باريس.. طلب السجن مدى الحياة لثلاثة مسؤولين كبار في النظام السوري
تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT
طلبت المحامية العامة أمام محكمة الجنايات في باريس، الجمعة، السجن مدى الحياة لثلاثة مسؤولين كبار في النظام السوري تتم محاكمتهم غيابيا بتهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
كذلك، طلبت المحامية العامة إبقاء مفاعيل مذكرات التوقيف الصادرة بحق كل من علي مملوك المدير السابق لمكتب الأمن الوطني، وجميل حسن المدير السابق للمخابرات الجوية، وعبد السلام محمود المدير السابق لفرع التحقيق في المخابرات الجوية.
ويواجه هؤلاء تهما بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، فيما يتعلق باختفاء السورييّن الفرنسييّن مازن الدباغ وابنه باتريك، اللذين كانا يبلغان من العمر 48 و20 عاما وقت اختفائهما في عام 2013 في سجون بشار الأسد.
وتم توقيف باتريك حين كان يدرس بالسنة الثانية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بدمشق في الثالث من نوفمبر 2013 على يد خمسة أشخاص يتبعون لفرع المخابرات الجوية (اثنان من الضباط واثنان من عناصر الأمن ومتخصص في المعلومات).
وفي اليوم التالي، 4 نوفمبر، عاد الضابطان نفسهما، بصحبة 12 من العناصر المسلحة، واتهموا مازن دباغ (والده) بالإخفاق في تربية ابنه على النحو اللائق، ومن ثم اعتقلوه، بذريعة أنهم "سيعلمونه كيف يربيه".
وفي توقيت الواقعة حسبما يشرح تقرير لـ"المركز السوري للإعلام وحرية التعبير" كان مازن يشغل منصب المستشار التربوي الأول في المدرسة الفرنسية بدمشق.
ويضيف المركز، الذي يدفع بالقضية منذ سنوات إلى جانب منظمات حقوقية سورية أخرى، أن الأب اقتيد آنذاك إلى "سجن المزة العسكري"، ومنذ ذلك الحين اعتبر مع ابنه باتريك في عداد المختفين قسريا.
ولم يسبق لمازن دباغ ونجله الاشتراك في أية تحركات معارضة لنظام بشار الأسد، لا قبل انتفاضة مارس 2011 الشعبية ولا بعدها، وبعد غياب أي خبر عنهما منذ لحظة اعتقالهما تم تأكيد وفاتهما، وفق وثيقة رسمية حصلت عليها العائلة، في 2018، دون تحديد أسباب أو مكان الوفاة.
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
الاقتصاد السوري بين الواقع والمستقبل
جاء يوم الثامن من كانون الأول/ ديسمبر 2024م ليسجل في التاريخ واقعا لم يكن أحد له القدرة على التنبؤ به، حيث انهار نظام حكم عائلة الأسد في عدة أيام، هذا النظام الذي حكم سوريا بالحديد والنار والظلم والطغيان والطائفية لأكثر من 53 عاما، وإن كان ذلك نتاجا حقيقيا وثمرة من ثمرات طوفان الأقصى الذي له ما بعده.
وفي ظل استلام الحكومة الجديدة دولة بنيت على إدارة الفساد المنظم واستئثار القلة بالسلطة والثروة، وانهيار البنية التحتية، وأنشطة النظام الاقتصادي من زراعة وصناعة وخدمات بما في ذلك البنية التحتية الاجتماعية من صحة وتعليم، فضلا عن تدني قيمة الليرة وارتفاع نسبة التضخم ونسبة البطالة وتضاءل التجارة الخارجية ومعدل نمو الناتج المحلي، تبدو أهمية التعامل مع تلك التحديات، وهو أمر صعب ولكنه ليس مستحيلا، بل مع الإرادة الصادقة والعمل الدؤوب يصبح الصعب سهلا.
إن الإصلاح الاقتصادي في سوريا يتطلب إصلاحا سياسيا قوامه الحرية والعدل، وبهما يمكن بناء إنسان صالح واقتصاد تنموي عادل وفق خطة اقتصادية استراتيجية واضحة المعالم، مع عمل خطة أزمات سريعة لمعالجة المتطلبات الضرورية القائمة حاليا.
الإصلاح الاقتصادي في سوريا يتطلب إصلاحا سياسيا قوامه الحرية والعدل، وبهما يمكن بناء إنسان صالح واقتصاد تنموي عادل وفق خطة اقتصادية استراتيجية واضحة المعالم، مع عمل خطة أزمات سريعة لمعالجة المتطلبات الضرورية القائمة حاليا
إن قوام أي اقتصاد هو الثقة، وهذه الثقة يمكن تحقيقها في ظل نظام سياسي واقتصادي عادل، وآن لسوريا أن تتخلص من بؤر الظلم والفساد الممثلة في أصحاب القرار وكل فاسد في النظام المخلوع، وتقديم المدان منهم لمحاكمات عادلة عاجلة، كما أن سوريا تمتلك عناصر الإنتاج بصورة مميزة من موارد بشرية وموارد طبيعية ورأس مال. وتبدو أهمية دمج هذه الموارد في اقتصاد حقيقي بعيدا عن الاقتصاد الريعي وسياسية الكمباوند في المشروعات العقارية التي باتت أصلا على حساب النشاط الزراعي والصناعي في العديد من الدول العربية، مع تحسين الخدمات التعليمية والصحية.
إن الحلول العاجلة للاقتصاد السوري تتطلب خطة وإدارة أزمات تعمل بصورة سريعة على ضبط النظام النقدي وتداول الليرة بصورة تجعل البنك المركزي قادرا على التحكم فيها؛ إلى أن يتم تشغيل عجلة الإنتاج وتحقيق توازن للكتلة النقدية مقابل الكتلة الإنتاجية، ومن ثم التأسيس لنظام نقدي إسلامي يتناسب مع طبيعة المرحلة.
كما أنه من المهم في النظام المالي في تلك المرحلة الاستمرار في فرض الضرائب على أن تكون ضرائب عادلة ذات شرائح منخفضة وبصورة تصاعدية، وهو ما يزيد من حصيلتها، مع توجيه الإنفاق بصورة رشيدة لمشروعات البنية التحية وفي مقدمتها البنية التحتية الاجتماعية من تعليم وصحة. ويمكن في هذا الإطار الاستفادة من الوقف بسن قانون لتوسيع نشاطه وتحقيق الأمان للواقفين واحترام شروطهم، مما يفتح المجال لرجال الأعمال والمقتدرين على إنشاء مؤسسات وقفية توجه مصارفها إلى تلك المجالات وغيرها من احتياجات المجتمع الضرورية.
يمكن كذلك علاج مشكلة البنية التحتية المتهالكة من خلال إصدار صكوك إسلامية، مقابل حق انتفاع الجهة المصدرة للصكوك بالمشروع لمدة معينة، وبهذا لن يكلف إنشاء مثل هذه المشروعات الدولة ليرة واحدة، بل يمكن للدولة كذلك أن تحصل على جزء من إيرادات هذه المشروعات جنبا إلى جنب مع مشروعات القطاع الخاص المسند لها الأمر
ومن الأهمية كذلك إحداث تغير هيكلي في الاقتصاد السوري في الأمد المتوسط والطويل، من خلال هيكلة النشاط الزراعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، وهيكلة النشاط الصناعي للاستفادة من الموارد الطبيعية في التصنيع لتلبية متطلبات الداخل وتعزيز الصادرات للخارج، وتعزيز النشاط السياحي، وتفعيل صناعة التكنولوجيا في كافة أنشطة النظام الاقتصادي.
ومن المهم كذلك الإسراع بتفعيل التمويل الأصغر لعلاج مشكلة البطالة وتوفير متطلبات المجتمع من السلع والخدمات ودعم ميزان المدفوعات، مع تيسير سبل التسويق لمنتجات المشروعات متناهية والصغيرة، والاستعانة في ذلك بمؤسسات متخصصة في التسويق، وإسناد الدور التمويلي لمؤسسات الزكاة والوقف بالتمويل الخيري من خلال التمويل التمليكي بالزكاة والوقف أو التمويل بالقرض الحسن من الوقف، فضلا عن المصارف من خلال صيغ التمويل الإسلامية على أن يكون ذلك بربحية متواضعة تمكن من استدامة التمويل.
ويمكن كذلك علاج مشكلة البنية التحتية المتهالكة من خلال إصدار صكوك إسلامية، مقابل حق انتفاع الجهة المصدرة للصكوك بالمشروع لمدة معينة، وبهذا لن يكلف إنشاء مثل هذه المشروعات الدولة ليرة واحدة، بل يمكن للدولة كذلك أن تحصل على جزء من إيرادات هذه المشروعات جنبا إلى جنب مع مشروعات القطاع الخاص المسند لها الأمر.
وأخيرا، فإن الامتداد الجغرافي والعلاقات الجيدة بين سوريا وتركيا يمثل نقطة قوة يمكن البناء عليها من خلال الاستفادة من التجربة الاقتصادية التنموية التركية، ببناء علاقات اقتصادية استراتيجية مع تركيا، وفي الوقت نفسه الاستفادة من الاستثمارات الأجنبية وفقا للمصالح المتبادلة، وكذلك الاستفادة من الكفاءات البشرية السورية والعربية والإسلامية، وهم كثر.
x.com/drdawaba