ظلت التكينة المدينة القرية والقرية المدينة المترعة بمكارم الاخلاق وزينة التمدن والتدين والهبات شامة في وجه الجزيرة المتألق وستظل هكذا أبداً رغم أنف الحاقدين. كانت وما زالت بيوتها وخلاويها داخليات مجانية لكل الطلاب والغرباء من أصقاع السودان المختلفه ومن حدوده المتباعدة، ومن طلاب افريقيا المسلمة حيث نهلوا العلم من معهدها العلمي الشهير الذي خرج الاف العلماء ومن مدارسها المختلفة.

لقد كانت قلوب أهلها ومنازلهم مهوى لكل طالب علم وصاحب حاجة والباحث عن رزق ومهنة. وما كان أهل السودان يظنون أن كل هذه المآثر سيقابلها أحفاد هؤلاء الغرباء بهذا الغدر ونكران الجميل حيث أعملوا اسلحتهم قتلاً وترويعا في ربوع هذه المدينة الوادعة الصامدة. لقد تناسى هؤلاء البغاة كل الأيدي التي امتدت لهم بالإحسان والمساعدة الفياضة بلا مّنٍ ولا أذى، ولم نجد في هجائهم غير هذه الكلمات التي لا تفئ بلؤمهم وغدرهم وتسفلهم :
نسيت القاسموك لبن العيال والطَرَقَه
نسيت الفي البيوت والخلوة سدوا الفرقه
نسيت الدرسوك علم الأصول بالورقه
باكر تنكسر وتروح شمار في مرقه
ظن الغزاة الخونة أنهم سوف يكتسحون هذه المدينة السامقة في دقائق معدودات كما فعلوا بالكثيرات بالسلاح الفاجر والأنفس الداميات، فاذا بشبابها الباسل يتصدى بكبرياءٍ، جعل التاريخ ينحني في حقهم شرفا ومهابة كأنهم ثلة تدحرجت كالدراري من معارك الاسلام الأولى
حفاظ التكينة السوروا التقابة
وصوام الهواجر ما بتهزو حرابة
الدرفونو لعب القَيرة بالدبابة
ما برضى الحقارة وتستبيحو عصابة
قال الشاهد: ومن شرفة الشهداء عاد الفرسان إلى مساجدهم منتصرين يقدمون درس البطولة الأول لحاضر الجزيرة ومستقبل السودان، الذي أعلن التعبئة العامة وحكومة الحرب والكرامة وصار منذ يوم الدار بالتكينة الولايات المسلحة السودانية.
وعند الفجر صدحت المساجد بالبيان القدسي الوضئ الأول في تاريخ البشرية (هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ* وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ* وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ* أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

ظاهرة الارتزاق ودهاليز العمالة .. قراءة لحالة المرتزِقة في اليمن

د. شعفل علي عمير

منذ بداية العدوان على اليمن، شهدنا ظهورَ قوى وأفراد تخلّوا عن أبسطِ القيم الإنسانية والدينية والوطنية، ولم يتردّدوا لحظة في تبرير الأفعال العدوانية يومًا بعد يوم على وطنهم والأسوأ في هذا المشهد هو تبرير الضربات الجوية التي تستهدف المنشآت المدنية والأسواق الشعبيّة، كُـلّ ذلك من قبل أشخاص انغمسوا في الارتزاق خدمة للمصالح الأجنبية.

هؤلاء المرتزِقة، أصبحوا أبواقًا رخيصة تبرّر وتروج للتدخلات العسكرية الأمريكية في اليمن، مشوهين القيم ومعطيات الواقع. إنهم ينقلبون على القيم الأصيلة التي تربى عليها المجتمع اليمني، حَيثُ كانت الثوابت الدينية والوطنية خطوطًا حمراء لا يمكن تجاوزها.

لقد تحول المرتزِقة في اليمن إلى وصمة عار في صفحات التاريخ، يمثلون تراجع للقيم الإنسانية في وقت نتطلع فيه أن يوقف العدوّ الصهيوني مجازره بحق الفلسطينيين ويوقف العدوّ الأمريكي مجازره بحق اليمنيين يظل هؤلاء الذين باعوا ولاءهم بثمن بخس يروجون للهجمات التي تستهدف وطنهم متجاهلين أن الإنسان بلا دين ولا وطن يصبح أدَاة سهلة في يد الطغاة، والأسوأُ من ذلك أن أعلن هؤلاء المرتزِقة استعدادهم للمشاركة مع القوات الأمريكية في حماية سفن الكيان الصهيوني، لضمان استمرار جرائم الإبادة بحق الفلسطينيين، وتسهيل عمليات العدوان على لليمن وغزة.

مثل هؤلاء أصبحوا، بشكل أَو بآخر، جزءًا من آلة القتل والتدمير سواء على وطنهم أَو على الشعب الفلسطيني يروجون للهجمات الدامية، مدفوعين إما بالجهل، أَو بالجشع، أَو بولائهم الأعمى لجهات أجنبية، لا تهمها إلا مصالحها على حساب دماء الأبرياء. إننا نعيش في زمن يتعين فيه أن يُنتقد كُـلّ من يبرّر قتل الأبرياء في أي مكان ومن أي عرق أَو يتساهل تجاه مآسي أبناء وطنه؛ بسَببِ مكاسب مادية ضيقة.

إن ما يحدث من تراجع للقيم واستغلال للإنسان البسيط من قبل المرتزِقة ليصبحوا وقودًا للحرب هو علامة على ضعف الوازع الديني والأخلاقي، وتدهور في القيم الإنسانية، وغياب الضمير الحي. وهنا يجب تعزيز الوعي الوطني والإنساني، والتصدي لكل من يسعى لتمزيق الوحدة الوطنية، أَو يروج للعنف والقتل؛ مِن أجلِ مصالح ضيقة؛ لأن مستقبل الأُمَّــة يتوقف على مدى تمسك أبنائها بقيم الدين والعدالة، والكرامة، والإنسانية، وبناء وطن يليق بهم ويعكس تاريخهم العريق وحضارتهم الراسخة.

مقالات مشابهة

  • غرفة بيشة تنظّم اللقاء الأول لرجال ورواد ورائدات الأعمال تحت شعار “غرفة بيشة التي نُريد”
  • هؤلاء القوم همّتهم في التخريب تفوق شهوتهم في النهب والسرقة!!
  • طلب إحاطة فى مجلس النواب لوضع معايير عادلة لمستحقي الدعم
  • ظاهرة الارتزاق ودهاليز العمالة .. قراءة لحالة المرتزِقة في اليمن
  • هؤلاء ليس لهم ميداليات مع ليفربول في «البريميرليج»
  • مرة تغلبني الكتابة
  • البرهان في القاهرة… دلالة الزيارة ومآلاتها والرسائل التي تعكسها
  • مسؤول حزبي يدعم هؤلاء
  • جريمة غرب أم درمان كشفت الوجه الحقيقي لعصابات مليشيا آل دقلو الإجرامية
  • لك أن تتخيل كيف يكون حال دولة يتحكم فيها هؤلاء