الوطن:
2025-04-16@23:47:30 GMT

هشام عناني يكتب: «غزة».. والواجب الوطني

تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT

هشام عناني يكتب: «غزة».. والواجب الوطني

يخطئ من يعتقد أن مصر تتعامل مع القضية الفلسطينية على أنها حدث إقليمى وفقط، لأن ذلك على غير العقيدة السياسية للدولة المصرية منذ عقود، والتى تعتبر القضية الفلسطينية محوراً أساسياً لاستقرار المنطقة، فضلاً عن الالتزام الإنسانى والأخلاقى تجاه شعب فلسطين، الذى يقف على البوابة الشرقية للدولة المصرية.

ومصر منذ بداية الحرب على غزة تمسّكت بثوابت محورية وأساسية برفض تام لفكرة تصفية القضية على حساب دول الجوار مع الرفض القاطع للتهجير القسرى للفلسطينيين إلى سيناء بأى شكل من الأشكال، وانتصرت مصر لحقوق الشعب الفلسطينى الثابتة تاريخياً وقانونياً بحق الحياة وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، طبقاً لما جاء فى قرارات الأمم المتحدة بالخصوص ذاته.

إن القاهرة لم تترك طريقاً إلا وسلكته، فى محاولة حثيثة لوقف الحرب على غزة، لأنها تدرك خطورة هذه الحرب، ليس على مصر فقط، ولكن على المنطقة بأسرها مع الأخذ فى الاعتبار أن إسرائيل بمجلس الحرب المكون معظمه من اليمين المتطرّف تعاملت مع الموقف بأهداف معلنة وأخرى خفية.

أعلنت إسرائيل الأهداف المعلنة، بأن الحرب تهدف إلى القضاء على حماس، وتقسيم القطاع عسكرياً، واسترجاع المحتجزين من غلاف غزة، إلا أن هذه الأهداف تُخفى تحتها ما هو أعمق، وهو تنفيذ الحلم الإسرائيلى بالتمدّد وابتلاع غزة وتفريغ غزة من سكانها إلى سيناء وتصفية القضية الفلسطينية إلى الأبد، مع إقامة مناطق عازلة داخل غزة لحماية الداخل الإسرائيلى.

هذا بالإضافة إلى عنصر مهم يجب النظر إليه عند تقييم الأمر، وهو حسابات الانتخابات فى إسرائيل وأمريكا، فنتنياهو وبايدن فى أمسّ الحاجة إلى تحقيق انتصار، ولو حتى غير مكتمل حتى يقنع الداخل الإسرائيلى والأمريكى بالأحقية بالتمديد والاستمرار فى الحكم أطول مدة.

هذا الاشتباك بين ما هو معلن وما هو خفى من الأهداف، وما هو سياسى وانتخابى وعسكرى، أدى إلى تهور إسرائيلى غير مسبوق، مع اندفاع عسكرى غير مسبوق وغير مدروس، فضلاً عن توسيع رُقعة النزاع فى توقيت خاطئ عسكرياً تم توريط الجيش الإسرائيلى فى نزاعات متعدّدة، وعلى جبهات مختلفة لم تحقّق فى أىٍّ منها أى انتصار.

إلا أن إسرائيل وبسوء تقدير الموقف لم تُلقِ آذاناً صاغية للتحذيرات المصرية من مغبة الحرب على غزة وما سيتبعها من آثار كبيرة ليست على غزة فقط، ولكن على المنطقة بأسرها.

على الجانب الآخر، استطاعت الدولة المصرية أن تكون اللاعب الرئيسى والمؤثر مع الهدوء والاتزان والتصرّف بحكمة بالغة والتصدّى لكل المحاولات الإسرائيلية لجرجرة مصر إلى نزاع غير محمود العواقب مع الثبات الشديد على ثوابت وطنية، أساسها الحفاظ على سيادة التراب الوطنى مع مساندة القضية الفلسطينية قولاً وفعلاً.

تحرّكت الدولة المصرية على مدار الأشهر الماضية منفردة تقريباً، اللهم إلا مساندة قطرية فى موضوع الوساطة بوعى وإصرار وتم الثبات على الرفض المطلق لتصفية القضية والتهجير إلى سيناء وبدأت الدبلوماسية المصرية تتحرّك عربياً وإقليمياً ودولياً لصناعة رأى عام دولى مساند للثوابت المصرية، وهو الأمر الذى قُوبل من الكثير من الدول المساندة لإسرائيل بعدم اكتراث وبقِصر نظر سياسى، وهو الأمر الذى أدركته القيادة المصرية التى تحرّكت بدعم شعبى وحزبى وبرلمانى فى لحظة من لحظات التوحّد الوطنى، وهو الأمر الذى أعطى قوة هائلة للموقف المصرى وأريحية للقيادة لاتخاذ ما تراه مناسباً لحماية الثوابت الوطنية والحفاظ على سيناء والسيادة المصرية.

وتحركت مصر فى أكثر من اتجاه بهدف وقف الحرب بجهود دبلوماسية كبيرة على المستوى العربى والإقليمى، سواء كان من خلال مؤتمر السلام بالقاهرة، مروراً باللقاءات الثنائية للرئيس مع الزعامات العربية والإقليمية، وانتهت إلى القمة العربية التى وضعت فيها مصر استراتيجيتها فى إدارة الموقف كأساس بنى عليه قرارات القمة، التى شهدت توحّداً على الثوابت المصرية فى تعاملها مع القضية الفلسطينية والحرب على غزة.

ولكن ما هو جدير أن الدبلوماسية المصرية لم تفرّط فى أىٍّ من خطواتها، بل كان دائماً وأبداً الموقف المصرى بعيد النظر وقارئاً جيداً للأحداث، فضلاً عن أن مصر لم تترك مجالاً إلا وقامت بالضغط على الجانب الإسرائيلى وتعريته أمام الرأى العام العالمى، وهذا كان واضحاً جداً أمام محكمة العدل الدولية فى المذكرة المقدّمة من مصر، ثم إعلان مصر الانضمام إلى جنوب أفريقيا فى دعواها كرد مصرى قوى على اجتياح إسرائيل لرفح وغلق المعبر بعد الاستيلاء عليه.

ولعل القارئ الجيد للأحداث يجد أن مصر بثبات موقفها أعطت صلابة للشعب الفلسطينى فى غزة، وأعطت ثقة من أنه لن يتم تصفية القضية ليُسطر الشعب الفلسطينى ملحمة فى التمسّك بأرضه، وهو الأمر الذى انعكس عسكرياً على الأرض فى فشل عسكرى غير مسبوق لإسرائيل فى تحقيق أىٍّ من الأهداف، سواء المعلنة والمستترة.

وما سيذكره التاريخ أن الشعب المصرى مد يد العون بأكثر من 80% من المساعدات التى وصلت إلى غزة منذ بداية الحرب، فضلاً عن استقبال العشرات والمئات من المصابين جراء جرائم الحرب التى ترتكبها إسرائيل، ليس من باب المنة أو الفضل، ولكنه التزام أخلاقى إنسانى قومى عربى.

ولعل جملة ما تم من أحداث كان له أكبر الأثر فى تعاطف غير مسبوق فى كل أنحاء العالم حتى فى الدول الحليفة لإسرائيل، وهو تعاطف أخرج القضية الفلسطينية إلى سطح الأحداث لتصبح مثار حديث وتعاطف العالم، وهو الأمر الذى يُعد مكسباً للقضية وخسارة فادحة لإسرائيل وحلفائها ليصبح الموقف المصرى حجر عثرة أمام تحقيق المطامع الإسرائيلية فى غزة والمنطقة.

*رئيس حزب المستقلين الجدد

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مصر فلسطين القضیة الفلسطینیة وهو الأمر الذى الحرب على غزة غیر مسبوق

إقرأ أيضاً:

قيادي بالشعب الجمهوري: جولة الرئيس السيسي في الخليج تحرك دبلوماسي مهم لحماية القضية الفلسطينية

قال محمد ناجي زاهي، الأمين المساعد لحزب الشعب الجمهوري بمحافظة القليوبية، إن جولة الرئيس عبد الفتاح السيسي في دول الخليج الشقيقة، والتي استهلها بزيارة العاصمة القطرية الدوحة ثم دولة الكويت، تمثل تحركا سياسيا ودبلوماسيا في غاية الأهمية يأتي في توقيت بالغ الحساسية على المستويين العربي والإقليمي، في ظل تصاعد وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، ومحاولات فرض سياسة الأمر الواقع وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم.

وأكد زاهي أن اللقاء الذي جمع الرئيس السيسي بالشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، يأتي في إطار توحيد المواقف العربية تجاه القضية الفلسطينية، التي تعد قضية أمن قومي عربي بامتياز، مشددا على أن مصر، بقيادة الرئيس السيسي، تقف بثبات إلى جانب الشعب الفلسطيني في حقه المشروع في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وترفض جميع محاولات التهجير والتصفية التي تسعى حكومة الاحتلال إلى فرضها عبر الاعتداءات المتكررة على قطاع غزة والضفة الغربية.

وأوضح محمد ناجي زاهي أن توقيت الزيارة يعكس إدراك القيادة المصرية لأهمية الحراك العربي المشترك، في ظل تطورات خطيرة تشهدها المنطقة، لا سيما ما يتعلق بالوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتصاعد التوتر في الإقليم، بما يحتم على الدول العربية الفاعلة العمل على تنسيق الجهود السياسية والدبلوماسية والإنسانية، من أجل وقف العدوان، والتصدي لأي مشاريع تهدف لتغيير الواقع الديموغرافي والجغرافي في فلسطين.

وأشار المحلل السياسي إلى أن اللقاء بين الرئيس السيسي وأمير قطر يحمل بعدا اقتصاديا مهما كذلك، يتمثل في تعزيز مجالات التعاون بين القاهرة والدوحة، وفتح آفاق جديدة للاستثمار القطري في مصر، بما يخدم جهود التنمية المستدامة التي تنتهجها الدولة المصرية، ويساهم في دعم الاستقرار الاقتصادي في هذه المرحلة الدقيقة.

وتابع زاهي: جولة الرئيس السيسي الحالية في الخليج تعكس بوضوح مكانة مصر الإقليمية والدور المحوري الذي تلعبه في إدارة الملفات الشائكة في المنطقة، وهو ما يعزز ثقة الشعوب العربية في قدرة القيادة المصرية على حماية الأمن القومي العربي والدفاع عن القضايا المصيرية للأمة.

مقالات مشابهة

  • رئيس دفاع النواب: جولة السيسي الخليجية نجحت في تشكيل موقف عربي ودولي لصالح القضية الفلسطينية
  • ضياء رشوان: مصر خاضت العديد من الحروب للدفاع عن القضية الفلسطينية
  • "الاستشارية لإعادة الإعمار": تهجير أهالي غزة شرط للإعمار "ادعاء مشبوه" لتصفية القضية الفلسطينية
  • أبو الغيط: القضية الفلسطينية تتعرض لأخطر تهديد في تاريخها
  • هل أصبحت “سلطة رام الله” عبئاً على القضية الفلسطينية؟
  • زيارة السيسي الخليجية تؤكد الدور المصري المحوري في حل أزمات المنطقة ودعم القضية الفلسطينية
  • عقابا على موقفها من القضية الفلسطينية.. ترامب يجمد 2.2 مليار دولار لجامعة هارفارد
  • التمويل مقابل الولاء.. ترامب يجمد 2.2 مليار دولار لجامعة هارفارد عقابا على موقفها من القضية الفلسطينية
  • قيادي بالشعب الجمهوري: جولة الرئيس السيسي في الخليج تحرك دبلوماسي مهم لحماية القضية الفلسطينية
  • رشاد عبدالغني: جولة الرئيس السيسي الخليجية تدعم القضية الفلسطينية