دون نقض أو استئناف.. إسرائيل تتلقى ضربة جديدة من العدل الدولية
تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT
لاهاي- أصدرت لجنة محكمة العدل الدولية المكونة من 15 قاضيا، اليوم الجمعة، أوامر أولية تطالب فيها إسرائيل بالوقف الفوري لعملياتها العسكرية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وانسحاب قواتها، لكنها لم تأمر بوقف كامل لإطلاق النار، ضمن القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا، واتهمت فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية.
ويُعتبر قرار "العدل الدولية" التحرك الثالث هذا العام ضد مصالح إسرائيل، التي تجد نفسها لأول مرة أمام عزلة دولية غير مسبوقة، فقد واجهت في الفترة الأخيرة طلب المدعي العام كريم أحمد خان في المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرة اعتقال في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزيره بيني غانتس، فضلا عن اعتراف 3 دول أوروبية بدولة فلسطين.
وعلى الرغم من تجاهل تل أبيب قرارات هذه المحكمة في مناسبات سابقة، لأن الهيئة القانونية العليا للأمم المتحدة لا تمتلك أي وسيلة لتنفيذ قراراتها، فإن أوامر اليوم تمتلك ثقلا دوليا كبيرا من المتوقع أن يزيد عزلة تل أبيب السياسية، بعد سلسلة من الانتهاكات المسجلة داخل القطاع المحاصر لأكثر من 7 أشهر.
ضغط قانونيوخلال قراءته لتفاصيل حكم "العدل الدولية"، قال رئيس المحكمة نواف سلام إن الإجراءات المؤقتة التي أُشير إليها في مارس/آذار الماضي لم تعالج الوضع في القطاع، مشددا على ضرورة توقف الهجوم العسكري الإسرائيلي "وأي عمل آخر في مدينة رفح من شأنه أن يفرض على الفلسطينيين في غزة ظروفا معيشية يمكن أن تؤدي إلى تدميرهم المادي كليا أو جزئيا".
وفي هذا الإطار، يرى الأستاذ في القانون الدولي لحقوق الإنسان بكلية ترينيتي في دبلن والموظف القانوني السابق في محكمة العدل الدولية مايكل بيكر أن هذا القرار يعد "الأول من نوعه"، الذي يأمر إسرائيل بتعليق عملياتها العسكرية في رفح.
ويضيف في حديثه للجزيرة نت، أن ذلك "لا يضع تل أبيب فحسب تحت ضغط كبير لتغيير سلوكها، بل واشنطن أيضا، التي سترغمها على أخذ تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن السابقة على محمل الجد".
ففي مارس/آذار الماضي، حذر بايدن من أن بلاده لن تستمر بتزويد إسرائيل بأنواع معينة من الأسلحة في حال شن جيش الاحتلال هجوما عسكريا على مدينة رفح جنوب قطاع غزة، لكن موقفه ظل متذبذبا عندما أكد أن إسرائيل لم تتجاوز بعد الخط الأحمر.
من جانبه، أكد الخبير في القانون الدولي جيل دوفير أن القرار سيزيد الضغط على إسرائيل والولايات المتحدة، أما عن مواقف الدول الأوروبية المتوقعة بهذا الشأن، فاستذكر المحامي الفرنسي البيان الصحفي الذي نشرته كل من فرنسا وألمانيا، والذي أوضحتا فيه التزامهما باحترام قرار المحكمة، ولم يستبعد إعلان الموقف نفسه بعد القرار الذي صدر اليوم من العدل الدولية.
وتوقع دوفير، في حديث للجزيرة نت، تطرق محكمة العدل الدولية لوجود إبادة جماعية محتملة، حيث أمرت المحكمة إسرائيل بضمان وصول أي بعثة لتقصي الحقائق ترسلها الأمم المتحدة للتحقيق في مزاعم الإبادة الجماعية، معتبرة أن العمليات العسكرية تشكّل "خطرا حقيقيا ووشيكا" على الشعب الفلسطيني، وشددت على ضرورة إبقاء معبر رفح مفتوحا "لتوفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية دون عوائق".
استئناف مرفوضواعتبر المتخصص في القانون الجنائي الدولي وتسليم المجرمين توبي كادمان أن كون إسرائيل طرفا في اتفاقية الإبادة الجماعية، فإن ذلك يمثل ضغطا قانونيا عليها يجبرها على قبول وتنفيذ اختصاص محكمة العدل، وخص بالذكر إعلان المحكمة في وقت سابق أن "الدول التي تزود إسرائيل بالمساعدة، سواء كانت غطاء دبلوماسيا أو مساعدة عسكرية فعلية، يمكن اعتبارها متورطة أيضا".
وأشاد كادمان بقوة الأدلة التي قدمتها جنوب أفريقيا بشأن الوضع في رفح، وقال في حديث للجزيرة نت، إنه كان من المتوقع ألا تأمر العدل الدولية إسرائيل بوقف كامل لإطلاق النار وبانسحاب جميع القوات العسكرية الإسرائيلية من جميع أنحاء قطاع غزة، متسائلا في الوقت ذاته "هل ستلتزم إسرائيل بأي أمر من المحكمة في ظل تجاهلها المستمر للقوانين؟".
بدوره، أكد الموظف القانوني السابق في محكمة العدل الدولية مايكل بيكر أن إسرائيل لن تتمكن من اللجوء إلى طلب الاستئناف، فعلى الرغم من رفض محكمة العدل الدولية طلبات جنوب أفريقيا المتعددة لإصدار أمر يقضي بتعليق إسرائيل عملياتها العسكرية، فإن إبراز الأوضاع الإنسانية في رفح وإعراب أغلبية القضاة في شهر مارس/آذار الماضي عن أن وقف هذه العمليات سيكون مناسبا، ساهم في قرار المحكمة اليوم.
وفيما يتعلق بتركيز إسرائيل المستمر في حججها على مسألة الدفاع عن النفس ضد حركة حماس، لا يعتقد بيكر أن المحكمة ستضع إسرائيل في موقف لا يمكنها فيه الدفاع عن نفسها ضد أي هجمات مستقبلية، "وهذه خطوة ذكية"، حسب قوله، لأن أوامر المحكمة لا يمكنها إلزام حماس، ومع ذلك، إذا كان أمر "العدل الدولية" مشروطا بعدم استمرار حماس في الهجوم، فإن هذا الأمر سيخلق حافزا للمقاومة الفلسطينية لاحترام قرار وقف إطلاق النار.
تحول دائموفيما بات من الواضح أن إسرائيل وحليفتها الأميركية تفقدان الزخم العالمي، يؤكد المحامي الفرنسي جيل دوفير أن "استخدام ورقة حق النقض، التي تمنع حقوق الشعب الفلسطيني منذ عام 1949، وسيلة غير واردة أمام العدل الدولية".
وبرر ذلك بوجود أسس قانونية متينة في محكمة العدل والمحكمة الجنائية الدولية تعتبر فلسطين دولة، وتقضي بأن أي عمل إجرامي له أثر على الأراضي الفلسطينية يقع ضمن اختصاصها، "وبالتالي، نحن أمام قضية ستحدث تحولا دبلوماسيا لا رجعة فيه".
وعما إذا كان هذا القرار سيعجّل بإصدار قرار مماثل في مجلس الأمن، يعتبر دوفير أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لن تستطيع القول، على المدى الطويل، إن ما تحكمه السلطة القضائية للأمم المتحدة ليس له أي تأثير، خاصة عندما يتعلق الأمر بعضو في مجلس الأمن، وإلا فإن ذلك سيحدث ثورة داخل الأمم المتحدة إذا لم تُحترم قرارات العدل الدولية.
ويتفق توبي كادمان مع ما ذهب إليه المحامي الفرنسي، مشيرا إلى أن أي فشل في تنفيذ القرار سيذهب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقال إنه سبق أن رأينا الولايات المتحدة قد اختارت عدم استخدام حق النقض عند عرض القضية على مجلس الأمن، "وهذا يدل على أن واشنطن أصبحت تشعر بقلق متزايد بشأن مدى دعمها لإسرائيل".
بدوره، يفسر مايكل بيكر، أن أوامر المحكمة ملزمة قانونا بشكل رسمي، وإذا لم تلتزم إسرائيل بها فإن ذلك سيعني انتهاكا مباشرا للقانون الدولي وسيضاف إلى القائمة، لافتا إلى وجود أنواع أخرى لسلطة المحكمة التنفيذية، بما في ذلك سلطة الإقناع، التي تعني توضيح المحكمة في أمرها سبب تبرير أي إجراءات سيتم فرضها.
وقد أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل بتقديم تقرير للمحكمة في غضون شهر واحد، حول التقدم الذي أحرزته في تطبيق الإجراءات التي أمرت بها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات محکمة العدل الدولیة المحکمة فی
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة تطلب رأي العدل الدولية بشأن عرقلة إسرائيل إدخال المساعدات للفلسطينيين
صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس، على مشروع قرار لطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن مدى التزامات دولة الاحتلال بتسهيل المساعدات المقدمة للفلسطينيين من المنظمات الدولية، ومنها الأمم المتحدة ودول.
ووافقت الجمعية العامة بأغلبية 137 صوتا من أصل 193 دولة لصالح القرار الذي صاغته النرويج. وصوتت "إسرائيل" والولايات المتحدة وعشر دول أخرى ضده، بينما امتنعت 22 دولة عن التصويت.
والأربعاء، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن "إسرائيل" ما تزال ترفض الجهود المبذولة لتوصيل المساعدات إلى شمال قطاع غزة.
وأفاد دوجاريك في تصريحات صحفية، بأن بعثات المساعدات التي تقودها الأمم المتحدة إلى شمال غزة، لا سيما التي تحاول الوصول إلى المناطق المحاصرة، يتم رفض أغلبها.
وذكر دوجاريك أن السلطات الإسرائيلية رفضت مرة أخرى يوم الثلاثاء، 3 بعثات مساعدات إنسانية قام بها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، والتي خططت لجلب الغذاء والماء إلى بعض أجزاء في شمال غزة المحاصر.
وأضاف: "حاولت الأمم المتحدة الوصول إلى المناطق المحاصرة 40 مرة منذ مطلع ديسمبر/ كانون الأول الحالي، إذ رفض 38 طلبا، فيما منعت بعثتين من الوصول بعد السماح لهما".
وشدد دوجاريك على ضرورة حماية المدنيين في غزة وتلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية، داعيا "إسرائيل" إلى تسهيل عمل الأمم المتحدة وشركائها بالإغاثة في المنطقة.
ودخل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يومه الـ440، مع ارتفاع عدد الشهداء إلى أكثر من 45 ألفا، نسبة كبيرة منهم نساء وأطفال.
وقالت وزارة الصحة في غزة، إن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 7 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة، وصل منها إلى المستشفيات 52 شهيدًا و203 إصابات خلال الـ24 ساعة الماضية.