المنهج الذي تنتهجه القوى السياسية في السودان ، من أقصى اليمن إلي اقصى اليسار ، منهج يثير الحيرة إذا اخذنا الأمر بحسن نيه ، ويتجاوز ذلك للارتياب إذا تخلينا عن حسن النوايا. وطن أصبح شعبه بين لاجئ ونازح ، انهارات كل مؤسساته المالية ، الصحية ، التعلمية ودمرت فيه كل قطاعات الزراعة والصناعة وغيرها وصار خطر تقسيمه قاب قوسين أو ادنى ، ومع ذلك لا ترغب هذه القوى السياسية في الإتفاق على الحد الادنى الذي يوقف هذا الدمار وهذا الإنهيار ! قادة هذه القوى السياسية تتنقل بين القاهرة واديس ابابا ونيروبي وتركيا يعقدون الإجتماعات تلو الإجتماعات والورش تلو الورش كأنما يمارسون ترفاً فكرياً لتمضية الوقت دون أن نرى أي خطوة في سبيل الحل وبينما هم في قنادقهم وشققهم ، تزداد معاناة شعبهم ساعة بعد ساعة جوعاً ، ومرضاً ، وقتلاً نهباً وسلباً.
هل يعقل أن ننتظر الوسيط السعودي أو الأمريكي أو غيرهم ليقوموا بالنيابة عنا بحل مشاكلنا؟ أين حكماء تلك القوى السياسية ، اليس فيها رجل رشيد؟!
ما يصدر من قحت لا يعجب الكتلة الديمقراطية ، ولا يعجب قوى التغيير الجذري ، ولا يرضي كتلة الحوار الوطني والعكس بالعكس . كل جهة تكتفي برفض ما تقوله الجهة الأخرى دون أن تسعى للتحاور مع تلك الجهة حول ما تطرحه عسى أن ينتج عن ذلك الحوار وجود قواسم مشتركة وتفاهم حول ما هو مختلف عليه . أصبح من المعتاد أن ترفض أي جهة أي طرح ما دام ذلك الطرح لم يطرح عن طريقها . إن الإستمرار في هذا النهج لايمكن أن يوصف إلا بالخيانة للوطن وللشعب.
هذه القوى السياسية تعمل بكل جهد ، بوعي أو بدون وعي ، في تنفيذ المخططات العالمية بواسطة الوكلاء الإقليمين لهؤلاء المخططين والتي تهدف إلي شئ واحد هو، إضعاف السودان وتقسيمه وجعله مشغولاً بالحروب والفتن حتى لا يشكل خطراً على إسرائيل ، وهذا هو الهدف الرئيسي ، ومن ثم يأتي هدف أخر يتمثل في نهب موارده ، وما أخطرها من موارد.
المطلع على جميع البيانات التي تخرج من الكتل السياسية المختلفة يجدها تتحدث عن وحدة السودان ، والجيش المهني الموحد والتحول الديمقراطي والحكم المدني . إذاً ما السبب في وجود كل هذه الكتل؟! اهو الإختلاف في كيفية الوصول لذلك؟ إذا اتفقت القوى السياسية على الأهداف فما الذي يمنعها من ان تتحاور للإتفاق على احسن الطرق للوصول لتلك الأهداف ؟ لو كانت هذه القوى السياسية مهتمة فعلاً بامر الوطن والشعب لتسامت فوق طموحاها الذاتية وجلست مع بعضها البعض وتحاورت واتفقت على وسائل الوصول إلي تلك الأهداف.
إن وضع الوطن والشعب لا يتحمل أي مزايدة أو تراخي وإنما يتطلب التجرد من المصلحة الحزبية الضيقة والعمل بكل همة ومثابرة من أجل توحيد كل القوى السياسية وتوجيه كل الجهود لتنفيذ الأهداف المتفق عليها. وعندما أقول كل القوى السياسية اعني كل القوى السياسية بما في ذلك قوى الإسلام السياسي وهي قوى نافذه وسط الجماهير ، شئنا أم ابينا ، وأخر انتخابات اجريت كانت هي القوى السياسية الثالثة بعد حزب الأمة والحزب الإتحادي . استبعاد هذه القوى الإسلامية يعني استبعاد جزء مهم من جماهير تلك القوى. إن الضرر الأكبر يجب أن يدفع بالضرر الأصغر ولذلك إذا كان الجلوس مع تلك القوى الإسلامية يساعد ويعضد جهود انقاذ الوطن والشعب ، فلابد من الشروع في ذلك . صحيح أن تلك القوى مسئولة تماماً عن مألات الوضع الراهن ، ولكن ذلك يجب الا يمنعنا من الإستعانة بها لمعالجة ما تسببت فيه متى ما ابدت استعدادها لذلك . الان المطلوب إنقاذ الوطن والشعب والإتفاق على كيفية إعادة البناء والإستقرار بعد ذلك تسأل كل قوة سياسية عن ما جنته بعدل وإنصاف ودن غل او تشفي.
احوال الوطن والشعب تستدعي أن تتخلى كل القوى السياسية عن برامجها الفكرية والإقتصادية والإجتماعية ونلتف حول برنامج لإنقاذ الوطن والشعب وبعد ذلك وبعد أن تستقر الأمور تستطيع تلك القوى السياسية أن تطرح برامجها الخاصة للجماهير ومن ترضى عنه الجماهير فلينفذ برنامجه.
احمد صلاح الدين عووضه
ahmedsalaheldinawouda@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: هذه القوى السیاسیة کل القوى السیاسیة الوطن والشعب تلک القوى
إقرأ أيضاً:
الحرب ستشتعل في الضعين؛ قراءة في المشهد القادم!
. الضعين نهاية المطاف.. الحرب ستشتعل في الضعين؛ قراءة في المشهد القادم!
يبدو أن الحرب في السودان تدخل مراحلها النهائية، حيث تتحرك بكامل قوتها نحو مدينة الضعين، وسيتصاعد الصراع في دارفور في الايام القادمة بوتيرة غير مسبوقة.
منذ بداية هذه الحرب، كنت قد أشرت إلى أن القبائل العربية في دارفور ستكون الضحية الأولى للصراع – بوست الهجمة المرتدة – ، ليس فقط بسبب فقدانها للدعم الجوي والاستخباراتي الذي كان يوفره الجيش لها، بل أيضًا لأن تحول هذه الأدوات إلى الطرف الآخر – الزرقة – سيغير موازين القوة بالكامل. واليوم، نشهد هذا التحول على أرض الواقع!
الرزيقات في قلب العاصفة
إذا استمر التصعيد بهذه الوتيرة، فإن الرزيقات هم من سيدفع الثمن الأكبر لهذه الحرب. فالمعادلة العسكرية لم تعد في صالحهم، وبنهاية الحرب، من المتوقع أن تخرج غالبية مكونات هذه القبيلة من السودان ( رأى وتوقع خاص جدا).
ربما كان البعض يتوقع أن تكون نتائج هذه الحرب مؤقتة أو محدودة، لكن الواقع يكشف أن الأمور تتجه نحو تغيير ديمغرافي عميق في الإقليم.
المسيرية: تغيير التحالفات قادم
أما المسيرية، فهم على وشك الانسلاخ من التحالف مع قوات الدعم السريع، ومن المرجح أن يلعبوا دورًا رئيسيًا في القضاء عليه. ومع ذلك، لن يكون خروجهم من المشهد العسكري والسياسي سهلاً، إذ سيتم وضعهم تحت المراقبة لسنوات قادمة، تحسبًا لأي تحركات مستقبلية قد تؤثر على موازين القوى.
الضعين.. معركة الحسم؟
كل الدلائل تشير إلى أن نهاية الحرب ستكون في الضعين. هذه المدينة قد تتحول إلى نقطة الصراع الأخيرة، حيث تتلاقى القوى المتصارعة في مواجهة حاسمة. ما سيحدث هناك سيحدد ملامح السودان الجديد، سواء من حيث التركيبة السكانية أو مراكز النفوذ السياسي والعسكري.
الحرب في السودان لم تعد مجرد صراع بين جهتين، بل أصبحت إعادة تشكيل كاملة للمشهد السياسي والاجتماعي. والضعين قد تكون الفصل الأخير في هذه الرواية الدامية.
دي طوبتي وبذكركم
وليد محمدالمبارك احمد
إنضم لقناة النيلين على واتساب