محمود سامي يكتب: مصر وغزة.. صراع الإرادة
تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT
لا تزال فلسطين البلد الوحيد فى العالم حالياً التى تواجه احتلالاً غاشماً دون انقطاع منذ منتصف القرن الماضى، ولا تزال مصر تلعب دورها كداعم أول وأحياناً وحيدا للشعب الفلسطينى، وقد يعزو البعض حتمية هذا الموقف المصرى لتماس حدود فلسطين مع الحدود الشرقية لمصر، فى حين توجد دول أخرى على خط التماس مع الدولة الفلسطينية أو قريبة من حدودها ولا تلعب مثل هذا الدور التاريخى الممتد لعقود طويلة.
لقد تعهدت مصر بهذا الدعم، وتحملت كل تبعاته من أرواح شهداء أبنائها، وأزمات اقتصادية طاحنة على مدار أكثر من 76 سنة، ومن الواضح أن هذا الأمر سيستمر لفترة لا يعلم مداها إلا الله.
منذ 7 أكتوبر 2023 ومصر فى حالة استنفار وصراع إرادة مع العدو الصهيونى، يسعى فيه الكيان المحتل من ناحية لانتهاز الفرصة للإجهاز على القضية الفلسطينية، وإفراغ قطاع غزة من سكانه، ودفعهم دفعاً من خلال آلة عسكرية غاشمة - مدعومة من الولايات المتحدة ودول غربية أخرى - للنزوح الجماعى لسيناء؛ تنفيذاً لخطته المتداولة منذ أكثر من 10 سنوات تحت مسمى «صفقة القرن»، ومن الناحية الأخرى هناك إرادة حديدية من الدولة المصرية لمقاومة هذه الخطة الشريرة؛ ليقين مصر أن إنهاء غزة ومقاومتها يعنى القضاء على القضية الفلسطينية مرة واحدة وللأبد، وانتهاء أى أمل لحل عادل للقضية الفلسطينية أو إنفاذ حل الدولتين.
ولا يتبقى لمواجهة هذه الخطة الخبيثة إلا صمود الشعب الفلسطينى ورفضه لفكرة التهجير، وصمود الإدارة المصرية، ومقاومتها السياسية والدبلوماسية، والتصريح بأن الباب مفتوح لحلول أخرى غير ذلك إذا تطلب الأمر. الآن ينزف الشعب الفلسطينى كل يوم من دمائه الطاهرة التى قد تكون السبيل الوحيد والبشارة للوصول إلى استقلال قريب، فكلما زادت التضحيات، زاد الأمل فى الوصول للأهداف والغايات.
والآن ينزف الاقتصاد المصرى كل يوم أيضاً خسائر ضخمة على مستوى كل القطاعات، من فقد أحد أهم مصادر الدخل القومى بالعملات الأجنبية بشبه إغلاق لقناة السويس، وتأثر السياحة وحركة البضائع والاستثمارات المباشرة، وتأثر غيرها من القطاعات الاقتصادية المختلفة انتظاراً لحل هذا الصراع، وإنفاذ وقف إطلاق النار اليومى على أهالينا فى غزة وحدودنا الشرقية، ولولا تدخل بعض الدول العربية مثل الإمارات العربية، وتدخل المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولى، بمساعدات وقروض جديدة تخفيفاً لوطأة الأزمة على مصر لانهار الاقتصاد المصرى فى ظل مروره بالفعل بأزمات اقتصادية خانقة من قبل بدء أزمة غزة فى أكتوبر من العام الماضى.
والحقيقة أنه بالرغم من مرور هذه الأزمة الاقتصادية على دولة كبيرة مثل مصر يقطنها أكثر من 110 ملايين مواطن، فإنها لا تزال صامدة دون إبداء شكوى أو إظهار ضعف، فحفاظ مصر على مظهرها القوى المتماسك غير المتردد هو الداعم الوحيد حالياً للشعب الفلسطينى والقضية الفلسطينية.
تحية لصمود الشعب الفلسطينى وأبناء غزة، وتحية لقوة عزيمة الدولة المصرية.
*رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى بمجلس الشيوخ
المصدر: الوطن
إقرأ أيضاً:
«النواب» يبدأ صياغة وثيقة بالموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية وخطورة التهجير على الأمن الإقليمي
عقدت اللجنة العامة لمجلس النواب اجتماعاً، أمس، برئاسة المستشار الدكتور حنفى جبالى، لمناقشة التوصية الصادرة عن المجلس بشأن تعزيز التواصل مع البرلمانات الإقليمية والدولية لشرح موقف مصر الثابت تجاه القضية الفلسطينية، وضرورة تعزيز العلاقات البرلمانية لإيصال صوت مصر الداعم للعدل والسلام.
وأكد «جبالى»، خلال الاجتماع أن القضية الفلسطينية لا تقبل المساومة، داعياً اللجنة العامة لوضع خطة عمل متكاملة تستهدف تفعيل التوصية الصادرة عن المجلس بشكل فعال لخدمة القضية الفلسطينية، حيث كلف رؤساء لجان «العلاقات الخارجية - الشئون العربية - الشئون الأفريقية - الدفاع والأمن القومى - حقوق الإنسان»، بوضع تصور لصياغة وثيقة شاملة تعكس الموقف المصرى التاريخى والحالى تجاه القضية الفلسطينية بحيث تتضمن هذه الوثيقة تحليلات سياسية ودبلوماسية تُبرز خطورة المخططات الإسرائيلية وخطورة تهجير الفلسطينيين على الأمن الإقليمى، وتُعرض هذه الوثيقة على مكتب المجلس تمهيداً لإقرارها بعد التنسيق مع وزارة الخارجية والجهات ذات الصلة، ويتم تعميمها على جميع أعضاء المجلس المشاركين فى المحافل البرلمانية الإقليمية والدولية لضمان اتساق ووحدة الرؤية المصرية.
وأكد رئيس المجلس ضرورة عقد اجتماعات ثنائية ومتعددة الأطراف على هامش المؤتمرات الدولية مع وفود البرلمانات المختلفة، لدفع القضية الفلسطينية إلى مقدمة الاهتمامات العالمية وتسليط الضوء على الانتهاكات الإسرائيلية، وتحفيز التعاون الدولى لدعم الشعب الفلسطينى وحقوقه المشروعة، والتحذير من مسألة التهجير للفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية، وضرورة التواصل مع المؤسسات البرلمانية الإقليمية والدولية، مثل الاتحاد البرلمانى الدولى والاتحاد البرلمانى العربى والبرلمان العربى، لتنسيق الجهود بما يضمن إدراج القضية الفلسطينية على جداول الأعمال الرسمية لهذه المؤسسات والعمل على إصدار قرارات واضحة تُدين الانتهاكات الإسرائيلية ومحاولات تهجير الفلسطينيين، بما يعزز الموقف الدبلوماسى المصرى.
وشدد على أهمية التعاون مع وزارة الخارجية والسفارات المصرية فى الخارج لتنسيق الجهود الدبلوماسية ونقل صورة واضحة ودقيقة عن الموقف المصرى الداعم للشعب الفلسطينى، وتوجيه رسائل رسمية إلى رؤساء البرلمانات وفق ما يقرره مكتب المجلس لإبراز خطورة الأوضاع الراهنة فى الأراضى الفلسطينية، مع دعوة المجتمع الدولى للتحرك الفورى لوقف الانتهاكات الإسرائيلية ودعم الحقوق الفلسطينية فى إطار القانون الدولى.
من جانبه، أعلن المجلس القومى للمرأة برئاسة المستشارة أمل عمار، وجميع عضواته وأعضائه ولجانه الدائمة وأمانته الفنية وفروعه بجميع محافظات الجمهورية، وباسم نساء مصر دعمه الكامل لجميع الإجراءات التى تتخذها الدولة المصرية الكفيلة بحماية الأمن القومى المصرى والعربى، والوقوف ضد مخطط التهجير القسرى للفلسطينيين من قطاع غزة وتوطينهم فى سيناء، مؤكداً أن ذلك يعد تصفية للقضية الفلسطينية التى هى قضية الوطن العربى بأكمله، وشدد على أن الأمن القومى المصرى وسيناء خط أحمر، لا تهاون فيه.
من جانبها، أعربت الطائفة الإنجيلية بمصر، برئاسة الدكتور القس أندريه زكى، عن تأييدها الكامل للموقف المصرى الثابت إزاء القضية الفلسطينية، باعتبارها القضية المحورية للشرق الأوسط، ورفضها الواضح لمقترحات التهجير التى طرحت مؤخراً لنقل السكان الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الدول المجاورة، وقالت الطائفة فى بيان لها، أمس، إن هذه المقترحات تهدد مبادئ القانون الدولى والإنسانى، وتتنافى مع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى فى أرضه ووطنه، كما أن تنفيذ مثل هذه الأفكار من شأنه أن يعمق الأزمة ويزيد من التوترات الإقليمية، ويقوض جهود تحقيق السلام العادل والشامل، بدلاً من العمل على إنهاء الصراع وتحقيق الاستقرار فى المنطقة.