منذ النكبة، وعلى مدار 76 عاماً، تربعت القضية الفلسطينية على أولويات السياسة الخارجية المصرية، على المستويين الرسمى والشعبى، فلا شك أن تعاطف الشعب المصرى مع الحق الفلسطينى فى أرضه هو الذى يحرك السياسة المصرية ويحدد مسارها، هذا الدور الداعم للقضية الفلسطينية دوافعه ليست فقط الحق الفلسطينى ولا الدوافع الإنسانية ولكنه إدراك عميق وذكى لمفهوم الأمن القومى، الذى يمتد إلى التهديدات المحتملة، ويدرك أن الظلم الواقع على الشعب الفلسطينى هو أكبر وقود لعدم الاستقرار ولنمو التطرف فى المنطقة.

ومن هذا المنطلق، كانت التحركات المصرية عبر الحرص على استمرار فتح المعبر، وتدفق المساعدات منه بلا توقف علامة فى تاريخ الإنسانية مهما حاول البعض التشكيك فى هذا الموقف شديد الإنسانية والمسئولية والتقليل منه لأغراض سياسية، وهو التشكيك الذى تواجهه مصر بالصبر والحكمة والحقائق الذى يُظهر قوة وصلابة مصر حكومة وشعباً.

تبنت الدولة المصرية لما يزيد على 4 عقود خيار السلام الاستراتيجى عن وعى وإدراك، ليس بدافع الضعف ولكن بقوة وثقة، فهى تدرك أن نهاية أى حرب هى مفاوضات سلام، ومع ذلك، تبقى جاهزة ومستعدة للتعامل مع أى سيناريوهات أخرى قد تطرأ، ما يؤكد على قوتها ومرونتها فى مواجهة التحديات.

إلا أن هذا الخيار لا بد له من قوة ردع تحميه وهو الدور الذى تقوم به القوات المسلحة والتى شهد وزير الدفاع الفريق أول محمد زكى تفتيش الذخيرة الحية فى رسالة لا يخطئها حصيفٌ لطمأنة الشعب المصرى على جاهزية قواته ورسالة أخرى ضمنية لمن ينسى أن لمصر درعاً وسيفاً.

فهناك مَن يقلقه الدور المصرى ويسعى طوال الوقت للتقليل منه والتشكيك فيه والمزايدة عليه وحشد كل وسائل الإعلام ضده بحيث إن فعلت مصر فهى مخطئة وإن لم تفعل فهى مقصرة، وهو ما تعودت عليه مصر ليس بسبب اختيارها للسلام -فقد كانت هذه المزايدة حتى خلال فترات الحرب- ولكن لأن هناك مَن لا يريد مصر مستقرة، وأن مصر المستقرة القوية تُظهر هشاشة سياستهم وهامشيتها وتقوض أجندتهم لإشاعة الفوضى فى المنطقة لتحقيق مكاسب ضيقة وتصويرها على أنها انتصارات كبيرة، ولكن مصر وشعبها وجيشها وقيادتها تعى هذه الأمور وتترفع أن ترد عليها.

ورغم أننى أعارض كثيراً من قرارات الحكومة وأرفض سياستها الاقتصادية والاجتماعية، فإننى أشهد أن تحركات مصر لا يمكن إلا أن توصف سوى بأنها مسئولة وذكية بل استشرافية، فقد أدركت الدبلوماسية المصرية ومؤسسات الأمن القومى الخطر الذى يواجه المنطقة بسبب تصرفات دولة الاحتلال، وهو ما جعل التحركات المصرية تلقى الدعم الداخلى الكامل، ومن أطراف دولية تبنت وجهة النظر المصرية ودعمها كل الأطراف الفاعلة الدولية تباعاً فى مواجهة التعنت والإجرام الذى يمارسه الاحتلال فى سابقة تكاد تكون الأولى فى تاريخ المنطقة.

لقد كان الأصعب فى تصدى مصر لهذا الدور هو حجم المزايدات والضغوط التى تواجهها من أطراف إقليمية لها مصالح أخرى، وهو ما يتطلب مواجهة واصطفافاً وتأكيداً على تماسك الجبهة الداخلية، وهو ما يتطلب من المعارضة الوطنية -التى أمثل جزءاً منها- وضع خط فاصل وواضح بين حدود المعارضة التى تدفع نحو سياسات وأجندة إصلاحية وبين الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية فى مواجهة هذا المحيط الإقليمى المضطرب، وهذه الحرب غير الشريفة من التشكيك فى الموقف المصرى الصلب الذى كان ولا يزال وسيظل الداعم الرئيسى لقضية العرب الأولى وهو ما نجتهد فيه وسنظل حريصين عليه. عاشت فلسطين وحفظ الله مصر وشعبها واستقرارها.

 *عضو مجلس النواب رئيس حزب العدل

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مصر فلسطين وهو ما

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية الأمريكي: الشراكة المصرية ضرورية لتعزيز الاستقرار في المنطقة

قال «ماركو روبيو» وزير الخارجية الأمريكى، إن هناك لقاء مثمرا جمعه مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، وتم الحديث عن آخر التطورات في غزة وسوريا والسودان.

وأعرب عن تقدير الولايات المتحدة لدور مصر كوسيط في غزة، وأكدنا أهمية الشراكة الأمريكية المصرية في تعزيز السلام والأمن والاستقرار بالمنطقة.
 

مقالات مشابهة

  • لماذا دُفن إمام الطائفة الإسماعيلية بأسوان المصرية؟
  • وزير الخارجية الأمريكي: الشراكة المصرية ضرورية لتعزيز الاستقرار في المنطقة
  • مفاجأة قرعة كأس الاتحاد الإنكليزي.. «مانشستر سيتي» في مواجهة «بليموث»
  • قرعة كأس إنجلترا.. السيتي يواجه بليموث ويونايتد يتحدى فولهام
  • عودة الدفء للعلاقات المصرية التركية ينعش القطاع السياحي
  • محمود حامد يكتب:  مصطفى بيومى.. الحاضر دومًا رغم الرحيل
  • عادل عبدالرحيم يكتب: مصطفى بيومي رحيل بالجسد وخلود بالذكرى
  • تجار العتبة عالقون بين وعود تأخرت ومخاوف من «حرائق جديدة»
  • علي الفاتح يكتب: الطريق ممهد نحو شرق أوسط عربي!
  • الحرية المصرى: استضافة القاهرة للقمة العربية يعكس دورها الريادي بالقضايا المصيرية