الجدران الطينية بسوق الصبيخاء القديم بضنك صامدة رغم هجرة الباعة
تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT
يعد سوق الصبيخاء بولاية ضنك بمحافظة الظاهرة من أقدم الأسواق في الولاية ويحمل طابع التراث التقليدي العريق، ويضم بين جنباته مايقارب 60 محلا تجاريا، وخلال فترة ما قبل الثمانينيات كان سوق الصبيخاء القديم نشطا، وذا أهمية كبيرة في الولاية، بعدها بدأت هجرة الباعة والمتسوقين رويدا رويدا حتى أخذ في الاندثار إلا أن جدرانه بقت صامدة رغم التقلبات والتطورات التي عايشت الإنسان.
وكان يباع في السوق الشعبي جميع المستلزمات المنزلية والمعيشية منها: البهارات والحبوب والسمن والأواني والملابس، وهناك من يقوم بجلب الفاكهة مثل البطيخ الصيفي المعروف محليا وغيرها من الخضار والفواكه حسب المواسم. وقد شيد السوق التراثي من الطين وسقفه من السعف وجذوع النخيل، أما أبوابه فهي خشبية منقوش عليها ومرسخة بدوائر حديدية حيث يجمع بين الأصالة والتراث القديم كذلك يعد موروثا تاريخيا كبيرا متعدد الجوانب حافلا بالحركة التجارية سابقا، وكانت فترة البيع في سوق الصبيخاء من الصباح وحتى وقت المغرب أما فترة الليل تغلق المحلات وذلك بسبب عدم وجود الطاقة الكهربائية، ويحيط بجوانبه البساتين الباسقة والأفلاج كفلج السيماء وفلج المحيدث التي تروي عددا من البساتين والمزروعات وأشجار النخيل لمسافات بعيدة وذلك بسبب وفرة المياه في تلك الفترة.
وحول الحياة والحركة التجارية بالسوق، يحدثنا مرهون بن سالم اليحيائي وهو معاصر لسوق الصبيخاء قديما ويقول: يأتي الناس للسوق من مختلف الولايات ومحافظات سلطنة عمان محملين أمتعتهم من مستلزمات متنوعة للبيع من أنواع المنتجات، كما يقوم عدد من التجار بالاستفادة من السوق لشراء التمر، حيث إن ولاية ضنك تشتهر بوفرة أصناف التمور والتي كانت توضع في الخصف أو القلة وهي مصنوعة من سعف النخيل.
وأضاف اليحيائي: إن سوق الصبيخاء يشتهر بالعرصة وهي موقع المناداة لبيع المواشي والتمور وهو ما يسمى الآن المزاد فكل شخص يضع سعره على بضاعة ما إذا أراد أن يشتريها كما هو متعارف عليها في الأسواق الشعبية.
كما أن السوق التراثي يشتهر أيضا ببيع "القت" وهو على شكل ربط صغيرة ليقوم المشتري بأخذ الكمية التي يحتاجها، كما تباع في السوق أعداد كبيرة من الإبل والأبقار خاصة في مناسبات العيدين الفطر والأضحى.
كما يتميز السوق بموقعه الفريد بجوار الحصن التاريخي العريق حصن الصبيخاء وسمي بسوق الصبيخاء نسبة للحصن والذي مازال بنيانه صامدا.
مشيرا إلى أن السوق التراثي ذات موقع وجمالية فريدة فهو ملتقى لكافة سكان البلد والقرى المجاورة لها، إذ يتوافد إليه الناس من كل حدب وصوب لقضاء حوائجهم الشرائية وغيرها من متطلبات الحياة، وأرى أنه قد أصبح من الضرورة بمكان أن نرفع النداء إلى الجهات الحكومية المختصة ﻹعادة بناء هذا السوق العريق ليكون معلمًا تاريخيًا وتراثيًا وموقعًا سياحيًا واقتصاديًا واجتماعيًا لأبناء محافظة الظاهرة، وبالأخص أهالي ولاية ضنك كونه يشكل وجهة سياحية للجميع ويعيد نشاط السوق إلى ذاكرة الماضي لأبنائنا ليكون لهم إرث تاريخي بين المجتمع.
أما عبيد اليحيائي فأوضح بأن سوق الصبيخاء يعد أحد الأسواق الشهيرة يتوافد إليه الناس حاملين بضائعهم وله شهرة كبيرة داخل الولاية وخارجها، ويزخر بالكثير من البضائع المحلية والمنتجات المتنوعة منها بيع التوابل والبقوليات والتمر والخضار والفاكهة والقهوة والأقمشة والحدادة ومناداة المواشي وبيع الأعلاف والسمن والعسل والليمون والقرط والمصنوعات السعفية وبيع الحطب.
مشيرا إلى أن الحركة التجارية في تلك الحقبة الزمنية كانت نشطة ومثمرة، وكان السوق يعد بمثابة سوق مركزي بولاية ضنك حيث تأتي البضائع من شمال الباطنة وعبري وينقل والبريمي، حيث إن هناك تبادلا تجاريا بين الولايات الأخرى.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
من العصر القديم إلى الحديث.. رمضان في الشعر العربي.. تجليات روحية وصور أدبية
يحتل شهر رمضان مكانة خاصة في وجدان المسلمين، حيث تتجلى فيه قيم العبادة، والتأمل، والتواصل الروحي، ولم يكن الشعراء بمنأى عن هذا التأثير، فقد تغنوا بجمال الشهر الكريم، ورصدوا أجواءه الروحانية وأثره في النفوس، معبرين عن معاني الصوم والطاعة والصفاء الروحي.
رمضان في الشعر العربي القديمفي العصر العباسي والأندلسي، أبدع الشعراء في وصف رمضان باعتباره شهر العبادة والتقوى. يقول أبو تمام في قصيدة مشهورة: (والصوم مروضة النفوس لفطْرها.. عن لذةِ الإثم الذي هو ملتذ).
ويرى أن الصوم يروض النفس، ويبعدها عن الذنوب والشهوات، ليكون وسيلة للتطهير والتقرب من الله.
أما الشاعر الأندلسي ابن العريف، فقد صور رمضان ببهجة خاصة، واعتبره موسماً للتوبة والمغفرة، حيث يقول: (وشهر الصوم منتصف تجلى
ينادي بالتقى في كل واد).
أما في الشعر الصوفي، فقد تميز رمضان بوصفه فرصة للوصول إلى الصفاء الروحي والانقطاع عن الدنيا للتركيز على الله، وكان جلال الدين الرومي وابن الفارض من أكثر الشعراء الذين مجدوا هذا الشهر بطريقة رمزية، حيث شبهوا الجوع بالصيام عن كل ما يشغل القلب عن الله، يقول ابن الفارض: (إن لم يكن فِي معادي آخِذِي بيدي.. فما صيامي وما صومي وما سنني)، ويعني هنا أن الصوم ليس مجرد الامتناع عن الطعام، بل هو تقرب روحي إلى الله، وتطهير للقلب والنفس.
رمضان في الشعر الحديثفي العصر الحديث، استمر الشعراء في الاحتفاء برمضان، ولكن بأساليب أكثر بساطة وأقرب إلى الحياة اليومية، فقد صور أحمد شوقي رمضان بكونه شهر الخير والرحمة، حيث يقول: (رمضان ولى هاتها يا ساقي.. مشتاقة تسعى إلى مشتاق)، ورغم أن البيت يتحدث عن انقضاء رمضان، إلا أنه يعكس اشتياق الناس لهذا الشهر بكل تفاصيله.
أما محمود حسن إسماعيل، فقد صوّر مشاهد رمضان في الريف المصري، حيث تحدث عن صوت المسحراتي، وعن تجمع الأسر حول موائد الإفطار في أجواء مليئة بالدفء.
ويظل رمضان ملهمًا للشعراء في كل العصور، حيث يجسد معاني الطهر والتأمل والتقرب من الله، وبينما ركز القدماء على الجوانب الروحانية والتعبدية، تناول المحدثون أجواءه الاجتماعية وتأثيره في الناس. ورغم اختلاف الأساليب، يبقى رمضان مصدر إلهام متجدد في الشعر العربي.