المشروبات الغازية والشوكولاتة والعلكة.. كيف تمول «الحرب في السودان» ؟
تاريخ النشر: 24th, May 2024 GMT
بالإضافة إلى المدفوعات عند نقاط التفتيش الرئيسية لقوات الدعم السريع، يقول جابر إن تجار الصمغ العربي يدفعون أيضا ما بين 60 إلى 100 دولار لمقاتلي قوات الدعم السريع الذين يرافقون قوافل التجار في شاحنات صغيرة
التغيير:(وكالات)
قال تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” إن الأطراف المتحاربة في السودان تستغل التجارة في الصمغ العربي، الذي يدخل في صناعة الشوكولاتة والصودا والعلكة والحلويات وسلع استهلاكية أخرى، لتمويل آلة الحرب المستمرة في البلاد منذ أكثر من عام.
واندلعت المعارك في السودان في أبريل من العام الماضي بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، وخلفت آلاف القتلى، وفق تقديرات خبراء من الأمم المتحدة.
ويعد السودان في صدارة البلدان المنتجة للصمغ، ويستحوذ على حوالي 70 في المئة من تجارته العالمية، بحسب الوكالة الفرنسية للتنمية.
تنقل الصحيفة، بحسب موقع الحرة، عن تاجر الصمغ في مدينة الأبيض محمد جابر القول إنه في إحدى المرات دفع حوالي 330 دولارا لمقاتلي قوات الدعم السريع من أجل السماح له بالمرور، مضيفا “على الجميع أن يدفعوا.”
وتفرض قوات الدعم السريع حصارا على مدينة الأبيض منذ يونيو الماضي، وتسيطر على ثلاثة من أصل أربعة طرق رئيسية تؤدي إلى المدينة، التي تعد واحدة من المراكز الزراعية الرئيسية في السودان، ويسيطر عليها الجيش السوداني.
وبالإضافة إلى المدفوعات عند نقاط التفتيش الرئيسية لقوات الدعم السريع، يقول جابر إن تجار الصمغ العربي يدفعون أيضا ما بين 60 إلى 100 دولار لمقاتلي قوات الدعم السريع الذين يرافقون قوافل التجار في شاحنات صغيرة.
وأشار إلى أن التجار الذين يرفضون الدفع يخاطرون بخسارة بضائعهم ومركباتهم لصالح الميليشيات.
ويُستخلص الصمغ من عصارة صلبة مأخوذة من شجرة الأكاسيا، وهو مستحلب ذو أهمية كبيرة يُستخدم في صناعات شتى، من المشروبات الغازية إلى العلكة، مرورا بالمستحضرات الصيدلانية.
ويمتد حزام الصمغ العربي في السودان على مساحة تبلغ حوالي 500 ألف كيلومتر مربع من إقليم دارفور في غرب البلاد على الحدود مع تشاد، إلى ولاية القضارف في شرقها قرب الحدود مع إثيوبيا.
يؤكد تجار سودانيون أن الصمغ أصبح مصدرا رئيسيا لتمويل طرفي الحرب في البلاد.
فبالإضافة لقيام قوات الدعم السريع بجمع الأموال من خلال سيطرتها على معظم الطرق الزراعية الرئيسية، يفرض الجيش السوداني الضرائب والرسوم الجمركية الأخرى على تجارة الصمغ العربي.
تمويل النزاع السوداني
يقول الأكاديمي السوداني الذي أجرى أبحاثا في صناعة الصمغ العربي ربيع عبد العاطي إن “عائدات صادرات الصمغ العربي تمول النزاع على نحو مباشر”.
وعلى الرغم من هذه المخاوف، لم يتخذ سوى عدد قليل من الشركات العالمية خطوات للتأكد من تجنب استيراد الصمغ العربي السوداني، استنادا إلى مقابلات أجرتها الصحيفة مع مصنعين وموردين ومستخدمين نهائيين.
يقول أسامة إدريس، المدير العام لشركة “مروج”، وهي شركة مستوردة ومصنعة للعلكة الخام ومقرها المملكة المتحدة إن شركته لا تريد أن ترى العلكة تشح في الأسواق.
ويضيف إدريس إن أيا من عملائه، بما في ذلك شركات الحلويات والمشروبات والنكهات، لم يعرب عن مخاوفه بشأن الحصول على الصمغ العربي من السودان.
بدورها قالت شركة “نستله”، التي تضيف الصمغ العربي إلى الشوكولاتة والحلوى الصمغية، إنه وفقا لمورديها، فإن الكميات الصغيرة التي تستخدمها تأتي في المقام الأول من تشاد والنيجر ومالي.
وذكر متحدث باسم شركة “هيرشي” لصناعة الشوكلاتة إن الشركة تتوقع من جميع مورديها الالتزام بجميع القوانين في البلدان التي يعملون فيها.
وقالت متحدثة باسم شركة “فيريرو” إن شركة صناعة الشوكولاتة لديها إجراءات صارمة للتدقيق يجب على جميع مورديها الالتزام بها، بما في ذلك التقييمات وعمليات التحقق الميدانية.
وقالت بعض الشركات إن وقف شراء الصمغ العربي السوداني سيضر بمئات الآلاف من السودانيين الذين يعتمدون على هذه الزراعة في معيشتهم، في وقت تحذر فيه وكالات الأمم المتحدة من مجاعة وشيكة.
ومن بين هذه الشركات “نيكسيرا” الفرنسية، التي تقول إنها تمتلك حصة 40 في المئة من سوق الصمغ العربي العالمي، حيث أوقفت عملياتها في السودان لمدة ثلاثة أشهر العام الماضي، لكنها استأنفت عملياتها بعد ذلك.
وقالت متحدثة باسم الشركة إنه “على الرغم من عدم اليقين بشأن عمليات النقل والحوادث المحتملة التي تؤثر في الناتج، فقد قررنا مواصلة الشراء.. هذا جزء من التزامنا تجاه المجتمعات المحلية التي عملنا معها لعدة عقود”.
وأضافت أن “بعض جهات الاتصال أبلغتنا مؤخرا عن حصول ابتزاز محتمل على الطرق في السودان”، مشيرة إلى أنها طلبت من شركائها في البلاد تجنب الطرق التي لا يمكن ضمان حرية الحركة فيها.
الوسومآثار حرب السودان الصمغ العربي تمويل حرب السودانالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الصمغ العربي قوات الدعم السریع الصمغ العربی فی السودان
إقرأ أيضاً:
38 قتيلا بالفاشر واتهامات للدعم السريع بارتكاب عنف جنسي
أسفر هجوم شنته قوات الدعم السريع بطائرة مسيّرة عن 38 قتيلا على الأقل في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، في حين اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قوات الدعم السريع بارتكاب أعمال عنف جنسي في السودان.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن بيان لتنسيقية "لجان المقاومة-الفاشر" ارتفاع حصيلة قتلى "مجزرة" حي أولاد الريف بالفاشر إلى 38 منذ وقوع الهجوم في وقت متأخر السبت.
وكانت التنسيقية قالت في بيان سابق "قصفت طائرة مسيرة إستراتيجية تابعة للمليشيا، ليلة أمس، حي أولاد الريف وسط المدينة بـ4 صواريخ شديدة الانفجار"، معلنة مقتل 3 مدنيين وإصابة أكثر من 20 آخرين بجروح خطيرة.
وترزح مدينة الفاشر منذ أشهر تحت وطأة حصار تفرضه قوات الدعم السريع، كما تشهد اشتباكات توصف بالأكثر عنفا، في ظل سيطرة قوات الدعم السريع بشكل شبه كامل على إقليم دارفور.
ومساء الجمعة، نفّذت قوات الدعم السريع هجوما آخر بطائرة مسيّرة على مستشفى رئيسي في الفاشر، وفقا لوزارة الصحة التابعة للحكومة السودانية.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن 9 أشخاص قُتلوا وأصيب 20 بجروح في هذا الهجوم، في حين أفاد طبيب بأن المنشأة اضطرت إلى التوقف عن العمل.
من جانب آخر، أورد إعلام مجلس السيادة الانتقالي تصريحات لقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، قال فيها إن "العالم غير مهتم بما يجري في السودان"، مشيرا إلى قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن فك الحصار عن الفاشر، والتي لم يتم تنفيذها بجانب استمرار إمداد المليشيا بالسلاح".
إعلانوخلال تفقده مواقع للجيش بمنطقة البطانة، أفاد البرهان بأن ما سماها "معركة الكرامة" مستمرة بفضل الإسناد الشعبي، مؤكدا أنه "لا تفاوض ولا هدنة" مع المتمردين.
"عنف جنسي"من جهتها، اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش "قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة" معها في السودان بارتكاب أعمال عنف جنسي واسعة النطاق في جنوب البلاد التي تشهد حربا دامية منذ أكثر من عام ونصف العام.
وأكّدت المنظمة -في تقرير نشرته الاثنين- أن "عشرات النساء والفتيات، تراوح أعمارهن بين 7 سنوات و50 عاما، تعرّضن للعنف الجنسي في ولاية جنوب كردفان".
وبحسب "هيومن رايتس ووتش"، تعرضت الكثير من الضحايا للاغتصاب الجماعي في منازلهن أو منازل جيرانهن أو أمام عائلاتهن، بينما اختطفت بعضهن واستُعبدن.
واعتبرت المنظمة أن هذه الحالات من العنف الجنسي "انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي، وجريمة حرب" داعية "الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي إلى التحرك بشكل عاجل لمساعدة الضحايا، وحماية النساء والفتيات الأخريات، وضمان العدالة في هذه الجرائم الشنيعة".
وكان وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر حذّر الشهر الماضي -أثناء زيارة للسودان- من "وباء عنف جنسي" تتعرض له النساء، محذرا من أن نطاق هذه الاعتداءات "غير مقبول".
وفي نهاية أكتوبر/تشرين الأول، قالت الأمم المتحدة في تقرير إن جرائم الاغتصاب في السودان أصبحت "معممة"، في حين أوضحت المنظمة الأممية أنها أجرت تحقيقا أكد أن معظم أعمال الاغتصاب ارتكبتها قوات الدعم السريع.
وقال رئيس البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن الوضع في السودان محمد شاندي عثمان في بيان "لقد صعقنا بالنطاق المهول للعنف الجنسي الذي نقوم بتوثيقه في السودان".
وأضاف عثمان، الذي يرأس هذه البعثة التي أُسِّست أواخر العام الماضي من جانب مجلس حقوق الإنسان لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في البلاد منذ بدء الصراع في أبريل/نيسان 2023، "لا يوجد مكان آمن في السودان الآن".
إعلانواندلعت المعارك في السودان منتصف أبريل/نيسان 2023 بين الجيش بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، وبين قوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو "حميدتي".
وقد خلفت هذه الحرب عشرات آلاف القتلى، وشردت أكثر من 11 مليون سوداني، وتسببت -وفق الأمم المتحدة- بإحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث، في ظل اتهامات متبادلة بين طرفي الصراع بارتكاب جرائم حرب عبر استهداف المدنيين ومنع المساعدات الإنسانية.