عربي21:
2025-03-14@09:19:33 GMT

مشاهد من جنازة الاستثناء الإسرائيلي

تاريخ النشر: 25th, May 2024 GMT

قد يكون اعتراف إيرلندا وإسبانيا والنرويج بدولة فلسطين خطوة رمزية لا أثر لها في الواقع، باعتبار أنه ليس ثمة الآن دولة أصلا، وباعتبار أن ما تبقى من أراض ممزقة الأوصال في شكل معازل (بانتوستانات) في الضفة الغربية لا يصلح لإقامة «دولة قابلة للبقاء» (كما يقال في مكرور اللغة الخشبية) بل وحتى غير قابلة. ولكن لهذه الخطوة أبعادا سياسية ليس أدناها أهمية أن المجتمع الدولي، ليس في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية فحسب وإنما في قلب أوروبا الغربية ذاتها، لم يعد يصدق أباطيل دولة الأبارتهايد الكولونيالية وأن المواويل الأسطورية الصهيونية التي لطالما هيمنت على الوعي الجمعي الغربي لم يعد لها على معظم الإنسانية أي سلطان.



كما قد يكون إعلان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان استصدار أمر من قضاة المحكمة باعتقال كل من نتنياهو وغالانت خطوة رمزية لا أثر لها في الواقع، باعتبار أن الولايات المتحدة وإسرائيل (اللتين يفرض المنطق حسبانهما كيانا سياسيا واحدا) ليستا من أطراف معاهدة روما التي أنشأت المحكمة، وباعتبار أن الولايات المتحدة تتصدر منذ عقود قائمة الدول المارقة على القانون الدولي، بشهادة لفيف من الباحثين الأمريكيين أنفسهم.

وإن كانت تلك الدول مارقة مروقا براغماتيا تمليه المصلحة ورغبة الحكام في تأبيد بقائهم في السلطة، فإن الولايات المتحدة مارقة مروقا مبدئيا استعلائيا تمليه خرافة أن القانون الأمريكي هو الأعدل والأفضل وأنه يعلو في العالم كله ولا يعلى عليه. ولكن رغم رمزية خطوة المدعي العام، فإن لها أبعادا سياسية ليس أدناها أهمية أن المجتمع الدولي لم يعد يعترف بما يمكن أن يسمى «الاستثناء الإسرائيلي». الاستثناء الذي استبطنه المخيال الجمعي الغربي حتى صار مجرد اسم إسرائيل مرادفا ناجزا عنده لفضائل الامتياز الأخلاقي ولديمومة المظلومية الاحتكارية المستأثرة وحدها، أي لمجرد يهوديتها، بألم الإنسانية كله من فجر التاريخ حتى منتهاه.

ومعروف أن إنشاء المحكمة عام 2002 قد عُدّ فتحا مُبِينا على طريق إنفاذ القانون الدولي وتكريس سلطة المساءلة والمحاسبة، أي إلغاء جنة الإفلات من العقاب التي ظل المسؤولون السياسيون والعسكريون متنعمين فيها على مدى القرون.
اضطلعت المحكمة بواجبها القانوني بشجاعة تاريخية مُلغية امتياز الاستثناء الذي كان يحظى به الأقوياء ومنهية عهد الاستعلاء الغربي
ولكن المراقبين المنصفين استشعروا منذ البداية أن للمحكمة عينا واحدة لا تبصر إلا جرائم الأفارقة والعرب، أما العين الثانية فهي كليلة عن رؤية جرائم الآخرين من أمريكيين وأوروبيين وإسرائيليين وسواهم. لهذا، ورغم خطورة ما كشفه كريم خان لسي. إن. إن. قبل أيام حول المهمة الحصرية التي أناطها الغرب بالمحكمة الجنائية الدولية، حيث قال له «حكام منتخبون إنها أنشئت من أجل إفريقيا وبلطجية مثل بوتين وليس من أجل الغرب وحلفائه» فإن تصريحاته لم تفاجئ أحدا، بل إنها أكدت للمراقبين صدق ما استشعروه، ثم حقيقة ما خبروه بالتجربة طيلة عقدين. إذ الحقيقة المعروفة أن معظم أوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة قد كانت ضد حكام ومسؤولين أفارقة، مثل عمر حسن البشير.

وتتأكد هذه الحقيقة بمزيد من الوضوح عندما نتذكر أنه قد رُفعت إلى المدعي العام السابق لويس مورينو أوكامبو ما لا يقل عن 240 دعوى ضد سلطات الاحتلال الأمريكي في العراق يتعلق معظمها بما هو من صلب اختصاص المحكمة، أي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. فماذا كانت النتيجة؟ لم يتحرج المدعي العام من إعلان عدم سماع الدعوى (!) حيث زعم في 10 شباط/ فبراير 2006 أنه ليس ثمة مسوغات قانونية كافية لفتح أي تحقيق ولو حتى في دعوى يتيمة من أصل 240! لهذا اتهمت المحكمة الجنائية الدولية آنذاك بأنها تمارس من السياسة الكثير ولا تمارس من القانون إلا النزر اليسير.

أما اليوم فإن المحكمة قد اضطلعت بواجبها القانوني بشجاعة تاريخية، مُلغية امتياز الاستثناء الذي كان يحظى به الأقوياء ومنهية عهد الاستعلاء الغربي. إلا أنه لا بد من التذكر أن واشنطن قد استخدمت إبان إنشاء المحكمة جميع عضلاتها الدبلوماسية لضمان أن يبقى مواطنوها في مَنجى من الملاحقة القضائية، حيث لم تتورع عن ابتزاز دول فقيرة بجعل المساعدات الأمريكية رهنا بتعهد هذه الدول بعدم تسليم أي مواطن أمريكي تطلبه المحكمة. لهذا من الصعب اليوم نفي احتمال أن تلجأ واشنطن للتهديد بالسلاح ذاته نيابة عن إسرائيل: أي أن تسلّط العقوبات أو الحرمان من المساعدات على كل دولة لا تتعهد بتوفير الحصانة لكل إسرائيلي مطلوب للعدالة الدولية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه نتنياهو الاستثناء نتنياهو دولة الاحتلال الاستثناء العدل الدولية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المدعی العام

إقرأ أيضاً:

الأستاذ الفرحان: نسعى إلى إنهاء التحقيقات خلال 30 يوماً ومنفتحون على التعاون الدولي لكن نفضل الاستعانة بالإمكانيات الوطنية

2025-03-11hadeilسابق الأستاذ الفرحان: اللجنة ستكون موجودة على الأرض وستستمع إلى شهود عيان ولن تكتفي بما ينشر على وسائل التواصل من مقاطع فيديو انظر ايضاًالأستاذ الفرحان: اللجنة ستكون موجودة على الأرض وستستمع إلى شهود عيان ولن تكتفي بما ينشر على وسائل التواصل من مقاطع فيديو

آخر الأخبار 2025-03-11مراسل سانا: انطلاق المؤتمر الصحفي للأستاذ ياسر الفرحان المتحدث باسم اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري بقاعة المؤتمرات بوزارة الإعلام 2025-03-11مراسل سانا: انطلاق المؤتمر الصحفي للأستاذ ياسر الفرحان المتحدث باسم اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري بقاعة المؤتمرات بوزارة الإعلام 2025-03-11إدارة الأمن العام تلقي القبض على 4 أشخاص بعد قيامهم بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين بإحدى قرى الساحل 2025-03-11البرلمان العربي: اندماج قوات سوريا الديمقراطية بمؤسسات الدولة خطوة مهمة للحفاظ على وحدة سوريا 2025-03-11صيانة شبكات كهربائية ضمن حملة “حماة تنبض من جديد” 2025-03-11وفد من محافظة حلب يلتقي القنصل العام لجمهورية أرمينيا 2025-03-11مباحثات سورية ألمانية حول التعاون المالي والمصرفي 2025-03-11الرئيس الشرع يلتقي وفداً من محافظة السويداء 2025-03-11الدفاع المدني يخمد 1439 حريقاً منذ بداية العام حتى نهاية شباط الماضي ‏ 2025-03-11إعادة تفعيل الربط مع شركة هرم بيراميد للسحب والإيداع

صور من سورية منوعات تيك توك تستأنف خدماتها في الولايات المتحدة بفضل ترامب 2025-01-20 الصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية إلى الفضاء 2024-12-05فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • حماس تحذر من التصعيد الإسرائيلي في الأقصى وتدعو للنفير العام
  • مجلس الأمن الدولي يوافق على بيان يدين العنف في سوريا
  • معهد أبحاث صهيوني : الإجراءات التي اتخذها التحالف الدولي لم تنجح في ردع اليمنيين
  • وزير الإعلام اللبناني: تشكيل لجنة لمتابعة النقاط التي عرضها صندوق النقد الدولي
  • أبو الغيط يبحث مع تيتيه تطورات الأزمة الليبية وتعزيز التعاون الدولي
  • جابر عرض مع كاريه مشروع تحديث أجهزة المعلوماتية الممول من البنك الدولي
  • كسرتني.. شريف إكرامي يكشف تفاصيل واقعة وفاة شقيقه
  • فيديو مؤثر لوفاة شاب أثناء صلاة التراويح في مصر
  • الأستاذ الفرحان: نسعى إلى إنهاء التحقيقات خلال 30 يوماً ومنفتحون على التعاون الدولي لكن نفضل الاستعانة بالإمكانيات الوطنية
  • اسطنبول.. مشاهد مرعبة من الغابة التي وُجدت فيها إجي جوريل