عبدالله آل حامد: ترسيخ مفهوم الوحدة والتكامل الإعلامي الخليجي بات ضرورة ملحة
تاريخ النشر: 25th, May 2024 GMT
شارك معالي الشيخ عبد الله بن محمد بن بطي آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام، رئيس مجلس إدارة مجلس الإمارات للإعلام، في الاجتماع الـ27 لأصحاب المعالي والسعادة وزراء الإعلام بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي عقد أمس في العاصمة القطرية الدوحة، بمشاركة أصحاب المعالي وزراء الإعلام بدول المجلس، وحضور معالي جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وأكد معالي الشيخ عبدالله آل حامد، خلال ترؤسه وفد الدولة، بحضور سعادة محمد سعيد الشحي الأمين العام لمجلس الإمارات للإعلام، وسعادة الدكتور جمال محمد الكعبي مدير عام المكتب الوطني للإعلام .. أن ترسيخ مفهوم الوحدة والتكامل الإعلامي الخليجي في ظل التحديات التي تشهدها المنطقة والعالم بات ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى.
وقال معاليه: “هناك حاجة ماسة إلى العمل على توحيد الخطاب الإعلامي الخليجي والتنسيق بين وسائل الإعلام المختلفة في ظل مهنية ضرورية وثوابت متفق عليها وميثاق شرف يربط بينها”.
وأضاف: “نؤمن بقدرتنا على تقديم خارطة طريق لإعلام خليجي عصري مستنير يواجه كل التحديات بثقة ويستوعب المتغيرات المتسارعة في العالم، ويواكب ما حققته دول مجلس التعاون من تنمية شاملة ومستدامة، ويعبر عنها بأمانة ومهنية وينقل صورة واقعية للعالم عن إنجازات دول المجلس”.
وشدد معالي الشيخ عبدالله آل حامد على أهمية تطوير استراتيجيات إعلامية خليجية مشتركة تواكب التطورات الإعلامية المتسارعة، وتسهم في تعزيز مكانة دول المجلس على الساحة الدولية، داعيا إلى بناء منظومة إعلامية متكاملة ومتطورة، قادرة على مواجهة التحديات المعاصرة، وتعزيز قيمنا وثقافتنا، وإبراز دورنا الريادي في المنطقة والعالم.
وقال معاليه إن مواجهة التحديات التي تحيط بقطاع الإعلام في دول المجلس تتطلب رؤية خليجية واضحة وتنسيقاً مشتركاً واستراتيجية متعددة المراحل، تجعل من الإعلام الخليجي، إعلاماً استباقياً، مشيراً إلى أن هذا الأمر يتطلب الانفتاح على الآخر من دون انكفاء على الذات.
وأضاف الشيخ عبدالله آل حامد أنه بعد الطوفان الكبير الذي أحدثه العالم الرقمي بسلبياته وإيجابياته، بتنا في أمس الحاجة للتكاتف من أجل تشكيل الوعي الخليجي ونشر ثقافة معرفية عميقة في عصر الذكاء الاصطناعي والعوالم الافتراضية.
ودعا إلى متابعة البناء على ما تم تحقيقه من تطوير استراتيجية التوعية بالتعامل مع شبكات التواصل الإلكترونية، بهدف تعظيم فوائدها والحد من مخاطرها على الأجيال الجديدة وعلى منظومة القيم الخليجية المتوارثة ، إلى جانب التعامل البناء والمبتكر بين وسائل الإعلام والذكاء الاصطناعي.
إلى ذلك قدم وفد الإمارات خلال الاجتماع عدة مقترحات للعمل المشترك فقد اقترح تأسيس قاعدة بيانات معلوماتية موحدة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ، تُساهم في تسهيل تدفق وتبادل المعلومات والمحتوى الإعلامي بين الدول الأعضاء وتعمل كقاعدة بيانات مركزية، لمشاركة البيانات الإعلامية، والمواد البصرية والسمعية بشكل فوري وموثوق، مما يعزز من شفافية الإعلام ويساعد في توحيد الرسائل الإعلامية عبر الدول المختلفة.
وستوفر هذه القاعدة أدوات للتحليل والبحث الإعلامي المشترك وبناء استراتيجيات إعلامية متكاملة تتناول القضايا الإقليمية بشكل موحد ومتناسق مما يُساهم في الانتقال إلى أتمتة القطاع الإعلامي بالكامل بهدف مواكبة التطور العالمي السريع في هذا المجال، ويُساعد المؤسسات الإعلامية في استخدام التقنيات المتقدمة لاستخراج الأنماط والاتجاهات من كميات هائلة من البيانات، مما يسمح بتحسين فهم السلوكيات والتفضيلات الجماهيرية.
ويفتح هذا النهج آفاقًا جديدة للصحافة والإعلام الاستقصائي عبر استخدام البيانات لبناء قصص معمقة ومدعومة بأدلة قوية.
كما اقترح وفد الإمارات إجراء دراسة شاملة حول مستقبل الذكاء الاصطناعي وتأثيره المتزايد على قطاع الإعلام، حيث تهدف هذه الدراسة إلى استشراف التوجهات المستقبلية وتحديد الفرص والتحديات التي تنتظر هذا القطاع الحيوي في ظل التطورات المتسارعة للذكاء الاصطناعي.
ومن المتوقع أن تساهم نتائج هذه الدراسة في صياغة استراتيجيات وسياسات إعلامية مستقبلية في دول مجلس التعاون تدعم التكامل الأمثل بين الذكاء الاصطناعي والإعلام، الأمر الذي يخدم تطور صناعة الإعلام ويضمن مواكبتها للتطبيقات الحديثة ويعزز من حضور المحتوى الخليجي عالمياً، ويحمي الملكية الفكرية للمنتجات الإعلامية.
وناقش الاجتماع الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال وأبرزها التعاون المشترك في مجال الإعلام الإلكتروني من خلال وضع ضوابط منظمة لآليات الإعلانات التجارية عبر مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي، وإطلاق مبادرة السلامة الرقمية للأطفال بدول مجلس التعاون، ووضع خطة توعوية مشتركة لحماية الأخلاق والتنشئة الاجتماعية وغرس القيم والهوية الخليجية.
كما ناقش أصحاب المعالي والسعادة وزراء الإعلام في دول مجلس التعاون الخليجي توصيات اللجان الإعلامية المختلفة التي عقدت اجتماعها في الفترة الماضية تحت مظلة مجلس التعاون والتي تضمنت توصيات تصب في إطار تنفيذ توجيهات القيادة الرشيدة لدول مجلس التعاون.
واستعرض أصحاب المعالي والسعادة ، تعزيز التعاون المشترك في مجالات الإذاعة والتلفزيون ووكالات الأنباء، واستراتيجيات تطوير الإعلام الخليجي، وتنسيق الجهود الإعلامية لتعزيز الصورة الإيجابية لدول المجلس على الصعيدين الإقليمي والدولي.
واطلعوا على تقرير مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك، وتقرير جهاز إذاعة وتلفزيون الخليج.وام
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
«العلاقات الدولية» مفهوم ملتبس!
لم يعد مفهوم العلاقات الدولية كما هو قائم في قواميس العلوم السياسية على صورته التبسيطية لمفهوم الدولة الحديثة، ففي ظل التحولات المتسارعة في عالم اليوم أصبح هذا التعريف من الماضي، كون أي مفهوم يستمد حقيقته المعرفية من كونه تعبيرا عن البيئة الثقافية التي يُسْتَخُرَج منها، وبذا فإن القول باستقرار أي مفهوم علمي يعد تزييفا لوظيفة العلم ذاته، والحقيقة أن مفهوم الدولة الحديثة ذاته ظهر في القرن الثالث عشر؛ كتعبير عن تطور أقدم في سياق الحضارة الغربية فأول من استخدم تعبير «الدولة الحديثة» هو الإيطالي ميكيافيلي (1469م - 1527م) في كتابه الأشهر «الأمير» ولعل في ذلك ما يشير إلى طبيعة المفهوم كونه يعود إلى تحولات في الظاهرة السياسية الغربية، ثم جاء بعده مُنْظِر الجمهورية الفرنسية جان بودان (1530 - 1596م) وهو ممن قد شهدوا التحولات الكبرى في الجمهورية (الحروب الدينية) وشغل منصبا هاما في الدولة «مستشار هنري الرابع»، ويتطور مفهوم الدولة الحديثة في السياق الغربي إذ انتقلت من دور الرعاية والهيمنة إلى اعتبارها كيانا وظيفيا أي أنها خاضعة وباستمرار للتحولات في البنى الرئيسية التي تعبر عنها وتنشط فيها، وتخبرنا المراجع أيضا بأن العلاقات الدولية هي مجموعة من الروابط والعلاقات والاتصالات التي تنشأ بين الدول وتقع ضمن نطاق سياستها الخارجية. ولكن يقول عدد من علماء السياسة اليوم إن هذا التعريف يعاني من أزماته الخاصة وأهمها أنه لم يعد كافيا ليشمل مجالات جديدة توطنت في فضاء السياسة، ويشيرون إلى غياب دراسة الأبعاد الاقتصادية والثقافية والتي باتت تؤثر بشكل كبير في طبيعة العلاقات بين الدول ومنها ما انتهى إلى معنى مختلف بالذات في ثنائية (الصراع والتعاون الدوليين) سواء على المستوى السياسي، أو الاقتصادي، أو الاستراتيجي، أو الثقافي. ويشددون على أن الإبقاء على التعريف القديم لمفهوم العلاقات الدولية سيعزز غياب الفهم الصائب للتفاعلات التي باتت تقع خارج نطاق الدولة ذاتها، مثل: «القوى العابرة للحدود الوطنية والأيديولوجيات الفكرية» وفي حالتنا العربية فإننا نرى أن أكبر متاعبنا جرَّاء تطور الدولة في الغرب تتجلى فيما يمكن وصفه بـ«قبائل» النشطاء المدنيين وممثليهم في الداخل باعتبارهم مظهرا أكثر خطورة ويؤسس بفاعلية للتدخل في سيادة دولنا العربية ويعمل على إجبارها تبني سياسية اجتماعية قد تقع في الضد من الهوية الجمعية لها، ودونك مسائل مثل «الجندر، وحقوق الأقليات الثقافية وغيرها» وهذا مما ينعكس سلبا على استقرار الدولة ويخلق لها جملة مشكلات ليست نابعة من حيزها الاجتماعي في معناه الأشمل والذي هو مناط شغلها.
وحول مفهوم العلاقات الدولية فإنه جرت وتجري تحولات كبرى في الفضاء السياسي العالمي دفعت بإعادة النظر في مفهوم الدولة ووظائفها، ولعل أشهر منظري هذا الاتجاه هو أستاذ القانون في جامعة تولوز بفرنسا جان كلود زاركا، الذي استطاع عبر مؤلفاته القيمة أن يعيد بل لنقل أن يُغَّير من فهمنا لطبيعة «العلاقات الدولية» من كونها علاقات تنشأ في حيز النشاط الدولة ومؤسساتها إلى حيز التفاعل الاجتماعي، ولزاركا مؤلفات قيمة في هذا الجانب ونشير هنا إلى كتابه «العلاقات الدولية» بالفرنسية Relations Internationales وقد صدرت الطبعة الثامنة من كتابه في يوليو من العام 2023م عن دار Ellipses وتقع أهمية هذا الكتاب في أنه يذهب أبعد من المفهوم الكلاسيكي للدولة وعلاقاتها الخارجية ويضع يده على التحولات في المفاهيم السياسية الحديثة، ويجيب عن جملة أسئلة منها: ما المفاهيم الرئيسية للعلاقات الدولية؟ - ما هي خصائص عالم ما بعد الحرب الباردة؟ وقد درس زاركا وبشغف كبير أربع فترات اعتبرها مفصلية في تحول مفهوم الدول ووظائفها داخليا وخارجيا وهي: «الحرب الباردة (1947-1962)، وما يسميه الانفراج (1962-1979)، ثم الحرب الباردة (1979-1985)، بالإضافة إلى عصر جورباتشوف ونهاية العالم ثنائي القطب (1985م) لينتهي بتقديم تعريف جديد لهذا المفهوم وعنده فإن العلاقات الدولية هي: «مجموعة العلاقات والاتصالات التي يمكن إقامتها بين المجموعات الاجتماعية والتي تتجاوز الحدود». ويهتدي في عمله المهم هذا بتتبع تحليلي دقيق لتطور العلاقات الدولية منذ العام 1945م، وكيفية تعانق المبادئ السياسية والقانونية التي تحكم العلاقات الدولية، كما يفسر طبيعة الجهات الفاعلة في العلاقات الدولية ومنجزاتها في القضايا الدولية الرئيسية. وفي هذا الكتاب يناقش بصورة أكثر توسعا تاريخ المبادئ السياسية والقانونية لمفهوم العلاقات الدولية ثم ينعطف إلى نشأتها داخل ميثاق الأمم المتحدة، ويشير في هذا الصدد إلى ضرورة التمييز بين المبادئ السياسية والقانونية قبل وبعد العام 1945م، ومن الخلاصات تمييزه للقوى العالمية الفاعلة وهي «الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين واليابان» كأربعة أقطاب رئيسية، وكيف أن العالم بات متعدد الأقطاب وليس كما يشاع بأننا نعيش عصر القطبية الواحدة، ويستشهد زاركا بمقولة هنري كيسنجر بأنه «لا توجد دولة، لا الصين ولا الولايات المتحدة، في وضع يسمح لها بتولي دور القيادة العالمية بمفردها مثل الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في فترة ما بعد_ الحرب الباردة مباشرة، عندما كانت متفوقة ماديا ونفسيا». ويعضد نبوءة كيسنجر والتي أودعها كتابه «النظام العالمي»، بأن واشنطن وبكين سوف تكونان «ركيزتين أساسيتين للنظام العالمي الجديد».
إن النظر في مثل كتاب أو دليل زاركا مهم وضروري لكل الفاعلين السياسيين، وبالأخص في العالم العربي، فلا زال العقل السياسي العربي يعيش حالات متأخرة من الوعي، وهذا بائنٌ جدا فيما نراه من استسلام مفرط لمفاهيم سياسية باتت فاقدة للأهلية، ولعل مفهوم العلاقات الدولية هو إحدى المسائل التي لا زالت تُركب صراعات بين دولنا العربية والعالم والسبب لا يعود فقط إلى اختلاف وجهات النظر لدى السُّلَط الحاكمة بقدر ما هو تعبير عن غياب المعرفي فينا، فإننا لا نستهلك فقط المنتجات الغذائية الغربية بل كذلك المفاهيم ولكنه استهلاك غير إيجابي فالذي نملك يتغذى وبصورة مستمرة على مفاهيم لا تاريخية، والحقيقة أنه وفي عالم اليوم لا يمكن ممارسة السياسة بغير ترسانة معرفية تستند في الأساس على الوعي الاجتماعي كمحرك للفاعلية السياسية، ولذا نقول إننا في العالم العربي لا زلنا مستهلكين لمفاهيم تعج بها الصحف والتقارير الإخبارية ودساتير الدول دون أن نلقي نظرة على السياق الذي تعيش فيه هذه المفاهيم، ومنها المفهوم الأم «الدولة» وهذه واحدة من المتاعب الكبرى للعقل العربي.
غسان علي عثمان كاتب سوداني