الوطن:
2024-06-29@23:08:47 GMT

هشام عناني يكتب: «غزة».. والواجب الوطني

تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT

هشام عناني يكتب: «غزة».. والواجب الوطني

يخطئ من يعتقد أن مصر تتعامل مع القضية الفلسطينية على أنها حدث إقليمى وفقط، لأن ذلك على غير العقيدة السياسية للدولة المصرية منذ عقود، والتى تعتبر القضية الفلسطينية محوراً أساسياً لاستقرار المنطقة، فضلاً عن الالتزام الإنسانى والأخلاقى تجاه شعب فلسطين، الذى يقف على البوابة الشرقية للدولة المصرية.

ومصر منذ بداية الحرب على غزة تمسّكت بثوابت محورية وأساسية برفض تام لفكرة تصفية القضية على حساب دول الجوار مع الرفض القاطع للتهجير القسرى للفلسطينيين إلى سيناء بأى شكل من الأشكال، وانتصرت مصر لحقوق الشعب الفلسطينى الثابتة تاريخياً وقانونياً بحق الحياة وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، طبقاً لما جاء فى قرارات الأمم المتحدة بالخصوص ذاته.

إن القاهرة لم تترك طريقاً إلا وسلكته، فى محاولة حثيثة لوقف الحرب على غزة، لأنها تدرك خطورة هذه الحرب، ليس على مصر فقط، ولكن على المنطقة بأسرها مع الأخذ فى الاعتبار أن إسرائيل بمجلس الحرب المكون معظمه من اليمين المتطرّف تعاملت مع الموقف بأهداف معلنة وأخرى خفية.

أعلنت إسرائيل الأهداف المعلنة، بأن الحرب تهدف إلى القضاء على حماس، وتقسيم القطاع عسكرياً، واسترجاع المحتجزين من غلاف غزة، إلا أن هذه الأهداف تُخفى تحتها ما هو أعمق، وهو تنفيذ الحلم الإسرائيلى بالتمدّد وابتلاع غزة وتفريغ غزة من سكانها إلى سيناء وتصفية القضية الفلسطينية إلى الأبد، مع إقامة مناطق عازلة داخل غزة لحماية الداخل الإسرائيلى.

هذا بالإضافة إلى عنصر مهم يجب النظر إليه عند تقييم الأمر، وهو حسابات الانتخابات فى إسرائيل وأمريكا، فنتنياهو وبايدن فى أمسّ الحاجة إلى تحقيق انتصار، ولو حتى غير مكتمل حتى يقنع الداخل الإسرائيلى والأمريكى بالأحقية بالتمديد والاستمرار فى الحكم أطول مدة.

هذا الاشتباك بين ما هو معلن وما هو خفى من الأهداف، وما هو سياسى وانتخابى وعسكرى، أدى إلى تهور إسرائيلى غير مسبوق، مع اندفاع عسكرى غير مسبوق وغير مدروس، فضلاً عن توسيع رُقعة النزاع فى توقيت خاطئ عسكرياً تم توريط الجيش الإسرائيلى فى نزاعات متعدّدة، وعلى جبهات مختلفة لم تحقّق فى أىٍّ منها أى انتصار.

إلا أن إسرائيل وبسوء تقدير الموقف لم تُلقِ آذاناً صاغية للتحذيرات المصرية من مغبة الحرب على غزة وما سيتبعها من آثار كبيرة ليست على غزة فقط، ولكن على المنطقة بأسرها.

على الجانب الآخر، استطاعت الدولة المصرية أن تكون اللاعب الرئيسى والمؤثر مع الهدوء والاتزان والتصرّف بحكمة بالغة والتصدّى لكل المحاولات الإسرائيلية لجرجرة مصر إلى نزاع غير محمود العواقب مع الثبات الشديد على ثوابت وطنية، أساسها الحفاظ على سيادة التراب الوطنى مع مساندة القضية الفلسطينية قولاً وفعلاً.

تحرّكت الدولة المصرية على مدار الأشهر الماضية منفردة تقريباً، اللهم إلا مساندة قطرية فى موضوع الوساطة بوعى وإصرار وتم الثبات على الرفض المطلق لتصفية القضية والتهجير إلى سيناء وبدأت الدبلوماسية المصرية تتحرّك عربياً وإقليمياً ودولياً لصناعة رأى عام دولى مساند للثوابت المصرية، وهو الأمر الذى قُوبل من الكثير من الدول المساندة لإسرائيل بعدم اكتراث وبقِصر نظر سياسى، وهو الأمر الذى أدركته القيادة المصرية التى تحرّكت بدعم شعبى وحزبى وبرلمانى فى لحظة من لحظات التوحّد الوطنى، وهو الأمر الذى أعطى قوة هائلة للموقف المصرى وأريحية للقيادة لاتخاذ ما تراه مناسباً لحماية الثوابت الوطنية والحفاظ على سيناء والسيادة المصرية.

وتحركت مصر فى أكثر من اتجاه بهدف وقف الحرب بجهود دبلوماسية كبيرة على المستوى العربى والإقليمى، سواء كان من خلال مؤتمر السلام بالقاهرة، مروراً باللقاءات الثنائية للرئيس مع الزعامات العربية والإقليمية، وانتهت إلى القمة العربية التى وضعت فيها مصر استراتيجيتها فى إدارة الموقف كأساس بنى عليه قرارات القمة، التى شهدت توحّداً على الثوابت المصرية فى تعاملها مع القضية الفلسطينية والحرب على غزة.

ولكن ما هو جدير أن الدبلوماسية المصرية لم تفرّط فى أىٍّ من خطواتها، بل كان دائماً وأبداً الموقف المصرى بعيد النظر وقارئاً جيداً للأحداث، فضلاً عن أن مصر لم تترك مجالاً إلا وقامت بالضغط على الجانب الإسرائيلى وتعريته أمام الرأى العام العالمى، وهذا كان واضحاً جداً أمام محكمة العدل الدولية فى المذكرة المقدّمة من مصر، ثم إعلان مصر الانضمام إلى جنوب أفريقيا فى دعواها كرد مصرى قوى على اجتياح إسرائيل لرفح وغلق المعبر بعد الاستيلاء عليه.

ولعل القارئ الجيد للأحداث يجد أن مصر بثبات موقفها أعطت صلابة للشعب الفلسطينى فى غزة، وأعطت ثقة من أنه لن يتم تصفية القضية ليُسطر الشعب الفلسطينى ملحمة فى التمسّك بأرضه، وهو الأمر الذى انعكس عسكرياً على الأرض فى فشل عسكرى غير مسبوق لإسرائيل فى تحقيق أىٍّ من الأهداف، سواء المعلنة والمستترة.

وما سيذكره التاريخ أن الشعب المصرى مد يد العون بأكثر من 80% من المساعدات التى وصلت إلى غزة منذ بداية الحرب، فضلاً عن استقبال العشرات والمئات من المصابين جراء جرائم الحرب التى ترتكبها إسرائيل، ليس من باب المنة أو الفضل، ولكنه التزام أخلاقى إنسانى قومى عربى.

ولعل جملة ما تم من أحداث كان له أكبر الأثر فى تعاطف غير مسبوق فى كل أنحاء العالم حتى فى الدول الحليفة لإسرائيل، وهو تعاطف أخرج القضية الفلسطينية إلى سطح الأحداث لتصبح مثار حديث وتعاطف العالم، وهو الأمر الذى يُعد مكسباً للقضية وخسارة فادحة لإسرائيل وحلفائها ليصبح الموقف المصرى حجر عثرة أمام تحقيق المطامع الإسرائيلية فى غزة والمنطقة.

*رئيس حزب المستقلين الجدد

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مصر فلسطين القضیة الفلسطینیة وهو الأمر الذى الحرب على غزة غیر مسبوق

إقرأ أيضاً:

وزير خارجية اليمن: علاقاتنا مع مصر متجذرة.. وفلسطين أولوية لدينا

قال الدكتور شائع الزنداني، وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني، إن علاقات مصر مع اليمن متميزة ومتجذرة، وكانت دائمًا القيادة المصرية إلى جانب الشعب اليمني، لافتًا إلى أن الحوار الاستراتيجي المصري اليمني كان قائمًا منذ سنوات ولكنه توقف بسبب الحرب، وتمكن من إحياء هذا الحوار من جديد بالنظر إلى التطورات الجارية في المنطقة.

‏هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية: تقرير عن حادث في بحر العرب جنوب شرقي " نشطون" في اليمن الجيش الأميركي يدمر محطة تحكم و7 مسيرات للحوثيين في اليمن تحالف دعم الشرعية باليمن

وأضاف "الزنداني"، خلال حواره ببرنامج "عن قرب"، المذاع على فضائية "القاهرة الإخبارية" مساء السبت، أن الدولتين بحاجة إلى تنسيق مواقفهم المختلفة على مستوى الهيئات الإقليمية والدولية وعلى صعيد التعاون بين الدولتين، مؤكدًا أنه مع حدوث انقلاب الميليشيات على السلطة اليمنية وتشكيل التحالف دعم الشرعية في اليمن، كانت مصر من أوائل الدول المنضمة للتحالف.

وتابع "مصر لها دور داعم سياسيًا، ولها مساهمات كبيرة في الجوانب الإنسانية إلى جانب الحكومة في اليمن، بالإضافة إلى أن مصر دائمًا ما كانت بجانب وحدة وسلامة أراضي اليمن واستقرارها، واليمن تقع على باب المندب وما يحدث فيه يؤثر على الأمن القومي المصري بشكل عام، ولهذا خلال الحوار بين الدولتين كان هناك تركيز على موضوع باب المندب".

دعم القضية الفلسطينية 

وأشار إلى أن مرور السفن عبر قناة السويس انخفضت بنسبة 50%، وهذا ما يؤثر بالسلب على اقتصاد مصر وعلى الدخل القومي المصري، موضحًا أن دور مصر داعم على المستوى الإقليمي، بالإضافة إلى مواقفها على صعيد الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وكافة المنظمات الدولية والإقليمية.

ولفت بأن مصر تدعم الجهود المبذولة من المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، والتي تم من خلالها الاتفاق على خارطة الطريق التي كانت تعمل على خلخلة الجانب الإنساني في الأزمة، وتراجعت نتيجة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.

وواصل "القضية الفلسطينية تمثل أولوية بالنسبة لمصر واليمن والعدوان المستمر على قطاع غزة، يأتي ضمن التوجه إلى تصفية القضية الفلسطينية، ومحاولة للسيطرة على ماتبقى من الأراضي الفلسطينية، ولهذا تتوافق اليمن مع مصر بشكل كامل في موقفها الداعم لفلسطين، والاعتراف بإقامة دولة فلسطينية وفق القرارات الشرعية الدولية".

مقالات مشابهة

  • وزير خارجية اليمن: علاقاتنا مع مصر متجذرة.. وفلسطين أولوية لدينا
  • الزنداني: القضية الفلسطينية أولوية بالنسبة لمصر واليمن
  • وزير خارجية اليمن: القضية الفلسطينية على رأس أولويات القاهرة وصنعاء
  • الحراك الطلابي الأميركي وتداعياته على القضية الفلسطينية
  • اليمن يعبر عن تقديره للموقف الجزائري
  • السفير الفلسطيني بالقاهرة: انطلاق حرب عالمية من غزة ليس في مصلحتنا
  • عطاف يُشيد بالموقف المشرف لبولندا من القضية الفلسطينية
  • «حماس»: على الأمم المتحدة وقف الإجراءات الإسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية
  • قيادي بحركة فتح: القضية الفلسطينية لم تغب يوما عن الرئيس السيسي
  • مرصد الأزهر يثمن دور الصحفيين الإسبان في دعم القضية الفلسطينية