السلام في اليمن.. والعدوان على غزة
تاريخ النشر: 25th, May 2024 GMT
استطاع طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، وما لحق ذلك في اليوم من عدوان صهيوني على قطاع غزة، استطاع توحيد الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه، فخرجت العديد من المسيرات المناهضة للعدوان الصهيوني على غزة في مختلف المحافظات اليمنية، حتى المحافظات المحتلة كمحافظة مارب وتعز وحضرموت والمهرة وشبوة، غير أن عدن ولحج يحكم ما يسمى بالمجلس الانتقالي قبضته عليها ولم يستطع المواطنون فيها من الخروج في مسيرات مناهضة للعدوان الصهيوني على غزة .
وفي صنعاء وغيرها من المحافظات الحرة يستمر الشعب اليمني في الخروج أسبوعيا في مسيرات مليونية دعما ومساندة للشعب الفلسطيني الشقيق الذي يواجه حرب إبادة جماعية على يد قوات جيش الاحتلال في قطاع غزة.
الشعب اليمني على لسان المبعوث الأممي إلى اليمن كان إلى ديسمبر الماضي قد قطع شوطا لا بأس به لإحلال السلام في البلد، وإنهاء السنوات التسع العجاف من العدوان على اليمن.
حيث أكد المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في إحاطة لمجلس الأمن حول الوضع الراهن في اليمن في جلسة مفتوحة يوم الاثنين 13 مايو 2024، أكد أن الجهود الدبلوماسية والتفاوضية بين مختلف الأطراف المتعلقة بالسلام في اليمن اتخذت في ديسمبر من العام الماضي خطوة شجاعة نحو الحل السلمي في اليمن، وذلك من خلال الاتفاق على مجموعة من الالتزامات التي سيتم تفعيلها من خلال خارطة الطريق الأممية.
قائلا: بأن هذه الالتزامات من شأنها تحقيق وقف إطلاق نار على مستوى البلاد، وضمان الإغاثة المطلوبة بشدة لليمنيين، وبدء عملية سياسية جامعة لإنهاء النزاع بشكل مستدام.
غير أن استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة حتم على الشعب اليمني وقيادته التدخل بشكل مباشر على خط المعركة الداعمة والمساندة للأشقاء في غزة، من خلال تعزيز الحصار اليمني على الكيان الصهيوني في البحر، والذي بدأت تنفيذه القوات المسلحة اليمنية في الـ19 من نوفمبر من العام الماضي، لمنع سفن الكيان الصهيوني أو المرتبطة به من العبور في البحرين الأحمر والعربي، وتوسع هذا الحصار ليشمل المحيط الهندي، ومؤخرا بدأ اليمن مرحلة التصعيد الرابعة ليشمل منع السفن الإسرائيلية أو المرتبطة بالكيان الصهيوني من المرور في البحر الأبيض المتوسط.
فبالتوازي مع المشهد المأساوي في قطاع غزة والذي يزداد سوءًا يومًا بعد آخر وفشل كل الجهود الدولية في وقف العدوان الإسرائيلي الهمجي غير المسبوق على القطاع المحاصر منذ سنوات، بدأت فرص السلام في اليمن في التراجع، وذلك بضغوط مباشرة من الولايات المتحدة الأمريكية على السعودية تحديدا لإشعال الجبهات الداخلية في اليمن، وذلك لإشغال القوات اليمنية والشعب اليمني بشكل عام عن دعم ومساندة الشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة والذي يتعرض لحملة إبادة جماعية ممنهجة، وسط تخاذل عربي وإسلامي ودولي غير مسبوق، وبالتالي بدأت تتلاشى فرص السلام في اليمن، بل وبدأ الحديث صراحة من قبل الولايات المتحدة بعودة الحرب في اليمن.
في إحاطة المبعوث الأممي إلى اليمن لمجلس الأمن أكد أن التحديات لا زالت قائمة، وأنها تعرقل التقدم في مسار خارطة الطريق الأممي للسلام في اليمن، وأبرز هذه التحديات هي الحرب في غزة، التي يجب وقفها نهائيا وبالتالي وقف هجمات اليمن في البحار.
غير أن التصعيد الصهيوني في رفح بدعم مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية رفع مستوى التحديات، وبالتالي ليس أمام صنعاء إلا تنفيذ المرحلة الرابعة والخامسة والسادسة كذلك من التصعيد ضد الكيان الصهيوني حتى يستجيب لوقف العدوان على القطاع، الأمر الذي يفاقم إشكاليات الوصول للحل السلمي في اليمن.
ففي ظل هذا المشهد المعقد يرى اليمنيون أن هناك أياماً صعبة تنتظرهم، وستزيد من معاناتهم الإنسانية، وسط مخاوف من اندلاع مواجهات عسكرية في مختلف الجبهات وانهيار الهدنة الهشة التي كان من المفترض أن تمهّد لاتفاق وقف إطلاق نار شامل برعاية أممية يعقبه صرف مرتبات الموظفين الحكوميين، وفتح الطرقات وتسهيل مرور وتنقل اليمنيين بين مدنهم التي تباعدت وتعقد الوصول إليها بفعل الحرب الممتدة منذ نحو عشر سنوات.
غير أنهم في نفس الوقت أي الشعب اليمني مصر على الاستمرار في دعم ومساندة الشعب الفلسطيني خاصة مع التخاذل العربي والإسلامي، وذلك كواجب ديني لا مفر منه مهما كان ثمن فاتورة التضحيات التي يجب على الشعب اليمني دفعها.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
علماء يكشفون عن الجينات التي فاقمت كارثة الكوليرا في اليمن
أجاب مجموعة من العلماء عن سؤال -يمثل لغزا يبحث مختصو الرعاية الصحية عن حل له منذ عام 2018- حول سبب عدم استجابة مرضى الكوليرا في اليمن للمضادات الحيوية، وخاصة مع مؤشرات تؤكد ظهور جينات قادرة على مقاومة الأدوية.
وكشفت الدراسة -التي شارك فيها علماء من معهد ويلكوم سانجر وجامعة تورنتو ومعهد باستور وجامعة صنعاء، ونشرت في دورية "نيتشر ميكروبيولوجي"- عن مصدر مقاومة المضادات الحيوية التي ظهرت في البكتيريا التي تقود تفشي الكوليرا التي تؤثر حاليا على اليمن.
وقد تبين للعلماء أن ثمة نوعا خامسا من الكوليرا يحتوي على عناصر وراثية قادرة على مقاومة الأدوية بما فيها المضاد الحيوي، وهي العامل الرئيسي للمرض خلال تفشيه في اليمن.
وفي حين ما زال مصدر تفشي المرض في اليمن غير واضح، لكن من المؤكد أنه توطن في البلاد منذ عام 2016، الذي يشهد أكبر تفشٍ للكوليرا في التاريخ الحديث، فإن مقاومة المضادات الحيوية بدأت تظهر من مرضى الكوليرا في عام 2018، وهو ما عده العلماء مشكلة فاقمت الأزمة بشكل كبير.
بكتيريا الكوليرا في المجهر الإلكتروني (ويكيميديا) جين الخطورة
وبعد أن قام فريق الدراسة بتحليل 260 عينة من الحمض النووي لبكتيريا الكوليرا تم جمعها في اليمن بين عامي 2016 و2019، تبين أن السبب يعود إلى الاستخدام واسع النطاق للمضادات الحيوية للأزيثروميسين ومضادات حيوية أخرى من نوع ماكرولايد، في ذلك الوقت.
وأشارت الدراسة إلى أن النساء الحوامل والأطفال في اليمن والمصابين بالكوليرا تم علاجهم بالإريثروميسين والأزيثروميسين من عام 2016 حتى أواخر عام 2018، وعند هذه النقطة كان هناك تغيير مفاجئ في ملف الحساسية المضادة للميكروبات.
وقال الباحثون إن هذه السلالات التي تعتبر محصنة ضد الأدوية لم يتم نقلها خارج اليمن، وظهورها مرتبط بالاتصال الطويل الأمد لأسلافها بالمضادات الحيوية من فئة ماكرولايد، مما أدى إلى ظهور أنواع أقل عدوى من البكتيريا، لكنها تحمل جينات مقاومة للمضادات الحيوية.
وفي دراستهم، قام الباحثون بتوصيف النمط الجيني لعينات الكوليرا التي أخذت من اليمن، وكانت 84% منها تحتوي على السلالة الجينية الفرعية "تي 13" السلالة، وحملت هذه النسخة بلازميدا مميزا تبين أنه السبب في مقاومة الكوليرا للأدوية.
البلازميد هو عبارة عن قطعة دائرية صغيرة من الحمض النووي، توجد بشكل أساسي في البكتيريا وبعض الكائنات الحية الأخرى مثل بعض الخمائر. ويتميز البلازميد بقدرته على تكرار نفسه بشكل مستقل عن الكروموسوم الذي يحمل الحمض النووي البكتيري الرئيسي. ويحتوي غالبا على جينات تمنح الخلايا خصائص معينة، مثل مقاومة المضادات الحيوية أو القدرة على إنتاج بروتينات معينة.
في حين ما زال مصدر تفشي المرض في اليمن غير واضح، فإن من المؤكد أنه توطن في البلاد منذ عام 2016 (رويترز) كيف تتم المقاومة؟يرى خبير المناعة والخلايا الجذعية، الدكتور أديب الزعبي، أن نتائج هذه الدراسة بديهية، ومن المعروف علميا أن استخدام أدوية المضادات الحيوية المختلفة قد يضع ضغطا على البكتيريا لمقاومة الأدوية، فتقوم البكتيريا بتغيير جيناتها لمنع فعالية المضاد الحيوي عليها.
ويقول الزعبي، في حديثه للجزيرة نت، إن هذه العملية تؤدي إلى ولادة سلالات مختلفة جينيا لمقاومة هذه المضادات الحيوية، وذلك عن طريق إحداث طفرات وراثية تغير من جينات هذه البكتيريا بحيث تنتج بروتينات فعالة لمقاومة عمل المضاد الحيوي.
ويلعب الاستخدام غير الصحيح للمضادات الحيوية عند المرضى دورا رئيسيا في أحداث هذه الطفرات الخطيرة التي تسمح للبكتيريا بمقاومة المضاد الحيوي، وفق حديثه.
ويضيف "بهذه الطريقة يتم استخدام المضادات الحيوية المختلفة غير الفعالة من قبل العديد من المرضى، فيؤدي ذلك إلى قتل جزئي للبكتيريا، بينما تقوم البكتيريا الأخرى بتطوير نفسها لمقاومة هذا المضاد الحيوي غير الفعال".
وهذا بدوره يسبب تخليق عدة سلالات من هذه البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية المختلفة. وفي معظم الأحيان قد يصاب شخص واحد بأكثر من سلالة فتقوم السلالات بالاندماج فيما بينها داخل جسم المريض، مما يؤدي إلى إيجاد بكتيريا مقاومة لعدة أنواع من المضادات الحيوي في آن واحد، وفق حديثه.
ومع مؤشرات تؤكد ظهور جينات قادرة على مقاومة الأدوية، وباعتبار أن الكوليرا تنتشر سريعا في المناطق التي تفتقر إلى المياه النظيفة والصرف الصحي المناسب، ويمكن أن تصبح قاتلة إذا لم يتم معالجتها على الفور، ولا بد من تعزيز خدمات الصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي والنظافة، وهذا أمر بالغ الأهمية لمعالجة الأسباب الجذرية لهذا الوضع.