اختتام فعالية صاحب العشيات ” عرار ” بالشعر والنقد .
تاريخ النشر: 25th, May 2024 GMT
#سواليف
#سواليف – محمد الاصغر محاسنه / اربد
اختتمت مساء أمس، في #بيت_عرار_الثقافي، فعالية الشعر والنقد ، والتي استمرت ليومين، بتنظيم من مديرية ثقافة اربد ومنتدى الجياد الثقافي، وحملت الاحتفالية التي شارك بها نخبة من الكتاب و #الشعراء، عنوانا استذكاريًا: ” ذكرى ميلاد ووفاة الشاعر مصطفى وهبي التل ” عرار ” .
اشتمل اليوم الأول على #قراءات_شعرية للشعراء: ” سعيد يعقوب ، حسن البوريني ، حسين الترك ” فيما تنوعت مفردات اليوم الثاني بين النقد والشعر، وقدّم الامسية الاعلامي الشاعر عمر ابو الهيجاء باقتدار ، حيث قدم الناقد الدكتور نضال القاسم ورقة استدرجت عنوانا لافتا: ” التجديد في تجربة عرار الشعرية ” قال فيها: كتب #عرار الشعر في سن مبكرة ، وحظي باهتمام خاص بين الاوساط الأدبية والثقافية العربية ، لافتا إلى خصوصية شعر عرار وتنوع أغراضه وأساليبه ونكهته المتميزة المرتبطة بسيرة حياته الحافلة بالتقلبات .
وأشار القاسم إلى دور عرار النضالي، ووقوفه إلى جانب المهمشين والطفارى، وانحيازه لمجتمع الغجر، ناقشا اسمه إلى جانب شعراء وكتاب عالميين أمثال، لوركا، ونيرودا ووالت ويتمان .
من جانبه قرأ الشاعر الدكتور محمد محمود محاسنه قصائد لغزة ولعرار ، ومما قرأ قصيدة بعنوان “السَّطرُ بعدُ الأخيرُ في سِفرِ التَّكوينِ”
“يَجترُّ فِي المنفى الرؤى مَع عُمرِهِ
ويعتّقُ الذّكرى كلوحِ قداسَةٍ
هو صاحبُ السردِ اللئيم بقصتي
هو ذلك الراوي العليمُ بكنهنا
ويؤثّثُ المعنى يراقب ظلَّهُ
مترنحا -في الوهمِ- يخدعُ نفسَهُ
فتلا على سِفرِ البدايةِ سطرِهِ
وأعاد أرضَ التّيه صوبَ مدارِها
وطوى المجرّةَ كالحصاةِ بمدّهِ
من غيبه الأزليّ جاء كنجمةٍ
كَتَمَ النَّزيفَ على غزارةِ نزفِهِ
وحنا على سعفِ النَّخيلِ لعلمِهِ
ومضوا إلى الأرضِ اليبابِ مصيرُهم
وتوسّموا رملَ المتاهةَ والذي
ورقمتُ من سطري الأخيرِ حقيقةً
ويلوكُ في الأزمانِ فارغَ صبرِِهِ
ينسابُ غيبا في مَتاهةِ سرِّهِ
والحِبكةُ الرعناءُ لعنةُ عصرِهِ
ومفسّرُ الحُلُمِ الرِّهيبِ بجمرِه
كي يستديرَ على الزمانِ بدورِه
حتى أفاقَ على رداءةِ خمرِه
فتشكّلتْ دُنيا بآخرِ سطره
وأراقَ فوقَ الأرضِ فتنةَ بحرِه
وكسا الحياةَ من الجميلِ بجزرِهِ
ليحزَّ سكينَ الظلامِ بصدرِهِ”.
تلاه الشاعر محمد تركي حجازي بقصائد عاينت الحال في غزة ، والذات ، ومن قصيدة ” من قصاصات مشنقة “، نقتطف:
ما للظباء على كفيك تنتحب
وملء عينيك ليل بارد تعب
تمجه من مقاهي الموت غانية
كانت بكل بقاع الأرض تغتصب
وكل أنشودة عذراء رتبها
طهر المزامير كانت فيك تنكتب
يجدف الضوء في خلجات نشوتها
صبح وتطرق من أنفاسها سحب
ما للظباء وقد جفت مرابعها
ونال منها الأسى والجوع والحرب
تجوب أيامك الصفراء تطردها
قبلئل المسك والوديان والقرب
فأي ماء إلى عينيك يحملها
وأي ضرع بهذا اليتم تحتلب
وكيف ترسم أحلاما مجنحة
بحائط النوم والأطياف تحترب؟ مقالات ذات صلة شعراء يعاينون احوال الذات والهم العام ويستحضرون عرار 2024/05/23
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف سواليف بيت عرار الثقافي الشعراء قراءات شعرية عرار
إقرأ أيضاً:
تعقيب على مذكرات محمد سيد أحمد الحسن
بقلم عبد الله رزق ابو سيمازه
على مشارف المائة (حيث ولد حوالي عام ١٩٣٠)، توفي السيد محمد سيد أحمد الحسن، بعد حياة عمرها بالكدح، وبالكفاح والنضال، كناشط وفاعل إيجابي في وسطه الاجتماعي والسياسي، كما تعكس ذلك مذكراته التي أعدها وحررها، ابنه المهندس عادل سيد أحمد، تحت عنوان: (في سياق الأحداث: مذكرات محمد سيد أحمد الحسن)، والتي يمكن النظر إليها، أيضا، كأمثولة في البر بالوالدين.
ورغم تقدمه في السن، فقد حافظ الراوي، وهو يملي مذكراته، على ذاكرة متقدة، مكنته من استعادة تفاصيل ما عاشه او عايشه من الوقائع والأحداث المهمة، والاسماء والتواريخ، بكثير من الدقة.
تعكس المذكرات، من ناحية، الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية، لمنطقة حيوية من مناطق الخرطوم، هي منطقة الديوم، جنوب السكة حديد، وتوثق، من ناحية أخرى، مساهمة صاحب السيرة، محمد سيد أحمد الحسن، في تلك الحياة، بكل تنوعها وعنفوانها. وقد اؤتي محمد سيد أحمد، وهو الذي لم يتلق تعليما نظاميا كافيا ومتقدما، حظا كبيرا من الكاريزما وقوة الارادة، والمهارات و الجدارات القيادية التي اهلته لأن يكون في الطليعة دائما : رئيسا لفرع الحزب الشيوعي بالمنطقة منذ أن انتمي للحزب، وسكرتيرا للمديرية، ورئيسا للنادي و للجمعية التعاونية والخيرية، وقائدا نقابيا بارزا، ومن قبل، شغل موقع مرشد لجماعة الاخوان المسلمين... (لحسن الحظ، فان الجماعة، على عهد مؤسسها، حينذاك، على طالب الله، لم تكن حزبا سياسيا، وإنما كانت مجرد جمعية دينية تحض على مكارم الأخلاق.)
شكل نشاط محمد سيد أحمد ضمن الحزب الشيوعي، في المنطقة، جانبا كبيرا من المذكرات، والتي غلب عليها طابع القصص والحكايات القصيرة والنوادر، حيث يتجلى التاريخ، الذي يصنعه الناس العاديون، وهم يمارسون حياتهم العادية، دون جلبة او ضوضاء، او كثير ادعاء، فيما اختار لها المحرر، المهندس عادل سيد أحمد، قالب الانترفيو (Interview)، بدلا من السرد، كشكل فني، ربما لم يكن معهودا، في كتابة المذكرات.
لكن صاحب المذكرات لم يكن مجرد كادر سياسي في حزب ثوري. فهو، مثل مالكولم إكس، ثقف نفسه بنفسه، عبر اطلاع واسع، ليبرهن بأن القراءة المثابرة، تعين في تغيير الفرد، وبما تفتحه أمامه من آفاق للمعرفة غير نهائية، تمكنه من المساهمة على نحو فعال في تغيير مجتمعه. فالراوي، ومنذ ان غادر مسقط رأسه في المقل، في أقصى شمال البلاد، قاصدا الخرطوم، وهو صبي يحمل في دواخله مشروع رجل عصامي، قد توفر على عقلية متفتحة، وطاقة ديناميكية، يسرت له النجاح باستمرار في سوق العمل، بالذات، الميدان الحيوي للنشاط الفاعلية. فهو لم يكتف بالعمل في شركة شل، لكنه ارتاد ميادين أخرى للعمل، انعكس في ترقي وضعه الاجتماعي، حتى ان بعض زملائه في الحزب استنكف التعامل معه بحجة انه أصبح برجوازيا، ويعيش في مستوى حياتي مترف: البيت الفخم المزود بالثلاجة والتلفزيون بجانب السيارة.. الخ
ولان محمد سيد أحمد، صاحب السيرة، قد شغل، من جهة، والي حد كبير بحياة الفكر، على حد تعبير إتش دي لورانس، وحياة الكدح وبالكفاح، والنضال، في جبهاته المتعددة: فرع الحزب، النقابة، الجمعية التعاونية، النادي.. الخ، من الجهة الأخرى، فقد غابت من مذكراته ملامح الحياة الثقافية والفنية والرياضية لمنطقة الديوم، والتي كانت عاصمة لفن الغناء، خاصة، موازية لأم درمان.
غير بعيد من هذا السياق، َوردت، عرضا، الإشارة لبيت العزابة، دون تفصيل. وبيت العزابة، والذي قد يكون وكرا حزبيا، تنعقد فيه الاجتماعات، وتخرج منه المنشورات، ويختفي فيه الملاحقون والمطاردون من قبل الأجهزة الأمنية. فهو ظاهرة او كينونة اجتماعية - ثقافية - سياسية شديدة الاثارة. وقد اشتهرت بيوت العزابة، في المدن الكبيرة خاصة، باحتضانها القعدات، التي يؤمها سياسيون وأدباء ومغنون، وجمعت، بجانب شريحة الأفندية، فسيفساء من أبناء الطبقة الوسطى، حيث وفرت لهم إطارا لممارسة حيواتهم السرية. بجانب ذلك كانت مختبرا لكثير من ناشئة الفنانين لإنضاج تجاربهم وتلمس خطاهم على طريق الفن..
وعلى الرغم مما توفر لصاحب المذكرات من قدرات وخبرات ومعرفة ووعي، إلا أن القارئ قد يلاحظ انه، كناشط سياسي، كان ينقصه الطموح. فلم يتطلع لان يكون عضوا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، الشفيع احمد الشيخ، مثلا. ولم ينخرط بقوة في الصراع الداخلي، لترجيح كفة اي من طرفي الصراع، أثر الخلاف الذي أحدثه الموقف من انقلاب ٢٥ مايو ١٩٦٩، وما ترتب عليه من صراعات وانقسام في الحزب. وقد انتهى به هذا الاستنكاف الصراع، والذي ربما كان منطلقه رؤية مثالية للحزب وللشيوعية، موغلة في الرومانسية الثورية، الي أن يرى في الانقسام نهاية الحزب، ومبرر، من ثم، لاعتزاله العمل العام.
خلت المذكرات، بشكل لافت للنظر، من تعليق صاحب المذكرات على فوز السكرتير العام للحزب الشيوعي، محمد ابراهيم نقد، في دائرة الديوم وحي الزهور، في انتخابات عام ١٩٨٦، والذي قد يري فيه محصلة تراكمية لجهوده ونضالات مع زملائه من الشيوعيين، وتتويجا لتلك الجهود والنضالات الممتدة.
عبد الله رزق ابو سيمازه
القاهرة - الخميس ٣٠ يناير ٢٠٢٥م.
amsidahmed@outlook.com