بعد قرون من الحروبات.. هل تنتهي لغة الكراهية بين السودانيين؟
تاريخ النشر: 25th, May 2024 GMT
بعد قرون من الحروبات..
هل تنتهي لغة الكراهية بين السودانيين؟
عبدالله عيدروس
حوالي ستون عاما، لم يتوقف الإقتتال بين السودانيين في القرن الثامن عشر، والتاسع عشر الميلادي ؛ منذ أن صعد الهمج إلي هرم سلطة الفونج، وحتي احتلال جيوش الغزاة لسنار وغيرها من الحواضر ؛ أي منذ العام 1862م وحتي سنة غزو محمد علي باشا للبلاد في 1821م سبقتها حروبات الفونج مع الفور والفونج مع النوبة والفور مع قبائل بحر الغزال ، و إندلعت خلالها حروبات الهمج مع أعدائهم وحروباتهم فيما بينهم وصولا للحرب الشاملة التي أعقبت ذلك “حرب الجميع ضد الجميع “حرب القيمان”: التي هيأت الظروف للاعداء الغزاة، فاهتبلوا الفرصة واحتلوا ارضنا وقهروا شعوبنا، وطيلة سنوات الإحتلال الستين استمرت المقاومة وواصل الغزاة قتلنا باستخدام أيادي وسلاح السودان ضد بعضهم حتي تفجرت الثورة المهدية التي وحدت كتلة كبيرة من السودان وهزمت الغزاة, ثم لم تستنكف الدولة وليدة الثورة من سفك شلالات الدم السوداني وفي السنوات التي تلت هزيمتنا بواسطة المستعمر الانجليزي للثورة المهدية بمقتلة كرري في العام 1898م وحتي الاستقلال في العام 1956م (حوالي الستين عام ) لم تتوقف المقاومة ايضا وواصل المستعمر في قتلنا بتوظيف بعضنا ضدنا حتي سالت دماءنا في بقاع كثيرة من ارض الوطن الواحد في الجزيرة ودارفور وفي الجنوب وفي جبال النوبة, ولم تتواني أو تتردد النخبة الوطنية التي استلمت السلطة من المستعمر في القيام بذات المهمة ضد مواطنيهم منذ تمرد “توريت” في العام 1955م وحتي تمرد “حميدتي” في العام 2023م .
ماهو الدرس الذي تعلمناه؟ وأين خلاصة التجربة؟ لا شئ للاسف فها نحن نغوص مرة أخري في لغة الكراهية والتعصب للقبيلة ووهم ان حلول مشاكل البلاد تبدأ بمحو وازالة دلائل الإختلاف والفروقات الثقافية بدلا عن القبول بهذا التمايز والإحتفاء به بل وجعله مصدر ثراء وغني, إن لغة الكراهية المنطلقة من التمايز والفروقات بين القبيلة والأخري أو تعظيم إقليم وتحقير غيره ليست هي السبب في الحرب بالطبع اذا ما توصلنا ان الدافع الرئيس لكل الحروب هو سرقة الثروات والاستحواذ علي السلطة لضمان استمرار الإستنزاف المستمر للوطن كارض ولإنسانه لكن لغة الكراهية هي دينمو الحرب التي تمنحها قوة الدفع الذاتي والإستمرار و الإنتشار ويكسب بها حزب الحرب ارض جديدة مع كل مغرب شمس لغة الكراهية هي عمل دعائي مقصود ومنظم لفصل الحرب عن شخوص مدبريها الرئيسين والمستفيدين من وراءها والصاق تهمتها بقبيلة أو باقليم أو جهة ولإسباغ المشروعية علي الافعال الدنيئة والممارسات القبيحة والدنسة التي تحدث اثناءها طالما كان الضحايا ينتمون لجماعة أخري أو قبيلة أخري أو اقليم آخر.لغة الكراهية ضد اي قبيلة سودانية المقصود منها تزييف طبيعة الصراع وحقيقته، وهي الغبار الكثيف الذي يملأ العيون ويغبش الرؤية وهي السراب الذي يأخذك إلي وديان العطش ولن تنجو، لأن البحث عن الحلول بازالة المختلف والذي لا يشبهنا هو سعي مهلك ولا نهاية له بطبيعة الحياة وطبيعة البشر فلا يوجد اقليم لا يقطنه قبائل بينها فروقات ولا توجد قبيلة ليس بها بطون وجماعات لها تمايز في المظهر والإرث والفخر واللغة وطرائق التعبير ولا يوجد حي او قرية او فريق يتطابق فيه الناس بذلك الخيال السينمائي الخدّاع فإلي اين سوف تقودنا دعوات الكراهية؟ اكثر من انقسام الاشقاء والشقيقات في الاسرة الواحدة بل انقسام الفرد الذي يضم بين جنبيه انتماءا متنوعا وسودانيا صميما؟ إن كل ذلك لن يؤدي إلا إلي المزيد من لإنقسام المستمر طالما ظل منهج من يدعون أنهم يعالجون المشاكل والأزمات الوطنية ولغتهم في المنابر هو البتر فلن يتبقي للوطن جسد حي.
ورغم كل ما سبق من المأسي والمررات فالذاكرة الوطنية تحتفظ بسجل طويل من التوحد والتناصر والتسامي علي الجراح، فالسودان من كل القبائل والسحنات واللغات قد توحدوا حقا خلف رايات المهدي الخفاقة الظافرة بالثورة علي المحتل والسودان واصلوا المقاومة والجهاد ضد المستعمر الجديد في كل الاقاليم وكانت بدايتها من جبال النوبة في انتفاضات متعددة حتي وحد السلطان عجبنا القبائل وخلفته إبنته الاميرة مندي، وثار الشلك والنوير في الجنوب وفي دارفور نهض غاضبا الفكي عبدالله السحيني وغيره من الثوار، وقاوم ود حبوبة في الجزيرة حتي تكاملت المقاومة الوطنية بحركة اللواء الابيض ومن لم يحب القائد علي عبداللطيف؟ ان التاريخ يسجل علي هذه الارض حقبا ضاربة في القدم من الاذدهار والسلم لا زالت صروحه واهراماته شاهدة علي النهضة, وصنع السودان في المدن والمراكز الحضرية الحديثة حياة باهرة رغم عسف الحكام اجانبا ووطنيين درسوا وعملوا معا وفرحوا وحزنوا مجتمعين
أهم تكتيك يستخدمه الناشرون للغة الكراهية هو البداية من تحقير التاريخ الوطني والإزراء به وتتفيهه، وإرفاق اخفاق عند ذكر كل انجاز لشخصية وطنية لامعة وتعظيم الاجنبي المستعمر وانكار كل فترات الاخاء بين السودان والنضال المشترك وتسطير الملاحم في المناصرة والتعاضد وتحويل النافذة الكبيرة المطلة علي عهود خير السودان لبعضهم والاخلاق السمحة لعموم السودان بمختلف جهاتهم وقبائلهم إلي خرم صغير لا يريك إلا حوادث الحقد والكراهية والمررات, وبقدر ما نحتاج الي قراءة السياقات التاريخية والظرفية التي أدت إلي قهر البعض للبعض وظلمهم فإننا بحاجة الي التمعن في تلك العفوية التي باشر بها السودان الغريب المستوطن من اقليم الي اقليم اخر او من بلد الي بلد بل وشملت السماحة الوطنية في طول البلاد وعرضها حتي الغرباء الاجانب واحتضنتهم واكرمتهم وطبعتهم بطبعنا وعادتنا، لكن الذين يركضون بالبغضاء من منبر لاخر لا يريدون ان يروا غير انعكاس ذاتهم الدنيئة وودوا لو انهم يمحون من ذاكرتنا هتاف الثوار في بورتسودان في ديسمبر الشامخ “يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور” ومبادلة جماهير نيالا الهتاف لهم ثم صعود قطار عطبرة بالثوار من كل السحنات والقبائل الي ميدان الوطن بالمحبة وحدها لا سواها. الوسومحروب السودان حملة نحن واحد مناهضة خطاب الكراهية
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: حروب السودان مناهضة خطاب الكراهية بین السودان فی العام
إقرأ أيضاً:
اللجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة تشارك في قمة المعرفة 2024 بدبي
شاركت اللجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة بوفد ثلاثي في افتتاح قمة المعرفة المُنعقدة بمدينة دبي بدولة الإمارات في الفترة من 18 - 19 نوفمبر الجاري، برعاية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي وبالتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة.
وشارك الوفد المصري المُكون من الدكتور شريف كشك مُستشار وزير التعليم العالي والبحث العلمي لشئون الذكاء الاصطناعي والحوكمة الذكية، والدكتور رامي مجدي مساعد الأمين العام للجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة لشئون منظمة الإيسيسكو، والدكتورة هالة عبدالجواد مُساعد الأمين العام للجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة لشئون اليونسكو.
وتُعقد القمة هذا العام في دورتها التاسعة تحت شعار: "مهارات المستقبل واقتصاد الذكاء الاصطناعي"، وسيتم الإعلان عن تفاصيل نتائج مؤشر المعرفة العالمي 2024، الذي يهدف إلى رصد الواقع المعرفي في أكثر من 130 دولة لدعم البيانات التنموية العالمية.
وشهدت الجلسة الافتتاحية مشاركة الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، وجمال بن حويرب المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، ولفيف من ممثلي البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة.
الأعلى للجامعات يوضح موعد امتحانات نصف العام.. ويؤكد: لا تعديل بالخريطة الزمنية التعليم العالي: أكثر من 28 ألفا تقدموا لانتخابات الاتحادات الطلابية للعام الجامعي 2024/2025 التعليم العالي: الجامعات المصرية بيت خبرة لدعم المشروعات القومية وخدمة التنمية التعليم العالي: معهد تيودور بلهارس للأبحاث يُطلق سلسلة ورش عمل لدعم الابتكار التعليم العالي تشارك في جلسة نقاشية حول الابتكار بالعالم الإسلامي ضمن COP29 البحث العلمي تعقد جلسة نقاشية عن تعزيز الوعي حول تأثير النوع الاجتماعي جامعة الجلالة وجامعة طوكيو اليابانية.. بداية شراكة أكاديمية متميزة Cairo ICT 24| مدبولي يتفقد جناح التعليم العالي.. وعاشور: ضخ استثمارات بـ10 مليارات جنيه معهد البحوث الفلكية يُنظم "مدرسة فلكية" لطلاب الجامعات رئيس هيئة الاستشعار من البُعد يبحث تعزيز التعاون مع سفير أستراليا بالقاهرةوناقشت جلسات اليوم الأول قضايا الذكاء الاصطناعي ومستقبل البشرية وعالم الأعمال وقطاعات التعليم والطاقة والعلوم.
كما تشمل القمة إقامة حفل تتويج للفائزين بـ"جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة 2024" التي تحتفي بالمؤسسات والأفراد، وتكافئ الذين لهم إسهامات واضحة في نشر المعرفة عالميًا تقديرًا لإنجازاتهم الرائدة في الجوانب المُتعلقة بالمعرفة والتنمية والابتكار والريادة والصحة وتطوير المؤسسات التعليمية والبحث العلمي والتكنولوجيا.
وتتضمن القمة إقامة مجموعة واسعة من الجلسات النقاشية والفعاليات المعرفية التي يشارك فيها نُخبة من أبرز الشخصيات العالمية في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا والاقتصاد والتعليم والبيئة وغيرها من القطاعات المحورية، بحضور لفيف من الخبراء والمُتخصصين من داخل دولة الإمارات وخارجها إلى جانب عدد من المؤثرين والأكاديميين وطلاب الجامعات والمُهتمين بتطوير الحراك المعرفي.
وعلى هامش فعاليات القمة، عقُد مؤتمر اليونسكو العالمي الثالث للموارد التعليمية المفتوحة، خلال الفترة من 19 - 20 نوفمبر الجاري، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، تحت شعار: "المنافع الرقمية العامة: حلول مفتوحة للوصول الشامل إلى المعرفة"، ويستقطب 500 مُشارك من الوزراء وكبار المسؤولين وصُناع القرار في التربية والتعليم، والخدمات الرقمية، والاتصالات، بالإضافة إلى كبار مسئولي اليونسكو والمنظمات الدولية والوطنية المعنية ورؤساء الجامعات والصف الأول من الأكاديميين.