نشر موقع "الحرة" تقريراً تحت عنوان: "الفقر في لبنان يتضاعف ثلاث مرات.. وضحاياه يروون قصصهم"، وجاء فيه:    يوماً بعد يوم، تتسع هوة الفقر في لبنان، مبتلعة المزيد من اللبنانيين في آتونها، ليغرقوا في حرمان متعدد الأبعاد وقيود ثقيلة تطال كل جانب من جوانب حياتهم.   وبعد مرور نحو خمس سنوات على الأزمة الاقتصادية، أصبح تأمين أبسط احتياجات الحياة الكريمة حلماً بعيد المنال للعديد من العائلات.

تعيش عائلة مروى في فخ الفقر المدقع، حيث فقدت طفلتها البالغة من العمر سنة قبل ستة أشهر بسبب عدم قدرتها "على تأمين التغذية المناسبة والمياه المعقمة لها" بحسب ما تقوله، مضيفة: "اليوم طردني صاحب الدكان بعد رفضه إعطائي ما احتاجه بالدين لإطعام أولادي الخمسة (أكبرهم يبلغ من العمر عشر سنوات وأصغرهم شهر)".

وصل الفقر بعائلة مروى، ابنة بلدة ببنين في عكار، إلى حدّ لم تستطع فيه تعبئة قارورة الغاز التي فرغت منذ 4 أيام، ولم تجد سوى الحطب بديلاً، وتقول: "أولادي محرومون من كل شيء. ابنتي البالغة من العمر عشر سنوات لا أستطيع شراء ملابس داخلية لها. تملك واحدة منها فقط، أغسلها ليلاً لتعاود ارتداءها في الصباح، وابنتي الأصغر سناً طلبت مني ساندويش شوكولاتة منذ 4 أشهر، وحتى الآن تحلم بأن تأكلها".

وفوق هذا، طرد مدير المدرسة أبناء مروى لعدم قدرتها على تسديد المبلغ المتبقي من الرسوم، وتقول: "رغم أنها مدرسة رسمية، إلا أن هذا العام طلب المدير رسوماً قدرها 320 دولاراً. دفعت 170 دولاراً منها وبقي 150 دولاراً".

وتضيف: "من أين لي هذا المبلغ؟ زوجي عامل يومي استدان قبل أيام عبوة حليب من الصيدلية على أن يسدد ثمنها نهاية الشهر إذا توفر المال، وأنا مريضة أعاني من ضغط الدم وأنتظر فاعلي الخير لكي يؤمنوا لي الدواء".

وارتفع معدل الفقر في لبنان أكثر من ثلاثة أضعاف خلال العقد الماضي (بين عامي2012 و2022)، إلى 44% من مجموع السكان، وفقاً لتقرير جديد للبنك الدولي حمل عنوان "تقييم وضع الفقر والإنصاف في لبنان 2024: التغلب على أزمة طال أمدها"، صدر أمس الخميس.

وخلص التقرير الذي استند إلى دراسة استقصائية للأسر، في 5 محافظات في لبنان (عكار وبيروت والبقاع وشمال لبنان ومعظم جبل لبنان)، إلى أن واحداً من كل ثلاثة لبنانيين في هذه المناطق طاله الفقر في عام 2022.

ويسلط التقرير الضوء على التفاوت في توزيع الفقر في لبنان، مشيراً إلى أن معدل الفقر في شمال لبنان وصل إلى 70% في عكار، حيث يعمل معظم السكان في قطاعيي الزراعة والبناء.

ولم تتضاعف نسبة المواطنين اللبنانيين الفقراء ثلاثة أضعاف مقارنة بعقد مضى فحسب، بل بحسب التقرير "ازدادت حدة فقرهم مع ارتفاع فجوة الفقر من 3% في عام 2012 إلى 9.4% في عام 2022. وفي الوقت نفسه، يبدو أن عدم المساواة في الدخل قد تفاقم بين اللبنانيين".

وشملت الدراسة التي أُجراها البنك الدولي بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بين كانون الأول 2022 وأيار 2023، اللبنانيين والسوريين وغيرهم من الجنسيات الأخرى (باستثناء الفلسطينيين في المخيمات والتجمعات)، وتضمنت البيانات التي تم جمعها، الخصائص الديموغرافية، والتعليم، والتوظيف، والصحة، والنفقات، والأصول والممتلكات، والدخل، وإستراتيجيات التكيف.

أرواح في خطر   تكافح منال، لجمع المال لإنقاذ ابنها البكر فؤاد، البالغ من العمر 29 عاماً من المرض، وتقول: "إن غبني بحاجة ماسّة إلى عملية جراحية لإزالة حصوات في الكلية، تكلفتها ألفي دولار، وأنا أصر على إجرائها لدى طبيبه الخاص، خشية من تعرّضه لمضاعفات خطيرة في مستشفى حكومي".

تواجه عائلة منال (من المتن الشمالي) ظروفاً مادية صعبة جداً، فزوجها بحسب ما تقوله لموقع "الحرة" "فقد وظيفته كسائق بعد إغلاق المعمل الذي كان يعمل فيه، ولم يكد يمضي أسبوع على بدء فؤاد العمل كحارس أمن، حتى أصيب بألم حاد لنكتشف أنه بحاجة إلى عملية جراحية".

وطلبت الوالدة لثلاثة أبناء المساعدة من جمعيات عدة، دون جدوى، وتقول: "يعتصر قلبي ألماً كلما سمعت صراخه من الوجع"، وتتساءل: "هل المطلوب مني أن أسرق أو أمارس أعمالاً غير أخلاقية لتأمين كلفة العملية؟".   في سياق حديثها، تؤكد منال عزمها على إنقاذ ابنها، ولو اضطرت إلى التسوّل قائلة: "لن أفقده بسبب نقص المال".

صراع مرير   يحذّر مختار بلدة ببنين ورئيس اتحاد روابط مخاتير عكار ورئيس جمعية "عكار الزاهر الخيرية"، زاهر الكسار، من مخاطر الفقر المتفاقمة التي باتت تهدد حياة المواطنين وتنذر بانفجار اجتماعي.

ويؤكد الكسار في حديث مع موقع "الحرة" أن "رقعة الفقر توسعت لتشمل شرائح اجتماعية لم تكن متوقعة، وذلك نتيجة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي أدت إلى فقدان عدد كبير من المواطنين لوظائفهم أو لمدخراتهم في المصارف إضافة إلى تآكل قيمة الرواتب نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار".

ويشدد الكسار على معاناة اللبنانيين اليومية في تأمين لقمة عيشهم، قائلاً "هم يصارعون من أجل الحصول على أبسط متطلبات الحياة من طعام وشراب ودواء". (الحرة)

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الفقر فی لبنان من العمر

إقرأ أيضاً:

انخفاض مستويات الفقر في روسيا وخبراء يشككون

موسكو- أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تراجع مستوى الفقر ووصوله إلى نتائج مرضية في كافة أنحاء البلاد.

وجاءت تصريحات بوتين بعد أن قدمت هيئة الإحصاء الفدرالية الروسية (روستات) في وقت سابق معطيات عن بنية الفقر "بجميع مظاهره وفقًا للتعريفات الوطنية"، أكدت فيها أن نسبة المواطنين تحت خط الفقر بلغت في الربع الثالث من العام الماضي 8%، أي أقل بـ1.4 نقطة مئوية مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023.

وقالت الهيئة إن انخفاض مستويات الفقر جاء بسبب ارتفاع الأجور والبرامج الاجتماعية المستهدفة للفئات الأكثر ضعفا من السكان وزيادة المزايا الاجتماعية.

وذكرت أنه بفضل هذا، ارتفعت دخول الفئات الأقل دخلا من السكان بنسبة 13.3% في الربع الثالث من عام 2024، وتم تسجيل أدنى مستوى للفقر في منطقة يامالو نينيتس ذات الحكم الذاتي (3.6%)، وأعلى مستوى في جمهورية إنغوشيتيا (27%).

وعادة ما تنشر هيئة الإحصاء الروسية 4 تقديرات لمستوى الفقر كل عام: التقدير الأولي، والتقدير الأول، والتقدير الثاني، والتقدير النهائي.

وسيتم تقديم التقييم النهائي لعام 2023 في أبريل/نيسان 2025.

مستوى الفقر تراجع في روسيا على الرغم من العقوبات الغربية (رويترز)

ويستفاد من بيانات الهيئة أن مستوى الفقر تراجع في البلاد على الرغم من العقوبات الغربية وخلافًا لتقديرات خبراء الاقتصاد الغربيين الذين يؤكدون أن عواقب العقوبات ضد موسكو أصبحت واضحة بالفعل بحلول العام الثالث من تطبيقها.

إعلان

مع ذلك، تباينت وجهات نظر خبراء الاقتصاد الروس بخصوص أسباب تراجع معدلات الفقر في البلاد، بين من رأى فيها نتيجة سياسات حكومية صحيحة، وبين من يرى بأن الأرقام لا تعكس واقع الحال.

برامج ومبادرات

يعتقد الخبير الاقتصادي فيكتور لاشون أن خفض مستويات الفقر تم بفضل تنفيذ البرامج الاجتماعية التي تستهدف الفئات "الأكثر ضعفا" من السكان، فضلا عن رفع الأجور والمعاشات التقاعدية وأنواع أخرى من الدخل.

وبحسب ما يقوله للجزيرة نت، فقد كان للعقود الاجتماعية أيضا تأثير ملحوظ في الحد من الفقر وشكل أداة فعالة في مكافحته، بما في ذلك المساعدة في العثور على عمل.

ويضيف إلى ذلك ما سماه بالنوع الثاني والأكثر شيوعا من العقود الاجتماعية المكرسة للمساعدة في فتح الأعمال التجارية، وهو ما أسهم بشكل ملحوظ في زيادة الدخل لا سيما في المناطق التي تم فيها تطبيق هذه الآلية بشكل نشط، وأدت في النتيجة إلى انخفاض مستوى الفقر فيها إلى ما دون المستوى الفدرالي.

ويزيد المتحدث إلى قائمة الأسباب ما يسمى بالعقود الاجتماعية للخروج من المواقف الحياتية الصعبة، التي يتم إبرامها بين الجهة الحكومية المختصة والمواطنين أو العائلات التي تجد نفسها في وضع معيشي صعب بسبب ظروف خارجة عن إرادتها، والشرط الوحيد لها هو أن يكون الدخل أقل من الحد الأدنى للمعيشة وفق المعايير الفدرالية.

علاوة على ذلك، يلفت لاشون إلى دور تقديم المنح للأطفال والنساء الحوامل (يحصل عليها الآن 7 ملايين طفل و230 ألف امرأة)، إضافة إلى فهرسة الحد الأدنى للأجور وحد الكفاف ومعاشات التأمين.

تساؤلات وشكوك

في المقابل، يعتقد بعض الخبراء أن الحديث عن تراجع منسوب الفقر في البلاد يعطي صورة إيجابية ظاهريًا، لكنه يتجاهل في الوقت ذاته الفجوة المتزايدة الاتساع بين الأغنياء والفقراء، فضلا عن التضخم الذي يفسد الصورة المتفائلة.

إعلان

ويقول الباحث الاجتماعي، فلاديمير كوشول، إن الأهم هو مراعاة ليس فقط المؤشرات الكمية، بل أيضًا نوعية حياة الناس وقدرتهم على تلبية احتياجاتهم المعيشية الأساسية، مثل الغذاء والسكن والرعاية الطبية.

خبراء شككوا في نتائج وكالة الإحصاء الروسية بشأن مستويات الفقر (رويترز)

ويشكك المتحدث في نتائج وكالة الإحصاء الروسية، مضيفا أنه على الرغم من التطور السريع للتكنولوجيا والرقمنة على نطاق واسع، فإن البيانات المتعلقة بعدد الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر تصل متأخرة.

ويشير إلى أنه يتم نشر تقديرات مستوى الفقر خلال عام 2023 مثلا من خلال أرقام ليست نهائية، بحيث لن يتم معرفة النتائج النهائية إلا في ربيع العام الحالي.

ويرى كوشول أن هذا البطء يبدو غريبا في سياق يفترض أن تكون المعلومات فيه متاحة على الفور تقريبا.

ووفقًا للخبير، فإنه مع كل تقدير جديد تصبح الصورة وردية أكثر فأكثر ويتناقص عدد الفقراء بطريقة سحرية، وفق تعبيره.

ويعطي مثلا لذلك بأن مستوى الفقر بلغ في نهاية عام 2022 في البداية 10.5%، ثم انخفض بعد التعديلات إلى 9.8%، ليتكرر الأمر نفسه في 2024 حيث أشار التقدير الأولي إلى 8.5% ثم تم خفضه إلى 8%.

ويقول كوشول هذه التغييرات تثير تساؤلات، إذ لماذا يؤدي كل تعديل جديد للبيانات إلى انخفاض في عدد الفقراء؟

وبحسب رأيه، فإنه حتى لو شهدت البلاد تحسنات مؤقتة فإنه يتعين مع ذلك الأخذ في الاعتبار ديناميكيات التضخم والعوامل الاجتماعية والاقتصادية الأخرى التي تؤثر على مستوى المعيشة، لا سيما في ضوء التوقعات بارتفاع أسعار المواد الغذائية، التي تشكل علامة أخرى مثيرة للقلق.

ويختم بأنه من الممكن أن يكون الوضع الحقيقي أكثر تعقيدًا مما تظهره التقارير الرسمية، فمع الأخذ بعين الاعتبار العقوبات الغربية وارتفاع الأسعار والتضخم والعوامل الاقتصادية الأخرى، فإنه يمكن الافتراض بأن وضع الكثير من المواطنين والأسر لا يزال صعبًا، على الرغم من التحسن في الإحصاءات.

إعلان

مقالات مشابهة

  • تدفق حشود ضخمة من اللبنانيين نحو الجنوب رغم التحذيرات الإسرائيلي
  • الجيش الإسرائيلي يجري مناورة في الجليل ويحذر اللبنانيين
  • جريمة فاريا... توقيف والدة المرتكب والفتاة التي كانت برفقته
  • نعيم قاسم: دبابات الاحتلال أطلقت النار على اللبنانيين بعد انتهاء مهلة الـ60 يوما
  • بيرم: أهل الجنوب يصنعون المعادلة التي تحمي الوطن
  • رغم تمديد «وقف النار».. الجيش الإسرائيلي يجدّد تحذير اللبنانيين من التوجّه جنوباً
  • انخفاض مستويات الفقر في روسيا وخبراء يشككون
  • السليمانية .. نقل أحد المعلمين المضربين للمستشفى وسط تدهور حالتهم الصحية
  • البعريني التقى مفتي عكار.. هذا ما تم بحثه
  • الرئيس اللبناني يشدد على ضرورة إعادة الأسرى اللبنانيين الذين اعتقلتهم إسرائيل خلال الحرب