تجمع بين مختلف الأمم قواسم مشتركة، بعضها يذهب إلى كثير من خصوصية المجتمعية، وبعضها الآخر؛ يحوي في حاضنته كل الشعوب على اختلاف مشاربها وألوانها وأشكالها وأنماط حياتها، ومع ذلك فالبشر مختلفون ومتباينون في كثير من نقاط التقارب، ولذلك لا يحدث تقارب؛ إلا في لحظات زمنية فارقة لسبب ما، إما سبب إنساني مطلق، وإما سبب تهيمن عليه المصلحة؛ وهو نسبي بالضرورة، ولذلك لن تختفي قضايا التشابك بين البشرية، منذ شرارتها الأولى، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وكل ذلك لا يمكن ربطه بالزمن المنجز، ليقال على سبيل المثال: «هذا الزمن .
وما يبعث على الضحك بل القهقهة هو عندما تلوك الألسنة دور «القواسم المشتركة» في تحييد الصراعات الدولية، ومسوغ الضحك أن الإنسان وفي خاصته القريبة القريبة لم يستطع أن يبرهن في مختلف علاقاته على أن هناك قواسم مشتركة؛ أهمها مثالا (بطن الأم) وهو الحاضنة الكبرى لمفهوم الإنسانية حيث خرج منه مجموع الأخوة والأخوات، فإذا بهذا القاسم المشترك يبقر تكوره، فيندلق كل ما فيه من رحمة ومودة وحنان وألم، ويتوزع كل ذلك على أرصفة الصدامات والتباينات والاختلافات، (... وما تخفي الصدور) فإذا الإنسان الفرد لم يستطع أن يثمن القواسم المشتركة مع أقرب الناس إليه، فكيف له ذلك مع آخرين بعيدين عنه عقيدة وجغرافيا وقيما ومصالح، أليس ذلك يدعو إلى الضحك حقا؟
ومن هنا تأتي أهمية أن تكون هناك معاهدات موثقة لحفظ الحقوق والإلزام بالواجبات، حتى ولو مع أقرب الناس إلى الإنسان؛ سواء الإنسان الفرد، أو الإنسان المجموع لا فرق، وإلا ضاعت الحقوق، وتماهت العلاقات، واختزلت الأمانات، وسادت شريعة الغاب، فالإنسان بخلقته من الأغيار؛ متغير الطبع والمزاج، تأخذه الرياح يمنة وشمالا، لا يؤمن عهده إلا بالفترة الحاضرة من الزمن، ومتى تناسل هذا الزمن: ساعات؛ أيام؛ شهور؛ سنوات، ضاعت عنده كل التعهدات والمواثيق، ولذا فهناك كثيرون يصابون بالصدمة، وأقلها بالدهشة، عندما يتعرضون لمواقف يشعرون من خلالها أنهم فقدوا قواسمهم المشتركة مع آخرين ظنوا بهم خيرا، فمقولة: «بيننا عيش وملح» تظل نوعا من مسحة البراءة الإنسانية، في اللحظة الحاسمة، فلا عيش ولا ملح، وإنما سموم تجرف هذه المكونات الإنسانية في أي لحظة يشعر فيها الآخر أن في ذلك فرصته النادرة.
ومع ذلك فهناك لمسات إنسانية تدمل الجروح في لحظات ضعفها، وهذه مع قلتها؛ إلا أنها يمكن أن توجد نوعا من التوازن؛ حتى يبقى أن هناك أملا تجد فيه الإنسانية ضالتها المفقودة.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
الإمارات وألبانيا تطلقان لجنة اقتصادية مشتركة
أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية ألبانيا لجنة اقتصادية مشتركة لاستكشاف فرص توسيع العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين الصديقين في القطاعات الحيوية ذات الأولوية المشتركة.
وعقدت اللجنة دورتها الأولى في العاصمة الألبانية تيرانا برئاسة معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية ، ومعالي بليندا بالوكو، نائبة رئيس الوزراء ووزيرة الطاقة والبنية التحتية في ألبانيا، بحضور سعادة جمعة محمد الكيت، الوكيل المساعد لشؤون التجارة الدولية في وزارة الاقتصاد، ومن الجانب الألباني معالي بليندي غونجيا، وزير الاقتصاد والثقافة والابتكار، ونائبيه معالي سوكول دوما ومعالي إنكيليدموسابيلي، وبمشاركة ممثلي القطاع الخاص من الجانبين.
وأكد معالي الدكتور ثاني الزيودي في كلمته الافتتاحية للدورة الأولى أن اللجنة الاقتصادية المشتركة بين الإمارات وألبانيا تمثل منصة إستراتيجية لدفع التعاون التجاري والاستثماري إلى مستويات جديدة تعكس الطموحات الاقتصادية للدولتين، وتسرع تنفيذ إستراتيجيتهما لتحقيق النمو المستدام.
وقال إن دولة الإمارات، باتت بفضل موقعها الجغرافي وبنيتها التحتية المتقدمة وسياستها الاقتصادية القائمة على التنويع والانفتاح التجاري، مركزاً عالمياً لتسهيل تدفقات التجارة والخدمات ولاستقطاب الاستثمارات والأعمال، مشيرا إلى أن العلاقات الإستراتيجية بين الإمارات وألبانيا تشهد نمواً متسارعاً.
وأضاف أن إطلاق اللجنة الاقتصادية المشتركة بين الإمارات وألبانيا يوفر منصة إستراتيجية لعقد الشراكات التجارية والاستثمارية بين مجتمعي الأعمال في الجانبين، وتسهيل تدفقات التجارة والاستثمار الثنائية وتطوير إجراءاتها، بما يصب في صالح اقتصادي الدولتين الصديقتين.
وأعرب عن تطلعه إلى استفادة مجتمع الأعمال في ألبانيا من شبكة الشركاء التجاريين المتنامية لدولة الإمارات، وعلاقاتها المزدهرة مع الاقتصادات الكبرى حول العالم.
من جانبها، قالت معالي بليندا بالوكو، إن انعقاد الدورة الأولى للجنة الاقتصادية المشتركة بين الإمارات وألبانيا يعكس عمق العلاقات الثنائية والالتزام المتبادل بتسريع النمو الاقتصادي المشترك.
وركزت مناقشات اللجنة المشتركة الإماراتية الألبانية على تعزيز التعاون في القطاعات الحيوية التي تشمل الطاقة المتجددة، والخدمات اللوجستية والبنية التحتية، والزراعة والأمن الغذائي، والتكنولوجيا والصناعات المتقدمة، وجدد الطرفان التزامهما بتطوير مشاريع مشتركة في هذه المجالات.
وناقش الجانبان خططاً لتطوير مشاريع الطاقة النظيفة في ألبانيا بالشراكة بين شركة “مصدر” وشركة الطاقة الألبانية “كيش”، التي تستهدف إنتاج طاقة نظيفة تصل إلى 3 جيجاواط من الشمس والرياح، مع العمل على إنجاز محطة طاقة شمسية بقدرة 100 ميجاواط كخطوة أولى.
واتفق الجانبان في مجال الخدمات اللوجستية والبنية التحتية، على تعزيز التعاون وتبادل الخبرات في تطوير البنية التحتية الذكية لدعم التجارة البينية، حيث رحبت ألبانيا بالمشاركة الإماراتية في مشاريع النقل البرية وتطوير شبكة السكك الحديدية، وخاصة مشروع خط دوريس – بريشتينا لتسهيل الربط التجاري الإقليمي.
كما اتفق الطرفان على تعزيز تدفق السياحة بين البلدين عبر برامج مشتركة وتسهيلات للمستثمرين في قطاعي السياحة والضيافة، وتشجيع التواصل بين الفاعلين السياحيين في كلا البلدين.
وعقب اجتماع اللجنة الاقتصادية المشتركة، شارك معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي والوفد الإماراتي في جلسة تواصل مع سعادة لورا سارو، المديرة العامة للوكالة الألبانية لتنمية الاستثمارات، وأعضاء مجتمع الأعمال التابع للوكالة، حيث تمحور اللقاء حول استكشاف مجالات التعاون الممكنة وتوسيع وتعزيز الروابط الاقتصادية بين البلدين.
وتواصل التجارة غير النفطية بين الإمارات وألبانيا مسارها الصاعد مسجلةً نمواً سنوياً قياسياً، حيث تضاعفت خلال عام 2023 مسجلة 80 مليون دولار، بزيادة 117% مقارنة بعام 2022، و87% مقارنة بعام 2021، فيما استمر هذا المسار التصاعدي خلال النصف الأول من 2024، وصولاً إلى 66.4 مليون دولار، بنمو 64% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. ويعكس هذا الزخم في التجارة البينية نمو العلاقات الاقتصادية بين البلدين، إذ تعد الإمارات الشريك التجاري الخليجي الأول لألبانيا، والثالث عربياً بعد الجزائر ومصر.وام