ميرال جلال هريدي تكتب: «القاهرة».. كلمة الحل
تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT
على مدار عقود طويلة، تعد القضية الفلسطينية المتربعة على عرش الأجندة الخارجية المصرية، ليس من منطلق مواقفها السياسية والدبلوماسية فقط، ولكن على المستوى الإلزامى من قِبل الدولة المصرية لدعم أشقائها ومواصلة جهادها ومساعيها المستمرة من أجل أن ينال الشعب الفلسطينى حقوقه ويتمتع بشرعية إقامة دولته المستقلة، تعزيزاً لدعم السلام المنشود فى المنطقة، وتأكيداً على أن العالم الخارجى يحكمه قوانين ومبادئ على الجميع الالتزام بها.
ففى دروب الحرب والمعاناة ذات المسارات المتعددة، بالنسبة للشعب الفلسطينى، ما زالت مصر تلعب دوراً محورياً فى هذه القضية من خلال مواقفها السياسية والدبلوماسية والعسكرية، مما يجعلها طرفاً رئيسياً فى أى جهود تسعى إلى إيجاد حلول دائمة وعادلة للصراع الإسرائيلى الفلسطينى، والذى بدأ منذ عام 1948، واستمر هذا الدور خلال حروب متلاحقة مقدمة الدولة المصرية كافة أشكال الدعم لأشقائها الفلسطينيين، على رأسها الدعم المادى والعسكرى، والدبلوماسى، وأصبحت تتحدث بلسان حال الشعب الفلسطينى فى كافة المحافل الدولية، معلنة منذ اللحظة الأولى أن إسرائيل دولة احتلال تستهدف إبادة شعب بأكمله وإزالته من الخريطة.
مصر الدولة الوحيدة التى لم تطوِ صفحة القضية الفلسطينية أو ترجئ حديثها حفاظاً على علاقاتها الدبلوماسية والسياسية مع دول عدة ذات صداقة مقربة مع إسرائيل، بل أعلنت موقفها المشرف وحريصة على دعم حقوق أشقائها، وإدانة كافة الممارسات التى تقوم بها الحكومة الإسرائيلية دون خشية أحد، مما ثبت أركانها كطرف رئيسى يبحث عن الوساطة الحقيقية التى تدعو إلى السلام والاعتراف بشرعية دولة فلسطين المستقلة.
وأصبحت مصر تدافع عن حقوق الفلسطينيين فى المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن، من خلال مندوبيها فى هذه المنظمات، ودعوتها مراراً إلى تطبيق قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية، مثل قرارى 242 و338 اللذين ينصان على انسحاب إسرائيل من الأراضى المحتلة وحق الفلسطينيين فى تقرير مصيرهم. وتلعب مصر دوراً محورياً فى الوساطة بين الفصائل الفلسطينية المختلفة، لا سيما بين حركتى فتح وحماس، كما تعمل بشكل مستمر على تقريب وجهات النظر بين الأطراف الفلسطينية لتحقيق المصالحة الوطنية وتشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على التفاوض مع إسرائيل وإدارة الشئون الداخلية بفاعلية، وذلك من خلال استضافة مصر بانتظام اجتماعات ومباحثات بين الفصائل الفلسطينية فى محاولة لتخفيف التوترات الداخلية.
وإلى جانب الجهود الدبلوماسية، تقدم مصر دعماً إنسانياً كبيراً للفلسطينيين، خاصة فى قطاع غزة، هذا الدعم يشمل فتح معبر رفح لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية والطبية، بالإضافة إلى إرسال القوافل الإغاثية، هذه الجهود تسهم فى تخفيف معاناة الفلسطينيين وتوفير بيئة مستقرة تساعد على تعزيز الدعم الدولى لقضيتهم.
تستخدم مصر ثقلها الدبلوماسى فى المحافل الدولية للدفاع عن الحقوق الفلسطينية، حيث تلتزم بدعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، بالإضافة إلى استكمال مساعى الدبلوماسية المصرية إلى حشد الدعم الدولى لهذه القضية، ووضع المجتمع الدولى أمام مسئولياته تجاه ما يحدث من كارثة إنسانية وإبادة جماعية لأهل قطاع غزة. ويمكن القول إن الوساطة المصرية تمتاز بقدرتها على التعامل مع الضغوط الدولية والإقليمية، فمصر تستفيد من علاقاتها الدولية الواسعة وعلاقاتها المتميزة مع القوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، وكذلك علاقاتها مع الدول العربية، لتسهيل التوصل إلى حلول مقبولة للأطراف الفلسطينية، فضلاً عن إفادتها من هذه العلاقات فى حشد الدعم الدولى لأى اتفاق مصالحة وتحقيق الضغط على الأطراف المتنازعة لتنفيذ الالتزامات المتفق عليها. وتستمر مصر فى دور الوسيط بين الفصائل الفلسطينية، مما يعكس التزامها التاريخى بالقضية الفلسطينية، ومع استمرار التحديات، تبقى مصر على استعداد لتقديم كل ما يلزم لتحقيق المصالحة الوطنية، إيماناً منها بأن الوحدة الفلسطينية هى السبيل الأمثل لتحقيق السلام والاستقرار فى المنطقة. وتعتزم مواصلة جهودها لتحقيق المصالحة الوطنية، مدركة أن استقرار الوضع الداخلى الفلسطينى هو مفتاح لأى حل مستدام للصراع مع إسرائيل.
*عضو لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب
عن حزب «حماة الوطن»
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مصر فلسطين القضیة الفلسطینیة
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية يعلن التوصيات للندوة الدولية الأولى لدار الإفتاء المصرية
قال الدكتور نظير عياد -مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم-: نحمد الله سبحانه وتعالى أن وفَّقنا إلى اختتام فعاليات الندوة الدولية الأولى «دَور الفتوى في تحقيق الأمن الفكري» التي نظمتها الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم بمناسبة اليوم العالمي للفتوى، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية.
وأضاف، خلال إلقاء البيان الختامي للندوة، أن اختيار موضوع الندوة جاء نظرًا للأهمية المتزايدة لقضية الأمن الفكري، ولما للفتوى من دورٍ كبير ومحوري في تحقيق الأمن الفكري؛ فالفتوى ضمانةٌ لتحقيق ما تقتضيه الفطرةُ السويةُ، وتأمين الوظيفة الأساسية لكل فردٍ في المجتمع؛ كما أن لها دورًا كبيرًا في إرساء دعائم الأمن الفكري، وحمايته، ومواجهة ما يعترضه من تحديات كبيرة.
مشيرًا إلى أن الندوة شهدت حضورًا مميزًا من كبار المفتين من أعضاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، ومن السادة الوزراء وممثلي كبرى المؤسسات الوطنية، ومن علماء الشريعة وأساتذتها في مصرَ والعالم؛ خاصةً مشايخ وعلماء الأزهر الشريف؛ ذلك الصرح الذي يقف منارةً للعلم وحارسًا للأمن الفكري للعالم الإسلامي، كما شهدت الندوةُ مشاركةَ رجال الفكر والإعلام، والباحثين والمتخصصين في الأمن الفكري وما يتصل به من قضايا.
كما أوضح أن الندوة ناقشت في فعالياتها المتنوعةِ بين جلساتها العلمية وورش عملها وأبحاثها المقدمة ونقاشاتها قضايا الفتوى وتحقيق الأمن الفكري، مبينةً دور الفتوى في إرساء دعائمه، وحمايته من التحديات.
وقد ناقشت الجلسة الأولى من جلسات الندوةِ المثمرةِ دورَ الفتوى في إرساء دعائم الأمن الفكري، وتناولت الجلسة الثانية حماية الأمن الفكري من حيث التحديات وطرائق الفتوى في المواجهة.
وعلى هامش هذه الجلسات عُقدت مجموعة من ورش العمل، تناولت الورشة الأولى منها التصدي للفتاوى العشوائية، مُلقيةً الضوء على تفعيل دور المؤسسات الإفتائية لمواجهة الفوضى المعاصرة، وركزت الورشةُ على ظاهرة الفتاوى العشوائية التي تستخدمها الجماعات المتطرفة وغير المتخصصين، وخاصةً على مواقع التواصل الاجتماعي، مستهدفةً ضبط الفتوى المعاصرة وَفق الأصول المرعية، وتحديد سبل تفعيل دَور المؤسسات الإفتائية لمواجهة الفوضى المعاصرة في الفتوى، ومؤكدةً على ضرورة قصر الإفتاء على المؤسسات الإفتائية والمتخصصين المؤهلين للفتوى.
أما الورشة الثانية فخُصِّصت لمنهجية الرد الرشيد على الأسئلة الشائكة؛ ووضعت «الإلحاد» نموذجًا تطبيقيًّا لمناقشة محاورها؛ حيث استهدفت تحليل البنية المفاهيمية لمفهوم الإلحاد، والتعريف به وبحث أنماطه ومستوياته، ودراسة طبيعته في العالم العربي، ووضع استراتيجياتٍ وحلولٍ للتصدي له.
وقد أشار مفتي الجمهورية إلى أن الندوة خرجت في ختامِها بمجموعةٍ من التوصياتِ والقراراتِ المهمَّةِ التي خَلَصَت إليها من خلال اقتراحاتِ السادةِ المشاركينَ مِنَ العلماءِ والباحثينَ، وجاءت التَّوصياتُ بما يلي:
أولًا: تدعم الندوةُ كفاحَ الشعب الفلسطيني خصوصًا في غزةَ ضد الكيان المحتل الغاصب، وتثمن جهود الدولة المصرية في مساعيها العظيمة الرامية نحو تحقيق السلام والأمن في المنطقة.
ثانيًا: تدعو الندوة إلى تشجيع ودعم التضامن العالمي لتعزيز حضور القضية الفلسطينية في المحافل الدولية لضمان حماية حقوق الشعب الفلسطيني، وتعزيز الشراكات مع المنظمات الدولية لحقوق الإنسان لوقف الانتهاكات ضد الفلسطينيين.
ثالثًا: تتابع الندوة من كثَب التطورات في الأراضي السورية الشقيقة، وتدعو الشعب السوري إلى التمسُّك بالترابط وعدم التشرذُم للحفاظ على البلاد ومقدَّراتها وعلى وحدة أرضها وأمان حدودها.
رابعًا: تشيد الندوة بدَور مصر القيادي في تعزيز السلام والاستقرار الإقليمي من خلال جهودها الدبلوماسية في مختلف القضايا الإقليمية والعالمية، وتثمِّن المبادرات المصرية في مجال تحسين الحوار بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة.
خامسًا: تدعو الندوة إلى ضرورة العمل على كبح جماح الكيان الصهيوني والعمل على وقف أحلامه الزائفة، التي لن تتحقق والتي في سبيلها لا يرعى لله حُرمة ولا للإنسانية كرامة ولا للأعراف الدولية والإنسانية مكانًا.
سادسًا: وتؤكد الندوة أن ما يقوم به الكيان الصهيوني المحتل في الأراضي السورية مستغلًّا الأحداث الواقعة بها هو خروج عن كل عُرف، وبعيد عن كل دين، وتدعو الندوة المؤسسات الأممية والدولية وأصحاب الضمائر الحية إلى ضرورة اتخاذ موقف جاد يوقف غطرسة هذا الكيان ويرده عن جرائمه، كما تدعو الإخوة السوريين إلى ضرورة الاتحاد والتكاتف والتعاون وإدراك ما يحاك لهم.
سابعًا: تدعو الندوة إلى المساندة الإيجابية الكاملة لقيادتنا السياسية والوقوف خلفها بكل قوة، ودعم مؤسساتنا الوطنية وأجهزتنا الأمنية، والتي لولا قوَّتها وتماسكها وتكاتفها واستقرارها لنجحت المخططات الخبيثة التي يريد بها أعداء الوطن إهلاكَ البلاد والعباد.
ثامنًا: تهيب الندوة بجميع المسلمين في كل مكان أن يتمسكوا بالانتماء لأوطانهم وحبهم لها، ويدركوا ما يفرضه عليهم الواجب الديني الشرعي من تحمُّل المسئولية والوعي الكامل بقضايا أوطانهم وبما يمرُّ العالم به من ظروف دقيقة تتحدد فيها مصائر الدول وتتشكَّل فيها الخريطة السياسية للعالم أجمع ولمنطقتنا العربية والبلاد الإسلامية على وجه الخصوص.
تاسعًا: تشيد الندوة بدَور الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، في تعزيز الخطاب الديني الوسطي الذي يدعو إلى التعايش السلمي بين الشعوب، وتعزيز الحوار بين الأديان وبناء جسور التواصل مع الثقافات المختلفة.
عاشرًا: تؤكد الندوة على ضرورة حماية الأمن الفكري من جميع التحديات التي تواجهه، وأهمية الدور المحوري الذي تقوم به الفتوى في إرساء دعائم الأمن الفكري ومواجهة التطرف الديني واللاديني، وتثمِّن كافة المخرجات التي صَدَرت وعُرِضَت في فعالياتها، وتدعو الباحثين والمختصين للإفادة منها.
حادي عشر: تؤكد الندوة على أهمية التصدي للفتاوى الشاذة والعشوائية، وبيان أثرها السلبي على الأمن الفكري، ومواصلة العمل للتوعية بمخاطرها وآثارها على استقرار المجتمعات، وضرورة سنِّ قانون يحظر الإفتاء لغير المؤسسات الإفتائية والمتخصصين المؤهلين لذلك، الأمر الذي سيحمي الكيان العقدي والفكري للمجتمع من الأفكار الدخيلة عليه، وتعزيز التعايش السلمي وحماية القيم الإنسانية المشتركة.
ثاني عشر: تؤكد الندوة على أهمية مواصلة العمل في مجال التأهيل الإفتائي، وبناء المزيد من جسور التفاهم والتعاون بين القائمين على صناعة الفتوى في العالم من مؤسسات وهيئات وطنية؛ لمواجهة التحديات الكبرى في سبيل نشر القيم الإنسانية، وتوعية المجتمعات بمخاطر التطرف الفكري والتحديات الاجتماعية، وتعزيز الأمن الفكري.
ثالث عشر: تدعو الندوة إلى تعزيز دَور المرأة في الإفتاء عبر تأهيلها للمشاركة في قضايا المجتمع، والإفادة من أدوارها المحورية في التربية والتنشئة الاجتماعية بما يحقق الأمن الفكري والمجتمعي.
رابع عشر: توصي الندوة بضرورة تضمين المناهج التعليمية والتربوية مساقات عن الأمن الفكري، ومناقشة قضاياه وأبعاده المتنوعة في الملتقيات والمؤتمرات العلمية والأكاديمية، وضرورة التوصل إلى مخرجات وتوصيات واقعية تسهم في تحقيق الأمن الفكري.
خامس عشر: تدعو الندوة إلى تعزيز الدَّور المصري في توجيه الجهود الإعلامية نحو نشر خطاب معتدل يعزز الأمن الفكري ويخدم المصالح الوطنية، وضرورة تعزيز التعاون مع المؤسسات الإعلامية لتسليط الضوء على جهود المفتين والمؤسسات الإفتائية في تحقيق السلم المجتمعي وحماية الأمن الفكري.
السادس عشر: تثمِّن الندوة جهود المؤسسات الإفتائية في مكافحة الفكر المتطرف، ونشر الاعتدال، وتعزيز الوحدة الإسلامية، ومواجهة الانقسامات الفكرية والطائفية، وتؤكد على ضرورة بذل المزيد من الجهود لتشجيع التفاعل بين المفتين والجمهور لتقوية الثقة بالمؤسسات الإفتائية.
السابع عشر: تدعو الندوة إلى تعزيز التعاون مع المؤسسات الإعلامية لتسليط الضوء على جهود المفتين والمؤسسات الإفتائية في تحقيق السلم المجتمعي وحماية الأمن الفكري.
وفي الختام توجَّهُ المفتي نيابة عن المجتَمِعينَ بالشكر لرئيس الجمهورية، الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ لرعايته الكريمة للندوة، ولكلِّ من أسهم في نجاح أعمالها، مُتمَنِّيًا لمصر وكافة بلاد الأمة الإسلامية والعالمية التوفيق والنجاح والاستقرار الدائم.