منطقة الخرطوم – أم درمان: مدينة ضخمة متنامية عند ملتقى نهري النيل الأزرق والأبيض
تاريخ النشر: 25th, May 2024 GMT
منطقة الخرطوم - أم درمان: مدينة ضخمة متنامية عند ملتقى نهري النيل الأزرق والأبيض
The Khartoum -Omdurman conurbation: A growing megacity at the Confluence of the Blue and White Nile Rivers
أندريا زيربوني (وآخرون) Andrea Zerboni et al
ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي
تقديم: هذه ترجمة لخلاصة وخاتمة مقال أكاديمي طويل وبالغ التخصص عن البقعة الحضرية (conurbation) التي هي عاصمة السودان، نشره ثمانية من العلماء في تخصصات مختلفة يعملون في أقسام الجيولوجيا والكيمياء وعلوم الأرض والعلوم الفيزيائية بإيطاليا وأستراليا، وذلك في العدد الرابع من المجلد السابع عشر لـ "مجلة الخرائط Journal of Maps" الصادرة عام 2021م، صفحات 227 – 240.
وضمَّن الكُتَّاب مقالهم الكثير من الصور الفتوغرافية الملونة العادية، وتلك التي أُخِذَتْ بالأقمار الصناعية، وكذلك الخرائط الحديثة والقديمة (منذ عام 1840م)؛ وأوردوا جدولاً بقائمة الأدلة الأثرية الرئيسية المفقودة بسبب التوسع الحضري غير المنضبط في منطقة الخرطوم – أم درمان على طول الضفة الغربية للنيل الأبيض. وأورد كُتَّاب المقال كذلك 75 مرجعاً، ضمت كتبا قديمة (مثل كتابي عالم الآثار البريطاني آركل Arkelعن "الخرطوم القديمة" و"الشاهيناب") وأخرى حديثة، وأوراقا علمية لسودانيين وأجانب، كانت من بينها ورقة عن فيضان أغسطس 1988م في الخرطوم، ومقال آخر عن الهبوب بالخرطوم، صدر عام 1971م.
ومُوِّلَ الجزء الحقلي من هذا البحث عن طريق وزارة الخارجية الإيطالية ومركز الدراسات السودانية وجنوب الصحراء الكبرى http://www.centrostudisudanesi.org/CSS%26S.html
المترجم
*********** ********** **********
المُلَخّص Abstract
الخرطوم هي واحدة من أكبر المدن في أفريقيا، وتقع مباشرة جنوب ملتقى النيلين الأزرق والأبيض في وسط السودان. لقد نشأ نمو مدينة الخرطوم الكبرى - أم درمان (بلا خطة عمرانية سليمة) عن طريق الثروة الزراعية التي تم الحصول عليها من خلال استكمال ثلاثة سدود، بنيت معظمها في غضون العقود الثلاثة الماضية. وتم تمكين التوسع الحضري وساعد على تعزيز مشروع الزراعة الرئيسي في سهول الجزيرة الطينية الواقعة إلى الجنوب بين نهري النيل الأزرق والأبيض. لقد كانت تلك المنطقة مركزاً للاستيطان البشري لمدة 8,000 عام على الأقل؛ كانت في البدء مِنْ قِبَل مجموعات شبه مستقرة تعيش أسلوب حياة يعتمد على صيد الحيوانات البرية والأسماك وجمع الثمار؛ ثم في وقت لاحق، مِنْ قِبَل مجموعات العصر الحجري الحديث كما تدل على ذلك مئات المواقع الأثرية. والخرطوم اليوم مدينة صحراوية، لا تزال معرضة بشدة للفيضانات الناجمة عن العواصف الحرارية الشديدة. وقد تصبح مثل هذه الأحداث العنيفة أكثر شيوعاً في المستقبل، مما يمثل خطراً جيومورفولوجياً (متعلق بعلم تضاريس الأرض) كبيراً. وعلاوة على ذلك، فإن التنمية الحضرية والزراعية غير المنضبطة تهدد معظم التراث الثقافي في المنطقة.
******* ******** ******** ********
الخاتمة
إن منطقة الخرطوم وأم درمان - أو الخرطوم الكبرى - هي مدينة أفريقية ضخمة تنمو بسرعة كبيرة في منطقة إقليمية قاحلة، وإن توسع المدينة الذي يكاد يخرج عن نطاق السيطرة تقريباً ناجم عن عوامل اجتماعية وبيئية منها الهجرات، والزيادة السكانية، وتوافر المياه والأراضي الخصبة. ولسوء الحظ، فإن الافتقار إلى التخطيط الحضري الفعال يعرض التجمعات السكانية للعديد من المخاطر. ومن الناحية الجيومورفولوجية، فإن أجزاء كثيرة من هذه المدينة الكبيرة معرضة للفيضانات، خاصة مع تشييد مستوطنات جديدة بالقرب من مناطق الفيضانات وجداول المياه الموسمية. إن التخفيض التدريجي للأراضي الخصبة التي يشغلها التوسع الحضري سيشكل مشكلة كبيرة لجزء كبير من السكان، الذين يعتمدون على الزراعة التقليدية كمصدر دخل رئيسي لهم.
كما يتعرض التراث الثقافي والجغرافي المحلي للتهديد. وقد ذكر رفعت (2015)* مؤخراً بأن الخرطوم بحاجة ماسة إلى تطوير إستراتيجيات وخطط وسياسات من شأنها استعادة الهوية المحلية الثقافية للمدينة والحفاظ عليها. ويصبح هذا الأمر ضرورة إلزامية إذا أردنا الحفاظ على المشهد الثقافي المحلي للأجيال القادمة. وفي ورشة عمل عقدت مؤخرا لمناقشة التنمية المستقبلية المستدامة في الخرطوم، لم تتم مناقشة أمر الحفاظ على التراث الأثري والجغرافي وتثمينه. ومع ذلك، فإن أهمية التدمير المستمر، مع اختفاء عدد المواقع الأثرية بسبب التطوير غير المنضبط للتوسع العمراني في منطقة كبيرة مثل حي الصالحة خلال عشر سنوات فقط، ينبغي أن يدفع السلطات المحلية إلى التفكير في مسألة اتاحة المجال لتنفيذ القوانين والتشريعات الموجودة بالفعل للوقاية من تلك الأضرار المذكورة. وبهذا المعنى، يُعَدُّ دور علم الآثار الاستطلاعي / الاستكشافي والإنقاذي (reconnaissance and salvage archaeology) دوراً أساسياً بحسبانه أداة أولية للتخطيط الحضري. وأخيراً، يمكن تقييم وتثمين التضاريس النهرية وخصائص المناظر الطبيعية القاحلة لتسليط الضوء على الجيومورفولوجية المخفية، والتأثير المحتمل للمخاطر الجيومورفولوجية، والعلاقة مع التراث الثقافي المحلي. إن تكامل التراث الثقافي والجيولوجي لمنطقة الخرطوم الكبرى – مثلها مثل السودان بأكمله - يمكن أن يصبح محركاً للتنمية المستقبلية في المجتمعات المحلية، والتي ستعتمد في الغالب على السياحة الثقافية المستدامة.
********** ********** **********
* Refaat, M.H. (2015). Urban architecture for sustaining local identity of cultural landscapes: A study of water front development in Khartoum, Sudan. International Journal of development and sustainability, 4,1.
alibadreldin@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: التراث الثقافی منطقة الخرطوم أم درمان
إقرأ أيضاً:
انطلاق "الملتقى الإقليمي لحماية التراث الثقافي البحري المغمور بالمياه في الدول العربية" الإسكندرية
شهدت مكتبة الإسكندرية اليوم انطلاق الملتقى الإقليمي حول "حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه في الدول العربية"، وذلك بحضور الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، والدكتور حميد النوفلي؛ مدير إدارة الثقافة بالمنظمة العربية للعلوم والفنون والثقافة، والدكتور عماد خليل؛ رئيس الملتقى ورئيس كرسي اليونسكو بجامعة الإسكندرية، والدكتورة سمية السيد؛ مساعد الأمين العام للجنة الوطنية المصرية للعلوم والثقافة، وعدد من الخبراء والمتخصصين من ١١ دولة عربية.
وقال الدكتور أحمد زايد، إن مكتبة الإسكندرية تسعى في محيطها العربي إلى النهوض ورفع شأن الثقافة، لافتاً إلى أن المكتبة ليست مكانا للقراءة ووعاء للكتب فقط ولكنها مؤسسة ثقافية كبيرة. وأضاف أن المكتبة نافذة لمصر على العالم ونافذة العالم على مصر أيضا، لافتاً إلى أن وجود المكتبة على شاطئ البحر المتوسط له دلالة ثقافية لجمع ثقافات البحر المتوسط.
وأشار زايد إلى أهمية عملية التوثيق الثقافي التي تتم في مكتبة الإسكندرية، قائلا "مكتبة الإسكندرية لا تدخر جهداً للحفاظ على التراث الثقافي المغمور بالمياه في البحر المتوسط".
وأوضح أنه ربما مع الاكتشافات القادمة نعيد كتابة التاريخ لأن هذا التراث لا زال به الكثير من الغموض، مؤكداً علي ضرورة تكثيف الجهود العلمية والبحثية لاكتشاف هذه المناطق وكشف أسرارها.
كما أكد علي ضرورة التسويق السياحي للمناطق التراثية والتاريخية الموجودة في حوض البحر المتوسط.
ومن جانبه، قال الدكتور حميد النوفلي؛ مدير إدارة الثقافة بالمنظمة العربية للعلوم والثقافة، إن الملتقي يجمع بين الأمل والإبداع وروح التحدي للحفاظ على التراث الغارق، لافتاً إلى أن التراث الغارق جزء من ثقافتنا.
وأشار إلى ضرورة تكثيف الجهود الدولية من أجل الكشف عن تفاصيل هذه الآثار التي تشكل جزءً من ثقافتنا وهويتنا وليس مجرد آثار غارقة فقط.
وأوضح أن الملتقى يسهم في الحفاظ على التراث من خلال تبادل الخبرات بين المشاركين والاطلاع على التجارب المختلفة.
كما شدد على ضرورة استخدام التكنولوجيا الحديثة في معرفة أسرار هذه الآثار التي تشكل قيمة حضارية وفرصة للباحثين فضلاً عن دورها في الترويج السياحي.
وقالت الدكتورة سمية السيد؛ مساعد الأمين العام للجنة الوطنية المصرية للعلوم والفنون والثقافة، إن العالم اكتشف نحو ٢٠٠ مدينة غارقة حول العالم، وأن هناك الآلاف من المدن التي لم يتم اكتشافها بعد. وأضافت أن الحياة البحرية ليست موطنا للكائنات البحرية فقط ولكنها أيضا مكانا لمدن غارقة.
كما تحدثت عن التحديات التي تواجه عمليات اكتشاف الآثار البحرية الغارقة والتي تتمثل في نقص الموارد أمام الباحثين وكذلك الحدود البحرية الدولية التي تحتاج إلى موافقات واتفاقات بين الدول، موضحة أن الذكاء الاصطناعي ساهم إلى حد ما في المساعدة في الاستكشافات ولكن هناك الكثير من التحديات التي تواجه الباحثين.
وأبدت تطلعها أن يخرج المنتدى بتوصيات قابلة للتنفيذ وتكون نواة لمشروعات تساهم في الكشف عن التراث الغارق في البحر.
ومن جانبه، ثمن اللواء عمرو عبد المنعم؛ معاون محافظ الإسكندرية، فكرة المنتدى التي تعد فرصة لتبادل المعلومات والخبرات في الدول العربية في هذا المجال، وقال إن التراث المغمور بالمياه يشكل جزءا هاما من تاريخ المنطقة التي تعرضت لمخاطر كبيرة خلال الفترة الماضية ما يحتم ضرورة وضع آليات لحمايتها والحفاظ عليها.
كما أضاف إن الاسكندرية يوجد بها 5 مناطق للآثار الغارقة بداية من أبو قير وحتى قلعة قايتباي، مشيرا إلى ضرورة تضافر الجهود للحفاظ على هذه الكنوز من خلال تنفيذ برامج فعالة للترميم.
من جانبه، تحدث الدكتور عماد خليل، رئيس كرسي اليونسكو في جامعة الإسكندرية، عن تعريف الآثار الغارقة الصادر من منظمة اليونسكو، لافتا إلى أن المنظمة اتاحت للدول تعريف وتحديد المناطق التي ترى فيها أنها تحمل قيمة تراثية للمناطق الغارقة.
وأوضح أن أهداف التنمية المستدامة التي حددتها الأمم المتحدة والبالغ عددها 17 هدف، يتناول جزء منها الحفاظ على التراث الثقافي ومن بينها الحفاظ على الآثار الغارقة.