"لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ" (الحديد: ٢٥).
ما لا يفهمه الناس:
مِن كرم الله وتكريمه للإنسان بخلقه هو منظومته العقلية التي تُستغل الآن في الغالب للشر والكراهية وليّ الحقائق، وهو فساد في الأرض كبير عندما يعم.
الذي لا يفهمه الناس ويتجاهلونه، هو الغاية من وجودهم في الأرض، ولِمَ يتابع الخالق الآدمية بالحجج والبينات وليس بالصواعق ورفع الجبال كما رفع الطور، إلا إن كان القوم بهتا ولا يتبعون الحجة والبيان وإنما يخضعون للقوة والخوف، وهي حالة البشر عندما يُستعبدون ويتحررون فلا يعرفون معنى الحرية إلا تمردا وكبرا ونكرانا للمنطق فلا يعقلون الأمور، فالغاية من وجودنا في الأرض مسألة مهمة هي: "اختبار المنظومة العقلية التي يجب أن تمنح الأهلية ليكون الاختبار عادلا وحقا ويحاسَب الإنسان بمخرجات ما تميز به إن كان سيستخدمه بالصواب أم بالشطط".
لو فهمنا هذا لفهمنا الحجة لكل أمر متعلق بها ولتوحد المسلمون لإنجاز تكليفهم في الحياة بدل هذا الضياع لهم وللعالم.
عناصر ورابط:
في الآيات الكريمة هنالك عناصر مهمة:
1- ما بيناه من أن الحجة مع الرسل والأنبياء والصالح من الدعاة، وأن مخاطبة المنظومة العقلية هي الوسيلة للدعوة وليس أكثر من التبليغ والخطاب في ربط مع آيات بأخرى: "فذكر إنما أنت مذكر"، "ما أنت عليهم بوكيل"، ومثلهما العديد من الآيات، فالخطاب كخلاصة للمنظومة العقلية وأنها مكلّفة.
2- هنالك الكتاب، والكتاب دلالة على المنهج الذي يأتي به الرسول ليصوب الانحراف ويعيد الوعي إلى المنظومة العقلية، ورأينا عبر السير للأنبياء كيف انقسم البشر وكذلك هو الإنسان في عبر الزمكان مع كل دعوات الإصلاح عندما يرفض أن يشغل منظومته العقلية لتدوير المعلومة والصواب.
3- الميزان هو الذي يقود المنظومة العقلية لتحقيق العدل والعدالة في النظم الإدارية، وهنا يبدو واضحا أنه عمل مدني بشري فيه كفاءة وفاعلية المنظومة العقلية فإن انتظمت عدلت فنجت وإن غالطت فهي ظلمت فعوقبت.
4- إن الله يعلم من ينصره بلا ابتغاء لعلو في الأرض وفساد، وهو قوي عزير على الشطط.
صلابة المنظومة كالحديد
ليس من العدل أن يحاكمك الله على منظومة عقلية ويقيدك، بل إنها صلبة بما يكفي لتحقق العدل. لن يفرض عليك حاكما حتى لو كان نبيا أو رسولا وإنما أنت من تختار، لأنه إن فرض عليك حاكما فهو سيفرض مسارا وبالتالي على ماذا يحاسبك وهو قد سلب إرادتك في توجيه حياتك ومعاشك، فمن باب أولى أن لا يكون هذا لبشر وبالتالي من تجاوز فقد ظلم. الرسول محمد r اختير حاكما للمدينة بالبيعة وليس بأمر الله فهو رسول ولو أنزله حاكما لأنزله على مكة، ولكنه تفاعل فكريا وسياسيا ليشكل دولة في المدينة بها يقام العدل ويحفظ للمخالفين فيها حياتهم ودينهم ومعاشهم ما داموا لا يشكلون خطرا على غيرهم أو يخونون مجتمعهم وهي أول وثيقة مواطنة عادلة في التاريخ.
البيعة في الإسلام
البيعة في الإسلام ليس إطلاق اليد أو الحاكم وهواه، فلا مقدس إلا الله وكتابه والعصمة لرسول الله بالوحي كرسول، فعندما تغيرت الظروف أثناء حكم الرسول كان يطلب البيعة على المستجدات كل مرة.
* طلب الرسول البيعة عندما تحول الموقف إلى الحرب في بدر من الأنصار لأن بيعتهم على حمايته ومن معه داخل المدينة وليس خارجها.
* استجاب لمشورة الخبرة في موقع بدر ولم يرفض الرأي الصائب لأنه كان حينها حاكما وقائد ميدان وليس بصفة الرسالة.
* استجاب لرأي الشباب وخرج إلى أُحد رغم أن له رأيا مخالفا.
* طلب البيعة تحت الشجرة لتغير الموقف.
هذه نماذج من معنى البيعة ومفهوم الحكم، فالنبي ليس حاكما بأمر الله وإنما ببيعة المسلمين وإلا ما استشارهم في أمر، ويبقى للقائد هامش قرار بما لا يكلف شعبه كما فعل في صلح الحديبية، وهي حركة واجتهاد سياسي لقائد لا يوقع تكليفا على شعبه لكن القائد استحسن فعله ومتناسق مع دعوة الرحمة في الإسلام فليس القتال هدفا؛ فكانت نتيجته رائعة تاريخيا.
نحتاج إلى الفهم ومراكز دراسات وتطوير
إن رسالة الإسلام ليست السلطة والإرغام إلا في مواضع نتق الله فيها الجبل بسبب عناد وإقفال المنظومة العقلية على السوء والشر.
إنها رحمة للعالمين، أي دليل يصوب ويصحح ويعظ من يريد أن يتعظ، إنها ليست حزبا أو عشيرة أو فئة، أن ما فيه لكل عقيدة ودين نصح وتصويب للتوجه لا إكراه في المسار وإنما اليوم يوجد آلاف النسخ من القرآن بلغات العالم، وهو متاح لمن يقرأ ومتاح لمن يريد الرحمة ويزيل الشطط من نفسه والكراهية والاستقطاب بلا وصاية بشر.
* إن استعمار غريزة التدين للمنظومة العقلية شطط.
* غلبة غريزة النوع والتملك شطط.
* غلبة غريزة حب السيادة تقود للظلم وتمزيق المجتمع وطغيان وظلم فهي شطط
كان اسمه إبليس لكن عندما خالف ربه سمي شيطانا، فالخيار للآدمي أن يكون آدميا مستخدما لما كرمه الله به أو يُستعبد لغرائزه فيفسد ويظلم فيكون لإبليس صنوا، فكم ممن غلبت عليهم غريزة التدين فقتلوا وظلموا عندما أوقعوا شططهم على الناس الذين يخالفونهم، وهذا تاريخ العالم يشهد على الطغاة أتباع إبليس وهم يحكمون الناس في الدنيا.
إن الاعتبار مهم والسلطة العقلية على الذات مهمة، فالاعتبار في الدنيا مطلوب في الحكم والقيادة وكل حركة لبني آدم لأن الدنيا مرتبطة بالآخرة ولا يفصل بينهما إلا لفظ الأنفاس.
إننا كأصحاب رسالة في عصرنا الحالي لا ينبغي أن نسلك العقل الجمعي أو نتبع أيديولوجيا معينة ينشئها إفراد، بل لا بد من مراكز دراسات للبناء الفكري والتطوير.
وسنتحدث في مقالات قادمة عن الأيديولوجيا والابتلاء والاعتبار.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات العقلية العدل الانسان العدل العقل التفكير حرية الاختيار مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الأرض
إقرأ أيضاً:
محافظ دمشق يوضح: قصدت “السلام الداخلي السوري” وليس السلام مع إسرائيل- (فيديو)
#سواليف
نفى #محافظ_دمشق ماهر مروان في مقطع فيديو مصور، ما تم تداوله بعد حواره مع الإذاعة الوطنية العامة الأمريكية “إن بي آر” حول سعيه للسلام مع #إسرائيل وعدم رغبته في العداء معها، موضحاً أن سياق تصريحه يتعلق بالسلم الأهلي الداخلي السوري.
محافظ دمشق ماهر مروان ينفي الحديث عن الرغبة في السلام مع #إسرائيل#فيديو pic.twitter.com/roLdjmuSqA
— الجزيرة سوريا (@AJA_Syria) December 27, 2024وأوضح مروان أن هذا الملف ليس من صلاحياته كمحافظ دمشق، إنما من صلاحيات وزارة الخارجية والقيادة السورية.
مقالات ذات صلة إعلام إسرائيلي: تصريحات نتنياهو وكاتس ضارة وعلينا قبول ما تعرضه حماس 2024/12/28وفي وقت سابق، نُقل عن محافظ دمشق الجديد المعين من قبل الإدارة الجديدة للبلاد قوله: ليس لدينا أي خوف من #إسرائيل، ومشكلتنا ليست مع إسرائيل”، كما دعا الولايات المتحدة إلى تسهيل إقامة علاقات أفضل بين سوريا الجديدة والاحتلال.
وزاد مروان أن مخاوف #الاحتلال الإسرائيلي إزاء التغير الذي جرى في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، وما تبعها من توغل غير مسبوق جنوب سوريا هو “قلق طبيعي”.
وواصل: مخاوف إسرائيل بسبب “فصائل معينة” ربما “أشعرها بالخوف، ولذلك تقدمت قليلا وقصفت قليلا”.
وأكد: “ليس لدينا أي خوف من إسرائيل، ومشكلتنا ليست مع إسرائيل”، وأضاف “نحن لا نريد التدخل في أي شيء يهدد أمن إسرائيل أو أمن أي دولة أخرى”.
وقالت الإذاعة الأمريكية إن مروان دعا الولايات المتحدة إلى تسهيل إقامة علاقات أفضل بين سوريا الجديدة والاحتلال الإسرائيلي.
وقال مروان عن السوريين “شعبنا يريد التعايش والسلام، ولا يريد العودة إلى النزاعات”.