لجريدة عمان:
2024-12-23@11:09:29 GMT

قواسم مشتركة

تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT

تجمع بين مختلف الأمم قواسم مشتركة، بعضها يذهب إلى كثير من خصوصية المجتمعية، وبعضها الآخر؛ يحوي في حاضنته كل الشعوب على اختلاف مشاربها وألوانها وأشكالها وأنماط حياتها، ومع ذلك فالبشر مختلفون ومتباينون في كثير من نقاط التقارب، ولذلك لا يحدث تقارب؛ إلا في لحظات زمنية فارقة لسبب ما، إما سبب إنساني مطلق، وإما سبب تهيمن عليه المصلحة؛ وهو نسبي بالضرورة، ولذلك لن تختفي قضايا التشابك بين البشرية، منذ شرارتها الأولى، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وكل ذلك لا يمكن ربطه بالزمن المنجز، ليقال على سبيل المثال: «هذا الزمن .

..» فالمسألة متحررة بصورة مطلقة من هذا التحديد، ويعاد كل شيء إلى الفطرة البشرية، أو الطبيعة البشرية، فهي من يتحمل تقويض القواسم المشتركة بينها، ويحدث ذلك إما لضعف - (وخلق الإنسان ضعيفا) - وإما لنزعة ذاتية؛ تدفع بالإنسان بصورة دائمة للبحث عن نفسه فقط، حتى وإن كلفه ذلك معاداة أقرب الناس إليه؛ والده وولده؛ فعند اجتماع الخصوم تنسل الأنفس من حمولتها الإنسانية التي تفاخر بها في أوقات الراحة والهدوء، وتسل سيفها البتار؛ فالحالة حالة اقتتال، فإما غالب أو مغلوب، ولا توجد منطقة محايدة للإنسانية، ولذلك تعج المحاكم؛ كما هي الحال دائمًا؛ بقضايا ذوي القربى: أب مع ابنه، زوج مع زوجته، جار مع جاره، صديق مع صديقه، وما خرج عن هذا الترابط لا يعد ولا يحصى، وكل ذلك يحدث في رحاب الإنسانية؛ وهي القاسم المشترك بين هؤلاء وغيرهم.

وما يبعث على الضحك بل القهقهة هو عندما تلوك الألسنة دور «القواسم المشتركة» في تحييد الصراعات الدولية، ومسوغ الضحك أن الإنسان وفي خاصته القريبة القريبة لم يستطع أن يبرهن في مختلف علاقاته على أن هناك قواسم مشتركة؛ أهمها مثالا (بطن الأم) وهو الحاضنة الكبرى لمفهوم الإنسانية حيث خرج منه مجموع الأخوة والأخوات، فإذا بهذا القاسم المشترك يبقر تكوره، فيندلق كل ما فيه من رحمة ومودة وحنان وألم، ويتوزع كل ذلك على أرصفة الصدامات والتباينات والاختلافات، (... وما تخفي الصدور) فإذا الإنسان الفرد لم يستطع أن يثمن القواسم المشتركة مع أقرب الناس إليه، فكيف له ذلك مع آخرين بعيدين عنه عقيدة وجغرافيا وقيما ومصالح، أليس ذلك يدعو إلى الضحك حقا؟

ومن هنا تأتي أهمية أن تكون هناك معاهدات موثقة لحفظ الحقوق والإلزام بالواجبات، حتى ولو مع أقرب الناس إلى الإنسان؛ سواء الإنسان الفرد، أو الإنسان المجموع لا فرق، وإلا ضاعت الحقوق، وتماهت العلاقات، واختزلت الأمانات، وسادت شريعة الغاب، فالإنسان بخلقته من الأغيار؛ متغير الطبع والمزاج، تأخذه الرياح يمنة وشمالا، لا يؤمن عهده إلا بالفترة الحاضرة من الزمن، ومتى تناسل هذا الزمن: ساعات؛ أيام؛ شهور؛ سنوات، ضاعت عنده كل التعهدات والمواثيق، ولذا فهناك كثيرون يصابون بالصدمة، وأقلها بالدهشة، عندما يتعرضون لمواقف يشعرون من خلالها أنهم فقدوا قواسمهم المشتركة مع آخرين ظنوا بهم خيرا، فمقولة: «بيننا عيش وملح» تظل نوعا من مسحة البراءة الإنسانية، في اللحظة الحاسمة، فلا عيش ولا ملح، وإنما سموم تجرف هذه المكونات الإنسانية في أي لحظة يشعر فيها الآخر أن في ذلك فرصته النادرة.

ومع ذلك فهناك لمسات إنسانية تدمل الجروح في لحظات ضعفها، وهذه مع قلتها؛ إلا أنها يمكن أن توجد نوعا من التوازن؛ حتى يبقى أن هناك أملا تجد فيه الإنسانية ضالتها المفقودة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

عاصم الجزار: الحزب الجديد يسعى لإيجاد أرضية مشتركة تجمع كل التوجهات لمواجهة التحديات الراهنة

أكد الدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان السابق، أنه على مدار أسبوعين تم عقد سلسلة من اللقاءات تحت عنوان «نلتقي.. نتحاور.. نتشارك.. من أجل مصر»، مع عدد من رموز النخب السياسية والوطنية والعلمية والاقتصادية وأيضا رموز القبائل وكبار العائلات المصرية والكوادر السياسية الشبابية الوطنية، وكذلك رموز الفن والثقافة والإعلام، بهدف الاستماع إلى مختلف الرؤى والأفكار والتوافق حول أولويات العمل الوطني والمصالح الأساسية والعليا للشعب المصري.

وأضاف «الجزار»، أنه جار حاليا الانتهاء من الأعمال التحضيرية للتوافق حول أعضاء الهيئة التأسيسية وإعداد الرؤى والأهداف لحزب سياسي يهدف إلى إثراء الحياة الحزبية بمنظور جديد وأكثر فاعلية قوامه التنوع في الأفكار والتوجهات، وهو الأساس الذي تقوم عليه الجمهورية الجديدة.

كما أكد الدكتور عاصم الجزار أن الحزب الجديد يسعى لإيجاد أرضية مشتركة تجمع كل التوجهات والأطياف لمواجهة التحديات الراهنة وإعلاء المصلحة العليا للوطن، وسيكون بيتا للخبرة من خلال ضمه لمجموعة متميزة من الخبراء والمتخصصين في كافة المجالات والقضايا.

كما أن الحزب يسعى للانخراط في المجتمع والوصول لكل مصري في مختلف المحافظات حتى يتسنى له التعبير عن آراء وطموحات ومتطلبات كل مواطن على أرض مصر.

وأوضح وزير الإسكان السابق أن الحزب الجديد يؤسس رؤيته على نهج متوازن يحتفظ فيه بمسافة واحدة بين الموالاة والمعارضة، ويكون صوت العقل والحكمة الذي يحقق المصلحة العليا للوطن، وكذلك الاستناد على نهج يقوم على واقعية الطرح والصدق في الوعود.

كما أشار الدكتور عاصم الجزار إلى أن حالة الرضا الشعبي عن الحياة السياسية وخصوصا الحزبية بمصر ليست كما يجب أن تكون، وتحتاج إلى جهد سياسي كبير حتى تحقق طموحات ومصالح المواطنين وزيادة المشاركة الفاعلة، وهو ما يسعى الحزب الجديد لتحقيقه تفعيلا للمادة الخامسة من الدستور التي جاء بها أن النظام السياسي يقوم على أساس التعددية السياسية والحزبية.

مقالات مشابهة

  • هل أساء الإنسان فهم طبيعته البشرية طوال قرن من الزمان؟
  • رسالة مشتركة من هاكان فيدان وأحمد الشرع من دمشق
  • تفاصيل مكالمة وزير الخارجية مع نظيره الروسي.. مشاريع مشتركة والملف السوري
  • “جيش واحد شعب واحد” و “مورال فوق” “مشتركة فوق”.. الاعيسر يحيي القوات المسلحة والقوات المشتركة بمناسبة تحرير قاعدة الزرق
  • وزير الصناعة السعودي: مشروعات مشتركة مع مصر في قطاع النسيج
  • زيارة مشتركة للأمم المتحدة إلى مدينة الكفرة ومناقشة أوضاع اللاجئين السودانيين
  • قافلة دعوية مشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء في شمال سيناء
  • الأوقاف تطلق قافلة دعوية مشتركة مع الأزهر والإفتاء لشمال سيناء
  • تسيير قافلة دعوية مشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء بشمال سيناء
  • عاصم الجزار: الحزب الجديد يسعى لإيجاد أرضية مشتركة تجمع كل التوجهات لمواجهة التحديات الراهنة