موت رئيسي وأثره على وضع إيران الإقليمي
تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT
أجمعت غالبية آراء خبراء الشؤون الإيرانية، والدبلوماسيون والساسة الذين يهتمون بالشأن الإيراني، على أن غياب الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين عبد اللهيان عن المشهد السياسي الإيراني، لن يكون له تأثير ملموس على حضور إيران الإقليمي وفاعلية دورها في المنطقة، على اعتبار أنهما مجرد منفذين لاستراتيجية تضعها الدولة العميقة في إيران والتي يمسك بزمامها المرشد الأعلى علي خامنئي والحرس الثوري وبعض المؤسسات المرتبطة بهما، وبالتالي لن يكون من الصعب استبدالهما بمنفذين آخرين لاستراتيجية مقررة سلفا وحُشدت لها الموارد اللازمة والأدوات المناسبة والخطط التكتيكية لاستمرارها.
ثمة فرق بين استمرار الاستراتيجية التي لن تتغير وبين إدارتها وأساليب تصريفها. فالمؤكد ان استراتيجية إيران الإقليمية القائمة على التغلغل وتوسيع مساحات النفوذ من خلال أدوات محددة ستبقى، طالما أن هذه الاستراتيجية تحقّق مكاسب لنظام إيران على المستويين الداخلي والخارجي. والمعلوم أن الاستراتيجيات لا تتأثر بدرجة كبيرة بغياب شخص، مهما كان موقعه في تراتبية الحكم، بدليل أن الاستراتيجية الكبرى للولايات المتحدة الأمريكية تبقى كما هي مع تغيّر الإدارات، وثمة عوامل أخرى يكون لها الدور الأكبر في تغير الاستراتيجيات، مثل تراجع الموارد اللازمة لدعم الاستراتيجية، أو متغيرات على مستوى المنظومات الإقليمية والنظام الدولي.
تنبغي ملاحظة أن رئيسي وعبد اللهيان كان لهما أسلوبهما الخاص في إدارة ملفات السياسة الخارجية، وخاصة في المنطقة العربية، وقد بدا تأثيرهما واضحا من خلال إدارتهما لمرحلة الحرب الإسرائيلية على غزة سياسيا ودبلوماسيا، وإدارة العلاقات مع دول المنطقة من مصر إلى السعودية وتركيا، رغم نفور هذه الدول من أساليب الحرس الثوري في إدارة ما سمي بـ"معركة الإسناد لغزة"، إلا أن الدبلوماسية التي أدارها الثنائي رئيسي وعبد اللهيان أوجدت توازنا
لكن المؤكد أن إدارة هذه الاستراتيجية ستتأثر إلى حد بعيد، إذ تنبغي ملاحظة أن رئيسي وعبد اللهيان كان لهما أسلوبهما الخاص في إدارة ملفات السياسة الخارجية، وخاصة في المنطقة العربية، وقد بدا تأثيرهما واضحا من خلال إدارتهما لمرحلة الحرب الإسرائيلية على غزة سياسيا ودبلوماسيا، وإدارة العلاقات مع دول المنطقة من مصر إلى السعودية وتركيا، رغم نفور هذه الدول من أساليب الحرس الثوري في إدارة ما سمي بـ"معركة الإسناد لغزة"، إلا أن الدبلوماسية التي أدارها الثنائي رئيسي وعبد اللهيان أوجدت توازنا استطاعت من خلاله إيران تكريس دورها كلاعب لا غنى عنه في التفاعلات السياسية في المنطقة.
في هذه المرحلة، وربما منذ تسلمه السلطة قبل ثلاث سنوات، استطاع رئيسي، وبالنظر لموقعه داخل النظام وقربه من المرشد والحرس الثوري وتمتعه برصيد عال من الثقة، تشكيل شبكات تنفيذية وأسلوب عمل في السياسة الخارجية، سيكون من الصعب إدارته من قبل أي خلف له. وقد كان لهذا الأسلوب أثره المباشر على سياسات الحكم في بغداد والنظام السوري بدرجة كبيرة، واستطاع دفع حكومات العراق إلى تبني خيار المطالبة بالانسحاب الأمريكي، والضغط على الأسد لربط اقتصاد سوريا بالاقتصاد الإيراني ونزع أي استقلالية عن النظام، ومن المؤكد أن هذه السياسة هي ما دفع الأسد إلى محاولة التملص من القبضة الإيرانية، لكنه لم يجد الطريق سالكا إلى هذا الهدف.
وثمّة متغير مهم حصل في فترة رئاسية رئيسي للسلطة في إيران، قد يشكل مفتاحا لتفسير تأثير غيابه عن المشهد، يتمثل بتغير البيئة الاستراتيجية إلى حد كبير، إذ أن إيران في هذه المرحلة تشهد مزاحمة على دورها الإقليمي، على عكس الفترة السابقة التي شهدت انكفاء معظم الفاعلين الإقليميين، فضلا عن وجود غض نظر من قبل اللاعب الأمريكي. اليوم يبدو الوضع مختلفا، هناك تحالف أمني يتشكّل في المنطقة ضد إيران، وهناك محاولات لاختراق مناطق نفوذ إيران في العراق وسورية، عبر الاقتصاد ومشاريع الاستثمار، ورئيسي وعبد اللهيان كانا يضعا الخطط لمواجهة هذه التطورات ويديران سياسات خاصة لتقليل أثرها المباشر على النفوذ الإيراني.
فإيران يهمها الآن وبالدرجة الأولى ترتيب البيت الداخلي وإدارة صراعات التيارات المختلفة في الوصول إلى كرسي الرئاسة، فضلا عن مخاوف من عودة الاضطرابات الداخلية، وبالتالي قد يتم تجميد ملفات السياسة الخارجية، وهذا التجميد قد يؤثر بالفعل على دور إيران، في لحظة مفصلية
وحتى على المستوى الداخلي، فإن موت رئيسي وعبد اللهيان بهذه الطريقة، سيزيد من أزمة شرعية نظام الحكم في إيران، وستترسخ الصورة النمطية لدى شرائح إيرانية واسعة عن ضعف الفعالية والأداء للدولة التي تدّعي أنها من أهم مراكز التأثير في الشرق الأوسط من خلال ما وصلت إليه من تقدم تكنولوجي وقوة عسكرية؛ أثبتت الأحداث الأخيرة أنها بلا فعالية ولا توازي ما يتم إنفاقه على هذه القطاعات على حساب معاش الإيرانيين ورفاههم.
وكما يقول المثل في بلادنا، ما زال الجرح حارا، وبالتالي قد يكون من المبكر الحديث عن تداعيات غياب رئيسي وعبد اللهيان على دور إيران ونفوذها في المنطقة، فإيران يهمها الآن وبالدرجة الأولى ترتيب البيت الداخلي وإدارة صراعات التيارات المختلفة في الوصول إلى كرسي الرئاسة، فضلا عن مخاوف من عودة الاضطرابات الداخلية، وبالتالي قد يتم تجميد ملفات السياسة الخارجية، وهذا التجميد قد يؤثر بالفعل على دور إيران، في لحظة مفصلية وفي وقت تتغير فيه البيئة الاستراتيجية بسرعة، وقد تنتهي إيران من ترتيباتها الداخلية على مشهد إقليمي ومعطيات مختلفة عما قبل غياب رئيسي.
twitter.com/ghazidahman1
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإيرانية إبراهيم رئيسي خامنئي السياسة الخارجية إيران حوادث خامنئي السياسة الخارجية إبراهيم رئيسي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رئیسی وعبد اللهیان فی المنطقة فی إدارة من خلال
إقرأ أيضاً:
خبير تركي: السوريون سبب رئيسي في ارتفاع البطالة في تركيا
شرح أستاذ جامعة أنقرة يلدريم بيازيد، البروفيسور الدكتور حسن أوقيجي، السبت، صيغةً ستساهم في تقليل معدل البطالة في تركيا.
وقال أوقيجي في مقابلة تلفزيونية، تابعها موقع تركيا الان إن عودة السوريين الذين يعيشون في تركيا إلى بلادهم سيكون لها تأثير إيجابي على معدلات البطالة المرتفعة في البلاد. وأضاف أن السوريين وجائحة فيروس كورونا كانا من العوامل التي ساهمت بشكل كبير في زيادة معدلات التضخم والبطالة في تركيا.
اقرأ أيضاما هو أفضل استثمار في تركيا لعام 2024؟
السبت 21 ديسمبر 2024وتابع قائلاً: “قدّم الشعب التركي تضحيات كبيرة جدًا، خاصة في قطاع النسيج، ومع مغادرة السوريين، سيحل محلهم العمال الاتراك٬ في تلك القطاعات. وهذا بلا شك سيسهم في خفض معدلات البطالة”.