قضت محكمة فرنسية، الجمعة، بالسجن مدى الحياة على 3 مسؤولين أمنيين رفيعي المستوى في النظام السوري، إثر محاكمتهم غيابيا بتهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، على خلفية مقتل فرنسيين سوريين اعتُقلا عام 2013.

كذلك، أمرت محكمة الجنايات في باريس بإبقاء مفاعيل مذكرات التوقيف الدولية التي تستهدف كلا من المدير السابق لمكتب الأمن الوطني علي مملوك، والمدير السابق للاستخبارات الجوية جميل حسن، والمدير السابق لفرع التحقيق في الاستخبارات الجوية عبد السلام محمود.

وبعد نطق الحكم، وقف الحاضرون في القاعة وصفّقوا احتفاء بأول حكم يصدر في فرنسا بهذا الشأن.

وقالت كليمانس بيكتارت التي دافعت عن عدد من الأطراف المدنية في هذه القضية، إن "هذه أول محاكمة تُحاكم وتدين مسؤولين كبارا في نظام الرئيس بشار الأسد بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية".

وأضافت أن هذا الحُكم "يتردد صداه لدى مئات آلاف السوريات والسوريين الذين ما زالوا ينتظرون العدالة".

وتغيّب الرجال الثلاثة الذين يرجّح أنهم ما زالوا في سوريا عن المحاكمة، وبالتالي حوكموا غيابيا. كما لم يعينوا أي محام للدفاع عنهم في الجلسة.

وإذا ما أوقِفوا في المستقبل، فبإمكانهم إما أن يقبلوا بالحكم وإما أن يقدموا اعتراضا، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى محاكمة جديدة وبحضورهم هذه المرة، وفقا للقانون الفرنسي.

وسبق لمسؤولين أقل شأنا أن خضعوا لمحاكمات في أماكن أخرى في أوروبا، خصوصا في ألمانيا، بشأن انتهاكات النظام. كما حضر هؤلاء جلسات الاستماع.

وترتبط القضية في فرنسا بالضحيتين باتريك الدباغ ووالده مازن. وكان باتريك (وُلد عام 1993) طالبا في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في دمشق، بينما كان والده (وُلد عام 1956) مستشارا تربويا رئيسيا في المدرسة الفرنسية بالعاصمة السورية.

وفاة تحت التعذيب

واعتُقل الأب وابنه في نوفمبر/تشرين الثاني 2013 على يد عناصر قالوا إنهم من جهاز المخابرات الجوية السورية.

وحسب صهر مازن الذي اعتُقل في الوقت ذاته ثم أُطلق سراحه بعد يومين، نُقل الرجلان اللذان يحملان الجنسيتين الفرنسية والسورية، إلى مطار المزة قرب دمشق الذي يوصف بأنه أحد أسوأ مراكز التعذيب التابعة للنظام.

إثر ذلك، غابت أي مؤشرات بأنهما على قيد الحياة، إلى أن تم الإعلان عن وفاتهما في أغسطس/آب 2018.

ووفق شهادات الوفاة المرسلة إلى العائلة، فقد توفي باتريك يوم 21 يناير/كانون الثاني 2014، ومازن يوم 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2017.

وفي اللائحة الاتهامية، اعتبر قضاة التحقيق أنه "من الثابت بما فيه الكفاية" أن الرجلين "عانيا، مثل آلاف المعتقلين لدى المخابرات الجوية، تعذيبا قاسيا لدرجة أنهما ماتا بسببه".

شهادات ووقائع

وفي السياق ذاته، قدم عشرات الشهود، من بينهم عديد من الفارين من الجيش السوري والمحتجزين السابقين في المزة، تفاصيل للمحققين الفرنسيين واللجنة الدولية للعدالة والمساءلة، وهي منظمة غير حكومية، بشأن التعذيب في هذا السجن. وتحدثوا عن الضرب بقضبان من الحديد على أخمص القدمين وصدمات كهربائية وعنف جنسي.

من ناحية أخرى، طُردت زوجة مازن الدباغ وابنته من منزلهما في دمشق الذي استولى عليه عبد السلام محمود.

ونص الاتهام على أن هذه الوقائع "من المرجح أن تشكل جرائم حرب وابتزاز"، كما أن "الحجز على ممتلكات سوريين اختفوا أو وُضعوا في معتقلات أو مهجرين قسرا أو لاجئين، كان ممارسة منتشرة للنظام السوري".

وقالت المحامية كليمانس بيكتارت التي تمثل عددا من الأطراف المدنية إن "كثيرين قد يعتبرون هذه المحاكمة رمزية، لكنها جزء من عملية طويلة وتجب قراءتها في ضوء المحاكمات".

وأضافت أن "كل هذا يصب في جهد لمكافحة الإفلات من العقاب على جرائم النظام السوري، وهو الأمر الأكثر أهمية، لأن هذا الكفاح من أجل العدالة هو أيضا كفاح من أجل الحقيقة".

وتابعت بيكتارت "نميل لأن ننسى أن جرائم النظام لا تزال تُرتكب حتى اليوم"، مشيرة إلى أن هذه المحاكمة بمثابة تذكير بأنه "يجب ألا نقوم بأي حال من الأحوال بتطبيع العلاقات مع نظام بشار الأسد".

وتشهد سوريا منذ عام 2011 نزاعا داميا تسبب في مقتل أكثر من نصف مليون شخص، وفق منظمات حقوقية، وألحق دمارا هائلا بالبنى التحتية وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.

ولا يزال من المجهول مصير عشرات الآلاف من المفقودين والمخطوفين والمعتقلين لدى أطراف النزاع كافة، خصوصا في سجون ومعتقلات النظام السوري.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات النظام السوری

إقرأ أيضاً:

معهد سياسي فرنسي يحظر مؤتمرا لنائبة أوروبية مؤيدة للفلسطينيين

حظر معهد الدراسات السياسية في باريس مؤتمرا لعضو البرلمان الأوروبي ريما حسن، الفرنسية-الفلسطينية المنتمية إلى حزب فرنسا الأبية كان من المقرر عقده الجمعة، وفق ما أعلنت النائبة، الثلاثاء.

وأكدت إدارة المعهد المعروف باسم "سيانس بو" لوكالة "فرانس برس" أن مدير المعهد "لوي فاسي لم يعط الإذن لعقد هذا المؤتمر بسبب خطر الإخلال بالنظام العام".

وكانت ريما حسن أعلنت في منشور على منصة "إكس" أن مدير "سيانس بو" عمد للتو إلى "حظر المؤتمر الذي كان من المقرر أن أعقده، الجمعة، في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر. السبب المعلن: خطر الإخلال بالنظام العام".

واستنكرت حسن "الرقابة على الأصوات التي تندّد بالإبادة الجماعية الجارية" في غزة، موضحة أنها ستحيل الأمر على القضاء الإداري لإجراء مراجعة عاجلة للقرار صونا للحريات.

حسن، التي تشتهر بتصريحاتها ضد العدوان الإسرائيلي على غزة، يطالها تحقيق بشبهة "التحريض على الإرهاب" بعدما قالت في مقابلة أجريت معها في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر "صحيح" أن الحركة الإسلامية الفلسطينية حماس تمارس فعلا مشروعا.

لكن حسن تشدّد على أن مقتطف المقابلة تم اجتزاؤه.

المحامية البالغة 32 عاما والعضو في البرلمان الأوروبي عن حزب فرنسا الأبية كان يفترض أن تعقد في نيسان/ أبريل الماضي مؤتمرا مشتركا مع جان-لوك ميلانشون حول الأوضاع في القطاع الفلسطيني في جامعة ليل في الشمال، إلا أن المؤتمر حظرته المؤسسة التعليمية.


في الشهر التالي، ألغت جامعة باري-دوفين مؤتمرا مماثلا لحسن، إلا أن قرار الإلغاء هذا أبطله القضاء.

في موازاة ذلك، منعت السلطات الفرنسية عقد مؤتمر للمحامي الفرنسي-الفلسطيني صلاح حموري كان مقررا مساء الاثنين في ضواحي مدينة ليون، بسبب "خطر الإخلال بالنظام العام".

وجاء في قرار قيادة الشرطة أن المؤتمر "يُعقد في سياق جيوسياسي شديد التوتر" وقد يتم الإدلاء "بتصريحات معادية للسامية، أو تثير عن عمد وصراحة الكراهية بشكل عام" في هذه المناسبة.

مقالات مشابهة

  • حكم قضائي بتقليص عقوبة سائق قتل طليقته في قنا إلى 15 عامًا
  • توكل كرمان: قرار "الجنايات الدولية" بشأن نتنياهو وغالانت تاريخي وخطوة في الاتجاه الصحيح
  • برلماني: قرار الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو ووزير دفاعه السابق حكم تاريخي
  • قرار تاريخي.. "الجنائية الدولية" تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالنت
  • قيادي حوثي يهاجم رئيس حكومة الجماعة ويدعو لإقالة مسؤولين كبار وسط احتجاجات شعبية متصاعدة
  • ضربة تدمر.. أرقام النظام السوري تتحدث عن عشرات القتلى
  • السجن المشدد لسائق بتهمة إنهاء حياة طليقته بقنا
  • أزمة بين فرنسا وأذربيجان بسبب "الاستعمار" و"جرائم ماكرون"
  • ‎ضبط 3 تجار مخدرات بحوزتهم 60 طربة حشيش بالبحيرة
  • معهد سياسي فرنسي يحظر مؤتمرا لنائبة أوروبية مؤيدة للفلسطينيين