قال نشطاء إن عشرات الآلاف فروا من منازلهم في مخيم بمدينة الفاشر السودانية بعد هجوم شنته قوات الدعم السريع، التي ما زالت تقاتل للسيطرة على آخر معقل للجيش في منطقة دارفور غربي البلاد، في حين حذرت منظمة الصحة العالمية من نقص المستلزمات الطبية في السودان.

وقال سكان محليون إن قوات الدعم السريع هاجمت ونهبت مخيم أبو شوك يوم الأربعاء، مما أسفر عن مقتل عدد غير معلوم من الأشخاص وإصابة ما لا يقل عن 13، وذلك بعد مرور أكثر من عام على اندلاع الحرب في السودان.

وذكرت لجنة تنسيق شؤون اللاجئين والنازحين التي تشرف على المخيمات في الفاشر، أن نحو 60% من السكان البالغ عددهم أكثر من 100 ألف فروا أمس الخميس، وأفاد سكان محليون باستمرار القتال في بعض المناطق من الفاشر اليوم الجمعة.

وفي سياق متصل، انعقد أمس الخميس اجتماع حكومة إقليم دارفور بحضور مجلس الوزراء وولاة الولايات الخمس والمفوضين ومديري الهيئات المختلفة، حيث تمت مناقشة الأوضاع الأمنية والإنسانية في إقليم دارفور وخاصة مدينة الفاشر، التي تشهد هجمات متكررة من الدعم السريع في الفترة الأخيرة.

وأفاد حاكم الإقليم المكلف ووزير الصحة بحكومة إقليم دارفور بابكر حمدين، في تصريح صحفي، بأن الاجتماع ناقش الظروف العامة والحرجة للإقليم وخصوصا مدينة الفاشر التي تتعرض لاستهداف وهجوم مستمر من الدعم السريع.

وعلى صعيد الوضع الإنساني، أكد حمدين على إدانة الحصار وإغلاق الطرق وقطع الإمداد عن المواطنين من قبل قوات الدعم السريع، وتسببها في نقص الأدوية وتراجع الخدمات الصحية.

ووجه نداءات للمجتمع الدولي بعدم الصمت عن هذه الجرائم الخطيرة والعقاب الجماعي للمواطنين عبر التجويع ومنع الدواء، داعيا للقيام بما يجب من أجل حفظ وحماية المدنيين، وتجريم قوات الدعم السريع وإدانتها.

من جهته، قال عبد المولى ممثل والي ولاية شمال دارفور ووزير مالية الولاية، إن الأوضاع الأمنية في الولاية تحت السيطرة الكاملة، باعثا الاطمئنان للجميع، ومؤكدا على استعداد كافة القوات لحماية المدينة.

انتهاكات مستمرة

في غضون ذلك، أصدرت اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني في السودان بيانا حول انتهاكات الدعم السريع خلال الأيام القليلة الماضية في الفاشر، والهجمات العشوائية المتعمدة والموجهة للسكان المدنيين والأعيان المدنية التي لا تمثل أهدافا عسكرية.

كما دانت اللجنة الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والمتمثلة في تصفية المعتقلين من أفراد القوات المسلحة، والقصف المتعمد على معسكرات النازحين العزل بالفاشر، والهجمات العشوائية غير المشروعة على المدنيين بمختلف المناطق، إضافة إلى إعاقة مرور المساعدات الإنسانية.

ودعت إلى ضرورة احترام قواعد القانون الدولي الإنساني وقواعد وأعراف الحرب، وناشدت اللجنةَ الدولية للصليب الأحمر وجمعية الهلال الأحمر القيام بدورهما في تأمين وصول مواد الإغاثة للمدنيين في مناطق النزاع.

نقص المستلزمات الطبية

من جهتها، حذرت منظمة الصحة العالمية من نقص المستلزمات الطبية في السودان، معلنة أنها لا تلبي سوى 25% من الاحتياجات.

وقال المتحدث باسم المنظمة كريستيان ليندماير، في مؤتمر صحفي في مكتب الأمم المتحدة بجنيف، إن النظام الصحي في السودان انهار، خاصة في المناطق التي يصعب الوصول إليها، بسبب تدمير المرافق الصحية أو نهبها أو نقص الموظفين والمستلزمات فيها.

وأشار إلى أن 20% إلى 30% فقط من المرافق الصحية في السودان يمكنها تقديم الحد الأدنى من الخدمات للمواطنين، وكشف أن المستلزمات الطبية المتوفرة في البلاد لا تلبي سوى 25% من الاحتياجات.

ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) حربا خلفت نحو 15 ألف قتيل، وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المستلزمات الطبیة قوات الدعم السریع فی السودان

إقرأ أيضاً:

ماذا تعني سيطرة الجيش على أكبر قواعد الدعم السريع بدارفور؟

الخرطوم- تضاربت التصريحات بين القوة المشتركة للحركات المسلحة وقوات الدعم السريع اليوم الأحد بشأن السيطرة على قاعدة "الزرق" الإستراتيجية في ولاية شمال دارفور غربي السودان، في حين يرى خبراء عسكريون أن دخول القوة المشتركة إلى المنطقة واستيلاءها على عتاد عسكري ضخم يعدان انتصارا عسكريا ومعنويا.

وتقع منطقة "الزرق" قرب مثلث الحدود السودانية التشادية الليبية، مما جعل موقعها إستراتيجيا، خاصة فيما يتعلق بالإمداد العسكري لولاية شمال دارفور التي تشهد عاصمتها الفاشر قتالا شرسا بين الجيش والقوة المشتركة للحركات المسلحة من جهة وقوات الدعم السريع من جهة أخرى منذ 10 مايو/أيار الماضي.

منطقة إستراتيجية

بدأ قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" منذ عام 2017 بإنشاء مشاريع بنى تحتية في المنطقة شملت مدارس ومستشفيات ومحطات وقود ومعسكرات ضخمة لقواته ومستودعات للأسلحة والذخائر، كما شرع في إنشاء مطار بالبلدة التي صارت مقرا لعوائل من عشيرته، وعيّن عمه جمعة دقلو زعيما قبليا في المنطقة.

وفي عام 2017 أيضا نفذ نظام الرئيس المعزول عمر البشير حملة لجمع السلاح في دارفور بقيادة حسبو محمد عبد الرحمن نائب الرئيس السابق، إذ دفع الجيش حينها بدبابات ومصفحات إلى الزرق للمشاركة في الحملة، وهي التي نقلها حميدتي إلى الخرطوم قبل أسابيع من اندلاع الحرب الأخيرة في 15 أبريل/نيسان 2023.

إعلان

وبعد تفجر الأزمة كانت الزرق من القواعد الرئيسية التي تستقبل إمدادات الدعم السريع الآتية عبر تشاد وليبيا، وباتت مستودعا للأجهزة والمعدات العسكرية ومركزا لوجستيا للقوات، ونقل إليها المقربون من حميدتي عوائلهم باعتبارها من المناطق الآمنة، لكن الجيش السوداني قصفها بالطيران مرات عدة لتدمير العتاد العسكري.

وتقع الزرق في محلية "أمبرو" التي تشكل مع محليتي الطينة وكرنوي "دار زغاوة" في دارفور، ويقول رموز القبيلة التي ينحدر منها أغلب قيادات وعناصر القوة المشتركة إن قيادة الدعم السريع استولت على المنطقة التابعة لهم تاريخيا، واستبدلوا اسمها من "هاء مي" إلى الزرق بعد طرد سكانها الأصليين وتوطين رحّل يدينون لهم بالولاء.

إستهداف أطفال في الفاشر وزمزم ومجازر بشرية في ابوزريقة ، تردها القوة المشتركة بالردود القوية طُهرت بها المناطق المغتصبة منذ ٢٠١٧، القوة المشتركة لا ترد إلا علي صدور المقاتلين مغتصبي النساء وقتلة الأطفال ، فالحق ينتصر .

— Mini Minawi | مني اركو مناوي (@ArkoMinawi) December 21, 2024

"نصر كبير"

أعلن الجيش السوداني في بيان له مساء أمس السبت أن القوة المشتركة التي تقاتل إلى جانبه سيطرت على قاعدة "الزرق" العسكرية وانتزعتها من أيدي قوات الدعم السريع بعد أن قتلت العشرات منها واستولت على عدد من المركبات القتالية.

وفي بيان آخر، قال المتحدث باسم القوة المشتركة أحمد حسين مصطفى اليوم الأحد إن القوة المشتركة والجيش والمقاومة الشعبية "تمكنت من تحقيق نصر إستراتيجي كبير بتحرير منطقة وادي هور بالكامل، بما في ذلك قاعدة الزرق العسكرية ومطارها الحربي".

وأفاد مصطفى بأنهم سيطروا على مطارين و5 مواقع عسكرية هي بئر مرقي، وبئر شلة، ودونكي مجور، وبئر جبريل، ودونكي وخائم.

كما ذكر المتحدث أن قوات الدعم السريع هربت تاركة 700 عنصر بين قتيل وجريح، وجرى أسر عناصر آخرين، علاوة على تدمير أكثر من 122 آلية عسكرية والسيطرة على عدد كبير من الآليات السليمة والمتنوعة بالتسليح والإنتاج.

إعلان

ولاحقا، نفى المكتب الإعلامي للقوة المشتركة في بيان جديد ما جاء في إعلان قوات الدعم السريع استعادة قاعدة الزرق، ووصفها بأنها "مجرد أكاذيب لا أساس لها من الصحة، وهي محاولات فاشلة افتعلتها المليشيات بغرض التغطية على هزيمتها النكراء"، كما نفى استهداف قواتهم المدنيين في المنطقة.

من جانبه، قال مني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور المشرف على القوة المشتركة إن قوات الدعم السريع فقدت خط إمداد رئيسي يربطها بدولة ليبيا.

وأشار مناوي إلى أن منطقة الزرق "اغتصبتها" قوات الدعم السريع عام 2017 بدعم من نظام الرئيس السابق عمر البشير، وقال في تغريدة على منصة "إكس" إن "القوة المشتركة ردت بقوة على هؤلاء المغتصبين ومرتكبي الجرائم ضد الإنسانية".

هجوم الحركات المرتزقة(حركة مناوي وجبريل ابراهيم ) الغرض منه التطهير العرقي والدوافع العنصرية وتنفيذا" لأجندة جلاديهم والدولة القديمة لضرب النسيج الإجتماعي بدارفور والإنتهاكات التي إرتكبتها هذه الحركات المرتزقة الإرهابية من قتل للأطفال والنساء وكبار السن وحرق السوق والمستشفى… pic.twitter.com/mi7PdtTDpC

— الباشا طبيق (@Elbashatbaeq) December 22, 2024

تهديد بالانتقام

في المقابل، قال الباشا طبيق مستشار قائد قوات الدعم السريع إن "الزرق ليست قاعدة عسكرية كما يزعم مناوي، بل مدينة يسكنها مدنيون".

واعتبر طبيق هجوم القوة المشتركة على المنطقة "عملية انتحارية"، واتهمها بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين.

وتوعد طبيق عبر حسابه على منصة "إكس" القوة المشتركة، وقال "سوف تدفع ثمنا غاليا، وستكون بداية النهاية لها، وحينها لا ينفع صراخ مناوي ومناجاته الأمم المتحدة"، حسب تعبيره.

كما أعلنت قوات الدعم السريع أنها تمكنت من استعادة السيطرة على منطقة الزرق في ولاية شمال دارفور، وذلك بعد فترة قصيرة من إعلان القوة المشتركة لحركات دارفور سيطرتها على المنطقة.

إعلان

وفي بيان رسمي، اتهم الناطق باسم قوات الدعم السريع الفاتح قرشي عناصر القوة المشتركة بارتكاب "انتهاكات جسيمة ضد المدنيين العزل" في منطقة الزرق شملت قتل عدد من الأطفال والنساء وكبار السن، بالإضافة إلى حرق وتدمير آبار المياه والأسواق ومنازل المدنيين، فضلا عن تدمير المركز الصحي والمدارس والمرافق العامة والخاصة.

وفي موقف آخر، ذكر بيان باسم أعيان ومواطني منطقة الزرق أن القوة التي هاجمت المنطقة كانت بقيادة عبد الله بندة المطلوب دوليا بتهمتي إبادة جماعية وتطهير عرقي في دارفور.

واتهم البيان القوة المهاجمة بارتكاب "مذبحة راح ضحيتها 39 شهيدا، معظمهم من النساء والأطفال"، وأنها نهبت ممتلكات الأهالي وذبحت المئات من الإبل والمواشي.

عملية استخبارية

وفي تعليقه على ما حدث، يرى الخبير الأمني والعسكري أبو بكر عبد الرحيم أن هجوم القوة المشتركة على القاعدة يعد "نصرا عسكريا ومعنويا في عملية خاطفة ومباغتة، مما يشير إلى أنها عملية تكتيكية لعب فيها الجانب الاستخباري والأمني دورا كبيرا لتوجيه رسائل عدة"، ويرجح أن الهدف الأساسي منها لم يكن الاستحواذ على الأرض.

وأوضح عبد الرحيم في حديثه للجزيرة نت أن الزرق من أكبر المراكز اللوجستية لقوات الدعم السريع، إذ تضم معدات متقدمة تشمل أجهزة التشويش التي تستخدم لتعطيل الطيران والاتصالات وتمنح المليشيات تفوقا تكتيكيا في العمليات العسكرية، لأن هذه الأجهزة تعطل التنسيق بين القوات النظامية وتعيق عمليات الاستطلاع الجوي والهجمات الدقيقة.

كما تضم القاعدة مخازن للطائرات المسيّرة ومهبطا للطائرات يستخدم لاستقبال عناصر أجنبية تشرف على تشغيل أجهزة التشويش والمسيّرات.

ويعكس استيلاء القوة المشتركة على عشرات المركبات -منها نحو 30 سيارة مصفحة- وجود عدد كبير من القادة الكبار والشخصيات المهمة في المنطقة، وفقا للخبير الأمني.

إعلان

مقالات مشابهة

  • ماذا تعني سيطرة الجيش على أكبر قواعد الدعم السريع بدارفور؟
  • قوات الدعم السريع السوداني يسيطر على قاعدة عسكرية شمال دارفور
  • الدعم السريع تستعيد السيطرة على قاعدة في دارفور
  • قوات الدعم السريع تؤكد استعادة منطقة الزرق.. والمشتركة تنفي
  • القوة المشتركة تسيطر على أكبر قاعدة عسكرية لقوات “آل دقلو” وتستولي على مركبات وفرار قائد للدعم السريع والجيش السوداني يعلق” فيديو”
  • السودان...إصابات بقصف مدفعي للدعم السريع على أم درمان
  • تخيل! هناك من يصور انتصار المليشيا في الفاشر كأنه خلاص لباقي السودان
  • الفاشر – طويلة .. مواطنون يروون معاناتهم جراء تعرضهم لاعتداءات من قبل قوات الدعم السريع
  • 25 قتيلا في السودان ودعوة أممية لإنهاء حصار الفاشر
  • مقتل 18 وإصابة 21 في قصف مدفعي على المستشفى السعودي بالفاشر