شدد وزراء المالية الأوروبيون في مجموعة السبع خلال اليوم الأول من اجتماعهم في ستريسا بإيطاليا على الحاجة إلى الوحدة في معالجة السياسات الصناعية "غير العادلة" التي تنتهجها الصين.

ودعا وزراء مالية كل من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا إلى تشكيل جبهة موحدة ضد قوة الصادرات الصينية المتنامية.

وتأتي هذه الدعوة منسجمة مع الزيادات الأخيرة للتعريفات الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على الواردات الصينية، والتي تشمل السيارات الكهربائية وبطارياتها ورقائق الحاسوب والمنتجات الطبية، وضد التعريفات التي فرضتها الصين مؤخرا على السلع الأوروبية والأميركية.

تحذيرات متتابعة

وحذر وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر من نشوب حرب تجارية مع الصين على خلفية الجدل بشأن فرض رسوم جمركية عقابية على منتجات صينية.

وقال ليندنر اليوم الجمعة خلال اجتماع وزراء مالية مجموعة السبع إنه يجب التحقق بموضوعية وعناية بالغة مما إذا كان هناك إغراق صيني، مضيفا أنه يتعين الرد على أي ممارسات غير عادلة عبر منظمة التجارة العالمية في أفضل الأحوال، لكن إذا لزم الأمر أيضا من خلال تدابير مشتركة منسقة.

وفي الوقت نفسه، أكد الوزير أنه لا ينبغي إضعاف التجارة العالمية الحرة والعادلة ككل، وقال "الحروب التجارية لا تحدث إلا للخاسرين، لا يمكنك الفوز بها".

بدوره، شدد وزير المالية الفرنسي برونو لومير على أهمية تجنب حرب تجارية مع بكين، مشيرا إلى أن "الصين تظل شريكتنا الاقتصادية، لكن مجموعة السبع بحاجة إلى حماية مصالحها الصناعية ضد الممارسات التجارية غير العادلة".

ورجحت رويترز أن تتكبد ألمانيا باقتصادها القائم على التصدير خسارة كبيرة نتيجة لتصاعد التوترات التجارية.

وفي الوقت ذاته، أشار وزير الاقتصاد الإيطالي جيانكارلو جيورجيتي إلى أن الاتحاد الأوروبي قد يتبع في نهاية المطاف خطى الولايات المتحدة بشأن التعريفات الجمركية.

ونقلت رويترز عن جيورجيتي قوله "لقد اتخذت الولايات المتحدة قرارات صعبة للغاية، وربما يتعين على أوروبا أن تفكر فيما إذا كانت ستفعل الشيء نفسه".

وشدد جيورجيتي على ضرورة وحدة مجموعة السبع لمنع الدول الأوروبية من التنافس ضد بعضها البعض ردا على زيادة الصادرات الصينية، وفقا لما نقلته رويترز.

كريستيان ليندنر: يجب التحقق بموضوعية وعناية بالغة مما إذا كان هناك إغراق صيني (رويترز) جمارك أميركية متزايدة

والأسبوع الماضي، كشفت واشنطن عن سلسلة من الرسوم والتعريفات الجمركية الجديدة على الواردات الصينية، مما أثار مخاوف بشأن الانتقام المحتمل من بكين وتأثيرها على التجارة العالمية.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة لم تطلب من شركائها فرض إجراءات مماثلة فإن وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين حثت حلفاء مجموعة السبع على إظهار التضامن مع واشنطن.

وشدد وزراء مالية مجموعة السبع على أهمية الوحدة في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، بما في ذلك ممارسات الصين التجارية ودعم أوكرانيا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة مجموعة السبع وزراء مالیة

إقرأ أيضاً:

د. أحمد فارس يكتب: ترامب يترنح.. هل تنتهي الحرب التجارية مع الصين ؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

مع دقة الساعة يترقب كل سكان الكوكب ماذا سيحدث جرَّاء الحرب التجارية التى أعلنها ترامب، وما الخسائر التى سيتحمَّلها كل فرد في العالم، خاصة وأن رفع الرسوم الجمركية قد يؤدي إلى انخفاض حجم التجارة السلعية العالمية بنسبة تصل إلى 1% في عام 2025، كما أن  الصدام المباشر بين  أكبر دولة متقدمة في العالم وهي الولايات المتحدة وأكبر دولة نامية هي الصين، سيكون الجميع فيه خاسرًا، ولا بديل إلا التعاون الذي ينعكس على العالم بأسره.

ولم يكن تراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية على واردات صينية رئيسية، بما فيها الهواتف الذكية وأشباه الموصلات وأجهزة الكمبيوتر، إلا مفاجأة تكشف عن هشاشة السياسات الأحادية، وتحول لافت يسلط الضوء على قوة الاقتصاد الصيني ومرونته وقدرته على المناورة.

هذا القرار الجديد لترامب كأنه "ضربة قاضية" من بكين برز من خلالها  أنها تمتلك أوراقًا قوية  رابحة في هذه الحرب التجارية بتفوقها التكنولوجي الذي قامت بمضاعفة الإنفاق  فيه على البحث والتطوير إلى 560 مليار دولار سنويًا وحققت فيه تحقيق اكتفاء ذاتي بنسبة 78% في صناعة الرقائق المتقدمة، فمثلا  نسبة 92% من أجهزة الكمبيوتر المحمولة المستوردة لأمريكا تأتي من الصين ونسبة    87%من الهواتف الذكية في السوق الأمريكي تصنع في الصين و  45% من مكونات أشباه الموصلات تعتمد على المصانع الصينية. وبناء على ذلك فإن مسار الصراع المستقبلي قد يشهد تحولًا في موازين القوى.

لوبي التكنولوجيا وتراجع ترامب   

الاعتماد الأمريكي على الصين فى قطاع التكنولوجيا  على الرغم من محاولات الحد من نفوذها، حيث  بلغت قيمة واردات الولايات المتحدة من التكنولوجيا الصينية 100 مليار دولار سنويًا، جعل منها اكسجين الحياة للصناعات الذكية الأمريكية  ، وعكس صعوبة إيجاد بدائل سريعة وفعالة  لدي ترامب  وحطمت له  شعاراته السياسية الشعبوية.

فأظهرت الحقائق أن قطاع التكنولوجيا العالمي بأسره  يعتمد على الصناعة الصينية ففرض رسوم جمركية على المكونات والمنتجات الصينية كان سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف تشغيل الشركات الأمريكية الكبرى للهواتف والحاسوب والمواصلات بشكل غير مقبول لثلاثة أضعاف مع تهديد مباشر لسلاسل الإمداد العالمية التي تعتمد بشكل كبير على الكفاءة الصينية ومحاولة فصلها ستكون مكلفة للغاية وغير عملية على المدى القصير والمتوسط.

ووفقًا لجامعة ييل، كانت الرسوم الجمركية ستكلف الاقتصاد الأمريكي كثيرا حيث سيصبح ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 2.1% مع  خسارة سنوية تتراوح بين 1300-5400 دولار للأسرة الأمريكية مع انخفاض متوقع في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.8% في 2025، وفطنت إدارة ترامب أن تحميل المستهلك تكلفة الحرب التجارية سيؤثر سلبًا على القدرة التنافسية للاقتصاد الأمريكي داخليًا وخارجيًا.

كما كان للوبيات التكنولوجيا في امريكا  الكلمة العليا في هذه الحرب التى أعلنها ترامب حيث أثبتت أنها أقوى من الشعارات السياسية، خاصة مع اقتراب الانتخابات الخاصة بالكونجرس الأمريكي لشغل المقاعد الشاغرة حديثًا وكذلك انتخاب حكام الولايات والمجالس التشريعية في بعض الولايات، بالإضافة إلى العديد من انتخابات رؤساء البلديات، ومجموعة متنوعة من المناصب المحلية الأخرى،والتى يخشي أن يخسرها الحزب الجمهوري بسبب قوة هذا اللوبي.

كما أن قطاع التكنولوجيا يمثل حسابات سياسية كبري لترامب في الولايات الحاسمة مثل أوهايو وبنسلفانيا التى تصنف كولايات صناعية حيث أن  23%من الوظائف في القطاعات الصناعية في الولاياتيين  مرتبطة بصناعات تعتمد على المكونات الصينية وأن  68% من هذه الوظائف كانت مهددة بالرسوم الجمركية.

وبذلك نجحت الصين في إجبار واشنطن على التراجع للمرة الأولى، وكشفت أن "القوة الناعمة" للاقتصاد قد تهزم حتى أعتي السياسيين. 

هل ستتعلم واشنطن من هذا الدرس، أم ستستمر في سياسات المواجهة المكلفة؟

هذا التراجع من قبل ترامب جعله يترنح جراء الضربة القوية الصينية  ،فهل يتعلم أن الاقتصاد العالمي ليس حلبة مصارعة، وأن التراجع فرصة للعالم لإعادة تقييم الاعتماد المتبادل وأهمية الحوار والتعاون في بناء نظام اقتصادي عالمي أكثر استقرارًا وازدهارًا.

أم أن ترامب سيستمر في سياسة "العقوبات الذكية"  فى الوقت الذى تعزز فيه الصين تحالفاتها مع أسواق آسيا وأوروبا، حيث أبرمت 17 اتفاقية تجارية جديدة مع دول الاتحاد الأوروبي وآسيا، كما قامت بزيادة الاستثمارات في "طريق الحرير الجديد" بنسبة 42% منذ بداية الأزمة، وقامت بتنويع أسواقها فارتفعت صادراتها للدول الآسيوية بنسبة 34% خلال عامين. 

كيف ردت الصين؟

تعاملت بكين مع القرار الأمريكي بهدوء، معتبرة إياه خطوة في الاتجاه الصحيح وإن كانت غير كافية. وقد عززت موقفها بنشر كتاب أبيض يوضح الحقائق ويفضح التناقضات في السياسة الأمريكية، مؤكدة على أن حجم التبادل التجاري الضخم بين البلدين(688 مليار دولار)  يجعلهما شريكين اقتصاديين لا يمكن الاستغناء عنهما بسهولة وأن  "التعاون مربح للطرفين".

وأثبتت الصين أن التركيز على التنمية الاقتصادية المستدامة وبناء قاعدة صناعية وتكنولوجية قوية هو أفضل وسيلة لمواجهة التحديات الخارجية. 

وأظهرت الأرقام قوة الاقتصاد الصيني ومرونته، حيث ارتفعت صادرات الصين من أشباه الموصلات إلى 385 مليار دولار في عام 2024 على الرغم من التحديات والعقوبات، مما يدل على قدرتها على الاكتفاء الذاتي والابتكار.

مقالات مشابهة

  • الصين تعلق تصدير معادن مهمة إلى الولايات المتحدة والعالم مع تصاعد الحرب التجارية
  • هل يستطيع ترامب حشد الحلفاء في حربه التجارية ضد الصين؟
  • د. أحمد فارس يكتب: ترامب يترنح.. هل تنتهي الحرب التجارية مع الصين ؟
  • تسلسل زمني.. كل التحولات والمنعطفات في الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة
  • قرعة كأس الكونكاكاف تضع السعودية في مجموعة الولايات المتحدة
  • خبراء يحذرون: الحرب التجارية الأمريكية على الصين قد تدمر إفريقيا
  • الحرب التجارية ومستقبل تصنيع "آيفون": هل يمكن للولايات المتحدة استعادة الإنتاج من الصين؟
  • مرتاح للغاية.. الرئيس الأمريكي: شيء إيجابي سيخرج من الحرب التجارية مع الصين
  • كيف ستؤثر الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين على العالم؟.. حصة البلدين من الاقتصاد الدولي 43%.. وفائض البضائع أكبر أزمة تواجه بكين
  • آي صاغة: تفاقم الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين يدفع الذهب لأعلى مستوياته