د. أحمد فؤاد أنور يكتب: التصدي المصري الصامد.. وجع في قلب إسرائيل
تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT
تكررت الأكاذيب ومحاولات التشويه والابتزاز الإسرائيلية ضد مصر على لسان إعلاميين ومسئولين إسرائيليين؛ وكأنها محاولة يائسة للضغط على مصر لكى تتراجع عن دعمها للشعب الفلسطينى الشقيق، أو تكف عن سعيها على كل الأصعدة للجم العدوان الإسرائيلى الفاشى وكل مخططات تصفية القضية الفلسطينية.
ونرى أن تلك الهجمات لا تعكس سوى التخبط والفشل فى تحقيق أهداف الحرب، وهى بكل تأكيد تستهدف (لحسابات ضيقة ومصالح شخصية لبنيامين نتنياهو) راعى المفاوضات الناجح الذى استطاع إبرام صفقة دفعات تبادل ووقف إطلاق نار ناجحة مراراً قبل وبعد 7 أكتوبر 2023، وصاحب المصداقية والتأثير على قادة المقاومة.
تاريخياً ينظر قطاع من المجتمع الإسرائيلى على أن مصر هى امتداد لفرعون الخروج الذى أذاق بنى إسرائيل العذاب ونكّل بهم، ويعتقدون أن مصر لذلك تحاول إضعاف إسرائيل وتكبيلها. ويعلمون أن مصر منذ محمد على ولها موقف ثابت داعم للفلسطينيين ورافض لمؤامرات الاحتلال وسعيه للتوسع والاستيلاء على أراضى الشعوب العربية كلما أمكن، حيث رفضت الإدارة المصرية التى كانت تحكم الشام من 1831-1841 كل محاولات الصهيونية التسلل لإقامة دولة على حساب الفلسطينيين وهو ما كان أحد الأسباب الرئيسية التى دفعت القوى الاستعمارية للتحالف ضد مصر وضرب أسطولها لكى توقع اتفاقية لندن، ويحكم الشام من غض البصر، وسمح بإقامة مؤسسات ومستوطنات وقدوم هجرات صهيونية هى الأولى من نوعها لأرض فلسطين. جهود مصر السياسية التوعوية تمثلت فى عقد مجموعة من المؤتمرات منها مؤتمر إنشاص، ثم دفعها بمتطوعين معززين بعناصر من المدفعية ثم قوات نظامية حققت الكثير من المكاسب أضاعت معظمها خسارة حرب 1948 للأسباب المعروفة للجميع. وتوالت الحروب، وقدمت مصر الدعم للمقاوم والمفاوض الفلسطينى بعد ذلك، وكما حررت كامل أرضها بالسلاح وبمعارك دبلوماسية وقانونية سمحت للفلسطينيين أن يعودوا لأرضهم حاملين أسلحتهم فى وضح النهار وأمام الكاميرات. حينما سبقت القوة 17 وغيرها من قوات الأمن الفلسطينية الأراضى الفلسطينية تمهيداً لعودة الزعيم الراحل ياسر عرفات.
وإذا عدنا للفترة الحالية سنجد أن مصر دعت مراراً لتغليب صوت الحكمة والسلام حيث انطلقت جهودها بشكل واضح على هامش افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى لمحطة كهرباء أسيوط عام 2016 ومنبر الأمم المتحدة بعد ذلك، حيث أوضح أن هناك فرصة حقيقية لإقامة سلام عادل قائم على حل الدولتين والعودة لحدود 4 يونيو 67. كما حذرت مصر فور تشكيل حكومة الخراب الحالية فى ديسمبر 2022 من ممارسات فى القدس والضفة من شأنها تفجير استقرار المنطقة الهش. الجانب الإسرائيلى يدرك جيداً حجم الدعم المصرى الرسمى والشعبى للفلسطينيين، وحقيقة أن كثيراً من أوراق الضغط فى جعبة مصر جاهزة إذا ما وصلت محاولات استكمال دفعات تبادل الأسرى والاتفاق على وقف إطلاق نار مستدام لطريق مسدود.
أزمة تل أبيب الحقيقية بقيادة نتنياهو هى المراهنة على قبول مصر أو تعاونها وسماحها بـ«تقليل عدد سكان قطاع غزة»، وهو التوصيف المخادع لخطط الترحيل الجماعى للفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم وإعادة المستوطنات إلى غزة، لكن القيادة السياسية الوطنية المحنكة اعتبرت هذا الأمر «خط أحمر»، وأصرت على دخول الإغاثة لتثبيت الشعب الفلسطينى على أرضه، واقترحت أن يتم النقل المؤقت للسكان إلى صحراء النقب. وهو الاقتراح الذى جاء ضده مئات من التعليقات الإسرائيلية الغاضبة الرافضة لكون الاحتلال يعلم أن النقب بالفعل منطقة شبه خالية، وأن نحو 80% من سكان قطاع غزة هم من النازحين من النقب وغيرها من مناطق الـ48، وأن فى هذا سعياً لقلب الطاولة على المخطط الرئيسى، بل والعودة بالفلسطينيين لحدود 48. كما اعتبرت تل أبيب انضمام القاهرة للدعوى المرفوعة فى محكمة العدل الدولية طعنة فى الظهر لاستشعارها الخطورة من خبرة قانونية متراكمة، وأيضاً إثباتات على ارتكاب حكومة نتنياهو جريمة الإبادة ضد الشعب الفلسطينى.
فهل يقتنع الرأى العام الإسرائيلى بأن كيل الاتهامات للآخرين وعلى رأسهم مصر، وأن سياسة حافة الهاوية واختلاق الأكاذيب لن تجدى نفعاً بدليل الفشل فى تحقيق أهداف الحرب واستمرار الرشقات الصاروخية، وعدم القدرة على تحرير المحتجزين والأسرى -أو بالأحرى من تبقى منهم على قيد الحياة- سواء بالدهاء أو بالقوة؟ المجتمع الإسرائيلى يريد الإفراج عن المحتجزين والأسرى وليس اقتحام رفح أو حتى اغتيال السنوار، فى حين أن تحركات حكومته ستؤدى (بعد خسائر فادحة) لمقتل أغلب المحتجزين، وتهديد استقرار المنطقة، مع ملاحظة الجميع أن حكومة نتنياهو عادت للمربع رقم صفر أى للقتال فى شمال القطاع الذى كانت قد زعمت أنها سيطرت عليه ودمرت مقاومته ولم يتبق سوى 4 كتائب للمقاومة فى رفح!
* عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية والباحث المتخصص فى الشئون الإسرائيلية
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مصر فلسطين أن مصر
إقرأ أيضاً:
رسالة عيد الفطر للفلسطينيين.. أبومازن: نرفض الاستسلام وسنظل ثابتين في أرضنا
شدد الرئيس الفلسطيني، محمود عباس أبو مازن، اليوم الأحد، على رفض أي خطط تستهدف الفلسطينيين، مؤكدًا أنه “رغم الحصار والعدوان والتجويع ومؤامرات التهجير، سوف ننتصر”.
رسالة عيد الفطرووجه عباس كلمة إلى الشعب الفلسطيني بمناسبة عيد الفطر، نقلتها وكالة الأنباء "وفا"، مشددًا فيها على السعي للسلام، لكنه أكد في الوقت ذاته رفض الاستسلام، قائلاً: "سنبقى ثابتين في أرضنا، صامدين في وطننا، رغم كل الصعاب التي نعيشها".
وأضاف: "أتوجه إليكم في هذا اليوم، ونحن نستقبل عيد الفطر المبارك، الذي تختلط فيه مشاعر الفرح بأداء ركن الصيام بمشاعر الحزن والألم والغضب، بسبب ما يتعرض له شعبنا وبلادنا من عدوان إسرائيلي همجي يستهدف اجتثاثنا من وطننا المقدس، وتصفية قضيتنا الوطنية التي تتخضب بدماء شهداء شعبنا من الأطفال والنساء والرجال الذين تغتالهم آلة العدوان الإسرائيلي، في قطاع غزة الحبيب، والضفة الغربية الصامدة، والقدس العاصمة الأبدية ومقدساتها الإسلامية والمسيحية".
التمسك بالأرض والحقوق الوطنيةمن جانبه، أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف، أن الشعب الفلسطيني مستمر في الدفاع عن أرضه وحقوقه، وذلك في الذكرى الـ49 ليوم الأرض، مشيرًا إلى أن الاحتلال يسعى إلى فرض وقائع جديدة على الأرض، لكن الفلسطينيين متمسكون بحقوقهم في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين ورفض التهجير القسري.
وأضاف أن أحد الأهداف الاستراتيجية لحرب الإبادة هو التهجير، مشددًا على أن التصريحات الأمريكية حول تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، إضافة إلى ممارسات الاحتلال، تأتي في سياق محاولات شطب القضية الفلسطينية برمتها.
وأشار أبو يوسف إلى محاولات الاحتلال منذ سنوات لتوطين اللاجئين وتقويض حق العودة، إضافة إلى استهداف وكالة "أونروا"، في محاولة لشطب حقوق الشعب الفلسطيني المتمثلة بثوابت منظمة التحرير، التي تشمل حق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
كما شدد على أهمية الرفض التام للتهجير على المستويين الوطني والعربي، مشيدًا بمواقف مصر