بوابة الوفد:
2024-07-01@22:26:11 GMT

عندما كان الزمان زماننا

تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT

منذ تمت تصفية السياسات الاقتصادية والاجتماعية فى العام 1975 والحكومات المتعاقبة تحرص على إخضاع السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية، لكى تحتكر التشريع للقوانين التى باتت تخدم القوى الاجتماعية الجديدة، ممن يطلقون عليها رجال الأعمال والمستثمرين وكبار التجار والقطاع الخاص، وينعتها الدكتور «فؤاد مرسى» بالرأسمالية الطفيلية، التى استفادت من تلك التصفية، بتضخم ثرواتها وتنمامى نفوذها السياسى والبرلمانى فى سياق سعيها لحماية مصالحها، لاسيما عندما أصبحت أجهزة البيروقراطية القائمة -كما وصفها المفكر الراحل « عادل غنيم » - هى جهاز تلك القوى العصبى وعقلها المفكر ويدها الباطشة.


منذ ذلك التاريخ لم يعد هناك دور للبرلمان سوى مناقشات شكلية لمشاريع القوانين التى تحيلها إليه الحكومة، لتمريرها بالأغلبية الى تحرص دائما على أن تمتلكها فى تشكيل تلك البرلمانات.
وفى العقود الخمسة الأخيرة ظل ثابتا فى عمل البرلمان، الذى أمسى قدرا أن تسيطر عليه أغلبية حكومية، بندا واحدا يتصاعد ويتطور ويتضخم مع تضخم النفوذ المالى والسياسى والتشريعى الذى تحظى به القوى الاجتماعية الجديدة التى تشكلت خلاله، وهو غل يد الدولة وإضعافها، وإبعادها عن التدخل لمساعدة الفئات الاجتماعية الأضعف، بتخفيض الإنفاق الاجتماعى فى مجال الخدمات التى تشكل البنية الرئيسية للمجتمع، كالتعليم والصحة والسكن، ومنعها من القيام بدورها فى توفير الخدمات الجيدة لتلك الفئات فى المرافق العامة ، بعيدا عن آليات السوق وقوى العرض والطلب.
والخطوات التدريجية التى تم اتخاذها منذئذ وحتى اليوم، لتصفية القطاع العام وإصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام،الذى ألغى فعليا ملكية الدولة لهيئات القطاع العام وشركاته، وأحل محلها الشركات القابضة التى حولت الملكية العامة المحمية بسلطة القانون،إلى ملكية خاصة بسلطة القانون الجديد، تبيح للدولة التصرف فيها، كما يحدث الآن فى كافة المجالات. وكان الإلغاء للدعم العينى للسلع مثال آخر لسياسات الإفقار التى باتت تحظى بسند تشريعى وتنفيذى بعدما سيطر كبار التجار والمستثمرين على السلطتين معا، التشريعية والتنفيذية، ليفرضا على الدولة والمجتمع معا، مصالحهم، وهم يزعمون كذبا أنهم يسعون لخدمة الاقتصاد القومى! 
لم يكن تولى صاحب الشركات الكبرى لحديد التسليح «أحمد عز» رئاسة اللجنة الاقتصادية فى مجلس الشعب إبان حكم الرئيس مبارك، سوى مقدمة لما جرى مؤخرا من تصفية لشركات مجمع الحديد والصلب فى حلوان. والقانون الذى صدر قبل أيام لخصخصة الخدمات الطبية فى عدد من المستشفيات العامة، تحمست له وأباحته ووافقت عليه لجنة الصحة فى مجلس النواب ولا يخفى على أحد أن من يرأسها ويشكل أغلبية أعضائها، مستثمرون فى القطاع الطبى والمستشفيات الخاصة، بما يعد تضاربا فاضحا فى المصالح، وسيرا على درب التخفيض المستمر فى قيمة الجنيه فى مواجهة الدولار ومواصلة سياسات الإفقار لغالبية المواطنين الذين يكافحون 24 ساعة لمواجهة موجات غلاء طاحن، ولم يكن فى حسبانهم أن يتكبدوا كذلك الإنفاق الاستثمارى على علاج أمراضهم! 
من نحو 72 عاما أو كما يقول الإذاعى المبدع إبراهيم حفنى من زمن فات،غنت «ليلى مراد » من كلمات بيرم التونسى وألحان حسين جنيد عن غزل المحلة، ما يطبطب على خواطر النفس الكسيرة فقالت: دور يا موتور، ياللى بتلعب أعظم دور، دور على كيفك واغزل صوفك، لا هنا مراقب ولا كونتور، مصر الحرة، ولو تتعرى، ماتلبس مرة، نسيج من برة، لا حرير بمبة ولا كستور، خد يا أخينا، من أيادينا، حاجة جميلة، وصنعة متينة، قُطعت لندن وبيرستور، عصر الصنعة، داعصر النصر، والبسى تاج المجد يا مصر، وابنى عمايرك سبعين دور.
وبعدها بسنوات قليلة غنى صلاح جاهين من كلماته وألحان سيد مكاوى : افتح مصنع وكمان وكمان مصنع. مليون براوة يا ناس على دى تروس، دى سواقى دايرة شايلة بحر فلوس، تصقيفة للمكن اللى جيلنا، جيلنا يدى فى الشطارة دروس، تصقيفة للمكن اللى جيلنا، يشاركنا ياولاد جيلنا فى نضلنا. قابلوا المكن بالحضن والزغاريد عقبال ما تعمل زيه عمالنا، دار المكن وبقاله صوت جبار، سال العرق جنب المكن أنهار، مداخنا كتبت عنا فوق الريح، مابقاش هنا استغلال ولا استعمار،احصد غيطان الصلب يا عثمان،دا الشعب مستنظر كنوز أسوان، عايزين نصنع مكنا بايدين عمال وطنا، دا زمنا دا أونا هيلا..هيلا دا زمنا دا أونا.
وقبل رحيله المفاجئ كتب الشاعر أحمد الطحان: عملت صح وأنت مش قده، عملت غلط وأنت مش قده،اقف بقى واتفرج، على كل البلاد اللى بنتيها بيتهدوا، وابقى اتصل.. وهما مش هيردوا !
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: على فكرة أمينة النقاش السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية القطاع الطبى المستشفيات الخاصة

إقرأ أيضاً:

الفساد للرُكب

هذا مما كسبت أيدينا.. أى نحن السبب فيما يُفعل بنا لأننا ابتعدنا عن صحيح الدين والأخلاق. وأن الفساد فى البلد «وصل للرُكب» وأن الفساد يأكل الأخضر واليابس دون تمييز، والمواطن يشعر معه باليتم القسرى، ويحاول ألا يقطع «شعرة معاوية» التى يتشبث بها للبقاء على قيد الحياة.. هكذا قال أحد رجال الدولة تحت قبة مجلس الشعب، حيث كان عضوًا فيه أيضًا، فالرجل أطال الله عمره كان يتمتع بشخصية ازدواجية كبيرة، ويقول لنا إن الفساد حقيقة، وتصوروا هؤلاء أنهم استطاعوا القضاء على هذه الآفة الخطيرة التى أصابت المجتمع الآن. لتحرك أفئدة الشباب إلى حياة صالحة للعيش الكريم لهم ولكن طبعًا للفاسدين رأى آخر، ولم تستمر الحياة طويلًا بعد استسلام الدولة على لسان أقرب الناس لرأس الدولة، حيث مكثوا إلى أن تهدأ الأحوال ليعودوا إلينا «أشرس» مما كانوا، واستطاعوا السيطرة على تركيز ثروة البلد فى أيديهم، الأمر الذى تسبب فى تراجع كل مشروعات تطوير الدولة، وانتشر الإحباط والاستياء فى نفوس الناس وهم يشاهدون تقدير اللصوص وتعذيب الشرفاء، الأمر الذى دفع الكثير إلى قبول الرشوة تحت مسميات لذيذة مثل «إكرامية» أو «كل سنة وأنت طيب» أو «شُرب شاى» الأمر الذى أغرق المجتمع فى أمواج الفساد، وليقولوا لنا العبارة المشهورة «يا عزيزى كلنا فاسدون». 

لم نقصد أحدًا!!                                  

 

 

 

مقالات مشابهة

  • الفساد للرُكب
  • «دُفعة المراوح وتخفيف الأحمال»
  • المساندة الشعبية
  • في ذكرى يوم عظيم
  • سلخانة الثانوية العامة
  • المناظرة «راكبة جمل»!
  • رئيس جامعة سوهاج: ثورة 30 يونيو ستظل على مر الزمان شاهد عيان على بطولات وتضحيات الشعب المصري
  • الطريق إلى «30 يونيو».. أسرار «على حافة الأزمة» في مصر من 2011 إلى 2013
  • تحية إلى شعب مصر قاهر المستحيل وصانع المعجزات
  • للتاريخ.. ليس كل ما يعرف يُقال