الوزير بوريطة: السياسة الإفريقية للملك تقوم على الانتماء والمبادرة والتوجه نحو الإجابات الإفريقية
تاريخ النشر: 25th, May 2024 GMT
أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أمس الجمعة بالرباط، أن السياسة الإفريقية للملك تعد سياسة انتماء ومبادرة، والتزام راسخ بالتفاؤل الإفريقي، وتركز على الإنسان والتوجه نحو الإجابات الإفريقية لتحديات القارة.
وشدد بوريطة، خلال كلمته بمناسبة “يوم إفريقيا” المنظم بمقر وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، على أنه “إذا كان صاحب الجلالة الملك محمد السادس قد وضع إفريقيا في صلب الأولويات الدولية للمغرب، فإن ذلك راجع لإيمان جلالته الراسخ بإفريقيا”.
وسجل الوزير، في معرض حديثه عن “معالم الرؤية الإفريقية لجلالة الملك”، أنه “حينما كان البعض يتحدث عن اليأس في إفريقيا، كان جلالته يستكشف القدرات. وحينما كان البعض يختار الحلول السهلة، كان جلالته يدعو إلى معالجة عميقة من أجل تطوير حلول مستدامة. وحينما كان الكثيرون يرون المشاكل، كان جلالته يرى الفرص”.
وأوضح، في هذا السياق، أن التفاؤل الإفريقي للمغرب هو كذلك براغماتية إفريقية، ترتكز على حقيقة موضوعية مفادها أن القارة تزخر بكل المؤهلات للبروز كأحد الأقطاب الكبرى للنمو العالمي، مؤكدا أن إفريقيا ستنجح في ذلك.
وذكر بوريطة بالرسالة التي وجهها الملك إلى القمة الـ 27 للاتحاد الإفريقي، والذي أكد فيه الملك أن “إفريقيا، التي طالما تم إهمالها، أصبحت اليوم فاعلا لا يمكن تجاهله. لقد ولى الزمن الذي لم تكن فيه إفريقيا أكثر من مجرد موضوع في العلاقات الدولية. بل إنها صارت قارة تؤكد وجودها، وتتقدم وتتحمل مسؤولياتها على الساحة الدولية، كطرف فاعل وجدير بالاحترام في النقاش الدائر حول الحكامة العالمية”.
من جهة أخرى، أضاف الوزير أن الرؤية الملكية للسياسة الإفريقية للمغرب تقوم على الثقة في التعاون جنوب -جنوب، مشددا على الحاجة إلى أجوبة إفريقية للتحديات الإفريقية.
ولفت إلى أنه “في الواقع، بالنسبة لجلالة الملك، فإن بروز إفريقيا رهين بقدرتها على أخذ زمام أمرها بيدها وتقديم إجابات خاصة بها وملائمة ومبتكرة ومتجددة لتحدياتها، وهي الإجابات التي ينبغي أن يفكر فيها الأفارقة من أجل الأفارقة”.
وفي هذا السياق، أكد الوزير أن هذه الرؤية الملكية تولي مكانة بارزة لمبدأ التنمية المشتركة جنوب – جنوب، متضامنة ومستدامة، والتعاون الإفريقي، مذكرا بأن المغرب تجمعه بإفريقيا شبكة تعاقدية مكثفة.
وأضاف أن هذه الشبكة تقوم على أزيد من 1500 آلية للتعاون تربط المملكة بأكثر من 80 بالمائة من البلدان الإفريقية، وتغطي مجالات متنوعة مثل التعليم العالي وتكوين الأطر، والصحة والبنيات التحتية والطاقات المتجددة والتطهير ومياه الشرب.
وذكر بوريطة أنه يتم على صعيد البلدان الإفريقية الشقيقة بجميع أنحاء القارة تنفيذ الكثير من المشاريع السوسيو – اقتصادية الكبرى التي أطلقها جلالة الملك، والتي تتوجه أساسا نحو التنمية البشرية.
وأشار الوزير إلى أن السياسة الإفريقية للملك تقوم أيضا على الدينامية وروح المبادرة، خصوصا في إطار دبلوماسية العمل والزخم.
كما أكد بوريطة أن الرؤية الملكية تستند أيضا على سياسة الانتماء وليس الجوار، لأن إفريقيا، بحسبه، ليست مجرد جوار بالنسبة للمغرب، بل هي أرض الانتماء الهوياتي والجغرافي والثقافي والتاريخي.
وفي معرض تأكيده على مركزية العنصر البشري في سياسة الملك تجاه إفريقيا، أكد الوزير على أن نهضة إفريقيا سيحملها الأفارقة، وأن الرأسمال البشري يشكل أكبر ثروة بالنسبة للقارة.
وأبرز بوريطة، بمناسبة هذا اليوم المنظم تحت شعار “التعليم كرافعة حقيقية للتنمية والتحول في إفريقيا”، أن معالم الرؤية الإفريقية للملك تنطبق تماما على قضية التعليم في إفريقيا.
وأشار إلى أن التزام المغرب في مجال التعليم ليس التزاما وطنيا فحسب، بل هو التزام قاري أيضا، مذكرا بأن المملكة وضعت برامج للتبادل لتعزيز تقاسم المعارف والممارسات الجيدة في هذا المجال.
وأكد بوريطة، أن المغرب استثمر في تعزيز البنيات التحتية التعليمية في إفريقيا وجهز نفسه ليصبح اليوم وجهة مفضلة للطلبة الأفارقة، معتبرا أن هذا الأمر يعد مبعث فخر وتواضع في آن واحد.
وقال إنه “خلال الموسم الجامعي 2023-2024، كان من دواعي سرورنا استقبال مؤسساتنا الجامعية لـ1.592 طالبا إفريقيا ينحدرون من 43 دولة، منهم عدد كبير من الحاصلين على منح دراسية من الدولة المغربية”.
وأوضح الوزير أن الطلبة الأفارقة متواجدون في جل جهات المغرب، بما في ذلك العيون والداخلة، مشيرا إلى أن نحو أزيد من 3000 طالب من 36 دولة إفريقية يقيمون حاليا في الأحياء الجامعية والداخليات بالمغرب.
وفي المجال الدبلوماسي، استفاد حوالي 240 دبلوماسيا إفريقيا، منذ عام 2014، من الدورة الدولية في الدبلوماسية التي تقدمها الأكاديمية المغربية للدراسات الدبلوماسية، كما استفاد 83 دبلوماسيا إفريقيا من دورة التكوين الأولي.
وتميز هذا اللقاء، الذي حضره على الخصوص وزير العدل الزامبي، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بالنيابة، مولامبو هايمبي، الذي يقوم حاليا بزيارة عمل للمغرب، وكذا العديد من السفراء المعتمدين بالرباط وشخصيات من آفاق مختلفة، بعرض كبسولة وثائقية بعنوان “التزام المملكة، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لفائدة تكوين وتطوير مهارات الشباب الإفريقي وقابلية تشغيله”.
المصدر: مراكش الان
كلمات دلالية: فی إفریقیا إلى أن
إقرأ أيضاً:
السياسة في زمن الرمادة والعته
في زمن الرمادة يصيب القحط كل شيء حتى العقول والألسنة، فتستبدل اللغة الدبلوماسية بلغة جديدة تخرج الكلمات فيها من غير مخرجها الطبيعي. هذه اللغة الجديدة وصفها العرب قديما بأنها "بعرة خرجت من غير مخرجها"، فأحدثت دخانا يحجب الرؤية، ورائحة تزكم الأنوف، فإن كنت جادا في التعرف على هذه اللغة الجديدة فمن فضلك "سد أنفك" واستعد:
اللغة الجديدة اسمها لغة "أولاد الكلب"، والمصطلح الجديد: "أولاد الكلب" هو مفردة من مفردات ثقافة العبث والعته السائدة في مجتمعاتنا، ولكن نظرا لصدوره من مستوى سياسي كبير يحتل "مسمى رئيس" في نظر البعض فإنه قطعا سيسجل في موسوعة "أدب الكلاب" كبراعة اختراع، وسيدون أيضا كمبادرة حرة تدعو إلى السلام ونبذ العنف لدى بعض الأطراف المتصارعة.
- في عالم السياسة دائما يختفي الصدق ويحل محله الكذب.
- وتختفي الصداقات لتحل محلها المصالح.
- وتختفي البراءة وحسن النية ليحل محلها الخبث واللؤم المنمق.
"أولاد الكلب" هو مفردة من مفردات ثقافة العبث والعته السائدة في مجتمعاتنا، ولكن نظرا لصدوره من مستوى سياسي كبير يحتل "مسمى رئيس" في نظر البعض فإنه قطعا سيسجل في موسوعة "أدب الكلاب" كبراعة اختراع، وسيدون أيضا كمبادرة حرة تدعو إلى السلام ونبذ العنف لدى بعض الأطراف المتصارعة
- وتختفي الأحقاد والضغائن لتحل محلها الابتسامات البلاستيكية المصطنعة.
- وتختفي أخوّة الوطن أو أخوة الدين ليحل محلها العناق المتكلف.
- وفي تقاليد وأعراف أولاد الكلب ليس من العار ولا من الجريمة أن تنتقل الإنسانية من صف البشر المكرم إلى صف الوحوش، فهذا تدوير عكسي مستحب ولا بأس به.
يقول خبراء الخيانة والخنوع والذل: إن نظرية "أولاد الكلب" تشكل خلاصة لخبرة أصحابها في عالم السياسة وحنكتهم في عالم الحيوانات المستأنسة والمتوحشة معا.
من أطلق المصطلح وصرح به لم يكن يعبر عن نفسه فقط، وإنما كان مجرد متحدث جريء عن رموز ضالة استطاعوا أن يعقدوا صفقات مع الوحوش وكل حيوانات الغابة؛ يتولون هم بمقتضى تلك الاتفاقيات تدريب الفريسة على استسلام الشجعان حتى تؤكل في سكون وأمان. وضمن مهام أصحاب هذه النظرية الكشف عن كل حر أبي شريف من "أولاد الكلب"، والتحريض عليهم والتعريض بهم وإغراء الأطراف الأخرى بالقضاء عليهم كلما هب هؤلاء بالدفاع عن أهليهم وأرضهم، وكرامة شعوبهم، وحماية أطفالهم، وأعراضهم، ونسائهم.. ليس في غزة وحدها وإنما في عموم الوطن الكبير وربوعه كلها.
يقول الخبراء أيضا: إن نظرية "أولاد الكلب" قناعة جيل جديد من الرموز شديد المكر إلى حد الخبث، لديه حساسية الاستشعار عن بعد ضد كل رجولة وبطولة، فيحدث ضجيجا كلما استشعر في الأمة وعيا أو يقظة، ويطلق مصطلحاته وفق خبرته العبقرية في التحذير عند اكتشاف الرجولة، فيحذر فورا من "أولاد الكلب" الذين يدافعون عن أرضهم وكرامتهم وحياة شعوبهم المسلوبة. ومن ثم يجب أن تكون مواطنا شريفا ومسالما، ولا تقاوم الاحتلال واغتصاب الأرض وحرق البيت والحقل الذي يلغي الوجود ويجلب الجنون والإحباط واليأس، حتى لا تحسب ضمن "أولاد الكلب".
بعض البشر تكاليف الحرية ثقيلة عليهم حتى ليخيل إليك أنهم ولدوا ليكونوا عبيدا، حتى لو وصلوا لقمّة الهرم الاجتماعي مالا وسلطة، فهم دائما يبحثون عن سيد. وهؤلاء عند أصحاب نظرية" أولاد الكلب" هم الأدباء والعقلاء والنبلاء وأهل الذوق الرفيع والمناضلون.
تعبير عن السياسة والعته في زمن الرمادة، وهي تنكيس للفطرة، وتزييف للتاريخ وقلب لكل الحقائق، وذلك كله لا يحرر الأرض، ولا يعلم الجاهل، ولا يطعم الجائع، ولا يفك الحصار عن شعب. والرضا بقلب الحقائق لن يردع الطامع، ولن يحيل سمسار عقارات أو مختل بائع لدينه وأمته إلى حكيم الزمان ولو كان رئيسا لسلطة بائسة أو حتى رئيسا لدولة
وبعض الناس ولدوا أحرارا، فالحرية بالنسبة لهم هي نسيم الوجود وإكسير الحياة، حتى لو بدلوا من سعة الأرض قضبان السجن، فهم يعيشون دائما أحرارا ولو كانت القيود والأغلال في أيديهم وأعناقهم. وهؤلاء هم "أولاد الكلب" عند أصحاب هذه النظرية.
ووفقا لنظرية أولاد الكلب فإن المفاهيم في نظرهم يجب أن تصحح:
- فالقاتل مثلا لا يجب أبدا أن يحاكم.
- والضحية يجب أن يلام.
- ومن العار أن يفلت المقتول من العقاب لمجرد أنه خسر وجوده في تلك الحياة.
والخلاصة:
إذا كانت السياسة في نظر البعض تعني فن الكذب، وتجيد تغليف الشر بغلاف مزركش بحيث يبدو مغريا ومثيرا، فإنها تطورت في أساليب الخداع والتمويه وتجريف العقول فسوغت وسوقت مفهوم الأضداد، فصورت حالات القتل الجماعي بأنها إفراط في القوة، وأطلقت على الثوار الأحرار وطلاب الحرية وصف المتمردين، وصنفت كل مقاومة وطنية شريفة بأنها إرهاب، ووصفت الملتزم بدينه بأنه متشدد، ومن يحافظ على هويته ويلتزم بالحلال في طعامه وشرابه بأنه انعزالي يجب أن يراقب. وظهرت بوضوح في الأزمة الحالية في غزة صورة الخذلان المخزي من كل شعوب العالم الإسلامي.
وهكذا تستعمل المصطلحات المضللة في عكس معناها. وهذا الخداع ليس جديدا، فقد نبه إليه مفكرون كثر، منهم العالم النابه سعيد النورسي حين قال: "لقد وضع الظلم على رأسه قلنسوة العدالة، ولبست الخيانة رداء الحمية، وأطلق على الجهاد اسم البغي، وعلى الأسر اسم الحرية، وهكذا تبادلت الأضداد صورها".
كما عبر عنها المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي بقوله: "مصطلحات السياسة لها معنيان، أحدهما معناها المعجمي المتعارف عليه، والثاني معناها الذي يخدم استراتيجية الأقوى، ومن ثم فالحرب هي السلام، والحرية هي العبودية، والجهل هو القوة". وهكذا تتبادل الأضداد أدوارها.
إن نظرية "أولاد الكلب" تعبير عن السياسة والعته في زمن الرمادة، وهي تنكيس للفطرة، وتزييف للتاريخ وقلب لكل الحقائق، وذلك كله لا يحرر الأرض، ولا يعلم الجاهل، ولا يطعم الجائع، ولا يفك الحصار عن شعب. والرضا بقلب الحقائق لن يردع الطامع، ولن يحيل سمسار عقارات أو مختل بائع لدينه وأمته إلى حكيم الزمان ولو كان رئيسا لسلطة بائسة أو حتى رئيسا لدولة.