المطران يوسف سويف: نتعلم من القديسة ريتا عدم وجود مستحيل عند الله
تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT
احتفل سيادة المطران يوسف سويف، رئيس أساقفة أبرشية طرابلس المارونية السامي الإحترام بقداس العيد في كابيلا القديسة ريتا في رعية عربة قزحيا، عشية العيد.
استُقبل سيادته عند وصوله من قِبَل الخوري مارون بشارة خادم الرعية والبعض من كهنة الجوار وجمهور كبير من المؤمنين بالزغاريد والرديّات الشعبية.
بعد نلاوة الإنجيل المقدّس، شكر سيادته في عظته خادم الرعية على دعوته، ورفع الصلاة عن نيّة المتبرعين ببناء الكابيلا مثمّنًا تقدمة كلّ محسن تهدف لبناء بيت الرب.
نوّه راعي الأبرشيّة إلى "الارتباط الجميل بين القديسة ريتا وشعب لبنان، لدرجة أن أكبر نسبة من زوار دير القديسة في كاشيا هم من اللبنانيّين، ما يدلّ على الكمّ الكبير من المحن وصعوبات والأزمات والصلبان والأشواك، التي نواجهها بالقرب من الله وبشفاعة القديسين وبالأخص القديسة ريتا التي بدورها حملت في مسيرة حياتها الأشواك والآلام والعذابات وحملت صليبها."
وتابع: "وحده الصليب الذي حملته وضمّته إلى صدرها وقلبها، هو الذي عزّاها وقوّاها وشجّعها وأعطاها أن تفهم يسوع المجروح المكلل بالشوك، وهو ملك الملوك، وربّ الأرباب، هو الذي خلق السماء والأرض، وسخريةً منه كلّلوه بإكليل من الشوك، واستهزأوا به: إذا كنت ملك اليهود خلّص نفسك والذين معك. يسوع عاش آلامًا جسديّة ونفسيّة لا توصف، تحمّلها عنّا، لذلك أمام إختبار الألم ا أجمل ما نقوله هو: "مع آلامك يا يسوع". وحين تصدر عنّا بحبّ، بثقة، وإيمان، وبعمق عندها، هذه الآلام تتحوّل تدريجيًا إلى ورود.
فحياتنا مبنيّة على آلام المسيح وقيامته، حياتنا مرتكزة على الفصح أي عبور المسيح من الألم إلى الفرح، من الموت إلى الحياة الجديدة التي أعطانا إياها يسوع بموته وبقيامته. في كل منا أشواك وضعف ولكن مع هذا الشوكة نلتمس نعمة. مَن وما هي النعمة؟ هي يسوع المسيح، هي نعمة الخلاص، نعمة المحبة، حقيقة يسوع المسيح الذي جعلنا نكتشف أنّ الله هو أولًا وأخيرًا " الله محبة".
وأضاف: "بمحبّته أرسل إبنه، والإبن عاش معنا وتضامن معنا وسار كل الإختبار الذي يعيشه الإنسان ورفعنا معه على الصليب، وحرّرنا من المرض والألم والحزن والبكاء والإحباط وخيبات الأمل، فكل إنسان عندما يجد نفسه أمام حائط مسدود أو خيبة أمل، يصرخ: "ليس عند الله أمر مستحيل - عسير".
وأكمل سيادته: "تُعلّمنا ريتا أنّ ليس عند الله أمر مستحيل، كل شيء ممكن، لأنّ الله هو الحبّ، وقوّة الحب تُحوّل وتُعطي حياة، بِتَجاوبي كإنسانٍ مع قوّة الحب أتجدد، وأتحمل ألألم لا بل يتحوّل الألم فيّ إلى نعمة الخلاص، طوبى للإنسان الذي يعيش مثل القديسة ريتا، التي تحمّلت آلام هذه الدنيا لأنّها نالت نعمة الخلاص ليس فقط لها، بل أيضًا ولزوجها ولأولادها ولكل العالم."
وختم سيدته: "أنتم تعرفون تمامًا يا أحبّائي أن ربّنا يستخدمنا، يستعملنا لخلاصه، لسلامه فبتحملنا واشراكنا في القليل من آلامه، يأخذ الربّ هذا القليل ويوزّعه نعمًا على ملايين البشر، نحن لا نعرف كيف، فالأهمّ هو الإيمان بأنّ الرب معنا، لا يتركنا، يرافقنا ويساعدنا لنعيش إيماننا بطريقة عميقة. فالقديسة ريتا ومار شربل أمثلة كيف يُكرمون اليوم، وهذا يجعلنا نُجدّد إيماننا به، أي بيسوع المسيح، بصليب المسيح، الذي لا يتركنا بل يرافقنا بالحياة، هو الذي كلّما أشركنا آلامنا بآلامه بالثقة وبالإيمان وبالرجاء وبالمحبة نصل إلى الخلاص والحياة الجديدة فنُصبح شهود وتلاميذ حقيقيّين ومُعلنين ليسوع، معلنين قيامته من بين الأموات. بالروح القدس الذي يُعزّينا، ويُقوّينا، ويُشجّعنا.:
وتمنّى راعي الأبرشية عيدًا مباركًا "وعسى أن يكون المزار علامة تجدّد لإيماننا وشهادة للمحبة وللرجاء الموجود فينا. آمين"
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: عيد القديسة ريتا الكنيست القدیسة ریتا
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: الصدق الذي نستهين به هو أمر عظيم
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان سيدنا رسول الله ﷺ أمرنا بالصدق، وسأله أحد الصحابة : أيزني المؤمن، يا رسول الله؟ قال: «نعم». قال: أيسرق المؤمن، يا رسول الله؟ قال: «نعم». قال: أيكذب المؤمن، يا رسول الله؟ قال: «لا». قد يشتهي الإنسان، فتدفعه شهوته للوقوع في المعصية، أو يحتاج، فيعتدي بنسيان أو جهل. أما الكذب، فهو أمر مستبعد ومستهجن.
واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، انه عندما التزم الناس بهذه النصيحة، وهذا الحكم النبوي الشريف، عرفوا أنهم لا يقعون في الزنا ولا في السرقة. سبحان الله! لأن الإنسان إذا واجهته أسباب المعصية، وكان صادقًا مع نفسه، مع ربه، ومع الناس، فإنه يستحي أن يرتكب المعصية.
وجاء رجلٌ يُسْلِمُ على يدي رسول الله ﷺ، فقال: يا رسول الله، أريد أن أدخل الإسلام، ولكني لا أقدر على ترك الفواحش والزنا. فقال له النبي ﷺ: «عاهدني ألا تكذب».
فدخل الإسلام بهذا الشرط، رغم كونه شرطًا فاسدًا في الأصل. وقد وضع الفقهاء بابًا في كتبهم بعنوان: الإسلام مع الشرط الفاسد.
دخل الرجل الإسلام، وتغاضى النبي ﷺ عن معصيته، لكنه طالبه بعدم الكذب. ثم عاد الرجل إلى النبي ﷺ بعد أن تعافى من هذا الذنب، وقال: والله، يا رسول الله، كلما هممت أن أفعل تلك الفاحشة، تذكرت أنك ستسألني: هل فعلت؟ فأتركها استحياءً من أن أصرح بذلك، فالصدق كان سبب نجاته.
الصدق الذي نستهين به، هو أمر عظيم؛ الصدق يمنعنا من شهادة الزور، ومن كتمان الشهادة. وهو الذي ينجينا من المهالك. وقد ورد في الزهد : »الصدق منجاة؛ ولو ظننت فيه هلاكك، والكذب مهلكة؛ ولو ظننت فيه نجاتك».
وفي إحياء علوم الدين للإمام الغزالي، رضي الله عنه: كان خطيبٌ يخطب في الناس عن الصدق بخطبة بليغة. ثم عاد في الجمعة التالية، وألقى نفس الخطبة عن الصدق، وكررها في كل جمعة، حتى ملَّ الناس، وقالوا له: ألا تحفظ غير هذه الخطبة؟ فقال لهم: وهل تركتم الكذب والدعوة إليه، حتى أترك أنا الدعوة إلى الصدق؟! نعم، الصدق موضوع قديم، ولكنه موضوع يَهُزُّ الإنسان، يغير حياته، ويدخله في البرنامج النبوي المستقيم. به يعيش الإنسان مع الله.
الصدق الذي نسيناه، هو ما قال فيه النبي ﷺ : »كفى بالمرء كذبًا أن يُحَدِّث بكل ما سمع ».
ونحن اليوم نحدث بكل ما نسمع، نزيد على الكلام، ونكمل من أذهاننا بدون بينة.
ماذا سنقول أمام الله يوم القيامة؟
اغتبنا هذا، وافتَرَينا على ذاك، من غير قصدٍ، ولا التفات. لأننا سمعنا، فتكلمنا، وزدنا.
قال النبي ﷺ: «إن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه».
وأخذ بلسانه وقال: «عليك بهذا».
فسأله الصحابي: وهل نؤاخذ بما نقول؟ فقال النبي ﷺ : وهل يَكُبُّ الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم؟ لقد استهنا بعظيمٍ علمنا إياه النبي ﷺ. يجب علينا أن نعود إلى الله قبل فوات الأوان.
علق قلبك بالله، ولا تنشغل بالدنيا الفانية، واذكر قول النبي ﷺ: «كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل».
راجع نفسك، ليس لأمرٍ من أمور الدنيا، ولكن لموقف عظيم ستقف فيه بين يدي رب العالمين. فلنعد إلى الله، ولا نعصي أبا القاسم ﷺ.