ما مصير الشراكة الإيرانية الروسية بالمجال الاقتصادي بعد وفاة رئيسي؟
تاريخ النشر: 25th, May 2024 GMT
الاقتصاد نيوز - متابعة
عُرف الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان، اللذان قضيا في حادثة تحطم المروحية الرئاسية في محافظة أذربيجان الشرقية في 19 مايو/أيار الحالي، بانتمائهما إلى اللوبي الإيراني الداعم للدفع قدماً بالعلاقات مع موسكو، ما يفرض تساؤلات عمّا إذا كان مقتلهما سيؤثر على الشراكة الإيرانية الروسية.
وشهدت سنوات حكم رئيسي (انتخب رئيساً في يونيو/حزيران 2021) الذي تمّ توديعه إلى مثواه الأخير أول من أمس الخميس (في مشهد)، تطوراً لافتاً للعلاقات الروسية الإيرانية، والشراكة الإيرانية الروسية بما فيها مشاريع مشتركة في قطاع الغاز بقيمة مليارات الدولارات، والمضي قدماً في تحقيق مشروع ممر النقل “الشمال – الجنوب”، والاستفادة الروسية من التجربة الإيرانية في التعايش مع العقوبات، والتعاون العسكري التقني، لاسيما على ضوء اعتماد روسيا على المسّيرات الإيرانية في حربها مع أوكرانيا.
إلا أن النائب الأول للرئيس الإيراني محمد مخبر، الذي سيقوم بأعمال الرئيس بالوكالة لمدة 50 يوماً حتى إجراء الانتخابات الرئاسية (حُدّد موعدها في 28 يونيو/حزيران المقبل)، يُعرف هو الآخر بمناصرته تطوير الشراكة الإيرانية الروسية والعلاقات مع روسيا، وشارك عام 2022 في المفاوضات المتعلقة بالجوانب العسكرية للتعاون، وبصفة خاصة إمدادات مسيّرات “شاهد” الإيرانية. ولما كانت الكلمة الأخيرة في إيران للمرشد الأعلى، ما كان للتقارب بين البلدين الخاضعين للعقوبات أن يتم من دون مباركته، ما يعزّز الترجيحات بأن الشراكة الإيرانية الروسية بعد مقتل رئيسي ستستمر في التطور.
وتوقع رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط في موسكو، مراد صادق زاده، استمرار النهج الإيراني الحالي نحو تعزيز العلاقات مع الدول من الكتلة الشرقية، بما فيها روسيا، بعد أن أدركت القيادة العليا للبلاد مأزق التوجه نحو التقارب مع الغرب في عهد الرئيس الإصلاحي حسن روحاني. وقال صادق زاده: “ليس سرّاً أن رئيسي نظراً لانتمائه لكتلة المحافظين، كان من أنصار اتباع الخط المتشدد في السياسة الخارجية وتطوير العلاقات ضمن المحور الشرقي، بما فيها الصين والهند وروسيا والدول الصديقة في المنطقة، أي كافة البلدان غير الغربية”.
وقلّل صادق زاده من احتمال حدوث تغييرات هامة في السياسة الخارجية الإيرانية بعد انتخاب رئيس إيراني جديد أو أن يؤثر ذلك على الشراكة الإيرانية الروسية بقوله إن “الرئيس في إيران له صلاحيات تنفيذية وقدر من الثقل في وضع ملامح السياسة الخارجية للبلاد، ولكن مجلس خبراء القيادة والمرشد الأعلى هما اللذان يحددان خطوطها العريضة”.
وحول رؤيته لأسباب تحول إيران من النهج الإصلاحي إلى الخط المتشدد بقيادة رئيسي، قال: “أدركت القيادة الإيرانية العليا أن من الصعب التوصل إلى اتفاقات مع الغرب، فأصبحت الأولوية للشراكة الشرقية وتعزيز مكانة البلاد في المنظمات الدولية مثل منظمة شنغهاي للتعاون ونيل العضوية الكاملة في مجموعة بريكس منذ بداية العام الحالي، ومن المنتظر أن يشارك الرئيس الجديد في قمتها في مدينة قازان الروسية في الخريف المقبل”. وعلى الصعيد الإيراني الداخلي، استبعد صادق زاده احتمال وقوع أي اضطرابات، قائلاً: “منظومة السلطة الإيرانية صامدة إلى حد كبير، وقد تم تكليف نائب الرئيس محمد مخبر، بتولي الرئاسة بشكل مؤقت حتى إجراء الانتخابات الرئاسية، ما يعني أن غياب العنصر الهام مثل الرئيس لا يؤدي إلى انهيار المنظومة”.
الإصلاحيون مُبعدون؟بدوره، توقع الصحافي والمستشرق الروسي، رسلان سلیمانوف، ألا تشهد السياسة الخارجية الإيرانية أي تغييرات تذكر على المستويين الإقليمي والدولي بعد انتخاب رئيس جديد، مرجحا ألا يسمح مجلس صيانة الدستور لأي مرشح إصلاحي بخوض سباق الرئاسيات.
وقال سليمانوف، إن “مشاركة أي مرشح سواء في الانتخابات الرئاسية أو التشريعية في إيران مرهونة بموافقة مجلس صيانة الدستور الذي لم يعد منذ عام 2020 يحبذ أنصار التيار الإصلاحي”، مذكرا بأن رئيسي فاز بسهولة في انتخابات عام 2021 بغياب أي منافس إصلاحي للمرة الأولى في التاريخ الإيراني المعاصر. وتوقع ألا يسمح مجلس صيانة الدستور للإصلاحيين بخوض الانتخابات المرتقبة، مضيفاً: “من المعلوم أن رئيس الجمهورية في إيران لا يؤدي دوراً محورياً في صياغة سياسات البلاد بشقيها الداخلي والخارجي، إذ إن المرشد الأعلى هو الشخص المنوط به ذلك، بينما تقتصر المهام الرئاسية على تطبيق هذه السياسات”.
وجزم سليمانوف باستمرار تماسك النخبة السياسية الإيرانية بعد مقتل رئيسي، قائلاً إن “إبراهيم رئيسي هو أول رئيس إيراني لم تنشب أي خلافات بينه وبين المرشد الأعلى، ولا أتوقع أي تغيير في سياسة إيران بعد انتخاب رئيس جديد كونه سيطبق سياسات المرشد الأعلى والحرس الثوري الداعم له”. وأخذاً بعين الاعتبار التوتر الإيراني الإسرائيلي الأخير، لم يستبعد سليمانوف “احتمال تشديد نهج سياسة إيران الخارجية حيال إسرائيل والمنطقة بشكل عام”.
من جهته، حذّر النائب الأول لمندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، دميتري بوليانسكي، أمس الجمعة، من أن مقتل رئيسي وعبد اللهيان قد يفاقم الوضع المتوتر أصلاً في الشرق الأوسط. وقال بوليانسكي في حديث لوكالة نوفوستي الحكومية الروسية: “الوضع في الشرق الأوسط حالياً متوتر إلى الحد أن أي حدث قد يؤثر عليه. يعتمد ذلك على كيفية استغلال الوضع وتداعياته”.
وعلى صعيد الرئاسة الروسية، أبدت روسيا تضامنا مع إيران منذ فقدان مروحية رئيسي، إذ وجّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بإرسال طائرتين من طراز “إيل-76” للمشاركة في أعمال البحث والإغاثة. وبعد تأكد أنباء مقتل رئيسي، وصفه بوتين بأنه كان “صديقاً حقيقياً لروسيا”، وأوفد رئيس مجلس الدوما (النواب)، فياتشيسلاف فولودين، للمشاركة في مراسم تأبينه.
تحميلالمصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار السیاسة الخارجیة مقتل رئیسی فی إیران
إقرأ أيضاً:
رئيس وزراء قطر يُحذر: أي هجوم على منشآت إيران النووية قد يؤدي لكارثة بيئية بالمنطقة
حذَّر رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، من أن أي هجوم على المنشآت النووية الإيرانية، وخاصة محطة بوشهر المطلة على الخليج العربي، قد يتسبب في كارثة بيئية ومائية تؤثر على جميع دول المنطقة.
خطر يهدد مياه الخليجوفي مقابلة مع الإعلامي الأميركي تاكر كارلسون، القريب من الرئيس السابق دونالد ترامب، كشف الشيخ محمد أن قطر أجرت محاكاة لآثار مثل هذا الهجوم، وتوصلت إلى أن البحر سيصبح ملوثًا بالكامل، مما سيؤدي إلى نفاد المياه العذبة في قطر خلال ثلاثة أيام.
وأشار إلى أن بلاده زادت من سعة تخزين المياه منذ ذلك الحين، لكنها لا تزال تواجه خطرًا مشتركًا مع بقية دول الخليج في حال وقوع كارثة نووية أو بيئية.
تداعيات خطيرة على المنطقةوأكد رئيس الوزراء القطري أن أي هجوم على المنشآت النووية الإيرانية سيؤدي إلى تلويث مياه الخليج بالكامل، مما سيؤثر على إمدادات مياه الشرب في قطر وبقية دول الخليج التي تعتمد على تحلية مياه البحر. كما سيؤدي ذلك إلى تدمير الحياة البحرية، مما يتسبب في انهيار الثروة السمكية في المنطقة.
وشدد على أن ضرب "نووي" إيران سينتج عنه مخاطر بيئية وصحية طويلة الأمد، تؤثر على سكان الخليج العربي.
موقف قطر من التصعيد العسكريأكد الشيخ محمد أن قطر تعارض أي عمل عسكري ضد إيران، وأنها ترى أن الحل يجب أن يكون دبلوماسيًا بين واشنطن وطهران. وأضاف أن إيران أبدت استعدادها لإصلاح علاقاتها مع دول الجوار، مما يعزز فرص التوصل إلى حل سياسي بدلاً من المواجهة العسكرية.
تأتي هذه التصريحات في نفس اليوم الذي أعلن فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه دعا إيران إلى المحادثات النووية، لكنه قال أيضًا: "أفضل التوصل إلى اتفاق سلام، لكن الحل الآخر (العمل العسكري) يظل خيارًا".
وكان ترامب قد انسحب من الاتفاق النووي لعام 2015 خلال ولايته الأولى، مما أدى إلى تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران.
محطة بوشهر النووية في دائرة الخطرتمتلك إيران محطة للطاقة النووية في بوشهر على ساحل الخليج، لكن منشآت تخصيب اليورانيوم، التي تعد أساسية في إنتاج الأسلحة النووية، تقع على بعد مئات الكيلومترات في الداخل.
وتخشى دول الخليج من أن أي ضربة عسكرية لهذه المنشآت قد تؤدي إلى كارثة نووية تمتد تداعياتها إلى جميع دول المنطقة.