عصام خليل يكتب: دعم متواصل وعهد لا ينكسر
تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT
«من قلب القاهرة.. هنا فلسطين» هكذا يردد لسان حال المصريين جنباً إلى جنب مع رئيس مصر منذ تولى فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى سدة الحكم، أصبحت القضية الفلسطينية محط اهتمامه الدائم حيث اختلف مجال التعامل مع القضية وتجاوز كونها مجرد سياسة دولة، بينما وصل الحال لاعتبارها جزءاً لا يتجزأ من تاريخ وهوية أمة بأكملها تنوعت استراتيجيات التعامل مع الأزمة، وواصلت مصر خطواتها الراسخة دعماً للأشقاء، لتظل مصر نبراساً أو ما يمثل عموداً فقرياً فى نضال الفلسطينيين من أجل نيل حقوقهم المشروعة وتحقيق حلمهم فى إقامة دولتهم المستقلة.
فى الوقت الذى سنَّ فيه الكثيرون أنيابهم على مصر وأهلها بعد ثورة 30 يونيو التى حطمت تابوهات صنيعة دول بعينها؛ لم تعبأ القيادة السياسية بالحرب الضروس وكانت وجهة رئيسنا بناء دولة المؤسسات والمضى قدماً نحو التنمية المستدامة مع اجتثاث جذور الشر من أرضنا الطيبة؛ ورغم ضيق الحال وحساسية الظرف لم يتوقف رجل المواقف الأصيل ابن حى الجمالية عن دعمه المستمر للشعب الفلسطينى بكافة الأشكال وعلى اختلاف الأصعدة، فإن معادن الرجال تظهر فى الظروف القاسية.
كانت مصر صاحبة القول والفعل وكان الرئيس فارس الرحلة بجهود ومبادرات تهدف إلى تحسين أوضاع الفلسطينيين، والدفع نحو تحقيق حل الدولتين والحفاظ على أرواح ومقدرات الأشقاء؛ ووسط صمت عالمى كانت مصر صوتاً جهوراً للدفاع عن حقوق الشعب المحاصر فى أرضه.
استطاعت مصر أن تحرك المياه الراكدة لسنوات عجاف، وأن تحشد الرأى العالم العالمى وتجعل محافل الدول يذكر على منابرها اسم فلسطين وحقوق شعبها، حافظت مصر على دورها الريادى بحثاً عن حلول هادفة لإحلال السلام وحفظ حقوق وهوية الأشقاء، وسخرت جهودها على كافة الأصعدة السياسية والدبلوماسية جنباً إلى جنب مع جهود إنسانية لهذا الملف.
لعبت مصر دوراً محورياً فى إعادة إعمار غزة بعد كل جولة من التصعيد الإسرائيلى، وعملت على توفير المساعدات الإنسانية اللازمة للشعب الفلسطينى، كما سعى «السيسى» إلى تحريك المجتمع الدولى لدعم القضية الفلسطينية وتحقيق حل الدولتين، مؤكداً أن مصر لن تتخلى عن دورها القيادى فى هذا الملف.
لم يقتصر دور بلادنا وقائدها على التعامل مع القضية من سياق خارجى بينما لعبت مصر دوراً حيوياً فى رعاية الحوار الوطنى الفلسطينى بين الفصائل المختلفة، استضافت القاهرة العديد من جولات الحوار التى هدفت إلى تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية وإنهاء الانقسامات الداخلية التى تعرقل تحقيق الأهداف الوطنية؛ فإن رؤية القيادة المصرية دوماً صائبة بأن توحيد الصف هو صخرة الأساس وحائط الصد فى مواجهة التحديات.
ومع تزايد موجات العنف تجاه الأشقاء، غاب الكثيرون وحضر السيسى والمصريون لدعم إعادة إعمار القطاع وتوجيه الموارد والمساعدات اللازمة، وساهم فى إعادة بناء المنازل والبنية التحتية التى دمرتها الحروب، مع تكثيف المساعدات المصرية الكاملة لدعم الشعب الفلسطينى الشقيق، مصر عبر العصور كانت السند والحاضن لكل الأشقاء وبلدان الجوار.
ووسط صمت غير مبرر من المجتمع الدولى جاهدت مصر وحدها لتحريك الجميع نحو دعم القضية الفلسطينية؛ من خلال القمم الدولية والاجتماعات، نجح رئيس مصر فى تسليط الضوء على معاناة الشعب الفلسطينى، ودعا المجتمع الدولى إلى تحمل مسئولياته تجاه هذه القضية العادلة؛ وإسدال الستار أمام شعوب العالم على المعاناة التى يعيشها شعب بأسره تحت وطأة احتلال غاشم، فكان الحراك على المستوى الشعبى عالمياً ورأيناه فى تظاهرات واحتجاجات الأجانب فى بلدانهم، دعماً لشعب فلسطين.
فى كلمات جمهورية مصر العربية الرسمية فى كافة المحافل الدولية، حرص «السيسى» على وضع العالم أمام مسئولياته تجاه قضية فلسطين، ورفض مصر الكامل لمحاولات تهجير الفلسطينيين قسرياً أو محاولات تهويد القضية على حساب أصحاب الأرض؛ ومع تحركات مكثفة وجهود عظيمة من الدولة المصرية بكافة مؤسساتها وفق رؤية القيادة السياسية، حصلت فلسطين على تصويت 142 دولة من أصل 193 بتصويت أغلبية أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح انضمام فلسطين بالعضوية الكاملة فى المنظمة الدولية، وهو اعتراف بحقوق شعب عانى لأكثر من سبعة عقود من الاحتلال، وهذا الاعتراف جاء فى مرحلة دقيقة تمر بها القضية الفلسطينية.
لم تتوقف الدولة المصرية لحظة واحدة أو تدخر جهداً فى سبيل إحلال السلام بما يحقق مصلحة الشعب الفلسطينى سجل الرئيس السيسى فى القمة العربية لحظة فارقة، حيث أكد أن التاريخ سيتوقف طويلاً أمام الحرب الإسرائيلية على غزة. وأشار إلى المأساة الكبرى التى يعيشها الشعب الفلسطينى من قتل وانتقام وحصار وتجويع وتشريد، معبراً عن استيائه من العجز الدولى فى التعامل مع هذا الصراع.
ومؤخراً أعلنت مصر دعماً للقضية الفلسطينية من خلال الانضمام لدعوى جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل؛ وهذا يعكس التزام مصر بالدفاع عن حقوق الفلسطينيين على المستوى الدولى، واستخدام جميع الوسائل القانونية لتحقيق العدالة والسلام للشعب الفلسطينى.
ولعل دور الرئيس السيسى ومصر فى دعم القضية الفلسطينية ظاهر جلىّ للقاصى والدانى، حيث إن مصر صاحبة الموقف الفريد وتسعى تجاه دعم متواصل وغير محدود وعلى عهد لا ينكسر بأن حقوق الفلسطينيين واجبة والدعوة الرامية لتحقيق السلام العادل والشامل بالمنطقة.
*رئيس حزب المصريين الأحرار
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مصر فلسطين القضیة الفلسطینیة الشعب الفلسطینى التعامل مع
إقرأ أيضاً:
سامح فايز يكتب: الحرب الثقافية (3)
الغالبية المؤثرة فى تناول ملف الإسلام السياسى تركز حديثها فى منطقة ثابتة ومعروفة؛ العمل المسلح والنظام العسكرى للجماعات الدينية المتطرفة.
ومع الوضع فى الاعتبار أهمية تلك المسألة للأجيال الحالية والمقبلة حتى لا ننسى الدم الذى أحدثه تيار الإسلام السياسى، فإننا يجب أن ننتبه إلى أن تلك التنظيمات طالها التطور فى آليات العمل، والتأثر بسطوة تكنولوجيا المعلومات، وأصبحت المخاطر التى تأتى من خلفها أكبر من فكرة إطلاق الرصاص وتفجير العبوات الناسفة!
بالعودة إلى التاريخ وبدايات تأسيس جماعة الإخوان الإرهابية سنجد من اللافت للانتباه فى مسألة النظام الخاص (الجناح العسكرى لتنظيم الإخوان) أن أحد أهم المسئولين عنه فى حياة «حسن البنا»، «صالح عشماوى»، هو نفسه رئيس تحرير جرائد ومجلات الإخوان حتى وفاته فى الثمانينات.
الجرائد والمجلات وطباعة الكتب من أهم الأقسام داخل تنظيم الإخوان المحاطة بالسرية الشديدة، واهتم بها حسن البنا منذ بدايات تأسيس الجماعة، ومنذ اللحظة الأولى للتأسيس ظهر حجم الدور الكبير للإعلام فى توجيه دفة المعارك لصالح المنتصر، الدور الذى أصبح السلاح الأهم والأكبر فى حروب الجيل الرابع والخامس والسادس التى نعيشها اليوم.
أهمية ذلك الدور سنعرفها لاحقاً مع سطوة التكنولوجيا، عندما يصبح فى يد كل منا هاتف خلوى ذكى (Smart Phone) يراقب كل نفس نتنفسه، ويبيع بيانات المستخدمين لمن يدفع أكثر، لدرجة أنك تفاجأ فى بعض الأحيان بمنصة فيس بوك وهى تعرض عليك إعلانات لأشياء لم تخرج من حيز تفكيرك العقلى بعد، أو ربما تحدثت فيها عبر الهاتف مع صديق مقرب منذ لحظات.
«حسن البنا» كان يسعى منذ اللحظة الأولى لاختراق أى وسيط يستطيع من خلاله مخاطبة الشباب وطلاب المدارس والجامعات، فالطالب يحمل طبيعة فى تلك السن تتسم بالتمرد والإقبال على الحياة والفضول فى اكتشاف كل جديد دون حساب للمخاطر.
استخدم «حسن البنا» فى ذلك السبيل «فرق الكشافة» والتى من خلالها يستطيع الشباب أن يُخرجوا الطاقة الكبيرة بداخلهم. وفى نفس الوقت يتمكن التنظيم من اختيار النوعيات الأفضل والتى يمكن توظيفها فى تشكيلات النظام المسلح.
لم يتوقف «حسن البنا» عند فرق الكشافة فقط، بل استطاع توظيف شركات صناعة الكتب والمطابع والتى من خلالها يستطيع التحكم فى كل كلمة مقروءة من الممكن أن تصل للشباب ويفرض عليها الطابع الثقافى الذى يخدم التنظيم وأفكاره.
المسألة التى تبدو معقدة أمامك هى فى غاية البساطة شريطة المداومة والاستمرارية فى تنفيذ أهدافها خلال السنوات المتعاقبة دون توقف، حتى تتحول بكل بساطة إلى أداة تستطيع التحكم بها فى الوقت الذى تظن فيه أن كل ما حدث كان باختيارك الحر، برغبتك الكاملة، لكن الحقيقة أيها القارئ العزيز أن العالم من حولنا تعيش فيه المئات من أجهزة الاستخبارات التى لا تتوقف عن دراسة سلوكياتك حتى تعرف كيفية التحكم فيك، والتنبؤ بخطواتك المقبلة والسيطرة عليها.
فى تلك اللحظة ستجد أن الدول المعادية لن تحتاج إلى طائرات وأسلحة ثقيلة لخوض حرب مع الخصم، بل يكفى فقط أن تتحكم فى عقول شعوب تلك المناطق!
المتابع للقضايا الفارقة فى تاريخ الإخوان سيجد أن الكتب والأفكار كانت محوراً أساسياً فى تلك القضايا، أهمها قضية «سلسبيل» المتهم فيها أهم قادة الإخوان، فى المقدمة منم نائب المرشد «خيرت الشاطر»، ونُسبت القضية إلى شركة «سلسبيل» التى أسسها «الشاطر» للعمل فى مجال الحاسبات ونظم المعلومات.
والأهم فى تلك القضية أن الشركة تأسست عام 1992، وهى فترة لم يكن مجال الحاسبات قد انتشر بالشكل الذى يشجع على الاستثمار فيه، لكن الحسبة للمشغل لتلك التنظيمات ليست الاستثمار المادى، إنما الاستثمار فى المستقبل الذى سيحاربون الدول من خلاله لاحقاً!