هل تمر المنطقة بتحولات عميقة بعد وفاة رئيسي ومرض ملك السعودية؟
تاريخ النشر: 25th, May 2024 GMT
تمر كل من المملكة العربية السعودية وإيران بمرحلة تشير إلى أن كلا البلدين يقفا على حافة تحول عميق، وذلك بعد وفاة الرئيس الإيران إبراهيم رئيسي جراء تحطم طائرته المروحية قبل أيام ومرض العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وفقا لمقال نشرته مجلة "إيكونوميست".
وقال المقال الذي ترجمته "عربي21"، إنه "منذ آذار/ مارس 2023، عندما اتفقت إيران والسعودية على استعادة العلاقات الدبلوماسية، حاول الخصمان على مدى فترة طويلة إظهار الصداقة".
وأضاف أن "ذلك الروتين لم يكن مقنعا. ثم، للحظة واحدة هذا الشهر، بدا وكأنهم يأخذون هذه الوحدة الشكلية إلى مستوى آخر. اختفى الرئيس الإيراني، ومرض العاهل السعودي. لقد كان ذلك بمثابة تذكير بأن كلا البلدين على حافة تحول عميق".
وأشار إلى أن وفاة إبراهيم رئيسي في حادث تحطم طائرة هليكوبتر يوم 19 أيار/ مايو، أدت إلى "دخول إيران في حالة من عدم اليقين السياسي. لكن أي شخص يأمل في أن تصبح أقل عدوانية في المنطقة من المرجح أن يصاب بخيبة أمل. ولم يكن رئيسي المهندس الرئيسي للسياسة الخارجية الإيرانية. وبغض النظر عمن سيحل محله كرئيس، فسوف تستمر إيران في دعم الميليشيات في جميع أنحاء الشرق الأوسط والسعي إلى إقامة علاقات أوثق مع روسيا والصين. ومن غير المرجح أن تهدأ مواجهتها النووية مع الغرب".
ومع ذلك، يرى المقال أن وفاة رئيسي "ستحدث تداعيات في الخارج. ولم يكن رئيسي وحده على متن المروحية: فقد قُتل وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان في الحادث. كان المسؤولون العرب مولعين به بشكل مدهش، فهو دبلوماسي يتحدث لغتهم ويعرف المنطقة. وكانت له علاقات وثيقة مع حزب الله وغيره من الجماعات المدعومة من إيران".
و"على النقيض من ذلك، وجد الدبلوماسيون الأوروبيون محاضراته لا تطاق. وهم أكثر سعادة ببديله المؤقت، علي باقري كاني، المحافظ المقرب من المرشد الأعلى لإيران ولكنه يظل منفتحا على إجراء مناقشات جادة مع نظرائه الغربيين. لقد كان المفاوض الرئيسي لإيران في المحاولات الفاشلة لإحياء الاتفاق النووي متعدد الأطراف"، وفقا للمقال.
وذكر أنه "قبل أيام من وفاة رئيسي، عقدت أمريكا وإيران محادثات غير مباشرة في عمان (مثل باقري كاني إيران). وأعربوا عن أملهم في تهدئة التوترات في المنطقة بعد سلسلة من الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران الشهر الماضي. وربما تم تعليق هذا الحوار الآن. ومن غير المرجح أن تقوم إيران بالكثير من الدبلوماسية قبل إجراء الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 28 حزيران/ يونيو. وبحلول الوقت الذي يتولى فيه رئيس إيراني جديد منصبه ويشكل حكومته، ستكون أمريكا قريبة من الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/ نوفمبر. لن يكون هناك سوى القليل من الوقت لأية دبلوماسية جادة".
وقال المقال إنه "بدلا من ذلك، سوف تركز أمريكا على التوصل إلى اتفاق في مكان آخر. وفي نفس اليوم الذي تحطمت فيه مروحية رئيسي، أعلنت السعودية أن الملك سلمان، عاهلها البالغ من العمر 88 عاما، يتلقى العلاج من الالتهاب الرئوي في قصره في جدة".
وكانت هذه هي المرة الثانية التي يعاني فيها من مخاوف صحية خلال شهر واحد، بعد فترة قصيرة قضاها في المستشفى في نيسان/ أبريل. وقد التزم الديوان الملكي الصمت بشأن حالته. لكن الأمر كان خطيرا بما فيه الكفاية، حيث قام محمد بن سلمان، ولي العهد، بتأجيل زيارة مقررة إلى اليابان وبقي قريبا من الوطن.
وعلى النقيض من حالة إيران، تشير المجلة إلى أنه "لا توجد تساؤلات حول الخلافة في السعودية: فالأمير محمد سوف يتولى العرش بعد وفاة والده. لقد كان الحاكم الفعلي للمملكة منذ أن أصبح وريثا واضحا في عام 2017. ولسنوات، تساءل المراقبون السعوديون عما إذا كان والده يمتلك حق النقض على بعض القضايا المفضلة: التطبيع مع إسرائيل، على سبيل المثال، أو تقنين الخمور في المملكة. ربما كان الغموض يناسب الأمير محمد، لأنه سمح له بالتحرك ببطء بشأن القرارات المثيرة للجدل. لكن الأمر سينتهي بمجرد أن يصبح ملكا، وهذا ليس بعيدا: فحتى لو تعافى الملك سلمان من الالتهاب الرئوي، فمن المحتمل أنه لن يكون لديه وقت طويل ليعيشه"، وفقا لما ذكر المقال.
وأشار إلى إنه "في 19 أيار/ مايو، التقى الأمير محمد مع جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، للحديث عن معاهدة دفاع. ومن المفترض أن تكون جزءا من صفقة أوسع من شأنها أن تشهد أيضا تطبيع السعودية لعلاقاتها مع إسرائيل. لكن السعوديين يقولون إنهم لا يستطيعون اتخاذ مثل هذه الخطوة ما لم تلتزم إسرائيل بإنشاء دولة فلسطينية، وهو أمر لن يقبله رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أبدا".
وقال إنه "مع عرقلة التوصل إلى اتفاق ثلاثي، يسعى السعوديون بدلا من ذلك إلى التوصل إلى اتفاق ثنائي مع أمريكا. وسوف يوافقون على تقليص العلاقات مع الصين، مقابل معاهدة الدفاع والمساعدة الأميركية في برنامج نووي. وسيتعهدون أيضا بتطبيع العلاقات مع إسرائيل بمجرد أن تجعل الحكومة الإسرائيلية الجديدة ذلك ممكنا. وربما لا يكون ذلك بعيدا، لأن نتنياهو محاصر الآن وقد يتم توجيه الاتهام إليه قريبا بارتكاب جرائم حرب".
ومع ذلك، أضافت المجلة أن المسؤولين الأمريكيين يقولون إن "هذا ليس بداية جيدة، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنه من غير المرجح أن يتم تمرير معاهدة الدفاع في مجلس الشيوخ إذا لم تكن مرتبطة بالتطبيع السعودي الإسرائيلي. وهذا يترك الملك السعودي المستقبلي أمام خيار صعب. ويمكنه الاعتراف بإسرائيل دون أي تنازلات من نتنياهو، الأمر الذي من شأنه أن يضمن اتفاقية الدفاع ولكن مع مخاطر الغضب الداخلي والإقليمي. أو يمكنه تأجيل الصفقة برمتها إلى أجل غير مسمى".
واختتم المقال بالقول إن "كل هذا يشكّل لحظة غريبة. لم يكن رئيسي الرجل الأقوى في الجمهورية الإسلامية، ويمكن القول إن الملك سلمان ليس الأقوى في السعودية. ومع ذلك، فإن وفاة الأول ومرض الأخير يبشران بلحظة من التغيير الحقيقي في المنطقة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية السعودية الإيران رئيسي إيران السعودية ابن سلمان رئيسي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الملک سلمان المرجح أن إلى أن لم یکن
إقرأ أيضاً:
هل تخلت إسرائيل عن ضرب منشآت إيران النووية بسبب ترامب؟
في ظل المحادثات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران حول الاتفاق النووي، يبدو أن إسرائيل غيرت موقفها من شن هجوم عسكري على المنشآت النووية الإيرانية، بعد دخول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، فثمة تحول في الاستراتيجية الإسرائيلية، حيث تفضل الآن الطريق الدبلوماسي على الخيار العسكري.
هكذا يعتقد المحلل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية، إيتمار آيخنر، ففي تقرير له يذكّر بأن إسرائيل عارضت لسنوات طويلة أي اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي، معتبرة أن طهران تسعى إلى تطوير أسلحة نووية تحت غطاء برنامجها النووي السلمي.
وقد قدمت إسرائيل أدلة ووثائق، مثل ما أسماه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "الأرشيف النووي"، لتأكيد انتهاكات إيران للاتفاق النووي الموقع في 2015، والذي انسحبت منه الولايات المتحدة في 2018 تحت إدارة ترامب الأولى.
دبلوماسية بديلا للتهديدويقول آيخنر إن إسرائيل كانت دائما تفضل خيار الضربات العسكرية كوسيلة لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية. ومع ذلك، يبدو أن التهديدات المتكررة بشن هجوم مشترك مع الولايات المتحدة قد تراجعت في ظل التطورات الأخيرة، خاصة بعد أن بدأت إدارة ترامب محادثات مع طهران.
إعلانفمع عودة ترامب إلى السلطة، بدأت الولايات المتحدة في إجراء محادثات مع إيران عبر وسيط سويسري، مما أدى إلى تغيير في حسابات إسرائيل.
ووفقا للتقرير، فإن إسرائيل، التي كانت تعارض أي اتفاق مع إيران، أصبحت الآن أكثر انفتاحا على الخيار الدبلوماسي، شريطة أن يمنع الاتفاق إيران من الحصول على أسلحة نووية.
وقد أعلن ترامب مؤخرا أنه أرسل رسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي يدعوه فيها إلى التفاوض على اتفاق نووي جديد. وقال ترامب في مقابلة مع قناة فوكس نيوز "آمل أن تجري مفاوضات، لأنها ستكون أفضل بكثير لإيران". هذه الخطوة جاءت بعد أن اتصلت إيران بالولايات المتحدة عبر سويسرا لاستكشاف إمكانية إجراء محادثات.
كما واصل ترامب تهديداته ضد إيران، حيث قال في تصريحات صحفية "نحن في المراحل النهائية مع إيران، سيكون الأمر مثيرا للاهتمام، نحن في اللحظات الأخيرة.. على أي حال، ستكون مشكلة كبيرة. إنه وقت مثير للاهتمام في تاريخ العالم، ولكن هناك وضع مع إيران أن شيئا ما سيحدث قريبا، قريبا جدا".
خيارات إسرائيلووفقا للمحلل السياسي، فإن إسرائيل تدرس في الوقت الحالي عدة خيارات للتعامل مع الملف النووي الإيراني، بما في ذلك فرض عقوبات أكثر صرامة، والحفاظ على خيار عسكري ذي مصداقية، ودعم المحادثات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران.
ويضيف "وعلى الرغم من أن إسرائيل لا تثق تماما في إيران، إلا أنها لا تستبعد إمكانية التوصل إلى اتفاق جديد إذا كان ذلك سيحقق الهدف الأساسي المتمثل في منع طهران من امتلاك أسلحة نووية".
ويلفت في هذا السياق إلى تصريح مسؤول إسرائيلي لصحيفة واشنطن بوست بأن إسرائيل كانت قد صاغت خططا لهجوم مشترك مع الولايات المتحدة ضد المنشآت النووية الإيرانية بعد هجوم أكتوبر الأخير. ومع ذلك، فإن التطورات الأخيرة تشير إلى أن إسرائيل تفضل الآن المسار الدبلوماسي، خاصة في ظل التنسيق الكبير بين واشنطن وتل أبيب فيما يتعلق بالتعامل مع إيران.
إعلانويقول المحلل السياسي إنه على الرغم من التحول نحو الدبلوماسية، فإن إسرائيل لا تزال تحتفظ بخيار الضربة العسكرية كاحتمال قائم، مشيرا في هذا السياق إلى أن إسرائيل أجرت مؤخرا مناورات عسكرية مشتركة مع الولايات المتحدة، حيث شاركت طائرات مقاتلة إسرائيلية مع قاذفات أميركية.
ويؤكد أن "هذه المناورات، التي تحدث في ظل إدارة ترامب، تهدف إلى إرسال رسالة واضحة إلى إيران مفادها أن الدولتين منسقتان وتريدان تحقيق نفس الهدف، بغض النظر عن الطريق الذي سيتم اختياره".
ويسلط آيخنر الضوء على التصريحات الإيرانية المضادة، ومنها تصريح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لوكالة الأنباء الفرنسية، حينما قال إن برنامج إيران النووي لا يمكن تدميره بعمل عسكري، مشيرا إلى أن إيران لن تتردد في الرد بشكل حاسم إذا تعرضت منشآتها النووية للهجوم، وأن أي هجوم إسرائيلي على إيران سيؤدي إلى اندلاع حريق واسع في الشرق الأوسط.
ويلفت إلى رغبة إيران الحقيقية في التوصل لاتفاق نووي مع الغرب، لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى رفع العقوبات وتحسين الوضع الاقتصادي في البلاد.
ولكن آيخنر الذي يرى أن "الثقة بين الطرفين لا تزال في أدنى مستوياتها، مما يجعل أي تقدم نحو اتفاق نووي جديد تحديا كبيرا"، يؤكد أن الخيارات مفتوحة، سواء كانت دبلوماسية أو عسكرية بالتنسيق مع الولايات المتحدة.
ويختم المحلل السياسي تقريره، قائلا "مع استمرار المحادثات والتهديدات يبقى مستقبل العلاقات بين هذه الأطراف غير مؤكد، لكن التطورات الأخيرة تشير إلى أن الدبلوماسية قد تكون الطريق الأفضل لتحقيق الاستقرار في المنطقة".