كم سعدت للدعوة الكريمة التى تلقيتها من مؤسسة الفكر العربى ببيروت ومؤسسة عبدالحميد شومان الثقافية بالمملكة الأردنية للمشاركة فى الندوة المشتركة التى ستعقد الاثنين القادم الموافق السابع والعشرين من مايو 2024م بالعاصمة الأردنية عمان وتحت رعاية وزارتى التربية والتعليم والتعليم العالى تحت عنوان «العرب والحراك الفلسفى اليوم»، وأعلم أن مؤسسة الفكر العربى قد عقدت قبل ذلك ندوة موسعة مشابهة فى تونس بالتعاون مع بيت الحكمة حضرها أيضا مجموعة من المفكرين العرب.
والسؤال الآن هو: كيف نستفيد من هذا التوجه وكيف نخلق من خلاله تيارا تنويريا جديدا وواعيا بأن الفكر عادة ما يقود قطار التقدم والنهوض ؟!
أرى أنه من الضرورى بداية أن تقوم هذه المؤسسات العربية خاصة كانت أو حكومية بدعم المؤسسات القائمة على نشر الوعى الفلسفى بالدول العربية ؛ فالكثير من الجمعيات الفلسفية العربية مثلا وأقدمها وأعرقها الجمعية الفلسفية المصرية باتت تعتمد كليا على اشتراكات الأعضاء وهذا أمر محزن أن تتسول هذه الجمعيات الفلسفية العلمية الدعم لمواصلة نشاطها التوعوى التنويرى المهم بينما تلقى أنشطة ترفيهية أخرى كثيرة دعما ربما لا تحتاج اليه أصلا لاقامة هذه الأنشطة والاحتفالات والحفلات! ان هذه الجمعيات الفلسفية على اتساع الساحة العربية – ربما باستثناء حديثة النشأة منها فى دولة الامارات المتحدة والمملكة العربية السعودية – تفتقر إلى الحد الأدنى من الإمكانيات الذى يمكنها من اصدار المجلات الفكرية التخصصية الخاصة بها أو تقديم أى دعم لنشر مؤلفات الشباب من أعضائها!
و لقد كنا فيما مضى نرى على الساحة العربية عشرات المجلات الفكرية الرصينة والمؤثرة واليوم غابت معظمها ؛ ففى مصر وحدها كانت هناك إصدارات كثيرة مثل مجلات الطليعة وتراث الإنسانية والفكر المعاصر والكاتب والقاهرة الأسبوعية وفصول وغيرها من المجلات التى كانت تصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب والفلسفة والعصر التى كانت تصدر عن المجلس الأعلى للثقافة، وغير تلك وهذه من الإصدارات، نجد أنها قد توقفت وهذا يشير بالضرورة مدى تراجع الاهتمام بالحراك الثقافى العام! ولا ينبغى أن يحتج أحدهم هنا قائلا: إن النشر الالكترونى ووسائل التواصل الاجتماعى قد حلت محل هذه المجلات الثقافية كما حلت محل الكتاب الورقى، فهذا وهم ومبالغة لأن المعين الأساسى للثقافة لايزال وسيظل هو الكتاب الورقى والمجلة الورقية ! ومن ثم فعلينا إعادة الاهتمام بإعادة اصدارهذه المجلات الفكرية الرصينة ونؤسس غيرها لتتيح للمفكرين والمثقفين فى قاعدتهم العريضة التعبير عن أفكارهم وآرائهم، فضلا عن اتاحة الفرصة لوجود حراك نقدى ضرورى لتقييم ما يصدر من أعمال فكرية لكبار المفكرين والكتاب!
وخلاصة القول إننا ونحن نحيى هذه المبادرات الطيبة فى تأسيس ودعم حراك فلسفى تنويرى عربى جديد من خلال إقامة مثل هذه الندوات واللقاءات الفكرية المتميزة نتمنى أن يتنامى هذا الحراك الفلسفى والثقافى ليصبح تيارا قويا مدعوما من كل الحكومات والمؤسسات والهيئات المعنية فى عالمنا العربى، تيارا يجعل من حرية التفكير والقدرة على التفلسف وابداء الرأى الواعى حقا لكل انسان عربى، تيارا يقود الأمة بالفعل إلى مستقبل حضارى مشرق.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نحو المستقبل
إقرأ أيضاً:
شيخ الأزهر: حفظ القرآن وتدارسه يعفي المجتمع من الأمراض الفكرية
تابع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، مع المسؤولين عن الرواق الأزهري فعاليات الدورة التدريبية الأولى التي ينظمها مركز إعداد وتطوير معلمي القرآن الكريم بالجامع الأزهر، لتأهيل خريجي الأزهر الشريف للاستعانة بهم في تحفيظ القرآن الكريم بفروع الرواق الأزهري، بنظام العمل مقابل الأجر في تسع محافظات حدودية [شمال سيناء، جنوب سيناء، البحر الأحمر، الوادي الجديد، السويس، الإسماعيلية، بور سعيد، مطروح، الإسكندرية]، والتي تُعقد عن بعد.
وأكد شيخ الأزهر، ضرورة الاهتمام بالأنشطة والبرامج التي تخدم كتاب الله عز وجل، لأن المجتمع الذي ينتشر بين أفراده حفظ كتاب الله وتدارسه هو مجتمع معافى من الأمراض الفكرية التي تفتك بالعقول، مشددًا على ضرورة العمل في ملف القرآن الكريم بكل جد وبذل الجهد لأن أسمى رسالة للأزهريين هي خدمة كتاب الله والاهتمام بتحفيظه وبخاصة للنشء.
جدير بالذكر أن الدورة التدريبية التي يطلقها مركز إعداد وتطوير معلمي القرآن الكريم بالجامع الأزهر تتضمن ثلاثة محاور رئيسة؛ إتقان حفظ كتاب الله، ومراجعة أحكام التلاوة والتجويد، إضافةً إلى التكامل الفكري والتربوي، لتنشئة الدارس على أسس فكرية وتربوية سليمة تنأى به عن أخطار الأفكار الهدّامة التي تغزو العقول.