«الدراماتيكية» مشتقة من الدراما؛ لكنها مأخوذة في الأصل من اللغة الإغريقية القديمة، وهي في معانيها الدارجة مقترنة بمستويات مرتفعة من الإثارة والتوتر والأحداث المتواترة المتسارعة.
هكذا هو الحال الآن في منطقتنا على مستوى الأحداث في الشرق الأوسط، تحولات دراماتيكية متسارعة تعزز من سيناريوهات التوتر والفوضى، لم يجد كل من السيناريست والمخرج في المنطقة، سيناريو أكثر دراماتيكية لصب المزيد من الزيت على النار أفضل من مصرع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان، في حادث تحطم مروحية كانت تقلهما في منطقة جبلية وعرة شمال غربي إيران، وما تلا ذلك من طرح عديد التساؤلات والعشرات من علامات الاستفهام حول الحادث وتداعياته وانعكاساته.
تزامن مع ذلك إعلان أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان سعيه للحصول على أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، إلى جانب قادة من حركة المقاومة الإسلامية (حماس). وما تلى ذلك من حالة «سعار» في أروقة الحكومة الإسرائيلية، وإعلان الولايات المتحدة الأمريكية إمكانية فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بعد القرارات الصادرة بحق المسؤولين الإسرائيليين، رغم أنها هي ذات الدولة التي أيدت قرارات سابقة للمحكمة الجنائية الدولية على الرغم من أنها ليست عضوة فيها، بما في ذلك تأييد مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على خلفية الحرب في أوكرانيا !!! لكن لا عجب في ذلك فالتحيز الأمريكي السافر لإسرائيل وازدواجية المعايير الأمريكية ليسوا بجديد خاصة فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلى، وهو تحيز ليس وليد اليوم، ولا أمل في نهاية قريبة له.
لكن التحول الأكثر دراماتيكية في رأيي هو إعلان كل من إسبانيا والنرويج وأيرلندا، ورغم أن العديد من الدول تعترف بفلسطين كدولة مستقلة (نحو 140 دولة من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة يعترفون بدولة فلسطين كدولة مستقلة)، وهو اعتراف له أهميته خاصة بعد أن أصبح ركن الاعتراف الدولي وفقا للتعريف القانوني للدولة الذي أقره فقيه القانون الدولي الإنجليزي إيان براونلي Ian Brownli شرطا أساسيا يفوق في أهميته كل من ركني وجود إقليم محدد، يقطنه سكان دائمون، لذلك فإن الاعتراف الدولي تحديدا الأوروبي والاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة يكاد يكون السبيل الأصيل إن لم يكن الوحيد من أجل الحديث عن دولة فلسطينية مستقلة.
لذلك هذا الإقرار بالتأكيد سوف تكون له انعكاساته على القضية الفلسطينية وصورتها الذهنية خاصة لدى الأوروبيين، والتي طالما حاولت إسرائيل وصمها وربطها بالإرهاب في عقلية وإدراك المواطن الأوروبى. وعلى الجانب الاخر؛ هذا الاعتراف هو مؤشر على تحولات كبيرة إن لم تكن جذرية في المواقف الرسمية الأوروبية. وهي تحولات لا شك تصب في صالح القضية، ولو أن هناك ما يمكن أن نعده مكسبا لما حدث في السابع من أكتوبر، فهذه التحولات في المواقف الدولية، وخسارة إسرائيل لمعركة الرأي العام الشعبي العالمى، قد تكون هي المكسب الوحيد.
على هامش القضية؛ المتشنجون تجاه بعض المواقف الرسمية المصرية، أكثر تطرفا من صقور الحرب في إسرائيل، يمارسون حربا إلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعى، يدفعون نحو جر مصر لحرب لا يعي خطورتها وتداعياتها البعض، وهذا ما تريده إسرائيل. مصر تمارس الحكمة في المواقف وضبط النفس بعيدا عن الانفعالات والتشنجات «الفيسبوكية»، لكن دون إفراط أو تفريط في الأمن القومي المصري ومقدراته. والرسائل والتحذيرات المصرية واضحة لا تحتمل اللبس أو التأويل «احترام مصر لالتزاماتها ومعاهداتها الدولية لا يمنعها من استخدام كل السيناريوهات المتاحة للحفاظ على أمنها القومي والحفاظ على الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني». وهي الثوابت المصرية المعلنة منذ الشرارات الأولى للأحداث.
حفظ الله مصر الوطن في خضم هذه التحولات الدراماتيكية، والتي على ما يبدو أن المنطقة لا تزال حبلى بالعديد والعديد من الأحداث والتحولات.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تحولات دراماتيكية د وليد عتلم الشرق الأوسط مصرع الرئيس الإيراني الجنائیة الدولیة
إقرأ أيضاً:
«تريندز»: تحولات جذرية في المشهد العالمي لعام 2025
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلة دراسة لـ«تريندز» ترسم ملامح العام المقبل «تريندز».. حضور عالمي وإنجازات ريادية في عام 2024كشفت دراسة بحثية جديدة لمركز تريندز للبحوث والاستشارات عن تحولات جذرية متوقعة في المشهد العالمي خلال عام 2025، حيث تتداخل الأزمات الجيوسياسية والتحولات الاقتصادية والتكنولوجية لتشكل واقعاً جديداً.
ورأت الدراسة، التي أعدها قسم الدراسات الاستراتيجية في «تريندز»، أن عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض ستؤدي إلى تغييرات جوهرية في السياسة الخارجية الأميركية، بما في ذلك إعادة تشكيل العلاقات مع روسيا والصين، ومن المتوقع أن يسعى ترامب إلى إبرام صفقة «الأرض مقابل السلام» في أوكرانيا، في حين قد يتبع سياسة مزدوجة تجاه الصين تجمع بين فرض رسوم جمركية إضافية ومحاولة التفاوض على صفقة كبرى.
وأشارت الدراسة إلى أن العالم يتجه نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب، مع صعود قوى صاعدة، مثل الصين والهند وروسيا، وتتزايد التنافسات بين هذه القوى، مما يؤدي إلى إعادة توزيع القوة والتأثير على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية.
وتوقعت أن تواجه التحالفات الغربية التقليدية، مثل حلف الناتو، تحديات كبيرة، في حين تشهد تحالفات جديدة، مثل مجموعة «بريكس» توسعاً في نطاقها وتأثيرها.
وأوضحت الدراسة أن الشرق الأوسط يواجه تحديات تاريخية، حيث يعجّ بأنماط الصراعات كافة. وتستمر القوى الإقليمية والدولية في التدخل في شؤون المنطقة، مما يزيد من تعقيد الأوضاع.
وبينت الدراسة أن أوروبا تشهد تصاعداً في نفوذ أحزاب اليمين الشعبوي والمتطرف، مما يثير تساؤلات حول مستقبل التكامل الأوروبي، كما تواجه القارة تحديات اقتصادية وأمنية، وتسعى إلى تعزيز استقلالها الاستراتيجي.
وتوقعت أن تتصاعد التوترات في منطقة آسيا والمحيط الهادي، نتيجة سياسات ترامب غير المتوقعة، والتي قد تؤدي إلى تصعيد النزاعات مع الصين.
ورأت الدراسة أن أفريقيا ستلعب دوراً مهماً في التحولات العالمية، ولكنها تواجه تحديات كبيرة، مثل الصراعات الداخلية، وانعدام الأمن الغذائي، وتغير المناخ.
وذكرت أن التطورات التكنولوجية، مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية، ستؤثر بشكل كبير على الأمن والسياسة العالمية، مؤكدة في الوقت نفسه أهمية قمة COP30 في البرازيل، والتي ستكون فرصة حاسمة لتعزيز الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي.