د. محمد ممدوح يكتب: غزة.. ملحمة إنسانية مصرية تدافع عن كرامة الإنسان وتحارب الظلم
تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT
يعانى قطاع غزة تحت وطأة حصارٍ إسرائيليٍّ مُجحفٍ منذ السابع من أكتوبر الماضى فى أسوأ كارثة إنسانية يشهدها العالم فى التاريخ الحديث، ممّا فاقم من معاناة سكانه الإنسانية، وهدّد كرامتهم وحقوقهم الأساسية فى الحياة والحرية والأمان.
ولكن مصر، إيماناً منها بمسئوليتها الأخلاقية والإنسانية، لم تقف مكتوفة الأيدى أمام هذه المأساة، بل ساندت أشقاءها الفلسطينيين بكلّ ما أوتيت من قوّة، مُقدّمةً لهم يد العون والمساعدة فى محنتهم.
مساندةٌ مصريةٌ تُجسّد مبادئ حقوق الإنسان:
لم تقتصر جهود مصر على تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة، بل تجاوزت ذلك لتشمل مختلف المجالات السياسية والدبلوماسية، إيماناً منها بضرورة رفع الحصار الظالم عن القطاع وتحقيق حلّ عادل للقضية الفلسطينية.
وعلى الصعيد الرسمى، بادرت مصر بفتح معبر رفح البرى بشكل استثنائى لتسهيل دخول المساعدات الطبية والغذائية والمواد الأساسية، وعملت على تنسيق عمليات الإغاثة مع المنظمات الدولية والإقليمية واستغلال أدواتها الدبلوماسية فى التعاطى مع اللاعبين الفاعلين على الساحة الدولية من أجل الضغط على سلطات الاحتلال للسماح بدخول المساعدات والتصدى لكافة المحاولات والعراقيل لما يزيد على سبعة أشهر لمنع وصول المساعدات لإغاثة المدنيين.
المجتمع المدنى المصرى يقف صفاً واحداً مع حقوق الإنسان:
لم يقتصر دور الدولة المصرية على تقديم المساعدات من الجهات الحكومية والرسمية وفقط، بل شارك فيها المجتمع المدنى المصرى بكلّ طاقاته، وتصدّر المشهد التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى، الذى ضمّ فى طيّاته جمعيات ومؤسسات خيرية وتنموية عملت على جمع التبرعات وتقديم المساعدات بمختلف أشكالها للشعب الفلسطينى.
وإلى جانب المساعدات، برزت جهود المتطوعين الذين سطروا ملحمة تاريخية فى الانتصار لقيم ومبادئ الإنسانية فى عملية الإغاثة التى لم تتوقف منذ اليوم الأول لبدء الاعتداءات، تلك الجهود التى ساهمت جميعها فى تخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطينى.
مساهماتٌ تُعزّز مبادئ حقوق الإنسان:
تنوعت مساهمات المجتمع المدنى المصرى لتشمل مختلف المجالات، فشملت:
الدفاع عن الحق فى الحياة:
حيث قامت منظمات المجتمع المدنى المصرى بتنظيم حملات للتبرع بالدم وأدوية الطوارئ، كما أرسلت فرقاً طبية متخصصة للمساعدة فى علاج المصابين، ممّا ساهم فى إنقاذ العديد من الأرواح.
الدفاع عن الحق فى الغذاء:
نظمت حملات واسعة لجمع التبرعات بالمواد الغذائية الأساسية، وتوزيعها على المحتاجين فى القطاع، ممّا ساعد فى التخفيف من حدة نقص الغذاء الذى يعانى منه سكانه.
الدفاع عن الحق فى المأوى:
قدمت مؤسسات التحالف الخيام والبطانيات والملابس والأغطية للمتضررين من العدوان، ممّا ساعدهم على توفير مأوىً آمنٍ لهم يساعدهم على مواجهة القصف المستمر الذى تسبب فى تدمير البنية التحتية للقطاع.
الدفاع عن الحق فى الصحة النفسية:
عملت العديد من المؤسسات على تقديم الدعم النفسى للأطفال والنساء الذين تأثروا بالعدوان، ممّا ساعدهم على التغلب على الصدمات النفسية التى تعرضوا لها.
قصصٌ تُجسّد قيم حقوق الإنسان:
تُجسّد قصص العديد من المصريين الذين سارعوا لتقديم المساعدة لأشقائهم فى غزة أسمى معانى التعاطف والتكاتف. فمنهم من تبرّع بجزء من راتبه، ومنهم من تبرّع بمجوهراته، ومنهم من تطوّع بوقته وجهده للمشاركة فى عمليات الإغاثة.
وتُعدّ قصة «أمّ أحمد الصعيدية الجدعة» من أبرز تلك القصص الإنسانية المُلهمة، حيث قامت ببيع ما تمتلكه من أرض زراعية للتبرع بثمنها لشراء أدوية طبية للمصابين فى قطاع غزة.
مسئوليةٌ مشتركةٌ لضمان كرامة الإنسان:
إنّ جهود الدولة المصرية والمجتمع المدنى فى تقديم المساعدات لقطاع غزة تُمثّل نموذجاً مشرفاً للتضامن الإنسانى، وتُجسّد أسمى مشاعر الأخوة والترابط بين الشعبين المصرى والفلسطينى.
وتُؤكّد هذه الجهود أنّ مصر ستظلّ دائماً سنداً قوياً للشعب الفلسطينى فى نضاله من أجل الحرية والكرامة، وأنّها لن تتخلى عن واجبها الإنسانى والأخلاقى تجاه إخوانها فى غزة. لكنّ هذه الجهود، مهما عظمت، لا تُغنى عن حلّ جذرىٍّ للقضية الفلسطينية، يتمثّل فى رفع الحصار الظالم عن قطاع غزة بشكل نهائى، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف، إنّ مسئولية إنهاء معاناة الشعب الفلسطينى تقع على عاتق المجتمع الدولى بأسره، الذى يجب عليه أن يضغط على إسرائيل لوقف ممارساتها العدوانية، والالتزام بقرارات الشرعية الدولية.
* رئيس اللجنة الاقتصادية
بالمجلس القومى لحقوق الإنسان
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مصر فلسطين تقدیم المساعدات حقوق الإنسان
إقرأ أيضاً:
العفو الدولية: استمرار انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا وغياب المساءلة
كشف تقرير حديث صادر عن منظمة العفو الدولية عن استمرار تدهور حالة حقوق الإنسان في ليبيا خلال العام الماضي، وسط نزاع مسلح مستمر وانعدام شبه تام للمساءلة عن الانتهاكات الجسيمة المرتكبة من قبل الجماعات المسلحة وقوات الأمن.
ووفقا للتقرير، شهدت البلاد، اشتباكات عنيفة بين جماعات مسلحة متنافسة، مما أدى إلى مقتل وإصابة مدنيين وتدمير للممتلكات.
واتهم التقرير جهات أمنية بارزة، في الشرق والغرب الليبي بالتورط في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان شملت القتل غير المشروع، والاحتجاز التعسفي، والإخفاء القسري، والتعذيب، وغيره من ضروب المعاملة السيئة.
وأبرز التقرير المعاناة الشديدة للمهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء، من بين ذلك استمرار احتجاز الآلاف منهم في ظروف مزرية تفتقر لأبسط المقومات الإنسانية، حيث يتعرضون للتعذيب، والابتزاز، والعمل القسري، والقتل غير المشروع، بحسب التقرير.
ولفت التقرير إلى طرد آلاف المهاجرين قسرا في يوليو الماضي وبشكل جماعي إلى الحدود مع تونس، حيث تُركوا لمصيرهم في ظروف قاسية، كما تم اعتراض ما لا يقل عن 5,470 شخصا في البحر الأبيض المتوسط وإعادتهم قسرا إلى ليبيا خلال النصف الأول من العام.
وعلى صعيد الحريات، أشار تقرير العفو الدولية إلى استمرار قمع حرية التعبير والتجمع السلمي، مبرزا تعرض نشطاء وصحفيين ومدونين ومنتقدين للاحتجاز التعسفي والمضايقات بسبب ممارستهم السلمية لحقهم في التعبير عن آرائهم أو لتنظيمهم المظاهرات.
وخلص التقرير إلى أن الإفلات من العقاب لا يزال هو السمة الغالبة في ليبيا، حيث يفشل النظام القضائي في إجراء تحقيقات فعالة ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، مما يغذي دائرة العنف ويحرم الضحايا من العدالة والإنصاف.
المصدر: تقرير منظمة العفو الدولية 2024/2025.
حقوق الإنسانمنظمة العفو الدولية Total 0 Shares Share 0 Tweet 0 Pin it 0