أبو ضحكة جنان أطفأها الاكتئاب.. إسماعيل ياسين بين الصعود والانهيار
تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تمر اليوم، 24 مايو، الذكرى 52 لرحيل الفنان الكوميدي الكبير إسماعيل يس، الذي لقب بـ "أبوضحكة جنان" و "ملك الكوميديا". رحل إسماعيل يس تاركاً إرثاً فنياً ضخماً من الأفلام والمسرحيات والمونولوجات، التي لا تزال تُضحك الأجيال حتى اليوم. ولكن خلف ابتسامات "أبو ضحكة جنان" وضحكاته، عاش إسماعيل يس رحلة حياة مليئة بالتحديات والألم، لدرجة أن الاكتئاب حصد روحه في النهاية.
وُلد إسماعيل ياسين في 15 سبتمبر 1912 بمدينة السويس، لعائلة كانت تعيش حياة مريحة نسبيًا. إلا أن طفولته لم تكن خالية من المآسي. فقد توفيت والدته وهو في سن صغيرة، ليجد نفسه تحت رحمة زوجة أبيه التي عاملته بقسوة بالغة. هرب إسماعيل من هذا الجو القاسي، ليعيش فترة من التشرد والجوع والذل. تلك الظروف الصعبة تركت في نفسه ندوبًا عميقة لم تُمحَ مع مرور الزمن.
بفضل إصراره وطموحه، دخل إسماعيل عالم الفن من أضيق أبوابه. التقى بالسيناريست أبو السعود الإبياري، الذي كان له الفضل في تقديمه للراقصة بديعة مصابني. هذه الفرصة كانت نقطة التحول في حياة إسماعيل، حيث وظفته بديعة في فرقتها، ليبدأ رحلته كفنان كوميدي. وعلى الرغم من أن حلمه الأول كان أن يصبح مطربًا، إلا أن موهبته في الكوميديا سرعان ما جعلته من ألمع نجوم هذا المجال.
عرفت السينما المصرية إسماعيل ياسين كواحد من أكثر الفنانين شعبية. صادق مخرجي السينما الكبار مثل فطين عبدالوهاب، الذي أخرج له سلسلة أفلام كوميدية ناجحة حجزت له مكانة خاصة في قلوب المصريين. شارك في أعماله مع كبار نجوم العصر مثل شادية، كمال الشناوي، فريد الأطرش، هند رستم، وأحمد رمزي. كانت أفلامه تُباع بأرقام قياسية، وصارت ضحكاته جزءًا من الحياة اليومية للمصريين.
في عام 1954، أسس إسماعيل ياسين فرقته المسرحية الخاصة، والتي ضمت أسماء كبيرة في عالم الفن مثل رياض القصبجي، زينات صدقي، حسن فايق، وعبدالفتاح القصري. كانت الفرقة تقدم عروضًا مسرحية ناجحة وتلقى إقبالاً جماهيريًا كبيرًا. ومع ذلك، استمرت هذه الفرقة حتى عام 1966، عندما بدأت نكبات الحياة تتوالى على إسماعيل ياسين.
تعرض إسماعيل لسلسلة من الصدمات القاسية التي أثرت بشكل كبير على حالته النفسية. فقد بدأ المخرجون في تهميشه، مفضلين تقديم نجوم آخرين بدلاً منه. وفقد عددًا من أصدقائه المقربين مثل المخرج فطين عبدالوهاب، مما زاد من شعوره بالعزلة والوحدة. بالإضافة إلى ذلك، تعرض لاضطهاد من مراكز القوى الناصرية، التي سعت لتلميع نجوم آخرين على حسابه. دفعته هذه الظروف للهجرة إلى لبنان، حيث حاول مواصلة مشواره الفني، لكنه لم ينجح بالشكل المطلوب وعاد إلى مصر محملًا بحسرة الفشل.
عندما عاد إسماعيل ياسين إلى مصر، كان يتوقع أن يجد دعماً ومساندة، لكنه واجه صدمة جديدة. اختفى رصيده المصرفي، وحجزت الدولة على أمواله وعقاره بسبب الديون والضرائب. تلك الضربات المالية كانت القشة التي قصمت ظهره. أصيب بالاكتئاب والمرض، ولم يجد من يقف بجانبه في هذه الأوقات العصيبة. دخل في غيبوبة متأثراً بمضاعفات صحية ونفسية، قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة في 24 مايو 1972.
تعرض إسماعيل ياسين لظلم واضطهاد من قبل مراكز القوى الناصرية، التي كانت تسعى لتلميع نجوم آخرين على حسابه، مما أدى إلى تهميشه وتقليص فرصه في العمل.
واجه إسماعيل صراعات وتنافساً شرساً مع بعض زملائه في الوسط الفني، حيث كان التنافس على الأدوار والشهرة يؤثر على مسيرته ويزيد من ضغوطه النفسية.
عانى إسماعيل من أزمات مالية خانقة في أواخر حياته. بسبب سوء إدارة أمواله والضغوط المالية المستمرة، اختفى رصيده المصرفي، مما أضاف إلى همومه وضغوطاته النفسية.
توفي العديد من أصدقائه المقربين، مما زاد من شعوره بالوحدة والاكتئاب. كانت فقدان هؤلاء الرفاق بمثابة فقدان أجزاء من روحه، تاركاً إياه في عزلة عاطفية قاتلة.
كان الاكتئاب رفيقاً دائماً لإسماعيل ياسين، خصوصاً في سنواته الأخيرة. تفاقم هذا المرض النفسي بعد تعرضه للظلم والضغوطات النفسية المتواصلة، ما أدى في النهاية إلى تدهور حالته الصحية والنفسية بشكل حاد.
رحل إسماعيل ياسين تاركاً إرثاً فنياً غنياً، لكنه رحل أيضاً محملاً بجراح نفسية عميقة. قصة حياته تذكّرنا بأن النجوم، رغم تألقهم على الشاشات، قد يعانون من مشاكل وأزمات تُخفي ابتساماتهم الحقيقية. تظل ضحكاته وأفلامه خالدة في ذاكرة الجمهور، تضحكنا وتذكرنا بأن وراء كل نجم لامع قصة كفاح وتحد. في النهاية، تبقى ذكراه تلهمنا لنفهم أن النجاح الفني لا يحمي بالضرورة من المعاناة الشخصية، وأن خلف كل ضحكة قد يكون هناك ألم لا يُرى بالعين المجردة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: إسماعيل يس ابو ضحكة جنان ملك الكوميديا إسماعیل یاسین
إقرأ أيضاً:
ثنائية الضحك الاستثنائي.. 16محطة في رحلة فطين عبد الوهاب وإسماعيل ياسين
قبل ما يتخطى قرن من الزمان، كانت مصر على موعد مع ميلاد موهبة استثنائية في عالم الفن، أثرت سجل السينما بكثير من الأفلام الكوميدية الخالدة، حيث شهد عام 1913 أول صرخة لمخرج الروائع فطين عبد الوهاب، معلنة ميلاده، لتمر السنوات وتبدأ صرخات الإبداع بين «أكشن وكات وفركش»، التي أسفرت عن عشرات الأعمال السينمائية.
ثنائية فطين عبد الوهاب وإسماعيل ياسينعلاقة قوية جمعت فطين عبد الوهاب بعدد كبير من فناني الزمن الجميل، منهم إسماعيل ياسين، إذ قدم معه 16 فيلما، وشكل الثنائي طابعا كوميديا فريدا من نوعه في الوسط الفني.
وكانت أبرز الأفلام التي جمعت الثنائي: «إسماعيل يس في بيت الأشباح، الآنسة حنفي، إسماعيل يس في الجيش، إسماعيل يس في البوليس، إسماعيل يس في الأسطول، ابن حميدو، امسك حرامي».
لم تقتصر الأعمال الفنية التي قدمها الثنائي عند هذا الحد، بل استمر التعاون في أفلام: «كلمة الحق، إسماعيل يس بوليس حربى، إسماعيل ياسين في الطيران، حايجننوني، الفانوس السحري، حلاق السيدات، الفرسان الثلاثة، العتبة الخضراء».
امتلاك موهبة الرسمكان فطين عبد الوهاب رساما ماهرا، بل يعشق الرسم، كما أنه دائما ما يحرص على نشر لوحاته في الصحف والمجلات، وتحظى بإعجاب الجمهور، وكانت أول لوحة رسمها لشقيقه الفنان سراج منير.