هشام عناني يكتب: «غزة».. والواجب الوطني
تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT
يخطئ من يعتقد أن مصر تتعامل مع القضية الفلسطينية على أنها حدث إقليمى وفقط، لأن ذلك على غير العقيدة السياسية للدولة المصرية منذ عقود، والتى تعتبر القضية الفلسطينية محوراً أساسياً لاستقرار المنطقة، فضلاً عن الالتزام الإنسانى والأخلاقى تجاه شعب فلسطين، الذى يقف على البوابة الشرقية للدولة المصرية.
ومصر منذ بداية الحرب على غزة تمسّكت بثوابت محورية وأساسية برفض تام لفكرة تصفية القضية على حساب دول الجوار مع الرفض القاطع للتهجير القسرى للفلسطينيين إلى سيناء بأى شكل من الأشكال، وانتصرت مصر لحقوق الشعب الفلسطينى الثابتة تاريخياً وقانونياً بحق الحياة وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، طبقاً لما جاء فى قرارات الأمم المتحدة بالخصوص ذاته.
إن القاهرة لم تترك طريقاً إلا وسلكته، فى محاولة حثيثة لوقف الحرب على غزة، لأنها تدرك خطورة هذه الحرب، ليس على مصر فقط، ولكن على المنطقة بأسرها مع الأخذ فى الاعتبار أن إسرائيل بمجلس الحرب المكون معظمه من اليمين المتطرّف تعاملت مع الموقف بأهداف معلنة وأخرى خفية.
أعلنت إسرائيل الأهداف المعلنة، بأن الحرب تهدف إلى القضاء على حماس، وتقسيم القطاع عسكرياً، واسترجاع المحتجزين من غلاف غزة، إلا أن هذه الأهداف تُخفى تحتها ما هو أعمق، وهو تنفيذ الحلم الإسرائيلى بالتمدّد وابتلاع غزة وتفريغ غزة من سكانها إلى سيناء وتصفية القضية الفلسطينية إلى الأبد، مع إقامة مناطق عازلة داخل غزة لحماية الداخل الإسرائيلى.
هذا بالإضافة إلى عنصر مهم يجب النظر إليه عند تقييم الأمر، وهو حسابات الانتخابات فى إسرائيل وأمريكا، فنتنياهو وبايدن فى أمسّ الحاجة إلى تحقيق انتصار، ولو حتى غير مكتمل حتى يقنع الداخل الإسرائيلى والأمريكى بالأحقية بالتمديد والاستمرار فى الحكم أطول مدة.
هذا الاشتباك بين ما هو معلن وما هو خفى من الأهداف، وما هو سياسى وانتخابى وعسكرى، أدى إلى تهور إسرائيلى غير مسبوق، مع اندفاع عسكرى غير مسبوق وغير مدروس، فضلاً عن توسيع رُقعة النزاع فى توقيت خاطئ عسكرياً تم توريط الجيش الإسرائيلى فى نزاعات متعدّدة، وعلى جبهات مختلفة لم تحقّق فى أىٍّ منها أى انتصار.
إلا أن إسرائيل وبسوء تقدير الموقف لم تُلقِ آذاناً صاغية للتحذيرات المصرية من مغبة الحرب على غزة وما سيتبعها من آثار كبيرة ليست على غزة فقط، ولكن على المنطقة بأسرها.
على الجانب الآخر، استطاعت الدولة المصرية أن تكون اللاعب الرئيسى والمؤثر مع الهدوء والاتزان والتصرّف بحكمة بالغة والتصدّى لكل المحاولات الإسرائيلية لجرجرة مصر إلى نزاع غير محمود العواقب مع الثبات الشديد على ثوابت وطنية، أساسها الحفاظ على سيادة التراب الوطنى مع مساندة القضية الفلسطينية قولاً وفعلاً.
تحرّكت الدولة المصرية على مدار الأشهر الماضية منفردة تقريباً، اللهم إلا مساندة قطرية فى موضوع الوساطة بوعى وإصرار وتم الثبات على الرفض المطلق لتصفية القضية والتهجير إلى سيناء وبدأت الدبلوماسية المصرية تتحرّك عربياً وإقليمياً ودولياً لصناعة رأى عام دولى مساند للثوابت المصرية، وهو الأمر الذى قُوبل من الكثير من الدول المساندة لإسرائيل بعدم اكتراث وبقِصر نظر سياسى، وهو الأمر الذى أدركته القيادة المصرية التى تحرّكت بدعم شعبى وحزبى وبرلمانى فى لحظة من لحظات التوحّد الوطنى، وهو الأمر الذى أعطى قوة هائلة للموقف المصرى وأريحية للقيادة لاتخاذ ما تراه مناسباً لحماية الثوابت الوطنية والحفاظ على سيناء والسيادة المصرية.
وتحركت مصر فى أكثر من اتجاه بهدف وقف الحرب بجهود دبلوماسية كبيرة على المستوى العربى والإقليمى، سواء كان من خلال مؤتمر السلام بالقاهرة، مروراً باللقاءات الثنائية للرئيس مع الزعامات العربية والإقليمية، وانتهت إلى القمة العربية التى وضعت فيها مصر استراتيجيتها فى إدارة الموقف كأساس بنى عليه قرارات القمة، التى شهدت توحّداً على الثوابت المصرية فى تعاملها مع القضية الفلسطينية والحرب على غزة.
ولكن ما هو جدير أن الدبلوماسية المصرية لم تفرّط فى أىٍّ من خطواتها، بل كان دائماً وأبداً الموقف المصرى بعيد النظر وقارئاً جيداً للأحداث، فضلاً عن أن مصر لم تترك مجالاً إلا وقامت بالضغط على الجانب الإسرائيلى وتعريته أمام الرأى العام العالمى، وهذا كان واضحاً جداً أمام محكمة العدل الدولية فى المذكرة المقدّمة من مصر، ثم إعلان مصر الانضمام إلى جنوب أفريقيا فى دعواها كرد مصرى قوى على اجتياح إسرائيل لرفح وغلق المعبر بعد الاستيلاء عليه.
ولعل القارئ الجيد للأحداث يجد أن مصر بثبات موقفها أعطت صلابة للشعب الفلسطينى فى غزة، وأعطت ثقة من أنه لن يتم تصفية القضية ليُسطر الشعب الفلسطينى ملحمة فى التمسّك بأرضه، وهو الأمر الذى انعكس عسكرياً على الأرض فى فشل عسكرى غير مسبوق لإسرائيل فى تحقيق أىٍّ من الأهداف، سواء المعلنة والمستترة.
وما سيذكره التاريخ أن الشعب المصرى مد يد العون بأكثر من 80% من المساعدات التى وصلت إلى غزة منذ بداية الحرب، فضلاً عن استقبال العشرات والمئات من المصابين جراء جرائم الحرب التى ترتكبها إسرائيل، ليس من باب المنة أو الفضل، ولكنه التزام أخلاقى إنسانى قومى عربى.
ولعل جملة ما تم من أحداث كان له أكبر الأثر فى تعاطف غير مسبوق فى كل أنحاء العالم حتى فى الدول الحليفة لإسرائيل، وهو تعاطف أخرج القضية الفلسطينية إلى سطح الأحداث لتصبح مثار حديث وتعاطف العالم، وهو الأمر الذى يُعد مكسباً للقضية وخسارة فادحة لإسرائيل وحلفائها ليصبح الموقف المصرى حجر عثرة أمام تحقيق المطامع الإسرائيلية فى غزة والمنطقة.
*رئيس حزب المستقلين الجدد
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مصر فلسطين القضیة الفلسطینیة وهو الأمر الذى الحرب على غزة غیر مسبوق
إقرأ أيضاً:
إسحق أحمد فضل الله يكتب: قاموس الأفكار
مع إسحق
إسحق أحمد فضل الله
قاموس الأفكار
أستاذ …. تقول التجويد هو كل شىء
وبعض التجويد هو
الحاجة التي يأتى إليها من يشتري الفضلات البشرية/ وكانوا يستخدمونها سمادا/ تجادل المشتري في السعر وتقول له
:: شوف براك …. نحن مش بنبيع بضاعة مغشوشة…
٢
وأيام الشباب كان بعض ما يفسد علينا المتع هو أننا نبحث عن تفسير لكل شىء
والنفس ترفض تمجيد الإعلام والناس لشىء أبله مثل … الديمقراطية …
والإعلام يمدح الديمقراطية مثل مديح
الحاجة أعلاه لبضاعتها / المديح هذا كان رفضه في النفس.. قويا
و(بطولة وإستشهاد) الشيوعيين مثلا كان عملا حقيقيا … لكن النفس كانت ترفضه لسبب لا نعرفه
ثم جاءت قصة صغيرة وشرحت
وفي القصة
التلميذ الذي ينهال عليه المعلم الفظ بالتأنيب يحزن … والصغير العاجز عن الإنتقام يحلم بالإنتقام. وفي أحلامه يتصور إنه يموت من التأنيب هذا. وإنه يرقد على الفراش ميتا. والناس حوله. يمجدونه والناس ينهالون على المعلم بالتقريع والإذلال
والمعلم راكع على ركبتيه يبكي من الندم والناس في خيال الصبي يحملونه على الرؤوس وهو/ الصبي/ مستمتع غاية الاستمتاع بهذا المجد…
عقل الصبي هذا وتصوره للموت والآخرة هو ذاته تصور الكثير من الزعماء والأبطال و…و..الذين يموتون (في سبيل الشعب….أو في سبيل الديمقراطية. أو. فى سبيل وسبيل)
وحكاية قديمة ومؤلمة ترسم حكاية تصور الناس لما يحمله الآخرون لهم. وكيف أن كل شىء أنما هو….وهم من الأوهام
والحكاية فيها
المرأة الميتة فى قبرها تسمع خشخشة على سطح قبرها
والمرأة الملهوفة تشهق قائلة
:: هااه…أهذا أنت يازوجي العزيز….كنت أعرف ادأنك لن تنساني
والصوت من على سطح القبر يقول في ارتباك
؛؛ لا..لا…عفوا. أنا لست زوجك …. زوجك في الحقيقة. اا اا. تزوج أخرى قبل شهور
والمرأة بلهفة أقل تسأل
:: أهو أنت أذن يا أبني العزيز … كنت أعرف إنك لن تنسى أمك ولن تنسى الإطعام. والدفء في الشتاء و..
والصوت فوق سطح القبر يقول
:: عفوا…. أنا. أنا لست أبنك…أبنك رحل إلى مدينة أخرى منذ سنوات
والمرأة التي يخفت صوتها بعد كل خيبة أمل تظل تسأل… أهو أنت يا فلان يافلان ياجاري. ياصديقي. أهو أنت؟
والصوت ينفي أنه فلان أو فلانة
أخيراً. المرأة تسأل صاحب الصوت
:: أذن…. من أنت؟
والصوت يقول
: أنا كلبك شارون
والمرأة المدفونة تصيح
:: نعم. نعم. كلبي الوفي. الذى يذكرني بعد أن نسيني الناس… كيف حالك ياحبيبي العزيز
والصوت يقول فى ارتباك
؛؛ عفوا… أنا. أنا… إنما كنت أريد أن أدفن عظمة لآكلها غدا. ولم أكن أعرف أن هذا القبر هو قبرك
…….
تصور الناس للموت والوجود والبطولة والخلود. الخلود. الخلود. واحتفاظ الناس بذكراهم. أشياء صورتها هي هذه
………
(3)
وحسني مبارك. وزين العابدين. وناصر. وحزمة الرؤساء الذين ذهبوا بعد التمجيد الطويل. تنظر أنت فتجد أن كل واحد منهم تتفنن الشاشات في جرجرة فضائحهم بعد سقوطهم
إلا البشير ….. إلا البشير … إلا البشير
…………..
(4)
و….
مقال يوجز العالم اليوم …مقال عمره عشرون سنة لكن يكفي
قال؛ من يملك القنبلة الذرية فى الشرق؟
الجواب: إسرائيل
السؤال: من الذي قام بطحن وقتل مئات الآلاف في فلسطين والأردن وسوريا و…
الجواب: إسرائيل
السؤال::: ….؟
الجواب: إسرائيل
السؤال رقم ألف (عمن فعل كل جريمة فى الأرض)
الجواب!! إسرائيل
السؤال: من الذي تضربه أمريكا وأوروبا؟
الجواب:: فلسطين
هذا. وما زال البعض يسأل عن…الحق والباطل في العالم
…..
(٥)
هذا كله. أعلاه. ليس أكثر من مزبلة نزحزحها بالأصابع بحثا عن أيامنا
أيام كان عندنا كل شىء
الشباب والسينما الجيدة والكتب الرائعة والصحف التى كان لها مذاق الرغيف الساخن. وطعمه وقضمه على جوع..
وفي السينما كانت القضايا المملة تقدم بتشويق حلو
والخيط الرفيع (الإسم يشير إلى سلك التلفون)
كان فيلما يمضي لزمن طويل وليس على الشاشة إلا سيدنى بويتييه … النجم الأسود الذى لم يتفوق عليه أحد حتى اليوم
وبوتييه على الشاشة كان محامي تحت التمرين وفي منتصف الليل تتصل به فتاة … والفتاة تخبره أنها ضربت الرقم اعتباطا
وأنها إنما تريد أن تحدث أحدا…. أي أحد… في آخر لحظات حياتها. قبل أن تنتحر…
وكان على هذا الشاب الأسود أن يوقف الانتحار هذا…
وسيدنى يحدث الفتاة. برقة. بعنف….بالنكتة…بالحكاية
والشاب / وحتى لا تشعر الفتاة بشىء/ يفعل المستحيل ليدعوا أحدا. ويجعله يتصل بالشرطة
….المشاهدون فى قاعة السينما نسوا التدخين….نسوا. التسالى…نسوا الحديث..
وعيونهم ووجودهم كله يلتصق بالشاشة وحين تحكى الفتاة نكتة للشاب يخيل إليك أن المتفرجين كانوا يكتمون الضحك حتى لا تسمعهم الفتاة وتعلم بوجود آخرين…
كان ذلك أيام كانت السينما….سينما
والحياة…حياة
ولعنة الله على من كانوا السبب من (أعراب البوادي وأعراب البنايات ناطحات السحاب)
على حدود إثيوبيا/ أرتريا….الأصبع على الزناد
أفورقى يطلب / أو يخير/ المعارضة السودانية هناك بين القتال مع جيشه وبين مغادرة أرضه.
إسحق أحمد فضل الله
الوان