحدة خطوة صغيرة لا تنهي المأساة الإنسانية الناتجة عن إغلاق المعابر.

قرار المحكمة

وكانت محكمة العدل الدولية أمرت أمس الجمعة -بطلب من جنوب أفريقيا- إسرائيل بالوقف الفوري لهجومها العسكري وأي أعمال قتالية أخرى في رفح.

وقال رئيس المحكمة نواف سلام إن إسرائيل لم تستجب لبواعث القلق من هجومها العسكري، وإن عليها فتح كل المعابر البرية للقطاع خصوصا معبر رفح.

وقوبل القرار بتنديد واستنكار من إسرائيل، وعقد رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو اجتماعا طارئا، وزعم أن مزاعم جنوب أفريقيا كاذبة ومثيرة للاشمئزاز، على حد وصفه.

في المقابل، شدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على إلزامية قرارات المحكمة للأطراف المعنية.

حركة حماس

وفي بيان منفصل، رحبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بقرار المحكمة، وحثت على مطالبة الاحتلال "بوقف كافة الإجراءات التي تؤدي إلى الإبادة".

واستدركت الحركة أنها كانت تتوقع من المحكمة إصدار قرار بوقف العدوان والإبادة في كامل قطاع غزة، وليس في محافظة رفح فقط، مشيرة إلى أن ما يحدث في شمال القطاع وغيرها من المحافظات لا يقل إجراما وخطورة عما يحدث في رفح.

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

بدورها رحبت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقرار المحكمة، داعية إلى إلزام إسرائيل بتطبيق القرار على أرض الواقع، في كامل قطاع غزة.

وجاء في بيان للجبهة: "هذا الموقف المتقدم لن يرى النور إن لم يجر تحويله إلى آليات ملزمة للاحتلال لتطبيقه على أرض الواقع، بهدف وقف عدوانه الشامل على القطاع في ضوء إصراره على مواصلة الجرائم".

وشددت الجبهة على أن "القرار الجديد من محكمة العدل الدولية يجب أن يسهم في مزيد من العزلة لهذا الكيان الصهيوني المارق الذي لا يلتزم".

الجهاد الإسلامي

أما حركة الجهاد الإسلامي فقالت إن القرار "ورغم أنه لا يلبي طموحات شعبنا بوقف العدوان على كامل القطاع، ولا يوفر فتح المعابر وإدخال المساعدات، فإنه يعرّي الكيان الصهيوني على المستوى القانوني".

الرد الإسرائيلي

وردا عل القرار، باشر الاحتلال بقصف عنيف في رفح ومناطق مختلفة من قطاع غزة، وقرر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عقد اجتماع طارئ لم يدع إليه وزيري مجلس الحرب بيني غانتس وغادي آيزنكوت، لمناقشة الرد على قرار المحكمة.

لكن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وصف محكمة العدل الدولية بأنها "معادية للسامية"، في حين أكد وزير متطرف آخر هو وزير المالية بتسلئيل سموتريتش أن تل أبيب لن تقبل حكم محكمة العدل الدولية الذي يأمرها بوقف عمليتها العسكرية في مدينة رفح.

أما غانتس فزعم أن تل أبيب ستواصل القتال في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة وفق القانون الدولي، بحسب ما نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت.

ومنذ 6 مايو/أيار الجاري، تشن إسرائيل هجوما بريا على رفح، واستولت في اليوم التالي على معبر رفح الحدودي مع مصر، مما أدى إلى إغلاقه أمام عبور الجرحى ومساعدات إنسانية شحيحة بالأساس.

كما تسبب الهجوم في تهجير قرابة مليون فلسطيني من رفح، وفق الأمم المتحدة، بعد أن كانت المدينة تضم 1.5 مليون، بينهم 1.4 مليون نازح من أنحاء أخرى في القطاع.

وخلفت الحرب على غزة المستمرة منذ 8 أشهر أكثر من 116 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات محکمة العدل الدولیة قرار المحکمة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

كيف تستخدم إسرائيل اللغة العربية في طمس الهوية الفلسطينية؟

اعترفت قوانين الانتداب البريطاني على فلسطين المحتلة، باللغة العربية إلى جانب العبرية والإنجليزية كلغات رسمية منذ عام 1922، وهو ما استمر لدى الاحتلال الإسرائيلي من بعدها لفترة طويلة.

ورغم أن دولة الاحتلال أقرت في تموز/ يوليو 2018 قانون أساس: "إسرائيل – الدولة القومية للشعب اليهودي"، الذي أحدث تغييرات واسعة ومنها اعتبار اللغة العبرية الرسمية والوحيدة، بينما تراجعت العربية من رسمية إلى "لغة بمكانة خاصة".

ولم يأتِ تبني "إسرائيل" للقوانين البريطانية المتعلقة باستخدام اللغة العربية "احتراما" للسكان الفلسطينيين الأصليين المتبقين داخل الأراضي المحتلة عام 1948 جراء أحداث النكبة، إنما على ما يبدو من أجل استكمال مهمة التهجير وطمس آثارها، بحسب ما جاء في دراسة لمركز "أركان للدراسات والأبحاث".

وجاءت قرارات المحكمة العليا الإسرائيلية بالاعتراف باللغة العربية كلغة رسمية إلى جانب العبرية والإنجليزية لتعمل على ترسيخ استخدام العربية وضرورة وجودها في الحيز العام، وظهر ذلك بشكل واضح عام 2012، عندما جرى إلزام بلدية تل أبيب بوضع أسماء الشوارع والمناطق والمرافق العامة باللغة العربية إلى جانب العبرية والإنجليزية.

 وبات قرار المحكمة العليا ملزما لجميع مؤسسات "إسرائيل" الرسمية والبلديات وكل ما يتبع لها، وذلك بنشر اللافتات العامة مثلا باللغات الثلاثة.



ومع حلول عام 2018 وإقرار قانون القومية، لم يعد إلزاميا وضع اللغة العربية في الأماكن العامة على اللافتات، إلا أن "إسرائيل" واصلت وضعها لأهداف أخرى، لعل أهمها هو "عبرنة" الأسماء العربية، من خلال كتابة لفظها واسمها العبري بحروف عربية.

اللفظ العبري 
وتغيرت لافتات الشوارع التي تشير إلى الاتجاهات إلى مدينة عكا التاريخية إلى اسم "عكو أو "أكو"، وهو اللفظ والاسم الذي أقرته "إسرائيل" للمدينة بعد احتلالها وتهجير غالبية سكانها عام 1948.


ووضعت على اللافتات اسم "يافو"، مكان اسم يافا، و"لود" مكان اسم مدينة اللد، وذلك بهدف طبع هذه الأسماء في أذهان الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة عام 1948، الذين يمرون يوميًا على العشرات منها، وكذلك أمام السياح الأجانب وكل من يرى هذه اللافتات، بحسب ما ذكرت الدراسة.

وفي القدس، تقوم لجنة التسميات التابعة لبلدية الاحتلال في القدس بوضع الأسماء العبرية والتوراتية للمناطق، مثل "شمعون هتسديك" مكان الشيخ جراح، و"هجفورا" مكان طريق الواد التاريخي، كما أنها حولت اللافتات الإرشادية لمدينة القدس من القدس إلى "أورشليم".

View this post on Instagram A post shared by Kharita ™ | خــــريـــــطة (@mykharita)
ورغم ذلك، فقد بقيت مثلا قرية بذات الاسم رغم محاولات "إسرائيل" تحويل اسمها لإلى "تسيبوري"، وبقي الاسم الفلسطيني الأصلي على اللافتات الإرشادية بدل الاسم واللفظ العبري.

أصل المخطط
منذ أواخر القرن التاسع عشر، شرع "صندوق استكشاف فلسطين" بعملية مسح للأرض، وجمع خلالها أسماء عربية للمواقع، ثم ربطها بأسماء توراتية لتأكيد علاقة اليهود بالأرض، وأكد مسؤولون في هذا الصندوق أنهم "أعادوا البلاد إلى العالم" عبر الخرائط التي ربطت فلسطين بالتوراة، بحسب ما جاء في دراسة لمركز "بيت المقدس للدراسات التوثيقية".

وأوضحت الدراسة أنه قبل قيام "إسرائيل"، اعتُبرت "الهوية اليهودية" لفلسطين من المسلمات في الفكر الصهيوني الرافض لوجود شعب فلسطيني، وسط مزاعم أن العرب هم مهاجرون حديثون من الدول المجاورة.

وأكدت أن "الدعاية الصهيونية وسعت إلى تكريس فلسطين كأرض بلا شعب، وجعلت "إيرتس يسرائيل" (أرض إسرائيل) الاسم البديل لفلسطين.

وبعد النكبة مباشرة، جرى تأسيس "اللجنة الحكومية للأسماء" لتبديل الأسماء العربية إلى أخرى عبرية، ولا تزال فاعلة حتى الآن، وعملت على فرض الأسماء العبرية في المناهج التعليمية، وإجبار المعلمين والتلاميذ العرب على استخدامها.


وعملت اللجنة على إصدار خرائط جديدة باللغة العبرية تشمل تسميات جديدة، واستبعاد التسميات العربية من الخرائط البريطانية القديمة.

وأكدت الدراسة أن تغيير الأسماء يُعدّ جزءاً من استراتيجية "التشريش" (زرع الجذور) لإضفاء شرعية على الوجود الصهيوني، إذ تعمل "إسرائيل" على خلق هوية عبريّة جديدة تستمد شرعيتها من نصوص العهد القديم والتلمود، في تجاهل تام للهوية الفلسطينية.



ويظهر ذلك أيضا في مذكرات رئيس الوزراء التاريخي للاحتلال دافيد بن غوريون، التي قال فيها إنه خلال جولة إلى منطقة سدوم في النقب ثم إلى إيلات جنوبا، صادف أن كل الأسماء للحيز المكاني كانت عربية.

وأضاف بن غوريون: "اتجهت إلى إيلات بتاريخ 11 حزيران/ يونيو 1949 في يوم السبت، مررنا في منطقة العارابا، وصلنا إلى عين حاسوب، ثم إلى عين وهنة، لذا فإن من الضروري إكساب هذه الأماكن أسماء عبرية قديمة، وإذا لم تتوفر أسماء كهذه، فلتعط أسماء جديدة".

المواجهة
وتُبذل في فلسطين جهود متعددة من قِبَل مؤسسات ومبادرات تهدف إلى الحفاظ على اللغة العربية وتعزيز الهوية الثقافية الفلسطينية، خاصة في مواجهة التحديات التي تفرضها السياسات الإسرائيلية. 

وفي 2021، جرى تأسيس جمعية حماية اللغة العربية في فلسطين "ضاد" بمبادرة من أدباء ونقّاد وأكاديميين فلسطينيين، وتهدف إلى أن تكون حلقة وصل بين المؤسسات والهيئات المختلفة، بالإضافة إلى كونها ملتقى للأفراد المهتمين باللغة العربية. 

وتسعى الجمعية إلى تعزيز البحث والدراسة في مجال اللغة، وتشجيع النقاد والمجددين على إغناء المكتبة الفلسطينية والعربية، وإيصال الجهود إلى المتلقين والمعنيين بوسائل وآليات فعّالة.

وفي داخل الأراضي المحتلة عام 1948، جرى إطلاق "مبادرة اللغة العربية في يافا" وهي برنامج شاملًا لتعليم اللغة العربية يستهدف الأطفال والشباب في المدينة، ويهدف البرنامج إلى تعزيز الهوية الثقافية والحفاظ على اللغة كجزء من التراث الفلسطيني.


وجرى أيضا إطلاق مبادرة من قبل جمعية الثقافة العربية في مدارس الداخل الفلسطيني بهدف تعزيز استخدام اللغة العربية كلغة هوية في المدارس، خاصةً في ظل مناهج التعليم الإسرائيلية التي لا تتعامل مع العربية على هذا الأساس. 

وتسعى المبادرة إلى تعريف الجيل الشاب بالأدب الفلسطيني وباللغة العربية كجزء من هويتهم الثقافية.

مقالات مشابهة

  • المحكمة العليا في إسرائيل توافق على طلب نتنياهو تأجيل تقديم إفادته على شهادة رئيس الشاباك
  • هل تفلح الضغوط الدولية على إسرائيل في إدخال المساعدات لغزة؟
  • قوى تحالف المقاومة الفلسطينية ترفض خطاب عباس واعتداءه اللفظي عليها
  • ختام برنامج دورة المستوى الأول الدولية لمدربي ألعاب القوى
  • المحكمة العليا في إسرائيل أبقت بعضا من إفادة رئيس الشاباك طي الكتمان
  • إسرائيل تلغي تأشيرات وفد فرنسي كان يعتزم زيارة الأراضي الفلسطينية
  • ماذا يعني حصول إسرائيل على تأجيل قضية الإبادة الجماعية 6 أشهر؟
  • “المشتركة للاجئين” الفلسطينية تحذر من استدراج المواطنين للهجرة من غزة
  • المنظمات الأهلية الفلسطينية تحذر من دخول غزة مرحلة غير مسبوقة من التدهور الإنساني
  • كيف تستخدم إسرائيل اللغة العربية في طمس الهوية الفلسطينية؟