طردنا الفلسطينيين من أرضهم والضفة تشتعل.. أولمرت يوجه نصيحة لأعضاء حكومة الحرب
تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT
تدخل حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة يومها الـ231 وسط دمار هائل في القطاع وفشل يلازم "إسرائيل" في تحقيق الأهداف التي أعلن عنها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بما في ذلك استعادة الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية.
لم تقتصر جرائم قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة فحسب، بل انتقلت للضفة الغربية المحتلة التي شهدت تضيق على الفلسطينيين واعتقالات عشوائية وقتل دون تفرقة.
وفى مقال نشرته صحيفة هآرتس العبرية، قال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت، إن الأحداث التي تحدث في الضفة الغربية الآن هي "جزء من جهود تستهدف في نهاية المطاف إشعال النار في كل ارجاء يهودا والسامرة (الاسم الذي يطلقه الاحتلال على للضفة)، التي ستؤدي الى حرب شاملة"، مطالبا أعضاء حكومة الحرب غانتس وايزنكوت "بإدراك أنهما يتحملان المسؤولية عن ذلك، وبالتالي الانسحاب من الحكومة".
وأضاف أولمرت أن دولة الاحتلال الإسرائيلي "توجد في ذروة حربين، الحرب في قطاع غزة وعلى الحدود الشمالية والحرب في مناطق يهودا والسامرة، بعيدا عن اهتمام معظم المستوطنين".
وأشار إلى أن "الحرب على قطاع غزة، في الشمال وفي الوسط والآن في الجنوب في رفح، تستمر في التدحرج والمراوحة في المكان، الجنود الشباب يواصلون العملية البرية في محاولة لتدمير حركة حماس، بعد أن ظن البعض أنه تمت تصفيتهم أو إبعادهم، ولكنهم عادوا ويستمرون في القتال، وجنود الاحتلال الإسرائيلي هم الذين سيدفعون ثمن ذلك بحياتهم. أيضا الكثير من الفلسطينيين، ومن بينهم مدنيين، الذين وجدوا أنفسهم في قلب العاصفة في ميادين القتال، وقوافل المساعدات، التي تحاول الوصول الى مليونين من سكان القطاع، ستواصل شق طريقها في البر وفي الميناء الجديد الذي أقامته الولايات المتحدة من أجل التسهيل على توفير الغذاء والمساعدات الإنسانية لمئات آلاف الأشخاص".
وقال رئيس الوزراء الاحتلال الأسبق إن "إسرائيل محبوسة بين الحواجز تتعاون في توفير المساعدات، ليس بفرح وتفهم بل رغم أنفها لأن هذا هو الثمن المحتم والمبرر، الذي يمكن أن يعطي المبرر الأخلاقي لاستمرار الحرب حتى "النصر المطلق"، الذي من شبه المؤكد لن يأتي".
وتابع أولمرت في مقاله أنه "في المقابل، تتطور حرب إشاراتها ستغطي على كل المآسي والدماء والنار وسحب الدخان التي تغطي غزة ومحيطها، وهي الحرب في الضفة الغربية، في المناطق التي يطلق عليها المستوطنون يهودا والسامرة، حيث يعيش أكثر من مليوني فلسطيني منذ سنوات كثيرة، لم يهاجروا، إلى المناطق التي تعتبر بالنسبة لهم وطنهم، هم وآباؤهم ولدوا هناك، وأجدادهم وجداتهم ولدوا هناك. أيضا لا توجد لهم بلاد أخرى، مشيرا أن الاحتلال يسعي لطردهم من بيوتهم، من أجل ضم هذه المناطق لدولة إسرائيل واستكمال مهمة حياة الجمهور المسيحاني المتطرف والرجعي والقاتل الآخذ في السيطرة على الحكم في دولة إسرائيل".
وأردف رئيس وزراء الاحتلال الأسبق أنه يكرر أن الحرب في قطاع غزة هي "ليست أمل وطموح بن غفير وسموتريتش وأصدقاءهم. تصميمهم على رفح ليس الهدف الحقيقي، هو فقط الملحق للحرب في الضفة الغربية، الفم في رفح والقلب في يهودا والسامرة".
وقال أولمرت إن حرب المستوطنين ومؤيديهم، "جريمة برعاية الحكومة وغض نظر متعمد وسذاجة متوارعة لا يمكن أن تغطي على وحشيتها، ونتائجها الصادمة ليست فقط من نصيب ضحاياها في المستوطنات وفي الحقول والشركات وفي مراكز حياة الفلسطينيين، بل أيضا هي من نصيبنا، في كل أرجاء الدولة، حتى قبل 7 تشرين الأول كانت هناك أعمال عنف فظيعة للمستوطنين ضد الفلسطينيين".
وأضاف أنه "بطبيعة الحال يهتم بالحرب على غزة، ويشعر بالحزن الذي يصيبهم، ببيانات المتحدث بلسان جيش الاحتلال الإسرائيلي بأنه "سمح بالنشر" وبالبكاء على أبنائهم الذين يتم الكشف عن أسمائهم وهم في التوابين لدفنهم، في ظل حزن الجميع، مشيرا أنه من المهم الاستماع لقصص بطولة المحاربين الذين يعرضون حياتهم للخطر في العمليات من أجل العثور على جثث المخطوفين الذين قتلوا منذ أشهر، واخراجهم من القبر المؤقت واحضارهم للدفن في إسرائيل".
وطالب أولمرت الانتباه "للحرب التي تجري في يهودا والسامرة، التي هي جزء من الحرب الوجودية التي تديرها دولة الاحتلال الإسرائيلي من اجل تجسيد حلم السيطرة المطلقة على أجزاء البلاد التي يريدون ضمها، وطرد من يعيشون فيها منذ أجيال".
وتابع أولمرت أنه إذا توهم أي أحد بأنه يمكن إخفاء هذه الاحداث في الضفة الغربية وتجاهلها فقد جاء رونين بيرغمان ومارك ميزتي من "نيويورك تايمز" (بيرغمان هو مراسل أيضا في "يديعوت احرونوت") وكشفا الأفعال التي تحدث هناك بكل قبحها، وتقرير هذين المراسلين جعل الصورة واضحة، لم تعد خفية عن طريق جهود الطمس لشرطة إسرائيل، شرطة المناطق وفيالق بن غفير. هذه صورة صادمة.
منذ السابع من تشرين الأول حوالي 7 آلاف من سكان المناطق، معظمهم خدموا في جيش الاحتلال في السابق، تم تجنيدهم وتسليمهم السلاح؛ تم تعيينهم لحماية المستوطنين والمستوطنات؛ طلب منهم كشف وجوههم وعدم إقامة حواجز على الشوارع في الضفة، عمليا، الكثير منهم تركوا نوبة الحراسة في المستوطنات وقاموا بوضع الأقنعة على الوجوه وخرجوا للمواجهات مع سكان المناطق الفلسطينيين بعنف، الذي في حالات كثيرة انتهى بمصابين وتدمير ممتلكات وحتى القتل.
وقال إن "جهاز انفاذ القانون في دولة الاحتلال الإسرائيلي يستخدم معايير مختلفة تماما للفحص والتحقيق عندما يتعلق الأمر بفلسطينيين مشتبه فيهم بالإرهاب مقابل إسرائيليين مشتبه فيهم بالإرهاب. الأخيرين يستخدمون الأقنعة التي يبدو أنها أعطيت لهم من أجل تحقيق الهدف الرئيسي لحكومة بنيامين نتنياهو وهو التطبيق المطلق وعديم الرحمة للسيطرة اليهودية على الأراضي، على حساب الفلسطينيين الذين يعيشون هناك، ومنذ أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر في بلدات غلاف غزة نفذ المستوطنون، شباب وشيوخ، 848 اعتداء في الضفة الغربية تسببت بإصابات بالغة في النفس وفي الممتلكات، حسب تقارير أجنبية وأشخاص يتابعون بحرص كل يوم ما يحدث في المناطق التي تعتبر دولة الاحتلال الإسرائيلي هي المسؤولة فيها عن حماية الأمن والقانون والنظام".
وأضاف أنه "تم طرد 18 تجمع فلسطيني بشكل كامل، و7 تجمعات تم طردها بشكل جزئي من أماكنها على أيدي المستوطنين العنيفين، ولم ينجح أي تجمع منها في العودة إلى مكانه، وسكانها يعيشون الآن في ظروف قاسية، في مناطق وفي ظروف لا تسمح لهم بالعيش، هذه مرحلة من مراحل تجسيد حلم أرض إسرائيل الكاملة بدون الفلسطينيين".
وتابع أنه "في هذه الفترة، منذ 7 تشرين الأول / أكتوبر، تم تنفيذ في يهودا والسامرة عمليات لرجال حماس، أوقعت الكثير من الضحايا في أوساط اليهود، من سكان المناطق وغيرهم. واضح أن الشباك والشرطة والجيش يجب عليهم العثور على القتلة واعتقالهم، وإذا كانت هناك حاجة تتم تصفيتهم بدون تردد، والجهات الأمنية تفعل ذلك، وهي تستحق التقدير على نشاطها. ولكن الاحداث الآن في المناطق هي أحداث مختلفة ولها تداعيات أكثر خطورة".
وأضاف أنه في الفترة الأخيرة تمكن كل من شاهدوا قنوات التلفاز الإسرائيلية من رؤية كيف أن عشرات الشباب الذين يرتدون القبعات ويحملون السلاح والعصي وقضبان الحديد انقضوا على عشرات الشاحنات التي تنقل الغذاء الذي يهدف إلى علاج الازمة الإنسانية في قطاع غزة.
وأشار إلى أن هؤلاء الشباب قاموا بإيقاف الشاحنات واعتدوا على السائقين وانزلوهم منها وصعدوا على الشاحنات وقاموا برمي الغذاء واتلفوه، والشرطة لم تفعل أي شيء لمنع ذلك لم يتم اعتقالهم أو التحقيق معهم أو توقيفهم. لقد حان الوقت لتسمية الولد باسمه: برعاية حكومة إسرائيل ودعمها وتأييدها، سواء بشكل ناجع أو سلبي، فانه تحدث في مناطق يهودا والسامرة معركة ستشعل الحرب الذي ستجر ملايين السكان الذين يعيشون هناك.
وأكد أولمرت أن هذا هو الهدف الأسمى لبن غفير وسموتريتش واصدقائهم. يبدو أنه بالنسبة للمستوطنين ومؤيديهم في الحكومة فانه طالما أن الحرب تستمر في غزة، وطالما أن الجنود يراوحون في المكان بدون حاجة في رفح وفي مناطق أخرى في القطاع، وطالما أن الحرب المحدودة في الشمال مستمرة، وطالما أن عشرات آلاف سكان الشمال لا يعيشون في بلداتهم وبيتهم، وبالأساس طالما أن الأسرى لم يعودوا الى بيوتهم ورؤساء عصابات الحكم، لا سيما بن غفير، يعملون على منع عقد صفقة تؤدي الى تحرير الاسرى – فانه يمكن مواصلة العربدة في الضفة الغربية والتنكيل بالسكان الفلسطينيين وقتلهم، حتى غير المتورطين.
وقال إن الوقت حان لوقف أعمال الشغب هذه، والمسؤولية عن ذلك ملقاة في المقام الأول على الحكومة ورئيسها، ولكن من الواضح أن نتنياهو سيستمر في غض النظر، ومن المؤكد حتى أنه سيعطي التعزيز لبن غفير بسبب تصميمه كما يبدو على منع الإرهاب ومنح الامن لسكان يهودا والسامرة، الجميع متفقون على أن نتنياهو غير جدير بالثقة، وأنه لا توجد لديه نية أو رغبة أو قدرة أو التزام أخلاقي لمنع قتل الفلسطينيين على يد اليهود في الضفة الغربية.
وأضاف رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي الأسبق أنه لا مناص من وضع هذا الطلب أمام زعيمين آخرين، العضوان في مجلس الحرب واللذان هما الآن الأمل الأخير لكثير من المستوطنين الذين لا يريدون أن يعيشوا في دولة أبرتهايد، بني غانتس وغادي ايزنكوت، هما مناسبان ومنطقيان ومحاربان بكل معنى الكلمة. عندما انضما لحكومة الدمار اعتقدت أنهما مخطئان، وقد قلت علنا بأنه عندما سيأتي اليوم الذي سيتم فيه إزاحة نتنياهو عن الكرسي، كما يستحق، فانه يجب عليهما أن يكونا مع يئير لبيد، ذخر سلطوي سيحاول تشكيل حكومة جديدة تقوم بإعادة بناء إسرائيل قبل أن يكون الوقت متأخر جدا.
وقال أولمرت "أنا توقعت أكثر من مرة بأنه إزاء خداع نتنياهو، وإزاء غياب رؤية وأفق سياسيين في الحكومة التي هم أعضاء فيها، سيصلون الى استنتاج أنه لا خيار أمامهم باستثناء الانسحاب من الحكومة"، وأنه سمعت المبررات التي نسبت اليهما، والتي تقول إن حكومة بدون غانتس وايزنكوت ستكون خاضعة بالكامل لهستيريا، وأنه من الأفضل أن يكون مجلس حرب مع غانتس وايزنكوت على أن يكون مجلس حرب فيه بن غفير.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال الإسرائيلي غزة الفلسطينية أولمرت حماس إسرائيل فلسطين حماس غزة الاحتلال صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الاحتلال الإسرائیلی فی الضفة الغربیة تشرین الأول فی مناطق قطاع غزة الحرب فی بن غفیر من أجل
إقرأ أيضاً:
تزايد المخاطر التي تهدد الاقتصاد الإسرائيلي.. احتمالات حدوث أزمة مالية ورادة
بحسب معهد بحوث الأمن القومي الإسرائيلي، فإن ثلاثة أحداث وقعت في وقت واحد: انتهاء وقف إطلاق النار في غزة والعودة إلى القتال، والموافقة على الميزانية الإشكالية للعام 2025، وعدم الاستقرار السياسي، تشير إلى تزايد المخاطر التي تهدد الاقتصاد الإسرائيلي، وتزيد من احتمالات حدوث أزمة مالية.
وبشأن الحدث الأول فقد أدى نشاط الجيش في قطاع غزة ولبنان إلى تجدد التهديد الصاروخي على "إسرائيل" وهجمات الحوثيين من اليمن. وإلى جانب عنصر عدم اليقين الذي يصاحب هذه المرحلة من الحرب وأهدافها، فإنه يجعل من الصعب أيضاً على الاقتصاد أن يعمل، بعد أن بدأ يعود إلى طبيعته في الأسابيع التي سبقت ذلك.
على سبيل المثال، يؤثر العودة إلى القتال سلباً على النمو في "إسرائيل" بعد تجنيد جنود الاحتياط؛ سيتعين على الشركات مرة أخرى العثور على بديل للموظفين الذين سيتم تجنيدهم مرة أخرى، بالإضافة إلى ذلك، تزداد التكلفة المرتبطة بتجنيد جنود الاحتياط.
وأظهرت دراسة أجرتها وزارة المالية الإسرائيلية في عام 2024 أن التكلفة الاقتصادية لجندي الاحتياط تبلغ نحو 48 ألف شيكل شهريا (الشيكل يساوي 0.26 دولار).
لقد تطلب تمويل الحرب حتى الآن جمع ديون بمبالغ ضخمة، والتي تجاوزت حتى جمع الديون خلال أزمة كورونا في عام 2020. وبالتالي، فقد بلغ مجموع الديون 278 مليار شيكل في عام 2024 مقارنة بـ 265 مليار شيكل في عام 2020. وأدت هذه الزيادات، إلى جانب نمو الناتج المحلي الإجمالي شبه الصفري، إلى زيادة كبيرة في نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، من 60% في عام 2022 إلى 69% في عام 2024.
الحدث الثاني الذي يقوض استقرار الاقتصاد الإسرائيلي هو إقرار الكنيست لأكبر ميزانية للدولة على الإطلاق، والتي بلغت قيمتها نحو 620 مليار شيكل.
في ظاهر الأمر، ينبغي أن يكون إقرار ميزانية الدولة علامة إيجابية على الاستقرار السياسي والاقتصادي. ولكن الميزانية التي تمت الموافقة عليها تشكل إنجازا سياسيا لحكومة بنيامين نتنياهو، ولكنها تشكل فشلا اقتصاديا للبلاد، بحسب التقرير.
لقد أكد بنك "إسرائيل" ووزارة المالية مراراً وتكراراً أن أولويات الحكومة الحالية لا تتوافق مع التحديات الاقتصادية التي تواجه دولة "إسرائيل". ولذلك، فليس من المستغرب أن تكون هناك فجوة كبيرة بين توصيات الهيئات المهنية بشأن ميزانية عام 2025 والميزانية التي تمت الموافقة عليها فعليا. وتتضمن الميزانية الكثير من القرارات المتعلقة بالقوى العاملة، بما في ذلك رفع اشتراكات التأمين الوطني، وتجميد شرائح ضريبة الدخل، وتقليص أيام النقاهة، ورفع ضريبة القيمة المضافة، وهو ما قد يضر بمستوى الطلب في الاقتصاد. كما يتضمن تخفيضات واسعة النطاق في ميزانيات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية.
وعلى النقيض من ذلك، تفتقر الميزانية إلى محركات النمو الرئيسية، ولا تتضمن تخفيضات كبيرة في أموال الائتلاف غير الضرورية، كما أن الأموال التي وعدت بها "قانون النهضة" لإعادة إعمار غلاف غزة والشمال لم يتم تضمينها أيضاً. وبدلاً من تلك البنود التي قد تشجع النمو والاندماج في سوق العمل، تتضمن الميزانية مخصصات كجزء من اتفاقيات الائتلاف، والتي تحفز عدم التجنيد في الجيش الإسرائيلي وعدم المشاركة في سوق العمل. علاوة على ذلك، فإن توزيع الأموال على المؤسسات المعفاة من الضرائب في التعليم الحريدي والتي لا تدرس المواد الأساسية يؤدي إلى إدامة المشكلة وتفاقمها، لأن التعليم الذي تقدمه لا يزيد من قدرة طلابها على الكسب في المستقبل.
الحدث الثالث هو عدم الاستقرار السياسي الذي يرافق عودة الثورة القضائية ومحاولات إقالة المستشار القانوني للحكومة ورئيس الشاباك.
منذ بداية الحرب، قامت ثلاث وكالات تصنيف ائتماني بخفض التصنيف الائتماني لـ"إسرائيل". وفي كل التقارير التي أصدروها منذ انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، أشاروا إلى الخوف من عدم الاستقرار السياسي وتفاقم الاستقطاب في المجتمع الإسرائيلي.
وفي العام الماضي، هاجم وزير المالية سموتريتش قرارات شركات التصنيف الائتماني في عدة مناسبات، مدعيا أن الشركات تتعامل مع قضايا غير اقتصادية، وأنه يتوقع نموا مرتفعا للاقتصاد الإسرائيلي بعد نهاية الحرب.
ولكن هناك مشكلة أساسية في هذه الحجة؛ إذ تشير دراسات واسعة النطاق في علم الاقتصاد إلى أن المؤسسات الاقتصادية والسياسية تؤثر على نمو وازدهار البلدان. على سبيل المثال، أظهر الفائزون بجائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2024 (درون أسيموجلو، وسيمون جونسون وجيمس روبيسون) أن البلدان التي تتمتع بمؤسسات ديمقراطية وسيادة قانون مستقرة تميل إلى الازدهار اقتصاديا، في حين تكافح البلدان ذات المؤسسات الضعيفة لتحقيق نمو كبير في الأمد البعيد.
وهذا يعني أنه حتى من منظور اقتصادي بحت، فإن إضعاف السلطة القضائية يؤثر على التصنيف الائتماني للبلاد. ولذلك، يتعين على وكالات التصنيف الائتماني أن تعالج القضايا السياسية في كل دولة تدرسها لتقييم المخاطر المستقبلية التي تهدد الاقتصاد. والخلاصة هي أن عدم الاستقرار السياسي يساهم في ارتفاع تكاليف تمويل الديون، كما يتضح من ارتفاع علاوة المخاطر في "إسرائيل" في عام 2023، حتى قبل بدء الحرب.
ولكي نفهم بشكل أفضل تأثير العمليات الثلاث التي تحدث معا على القوة المالية لـ"إسرائيل"، كما يراها المستثمرون الدوليون، فمن المفيد أن ننظر إلى التقلبات في عقود مقايضة الائتمان الافتراضي (CDS)، وهو عقد مالي يستخدم كأداة للحماية من إفلاس الجهة المصدرة للدين. وبعبارة بسيطة، فهو تأمين ضد خطر عدم سداد الديون. كلما ارتفع مؤشر مقايضة مخاطر الائتمان في بلد ما، زاد قلق المستثمرين بشأن الاستقرار الاقتصادي في البلاد. ويتغير هذا المؤشر يوميا، مما يتيح لنا الحصول على رؤية فورية حول مخاطر الائتمان في البلدان.
ويظهر مؤشر مقايضة مخاطر الائتمان الإسرائيلي (بالدولار) لمدة 10 سنوات منذ 1 كانون الثاني/ يناير 2023، أن مخاطر الائتمان الإسرائيلي بدأ في الارتفاع بشكل معتدل في بداية عام 2023 وقفز بشكل كبير مع اندلاع الحرب. وواصل مؤشر أسعار المستهلك (CDS) اتجاهه الصعودي ولكن بدرجة معتدلة في العام الأول من الحرب.
وفي ضوء الإنجازات التي تحققت ضد إيران بعد الهجوم الإسرائيلي في تشرين الأول/ أكتوبر 2024، انخفض مؤشر القوة النسبية (CDS) بشكل حاد. واستمر تراجعه في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، مع توقيع اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان. ومع استئناف القتال في قطاع غزة في أوائل آذار/ مارس 2025، ارتفع مستوى الدفاع الصاروخي الإسرائيلي مجددا. والمعنى العملي لهذه العلاوة هو أن الأسواق تضع في الحسبان مخاطر أكبر للإفلاس في "إسرائيل".
يميل هذا المؤشر إلى أن يسبق قرارات شركات التصنيف الائتماني. على سبيل المثال، خفضت وكالة موديز التصنيف الائتماني لـ"إسرائيل" في شباط/ فبراير وأيلول/ سبتمبر 2024، بعد فترة طويلة من ارتفاع أسعار مقايضة مخاطر الائتمان. وبشكل عام، انخفض التصنيف الائتماني لـ"إسرائيل" بحسب وكالة موديز من مستوى ما قبل الحرب A1 إلى المستوى الحالي Baa1 مع نظرة مستقبلية سلبية. ويعتبر هذا المستوى قريباً جداً من مستوى Ba1، وهو المستوى الذي تعتبر فيه السندات سندات غير مرغوب فيها.
إن الانخفاض إلى هذا المستوى قد يدفع "إسرائيل" إلى أزمة مالية حيث ستجد صعوبة في جمع الديون في الأسواق المالية لتمويل نفقاتها (بما في ذلك نفقات الحرب).
وهناك احتمال لقيام شركات التصنيف الائتماني بخفض تصنيف "إسرائيل" مرة أخرى.
وينصح التقرير القادة الإسرائيليين بأن يأخذوا في الاعتبار أن الأمن القومي الإسرائيلي مرتبط بالطريقة التي تنظر بها الأسواق المالية إليه.
ويضيف: بالنسبة للأسواق المالية، فإن "إسرائيل" تعيش حالة من الاضطراب الأمني والسياسي والاجتماعي، وكل هذا لا يحدث في فراغ؛ هذه العمليات الثلاث تجري على خلفية الحروب التجارية وعدم اليقين في الاقتصاد العالمي في ضوء السياسات الاقتصادية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.